حمد بن خالد
17-11-2009, 11:06 AM
كانت لنا أيام مع التهور والطيش والاندفاع بقوة نحو المغامرة
عند تدفق الأدرينالين في جسمك وتصل إلى حد التوتر وتعلم كل العلم أنك الآن ملك نفسك وليس باستطاعة أحد أن يجزم أو يعلم بأنك ستقف على الأرض مرة أُخرى قطعة واحدة ..
***
وإحساسك بالسرعة الفائقة والهواء يضرب أطراف كتفيك وفخذيك وأعلى خوذة الرأس وأنت مختبئ خلف الزجاج الأمامي للدراجة النارية وتتجنب السيارات على الطريق وتشاهد الناس بجانب الطريق وكأنهم في حالة توقف تام وكأن العالم كله توقف إلا أنت .. لا يصل إلى مسامعك إلا هدير المحرك الخارق بالأسفل , واللهيب الذي يلسع ساقك اليمنى بسبب عادم المحرك (( الإقزوز )) منطلق بسرعة فائقة لا يتصورها عقل لأنك في تلك الحالة تكون بلا عقل ..
شعور بالسعادة حتماً لا يعلمه أحد حتى يختبره ..
أنه حقــاً شعور لا يوصف عند قيادتك الدراجة النارية بأقصى سرعة وإلى حد الجنون
وهو حقـــاً .. شعور لا يوصف عندما تفقدك والدتك المسكينة الفقيرة إلى الله
فإنها حقاً تصل إلى حد الجنون عند إخبارها بوفاة ابنها وتم التقاط أشلائه من على جانب الطريق
منذ ثلاثون يوماً كنا مجموعة مكونه من أحدا عشر شاباً واليوم نحن اثنان فقط ..
توفى أربعة منهم والباقون في حالة حرجة في الطوارئ بين الحياة والموت (( خلال ثلاثون يوماً فقط )) أما نحن فما نزال نجوب شوارع الدوحة ولكن بسرعة خفيفة , لأننا في فترة حداد على أصدقائنا المتوفين والمصابين .. حقاً أنه الجنون .
نشيع جنازة من كان يضحك معنا بالأمس ولا نأبه ..
الإجابة المعتادة هي : (( ماكان يحاسب وهو يسوق )) .
الدراجة النارية هي كالنيكوتين .. يجري فـ الجسد لا نستطيع أن نتخلص منها إلا بإرادة قوية
من الله علي بأن اترك هواية الموت منذ خمس سنوات بعد مزاولتها على مدى سنتين ..
وهي هواية الموت حقاً , فمن يقودها فكأنما يقود تابوتاً ولكن بعجلات , وكأنه يبحث عن قبرٍ له ..
لقد رأيت أكثر من صديق قد مات أمامي ولم استطع فعل شيء
وإلى اليوم أُشاهد مرتادي تلك الدراجات وأسرح بخيالي : كم كنت سعيداً وأنا أقودها .
وادعوا ومن كل قلبي على قائد الدراجة بأن يحفظه الله ويرجعه لأمه بكل عافية
فكم هو منظر مؤلم حين أرى أم صديقي , من كانت تثق بي وتوصل إلي سلامها مع ابنها الوحيد , وهي تبكي بحرقة وتلطم بوجهها تارة .. وتارة تأتي وهي تحمل ( فوطة الاستحمام الخاصة بـ عبدالله ) وتقول : من قال لكم أن ابني مات , أنتم تتوهمون , أنه في الحمام يستحم وها أنا أحمل فوطته وذاهبة إليه ..
كم آلمني هذا المشهد
قبل رمضان بأيام شيعنا أحد أصدقائنا , فقد توفى بعد تأثره بعدة جراح وكسور خطره من الحادث الذي وقع بالأمس (( رحمه الله ))
وأمه .. أعانها الله
وادعوا من كل قلبي بأن يحفظ الله شبابنا من تلك الأداة القاتلة
وأتمنى أن لا أرى تلك الدراجة أمام عيني
..
أخوكم في الله بوخالد
الموضوع من أرشيفي الخاص وكُتب قبل رمضان ..
خالصـ التحية
عند تدفق الأدرينالين في جسمك وتصل إلى حد التوتر وتعلم كل العلم أنك الآن ملك نفسك وليس باستطاعة أحد أن يجزم أو يعلم بأنك ستقف على الأرض مرة أُخرى قطعة واحدة ..
***
وإحساسك بالسرعة الفائقة والهواء يضرب أطراف كتفيك وفخذيك وأعلى خوذة الرأس وأنت مختبئ خلف الزجاج الأمامي للدراجة النارية وتتجنب السيارات على الطريق وتشاهد الناس بجانب الطريق وكأنهم في حالة توقف تام وكأن العالم كله توقف إلا أنت .. لا يصل إلى مسامعك إلا هدير المحرك الخارق بالأسفل , واللهيب الذي يلسع ساقك اليمنى بسبب عادم المحرك (( الإقزوز )) منطلق بسرعة فائقة لا يتصورها عقل لأنك في تلك الحالة تكون بلا عقل ..
شعور بالسعادة حتماً لا يعلمه أحد حتى يختبره ..
أنه حقــاً شعور لا يوصف عند قيادتك الدراجة النارية بأقصى سرعة وإلى حد الجنون
وهو حقـــاً .. شعور لا يوصف عندما تفقدك والدتك المسكينة الفقيرة إلى الله
فإنها حقاً تصل إلى حد الجنون عند إخبارها بوفاة ابنها وتم التقاط أشلائه من على جانب الطريق
منذ ثلاثون يوماً كنا مجموعة مكونه من أحدا عشر شاباً واليوم نحن اثنان فقط ..
توفى أربعة منهم والباقون في حالة حرجة في الطوارئ بين الحياة والموت (( خلال ثلاثون يوماً فقط )) أما نحن فما نزال نجوب شوارع الدوحة ولكن بسرعة خفيفة , لأننا في فترة حداد على أصدقائنا المتوفين والمصابين .. حقاً أنه الجنون .
نشيع جنازة من كان يضحك معنا بالأمس ولا نأبه ..
الإجابة المعتادة هي : (( ماكان يحاسب وهو يسوق )) .
الدراجة النارية هي كالنيكوتين .. يجري فـ الجسد لا نستطيع أن نتخلص منها إلا بإرادة قوية
من الله علي بأن اترك هواية الموت منذ خمس سنوات بعد مزاولتها على مدى سنتين ..
وهي هواية الموت حقاً , فمن يقودها فكأنما يقود تابوتاً ولكن بعجلات , وكأنه يبحث عن قبرٍ له ..
لقد رأيت أكثر من صديق قد مات أمامي ولم استطع فعل شيء
وإلى اليوم أُشاهد مرتادي تلك الدراجات وأسرح بخيالي : كم كنت سعيداً وأنا أقودها .
وادعوا ومن كل قلبي على قائد الدراجة بأن يحفظه الله ويرجعه لأمه بكل عافية
فكم هو منظر مؤلم حين أرى أم صديقي , من كانت تثق بي وتوصل إلي سلامها مع ابنها الوحيد , وهي تبكي بحرقة وتلطم بوجهها تارة .. وتارة تأتي وهي تحمل ( فوطة الاستحمام الخاصة بـ عبدالله ) وتقول : من قال لكم أن ابني مات , أنتم تتوهمون , أنه في الحمام يستحم وها أنا أحمل فوطته وذاهبة إليه ..
كم آلمني هذا المشهد
قبل رمضان بأيام شيعنا أحد أصدقائنا , فقد توفى بعد تأثره بعدة جراح وكسور خطره من الحادث الذي وقع بالأمس (( رحمه الله ))
وأمه .. أعانها الله
وادعوا من كل قلبي بأن يحفظ الله شبابنا من تلك الأداة القاتلة
وأتمنى أن لا أرى تلك الدراجة أمام عيني
..
أخوكم في الله بوخالد
الموضوع من أرشيفي الخاص وكُتب قبل رمضان ..
خالصـ التحية