Falconeye
25-11-2009, 01:55 PM
هناك أربع محطات رئيسية شكلت علامة فارقة في مسيرة الاعلام القطري ودعنا نقول (الاعلام في قطر) على شاكلة (قناة الجزيرة في قطر)؟! حتى نستطيع أن نوصل الصورة بشكل أشمل، وهذه المحطات التي يرجع لها الفضل في تشكيل الدور الإعلامي الرائد لمجتمعنا قد لعبت دورا كبيرا في إبراز ووضع قطر على الخريطة العربية والاسلامية والدولية.
المحطة الاولى تمثلت في إصدار مجلة الدوحة الثقافية التي لاقت انتشاراً منقطع النظير في العالم العربي وترسخت في ذاكرة الثقافة العربية وصدر العدد الأول منها سنة (1969).
المحطة الثانية جاءت مع انطلاقة مجلة الصقر التي صدرت سنة (1977) وانتشرت أيضا على نطاق واسع وعلى مستوى دولي وكانت من أبرز المحطات في نشر الثقافة الرياضية في زمانها.
المحطة الثالثة تبلورت في بروز نجم مجلة الامة التي صدر العدد الأول منها في (1980) وذلك بمناسبة مرور ألف وأربعمائة سنة على الهجرة النبوية، وركزت على القضايا الدينية وانتشرت أيضا على المستوى العربي والاسلامي وساهمت في انتشار فكر الوسطية والاعتدال في زمن الافكار المتخلفة والمتشددة والمتزمتة والتكفيرية التي تأتي من داخل العالم العربي، والأفكار الإلحادية والإباحية التي تأتي من خارجه؟! ولقد لاحظتُ في زياراتي لبعض الجمعيات الثقافية والإنسانية في جنوب شرق آسيا بالذات، وفي بعض الدول العربية، خصوصا في مصر وسوريا والمغرب وموريتانيا، أنها مازالت تحتفظ ببعض اعداد هذه المجلة في أرشيفها الى يومنا هذا.
المحطة الرابعة تشكلت مع إطلاق محطة الجزيرة الفضائية (1996) التي كانت أول قناة فضائية إخبارية عربية محترفة في العالم، وشكلت العلامة الابرز في تاريخ الإعلام العربي القائم على التعبئة والتبعية والترويج والتضليل (Propaganda Machine)، والتي احتفلت بمرور 13 عاما على انطلاقها، على الرغم مما يحمله الرقم 13 من هواجس باعتباره (الرقم غير المحظوظ Bad Luck)، وهو دائما ما يذكرني بالفنادق الكبيرة في نيويورك التي لا يوجد فيها طابق برقم 13، بل يوجد طابق 14 بعد طابق 12، والسبب أن عدداً كبيراً من النزلاء يخافون الإقامة في الطابق (13)؟؟!!. ومع ذلك أتقدم بالتهنئة لمحطتنا الرائدة (قناة الجزيرة في قطر).
كان لرواج هذه المحطات الثلاث بالتحديد في حقبتي السبعينيات والثمانينيات بشكل خاص دور مؤثر في نشر الوعي الفكري الخلاق والثقافة الهادفة، وكانت تقف وراء هذا النجاح بعض الكوادر الوطنية في قطر من أصحاب القرار ورؤساء التحرير والمثقفين في تلك الفترة، ولولا جهود هؤلاء لما انتشرت محطات "الدوحة" و"الصقر" و"الأمة" على مستوى عربي وإقليمي وعالمي. واليوم اختفت وغابت بعض هذه المحطات عن الوجود بسبب الازمة المالية التي ضربت الخليج في منتصف الثمانينيات، والبعض الآخر تجاوزه الزمن، ورغم المحاولات المستميتة التي لاتزال تسعى لبث الروح فيها من جديد من خلال إعادة اصدار الاسماء نفسها إلا أن المحاولات جميعها لم تفلح في إعادة أيام الأمجاد الأولى، فقد تجاوزها قطار الزمن بمراحل ولم تعد إلا أسماء أشبه بالاشياء العتيقة التي تحفظ في صندوق الذاكرة وتثير في النفس رغبة تذكر اللحظة التاريخية الفريدة والزمن الجميل الذي ولى ومضى إلى غير رجعة؟؟!!. ونرجو ألا يعيد التاريخ نفسه في يوم ما وتجد المحطة الرابعة "محطة الجزيرة" في انتظارها مصير مشابه لما آلت إليه المحطات الأخرى.؟؟!!
لقد قرأت الحوار الذي استضافت فيه "الشرق" مدير شبكة الجزيرة بتاريخ (2009 — 11 — 11)، الذي يدعو إلى إقامة حوار صريح وتقييم حقيقي لوضع المحطة خلال 13 سنة وهذا ما نريد أن نقوم به في هذا المقال والمقالات القادمة إذا كتب الله لها أن تخرج إلى النور؟!
تناقلت الأنباء منذ مدة قصيرة أن إدارة المؤسسة اللبنانية للارسال 'ال بي سي' اتخذت قراراً بصرف حوالى 140 موظفاً من مختلف القطاعات أغلبهم في قسم الأخبار تحت حجة إعادة هيكلة المؤسسة، وأضافت تلك الأنباء أن بعض ممن شملهم قرار الصرف عادوا إلى المؤسسة عن طريق التعاقد على الساعة أو على البرامج. وقد سبقت قناة 'ال بي سي' مؤسسة إعلامية أخرى وهي مؤسسة "النهار" العريقة تحت حجة العجز المالي، كما دخلت قناة «ايه آر تي» في مفاوضات لبيع قنواتها الرياضية بمبلغ قياسي بلغ مليارين و750 مليونا. وقد فقدت «ايه آر تي» في السنوات الأخيرة الكثير من البطولات التي كانت مصدر قوتها لمصلحة قنوات أخرى، حتى ان المعلقين الرياضيين بدأوا التسرب منها إلى هذه القنوات مما اضطرها للتخلي عن تحمل الخسائر وهي الشركة القائمة على مبدأ الربح ولا تأتي ميزانيتها من ميزانيات الحكومات.
وعلى مستوى عالمي، أفادت أنباء أخرى في نفس الوقت أن قناة «اي.تي.في» البريطانية أعلنت تسريح 600 موظف في مختلف المجالات وتنفيذ اجراءات أخرى من أجل الحد من الانفاق. ويأتي القرار في حين أعلنت «اي تي في» عن خسائر تقدر بـ 2.7 مليار دولار في عام 2008، وبناء عليه ستقفل القناة أحد استوديوهاتها في مدينة ليدز وتسرح 150 من موظفيها هناك، في حين تسرح المئات الآخرين في لندن. أما الخبر الأكثر سخونة (Breaking news) فقد تمثل في إقدام هيئة الاذاعة والتلفزيون البريطانية بي بي سي (BBC) على خفض رواتبها العالية بمقدار 40 %، وكانت البي بي سي قد بدأت بتخفيض عدد العاملين لديها بمقدار 7200 وظيفة خلال الأربع سنوات الماضية، وأعلنت أنها ستقوم بتخفيضات تصل إلى 1200 وظيفة أخرى في محاولة منها لتوفير ما قيمته 1.9 مليار جنيه استرليني (ثلاثة مليارات دولار) مع حلول عام 2013. والدرس الذي نخرج به جميعا من كل ما سبق هو أنه لا توجد أي مؤسسة محصنة ضد هذه التغييرات اليوم أو غدا بسبب الأوضاع العالمية المتقلبة؟؟!!
من الاشكاليات التي تعرضت لها محطاتنا الاعلامية القطرية المذكورة أنها عملت لاجل اليوم ولم تعمل لأجل الغد، من أجل الحاضر وليس المستقبل، من أجل خدمة فترة معينة ورؤية زمنية وليس استراتيجية، من أجل تحقيق هدف أو غاية وليس أهدافا وغايات، وغالبا ما توجهت لخدمة "تكنيس الجامع" وأهملت البيت، وركزت على قطف الثمار وليس زراعة البذور، وعلى سياسة حرق المراحل وليس نضج التجربة؟؟!! ورغم صرف مبالغ بمئات الملايين عليها وتزويدها بالخبرات من كل بقاع الأرض، فإنها لم تخرج جيلاً ثانيا وثالثا ليتسلم القيادة ويتعلم من تراكم التجربة ويستفيد من الخبرات ويواصل المسيرة، فبمجرد أن توقف الدعم وتراجعت مداخيل النفط ودخلنا مرحلة شد الحزم، شد العاملون في المحطات الثلاث الأولي (الدوحة — الصقر — الأمة) رحالهم إلى مكان آخر — وذلك من حقهم — وتركونا نعيش على أطلال التاريخ ونتغنى بالإرث الذي فقدناه والمرحلة التي هجرتنا ونردد بالحسرة قصيدة امرئ القيس (قفا نبك من ذِكرى حبيب ومنزل). لم تكن هذه المحطات مدرسة حقيقية تخدم الداخل قبل الخارج، انتهت محطة (الأمة) ولم تخرج لنا علماء ومشايخ ومتنورين، وانزوى دور (الدوحة) ولم تمدنا بكتاب وأدباء ومثقفين ومفكرين، وتراجع دور (الصقر) ولم تترك كفاءات ومحللين وناقدين؟!. ومحطة الجزيرة اليوم تسير على الخطى نفسها، ربما يكون عدد العاملين القطريين وصل الى 22 % وهو رقم ضئيل ومخجل إذا حسبناه خلال 13 سنة من عمر القناة، وادركنا أنه يتعلق بموظفين وموظفات وفنيين في قسم الأرشيف والمونتاج والاتصالات والجرافيك والخدمات والعلاقات العامة؟؟!! كم عدد القياديين ومتخذي القرار وكبار المسئولين، وكم عدد الذين يمكن أن يتولوا قيادة القناة وإدارة دفتها واتخاذ القرارات المصيرية فيها لو تمت إعادة هيكلة المؤسسة أو خفض نفقاتها او رحيل العاملين فيها إلى محطات فضائية أخرى (وصل عدد المحطات الإخبارية الناطقة بالعربية 15 محطة، والمحطة رقم 16 ستظهر في نهاية السنة من إحدى الدول العربية الكبرى)، هل حقا لا يوجد مؤهلون وقيادات تصلح لقيادة الجزيرة؟؟!! التاريخ يقول عكس ذلك فالمحطة بدأت وكبرت على أكتاف قيادات قطرية وبمساعدة أشقائها العرب وأصدقائها الأجانب العاملين فيها، واليوم وللاسف لا نكاد نرى أي قيادات تذكر وآخر قيادي رحل كان نائب المدير العام الذي غادر قبل عدة اشهر بعد خمس سنوات من العمل بشبكة الجزيرة الفضائية؟؟!!.
(13) سنة مرت من عمر "الجزيرة" وكانت حافلة بالاستنفار وصراعات الحروب والمعارك السياسية والدبلوماسية والضرب فوق وتحت الحزام، أصابت القناة في بعضها وأخطأت في البعض، ولكن بلاشك كان لها تأثيرها. والسؤال المطروح اليوم هو كيف سيكون شكل السنوات القادمة هل سيتم التغيير جوهريا أم سيقتصر على الشكل الجديد (New Look)؟؟!! وهل ستلحق "الجزيرة" بالمحطات السابقة للإعلام القطري أم تستفيد من أخطائها وتستمر؟؟!! كل ما أستطيع القيام به حالياً هو الدعاء بالتوفيق لمحطتنا القطرية الرابعة والأخيرة (Happy 13th Anniversary) و(Good Luck).
خــــالـــد الجــابــر
Aljaberzoon
المحطة الاولى تمثلت في إصدار مجلة الدوحة الثقافية التي لاقت انتشاراً منقطع النظير في العالم العربي وترسخت في ذاكرة الثقافة العربية وصدر العدد الأول منها سنة (1969).
المحطة الثانية جاءت مع انطلاقة مجلة الصقر التي صدرت سنة (1977) وانتشرت أيضا على نطاق واسع وعلى مستوى دولي وكانت من أبرز المحطات في نشر الثقافة الرياضية في زمانها.
المحطة الثالثة تبلورت في بروز نجم مجلة الامة التي صدر العدد الأول منها في (1980) وذلك بمناسبة مرور ألف وأربعمائة سنة على الهجرة النبوية، وركزت على القضايا الدينية وانتشرت أيضا على المستوى العربي والاسلامي وساهمت في انتشار فكر الوسطية والاعتدال في زمن الافكار المتخلفة والمتشددة والمتزمتة والتكفيرية التي تأتي من داخل العالم العربي، والأفكار الإلحادية والإباحية التي تأتي من خارجه؟! ولقد لاحظتُ في زياراتي لبعض الجمعيات الثقافية والإنسانية في جنوب شرق آسيا بالذات، وفي بعض الدول العربية، خصوصا في مصر وسوريا والمغرب وموريتانيا، أنها مازالت تحتفظ ببعض اعداد هذه المجلة في أرشيفها الى يومنا هذا.
المحطة الرابعة تشكلت مع إطلاق محطة الجزيرة الفضائية (1996) التي كانت أول قناة فضائية إخبارية عربية محترفة في العالم، وشكلت العلامة الابرز في تاريخ الإعلام العربي القائم على التعبئة والتبعية والترويج والتضليل (Propaganda Machine)، والتي احتفلت بمرور 13 عاما على انطلاقها، على الرغم مما يحمله الرقم 13 من هواجس باعتباره (الرقم غير المحظوظ Bad Luck)، وهو دائما ما يذكرني بالفنادق الكبيرة في نيويورك التي لا يوجد فيها طابق برقم 13، بل يوجد طابق 14 بعد طابق 12، والسبب أن عدداً كبيراً من النزلاء يخافون الإقامة في الطابق (13)؟؟!!. ومع ذلك أتقدم بالتهنئة لمحطتنا الرائدة (قناة الجزيرة في قطر).
كان لرواج هذه المحطات الثلاث بالتحديد في حقبتي السبعينيات والثمانينيات بشكل خاص دور مؤثر في نشر الوعي الفكري الخلاق والثقافة الهادفة، وكانت تقف وراء هذا النجاح بعض الكوادر الوطنية في قطر من أصحاب القرار ورؤساء التحرير والمثقفين في تلك الفترة، ولولا جهود هؤلاء لما انتشرت محطات "الدوحة" و"الصقر" و"الأمة" على مستوى عربي وإقليمي وعالمي. واليوم اختفت وغابت بعض هذه المحطات عن الوجود بسبب الازمة المالية التي ضربت الخليج في منتصف الثمانينيات، والبعض الآخر تجاوزه الزمن، ورغم المحاولات المستميتة التي لاتزال تسعى لبث الروح فيها من جديد من خلال إعادة اصدار الاسماء نفسها إلا أن المحاولات جميعها لم تفلح في إعادة أيام الأمجاد الأولى، فقد تجاوزها قطار الزمن بمراحل ولم تعد إلا أسماء أشبه بالاشياء العتيقة التي تحفظ في صندوق الذاكرة وتثير في النفس رغبة تذكر اللحظة التاريخية الفريدة والزمن الجميل الذي ولى ومضى إلى غير رجعة؟؟!!. ونرجو ألا يعيد التاريخ نفسه في يوم ما وتجد المحطة الرابعة "محطة الجزيرة" في انتظارها مصير مشابه لما آلت إليه المحطات الأخرى.؟؟!!
لقد قرأت الحوار الذي استضافت فيه "الشرق" مدير شبكة الجزيرة بتاريخ (2009 — 11 — 11)، الذي يدعو إلى إقامة حوار صريح وتقييم حقيقي لوضع المحطة خلال 13 سنة وهذا ما نريد أن نقوم به في هذا المقال والمقالات القادمة إذا كتب الله لها أن تخرج إلى النور؟!
تناقلت الأنباء منذ مدة قصيرة أن إدارة المؤسسة اللبنانية للارسال 'ال بي سي' اتخذت قراراً بصرف حوالى 140 موظفاً من مختلف القطاعات أغلبهم في قسم الأخبار تحت حجة إعادة هيكلة المؤسسة، وأضافت تلك الأنباء أن بعض ممن شملهم قرار الصرف عادوا إلى المؤسسة عن طريق التعاقد على الساعة أو على البرامج. وقد سبقت قناة 'ال بي سي' مؤسسة إعلامية أخرى وهي مؤسسة "النهار" العريقة تحت حجة العجز المالي، كما دخلت قناة «ايه آر تي» في مفاوضات لبيع قنواتها الرياضية بمبلغ قياسي بلغ مليارين و750 مليونا. وقد فقدت «ايه آر تي» في السنوات الأخيرة الكثير من البطولات التي كانت مصدر قوتها لمصلحة قنوات أخرى، حتى ان المعلقين الرياضيين بدأوا التسرب منها إلى هذه القنوات مما اضطرها للتخلي عن تحمل الخسائر وهي الشركة القائمة على مبدأ الربح ولا تأتي ميزانيتها من ميزانيات الحكومات.
وعلى مستوى عالمي، أفادت أنباء أخرى في نفس الوقت أن قناة «اي.تي.في» البريطانية أعلنت تسريح 600 موظف في مختلف المجالات وتنفيذ اجراءات أخرى من أجل الحد من الانفاق. ويأتي القرار في حين أعلنت «اي تي في» عن خسائر تقدر بـ 2.7 مليار دولار في عام 2008، وبناء عليه ستقفل القناة أحد استوديوهاتها في مدينة ليدز وتسرح 150 من موظفيها هناك، في حين تسرح المئات الآخرين في لندن. أما الخبر الأكثر سخونة (Breaking news) فقد تمثل في إقدام هيئة الاذاعة والتلفزيون البريطانية بي بي سي (BBC) على خفض رواتبها العالية بمقدار 40 %، وكانت البي بي سي قد بدأت بتخفيض عدد العاملين لديها بمقدار 7200 وظيفة خلال الأربع سنوات الماضية، وأعلنت أنها ستقوم بتخفيضات تصل إلى 1200 وظيفة أخرى في محاولة منها لتوفير ما قيمته 1.9 مليار جنيه استرليني (ثلاثة مليارات دولار) مع حلول عام 2013. والدرس الذي نخرج به جميعا من كل ما سبق هو أنه لا توجد أي مؤسسة محصنة ضد هذه التغييرات اليوم أو غدا بسبب الأوضاع العالمية المتقلبة؟؟!!
من الاشكاليات التي تعرضت لها محطاتنا الاعلامية القطرية المذكورة أنها عملت لاجل اليوم ولم تعمل لأجل الغد، من أجل الحاضر وليس المستقبل، من أجل خدمة فترة معينة ورؤية زمنية وليس استراتيجية، من أجل تحقيق هدف أو غاية وليس أهدافا وغايات، وغالبا ما توجهت لخدمة "تكنيس الجامع" وأهملت البيت، وركزت على قطف الثمار وليس زراعة البذور، وعلى سياسة حرق المراحل وليس نضج التجربة؟؟!! ورغم صرف مبالغ بمئات الملايين عليها وتزويدها بالخبرات من كل بقاع الأرض، فإنها لم تخرج جيلاً ثانيا وثالثا ليتسلم القيادة ويتعلم من تراكم التجربة ويستفيد من الخبرات ويواصل المسيرة، فبمجرد أن توقف الدعم وتراجعت مداخيل النفط ودخلنا مرحلة شد الحزم، شد العاملون في المحطات الثلاث الأولي (الدوحة — الصقر — الأمة) رحالهم إلى مكان آخر — وذلك من حقهم — وتركونا نعيش على أطلال التاريخ ونتغنى بالإرث الذي فقدناه والمرحلة التي هجرتنا ونردد بالحسرة قصيدة امرئ القيس (قفا نبك من ذِكرى حبيب ومنزل). لم تكن هذه المحطات مدرسة حقيقية تخدم الداخل قبل الخارج، انتهت محطة (الأمة) ولم تخرج لنا علماء ومشايخ ومتنورين، وانزوى دور (الدوحة) ولم تمدنا بكتاب وأدباء ومثقفين ومفكرين، وتراجع دور (الصقر) ولم تترك كفاءات ومحللين وناقدين؟!. ومحطة الجزيرة اليوم تسير على الخطى نفسها، ربما يكون عدد العاملين القطريين وصل الى 22 % وهو رقم ضئيل ومخجل إذا حسبناه خلال 13 سنة من عمر القناة، وادركنا أنه يتعلق بموظفين وموظفات وفنيين في قسم الأرشيف والمونتاج والاتصالات والجرافيك والخدمات والعلاقات العامة؟؟!! كم عدد القياديين ومتخذي القرار وكبار المسئولين، وكم عدد الذين يمكن أن يتولوا قيادة القناة وإدارة دفتها واتخاذ القرارات المصيرية فيها لو تمت إعادة هيكلة المؤسسة أو خفض نفقاتها او رحيل العاملين فيها إلى محطات فضائية أخرى (وصل عدد المحطات الإخبارية الناطقة بالعربية 15 محطة، والمحطة رقم 16 ستظهر في نهاية السنة من إحدى الدول العربية الكبرى)، هل حقا لا يوجد مؤهلون وقيادات تصلح لقيادة الجزيرة؟؟!! التاريخ يقول عكس ذلك فالمحطة بدأت وكبرت على أكتاف قيادات قطرية وبمساعدة أشقائها العرب وأصدقائها الأجانب العاملين فيها، واليوم وللاسف لا نكاد نرى أي قيادات تذكر وآخر قيادي رحل كان نائب المدير العام الذي غادر قبل عدة اشهر بعد خمس سنوات من العمل بشبكة الجزيرة الفضائية؟؟!!.
(13) سنة مرت من عمر "الجزيرة" وكانت حافلة بالاستنفار وصراعات الحروب والمعارك السياسية والدبلوماسية والضرب فوق وتحت الحزام، أصابت القناة في بعضها وأخطأت في البعض، ولكن بلاشك كان لها تأثيرها. والسؤال المطروح اليوم هو كيف سيكون شكل السنوات القادمة هل سيتم التغيير جوهريا أم سيقتصر على الشكل الجديد (New Look)؟؟!! وهل ستلحق "الجزيرة" بالمحطات السابقة للإعلام القطري أم تستفيد من أخطائها وتستمر؟؟!! كل ما أستطيع القيام به حالياً هو الدعاء بالتوفيق لمحطتنا القطرية الرابعة والأخيرة (Happy 13th Anniversary) و(Good Luck).
خــــالـــد الجــابــر
Aljaberzoon