المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المواطن الخليجي يدفع ثمن قرار دبي



السندان
06-12-2009, 08:45 PM
المواطن الخليجي يدفع ثمن قرار دبي 2009-12-6 الشرق


القرارات الانفرادية لم تعد خيارا في المنطقة، فقرار في دبي سيكون صداه في أسواق المنطقة وسيدفع ثمنه المواطن الخليجي في الأسواق على المدى القصير ومشاريع التنمية على المدى المتوسط والطويل ، هذا يبرز مدى الحاجة لإنشاء المؤسسات الخليجية الاقتصادية والمالية مثل المصرف المركزي والعملة الموحدة والسوق المشتركة والمواطنة الخليجية وخلق كيانات عملاقة قادرة على كسب ثقة المستثمرين ، لابد من خروج القرارات الاقتصادية والمالية بشكل مدروس ومدعوم من قبل مؤسسات تملك ثقة المستثمر في الداخل والخارج ، فالمؤسسات العالمية تنظر للمنطقة كوحدة اقتصادية ومالية يتم تقييمها على أساس واحد وما يحدث في أي منطقة يعتبر مؤشرا على ما يمكن توقعه في بقية المنطقة، وهنا تبرز الحاجة لقيام مؤسسات إقليمية متخصصة وموضوعية في هذه الحالة المصرف المركزي الخليجي بعيد عن شخصنة المواضيع وعن العشوائية بالاضطلاع بمثل هذه المواضيع، ولت مرحلة القرارات الفردية وأصبحت المنطقة جزءا من العالم ويملك العالم مصالح اقتصادية ومالية وسيعامل المنطقة بنفس المعايير العالمية ولذلك وإن احتاجت المنطقة بعض القرارات الانفرادية في مرحلة سابقة إلا أنها لم تعد قادرة على الاستمرار على هذا المنوال ، وعليه فأصحاب القرارات اليوم يواجهون خيارات تحتاج الكثير من الشجاعة والموضوعية فمرحلة القرارات الآحادية انتهت ودخلت المنطقة مرحلة نضج تتطلب قرارات مؤسسية وهي المرحلة التي عمل من أجلها صانعو القرار ، الآن هل سيملك أصحاب القرار الشجاعة ليسمحوا لاقتصادات هذه الدول بالنمو الطبيعي والاستمرار والتطور أم سيحاول البعض إعادة مفاهيم العنتريات وإدخال المنطقة في دوامة ضبابية لا نهاية لها.
الأحداث الأخيرة تدعو للتخلي عن الإفراط في السيطرة وإفساح المجال لتطور طبيعي لاقتصادات ومشاريع التنمية في المنطقة دون استمرار صفة الولي على اقتصادات وأفراد بلغوا من النمو ما لم تبلغه الكثير من الدول والشعوب ، اجتازت المنطقة مرحلة الأعمال الفردية وفي هذا الشكر يعود لمن قاموا بهذا المجهود الجبار والضروري لتحريك المياه الراكدة ووضع المجتمعات على المسارات الصحيحة وما قام به قياديو المنطقة لتحويل المنطقة مما كانت عليه لما أصبحت عليه لا يخفى على المشاهد والمتابع ، ويصعب وصفه أقل من معجزات ، ولكن جاء الوقت ليعوا أن المرحلة أصبحت تتطلب أسلوبا للإدارة مختلفا عن الماضي القريب إما داخل كل كيان أو في المنطقة ككل ، فتفعيل القرارات الجماعية ووضع المؤسسات الجليجية موضع صانع القرار أمر لابد منه لأن أي قرار فردي أو دولة في معزل عن المنظومة الخليجية سيكون له أبعاد وتجليات تصل لكل فرد خليجي ولكل جهد تنموي كما رأينا في الفترة الماضية ولا أحد اليوم يملك التصرف منفردا لأن ما سيقوم به سيؤثر سلبا أو إيجابا على الأسرة الخليجية جمعا.
ما شاهدنا في الأيام الماضية هو إبراز العلاقات الخليجية بشكل سلبي حيث أظهرت العلاقة بشكلها الضعيف وكان من الممكن إظهارها بشكل إيجابي وفي صورة القوة بحيث تبرز القضية في الثوب الخليجي وبدعم المؤسسات الخليجية بدل الانفرادية والعشوائية وعدم تقدير التبعات ودون تنسيق مع الدول الخليجية والمؤسسات المالية، ولو كانت هناك مؤسسات مالية لكانت قادرة على إدارة هذا الشأن بشكل مدروس وسرعة ووعي على مدى تبعات مثل هذا القرار وهذا يبرز مدى الحاجة لمصرف مركزي قادر على تدارك الأمور والتعامل معها بشكل مؤسسي ومدروس وسريع ويملك ثقة المستثمرين ويظهر المنطقة بمظهر القوة، حيث تكون الإمكانات الخليجية في خدمة قضايا المنطقة لا تؤخذ على أنها مؤشر على هشاشة بقية المنظومة الخليجية كما حدث قبل أيام ، والأزمه المالية وربيبتها أزمة دبي تظهر مدى الحاجة للتنسيق على مستوى العالم فما بالك على مستوى الخليج والذي يعامل من قبل المؤسسات المالية العالمية على أساس أنه وحدة واحدة ما يجري في أي جزء منه يمس بقية الأجزاء بنفس المقدار والبعد ، لذلك فمن الطبيعي أن يطالب الجميع بترك السلوكيات الانفرادية والعمل على الالتزام بالعمل الجماعي من خلال المؤسسات الخليجية لأن لا أحد يملك حق الضرر بمقدرات الأسرة الخليجية دون وجه حق.
ما عملت من أجله قيادات المنطقة وما بذل من جهد داخليا وخارجيا وما حقق من مكاسب ونجاحات ممكن نسفه في خبر غير مدروس أو مقدر العواقب على اقتصاد محلي أو اقتصاد المنطقة ما جدوى كل هذا الجهد إذا كنا ما زلنا نعتقد أننا أحرارفي التصرف دون محاسبة، لم يعد العالم ولا المنطقة قادرة على مثل هذه التصرفات الفردية بل إن جهود القادة وتضحياتهم تستدعي تكليف المؤسسات الخليجية بالقيام بدورها وإدارة شؤون المنطقة، والعملية فيها الكثير من التناغم وحيث تخرج المصارف المالية لتوضح لمستثمريها أنها ليست منكشفة لأي من المخاطر وهذا مفهوم الشفافية واطلاع المستثمرين على مدى تأثر أي مؤسسة بما هو جار هو في صلب مسؤولية الإدارة، ومن ناحية المؤسسات الإقليمية تظهر مدى التزامها ووقوفها في دعم السيولة والمؤسسات المالية والاقتصاد الوطني ، الإيقاع المطلوب هو هذا ففي الوقت الذي توضح الشركات مدى تأثرها تقوم المصارف المركزية والمؤسسات الرسمية بالوقوف ودعم الاقتصاد ، وعليه تكون كل جهة قد قامت بما هو مطلوب.

عبد الله عبد العزيز الخاطر / رجال أعمال