السندان
06-12-2009, 08:46 PM
6-12-2009 الشرق
هناك حكمة تقول بأن الإنسان حر في اختيار القرار وليس في تداعيات القرار. على سبيل المثال، ليس بمقدور من يقود سيارته بسرعة أن يطالب بانحسار الضرر بجوانب معينة في حال حدوث تصادم. وعلى هذا الأساس، تمتعت سلطات دبي بكامل الحرية في اتخاذ قرار تأجيل دفع بعض الالتزامات المالية لفترة زمنية. ولكن ليس بمقدور الجهات الرسمية في دبي توجيه الاتهامات لمختلف الأطراف الدولية لمستوى ردود أفعالها. فمستويات ردود الأفعال متروكة لأمور مثل العرض والطلب إذا تحدثنا بلغة الاقتصاد.
حقيقة القول، جاء قرار تأجيل دفع الالتزامات المالية المستحقة على مؤسسة دبي العالمية وشركة نخيل التابعتين لحكومة دبي كوقع الصاعقة في الأسواق الدولية بالنظر للأهمية النسبية لدبي في الاقتصاد العالمي. فمدينة دبي عالمية بكل معنى الكلمة حيث يعمل ويعيش فيها أناس من عشرات الدول. كما أن دبي طرحت نفسها كمدينة عالمية عبر دعوة أصحاب المال للتملك في الإمارة عن طريق المشروعات الحيوية. وعليه لم يكن من المستغرب أن تكون ردود الأفعال عالمية من حيث تأثر أسواق المال وخطوط الائتمان والملاءة المالية.
خطوات مجموعة العشرين
بدورنا نرى عدم صواب توقيت تأجيل دفع المستحقات المالية في ضوء تنامي الحديث عن عودة الروح للاقتصاديات الدولية بقيادة مجموعة العشرين. وكان قادة المجموعة قد عقدوا آخر اجتماع لها في مدينة بيتسبيرغ بولاية بنسيلفانيا الأميركية بتاريخ 24 و 25 سبتمبر (أيلول) الماضي بهدف تعزيز الجهود الدولية الرامية لإخراج الاقتصاد العالمي من حالة الكساد.
فاجتماع بيستبيرغ كان الثالث من نوعه لمجموعة العشرين منذ اندلاع الأزمة المالية حيث اجتمعوا في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام 2008 في واشنطن أي قبل مغادرة الرئيس الأميركي السابق جورج دبليو بوش سدة الحكم. كما استضافت لندن القمة الثانية للمجموعة في شهر أبريل (نيسان) الماضي. ومن المقرر أن يجتمع قادة المجموعة مرتين في العام 2010 وتحديدا في شهر يوليو (تموز) في مدينة تورنتو بكندا ومن ثم عاصمة كوريا الجنوبية سول في شهر نوفمبر (تشرين الأول). وما يهم في هذا المجال هو وجود فترة زمنية طويلة نسبيا بين أزمة ديون دبي والاجتماع المقبل لقادة مجموعة العشرين الأمر الذي ربما زاد من حالة الغموض في الأسواق الدولية.
تضم مجموعة العشرين كبرى الاقتصاديات العالمية حيث تضم في عضويتها 19 بلدا وهي 1( الأرجنتين 2) أستراليا 3) البرازيل 4) كندا 5) الصين 6) فرنسا 7) ألمانيا 8) الهند 9) إندونيسيا 10) إيطاليا 11) اليابان 12) المكسيك 13) روسيا 14) السعودية 15) جنوب أفريقيا 16) كوريا الجنوبية 17) تركيا 18) بريطانيا 19) الولايات المتحدة 20) إضافة إلى المفوضية الأوروبية ما يعني عمليا وجود تمثيل لبقية الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. وربما كشفت أزمة ديون دبي عن أهمية ضم دولة الإمارات العربية المتحدة لهذه المجموعة الدولية.
خطة دبي الإستراتيجية
وليس من المستبعد أن تشكل أزمة الدين تحديا بالنسبة لتحقيق أهداف خطة دبي الإستراتيجية والتي تمتد للفترة ما بين 2007 حتى 2015. تهدف إلى تحقيق نمو في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 11 في المئة سنويا. كما ترمي الخطة لزيادة الناتج المحلي الإجمالي للإمارة من 37 مليار دولار في العام 2005 إلى 108 مليارات دولار في 2015. لكن يعتقد بأن حجم الناتج المحلي الإجمالي بلغ نحو 55 مليار دولار في العام 2008.
تتوزع خطة دبي الإستراتيجية على خمس خطط فرعية أخرى وهي 1) التنمية الاقتصادية 2) التنمية الاجتماعية 3) البنية التحتية والأراضي والبيئة 4) الأمن والعدل والمساواة 5) التميز الحكومي. فيما يخص موضوع التنمية الاقتصادية، فقد قررت السلطات التركيز على بعض القطاعات وهي السياحة والنقل والتجارة والبناء والتشييد والخدمات المالية.
أما فيما يتعلق بخطة التنمية الاجتماعية، فقد أكدت الجهات الرسمية على أهمية حماية الهوية الوطنية عن طريق تحقيق توازن اجتماعي. يشكل الأجانب الغالبية العظمى من سكان الإمارة ما يبرر الحاجة لاتخاذ تدابير للحفاظ على الهوية الوطنية. وبخصوص البنية التحتية والأراضي والبيئة، فقد عمدت الجهات الرسمية إلى معالجة أزمة الاختناقات المرورية عبر أمور مثل مترو دبي والذي شهد افتتاح المرحلة الأولى منه في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي. كما ألزمت السلطات نفسها مسؤولية توفير الطاقة والكهرباء والماء.
وفيما يخص الخطة الفرعية الرابعة أي الأمن والعدالة والمساواة، تؤكد الخطة على ضرورة توافر شروط السلامة في مجالات العمل لجميع العاملين. كما تقرر تطوير سرعة التقاضي والأهم من ذلك ضمان تنفيذ الأحكام بعد صدورها. أما فيما يتعلق بالخطة الفرعية الخامسة أي التميز الحكومي، فتؤكد الخطة على تطوير الهيكلية الإدارية إضافة إلى ترسيخ ثقافة المساءلة والشفافية بخصوص ممارسات القطاع الحكومي.
الخطة الإستراتيجية للإمارات
عموما علينا متابعة تفاصيل تنفيذ خطة دبي على الأرض في ضوء أزمة الديون حيث يستبعد حدوث تأجيل في تحقيق الأهداف على أقل تقدير. كما تشكل أزمة ديون دبي تحديا لتحقيق أهداف إستراتيجية دولة الإمارات العربية المتحدة للفترة من 2007 إلى 2010 أي قبل فترة وجيزة على انتهائها.
من جملة الأمور، تؤكد الإستراتيجية على مبادئ تعزيز التعاون والتنسيق بين السلطات المحلية والاتحادية، تفعيل الدور التنظيمي في الوزارات، رفع كفاءة وفاعلية الأجهزة الحكومية والارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة والتركيز على المتعاملين فضلا عن تأهيل قيادات الصف الثاني.
ختاما ليس من الخطأ الزعم بأن السلطات في دبي لم تكن موفقة في قرار تأجيل دفع المستحقات المالية بالنظر لمكانة الإمارة في العالم على مختلف الأصعدة الاقتصادية منها والمالية والسياحية والإعلامية.
د. جاسم حسين
محلل اقتصادي وعضو اللجنة المالية والاقتصادية بمجلس النواب في البحرين
هناك حكمة تقول بأن الإنسان حر في اختيار القرار وليس في تداعيات القرار. على سبيل المثال، ليس بمقدور من يقود سيارته بسرعة أن يطالب بانحسار الضرر بجوانب معينة في حال حدوث تصادم. وعلى هذا الأساس، تمتعت سلطات دبي بكامل الحرية في اتخاذ قرار تأجيل دفع بعض الالتزامات المالية لفترة زمنية. ولكن ليس بمقدور الجهات الرسمية في دبي توجيه الاتهامات لمختلف الأطراف الدولية لمستوى ردود أفعالها. فمستويات ردود الأفعال متروكة لأمور مثل العرض والطلب إذا تحدثنا بلغة الاقتصاد.
حقيقة القول، جاء قرار تأجيل دفع الالتزامات المالية المستحقة على مؤسسة دبي العالمية وشركة نخيل التابعتين لحكومة دبي كوقع الصاعقة في الأسواق الدولية بالنظر للأهمية النسبية لدبي في الاقتصاد العالمي. فمدينة دبي عالمية بكل معنى الكلمة حيث يعمل ويعيش فيها أناس من عشرات الدول. كما أن دبي طرحت نفسها كمدينة عالمية عبر دعوة أصحاب المال للتملك في الإمارة عن طريق المشروعات الحيوية. وعليه لم يكن من المستغرب أن تكون ردود الأفعال عالمية من حيث تأثر أسواق المال وخطوط الائتمان والملاءة المالية.
خطوات مجموعة العشرين
بدورنا نرى عدم صواب توقيت تأجيل دفع المستحقات المالية في ضوء تنامي الحديث عن عودة الروح للاقتصاديات الدولية بقيادة مجموعة العشرين. وكان قادة المجموعة قد عقدوا آخر اجتماع لها في مدينة بيتسبيرغ بولاية بنسيلفانيا الأميركية بتاريخ 24 و 25 سبتمبر (أيلول) الماضي بهدف تعزيز الجهود الدولية الرامية لإخراج الاقتصاد العالمي من حالة الكساد.
فاجتماع بيستبيرغ كان الثالث من نوعه لمجموعة العشرين منذ اندلاع الأزمة المالية حيث اجتمعوا في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام 2008 في واشنطن أي قبل مغادرة الرئيس الأميركي السابق جورج دبليو بوش سدة الحكم. كما استضافت لندن القمة الثانية للمجموعة في شهر أبريل (نيسان) الماضي. ومن المقرر أن يجتمع قادة المجموعة مرتين في العام 2010 وتحديدا في شهر يوليو (تموز) في مدينة تورنتو بكندا ومن ثم عاصمة كوريا الجنوبية سول في شهر نوفمبر (تشرين الأول). وما يهم في هذا المجال هو وجود فترة زمنية طويلة نسبيا بين أزمة ديون دبي والاجتماع المقبل لقادة مجموعة العشرين الأمر الذي ربما زاد من حالة الغموض في الأسواق الدولية.
تضم مجموعة العشرين كبرى الاقتصاديات العالمية حيث تضم في عضويتها 19 بلدا وهي 1( الأرجنتين 2) أستراليا 3) البرازيل 4) كندا 5) الصين 6) فرنسا 7) ألمانيا 8) الهند 9) إندونيسيا 10) إيطاليا 11) اليابان 12) المكسيك 13) روسيا 14) السعودية 15) جنوب أفريقيا 16) كوريا الجنوبية 17) تركيا 18) بريطانيا 19) الولايات المتحدة 20) إضافة إلى المفوضية الأوروبية ما يعني عمليا وجود تمثيل لبقية الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. وربما كشفت أزمة ديون دبي عن أهمية ضم دولة الإمارات العربية المتحدة لهذه المجموعة الدولية.
خطة دبي الإستراتيجية
وليس من المستبعد أن تشكل أزمة الدين تحديا بالنسبة لتحقيق أهداف خطة دبي الإستراتيجية والتي تمتد للفترة ما بين 2007 حتى 2015. تهدف إلى تحقيق نمو في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 11 في المئة سنويا. كما ترمي الخطة لزيادة الناتج المحلي الإجمالي للإمارة من 37 مليار دولار في العام 2005 إلى 108 مليارات دولار في 2015. لكن يعتقد بأن حجم الناتج المحلي الإجمالي بلغ نحو 55 مليار دولار في العام 2008.
تتوزع خطة دبي الإستراتيجية على خمس خطط فرعية أخرى وهي 1) التنمية الاقتصادية 2) التنمية الاجتماعية 3) البنية التحتية والأراضي والبيئة 4) الأمن والعدل والمساواة 5) التميز الحكومي. فيما يخص موضوع التنمية الاقتصادية، فقد قررت السلطات التركيز على بعض القطاعات وهي السياحة والنقل والتجارة والبناء والتشييد والخدمات المالية.
أما فيما يتعلق بخطة التنمية الاجتماعية، فقد أكدت الجهات الرسمية على أهمية حماية الهوية الوطنية عن طريق تحقيق توازن اجتماعي. يشكل الأجانب الغالبية العظمى من سكان الإمارة ما يبرر الحاجة لاتخاذ تدابير للحفاظ على الهوية الوطنية. وبخصوص البنية التحتية والأراضي والبيئة، فقد عمدت الجهات الرسمية إلى معالجة أزمة الاختناقات المرورية عبر أمور مثل مترو دبي والذي شهد افتتاح المرحلة الأولى منه في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي. كما ألزمت السلطات نفسها مسؤولية توفير الطاقة والكهرباء والماء.
وفيما يخص الخطة الفرعية الرابعة أي الأمن والعدالة والمساواة، تؤكد الخطة على ضرورة توافر شروط السلامة في مجالات العمل لجميع العاملين. كما تقرر تطوير سرعة التقاضي والأهم من ذلك ضمان تنفيذ الأحكام بعد صدورها. أما فيما يتعلق بالخطة الفرعية الخامسة أي التميز الحكومي، فتؤكد الخطة على تطوير الهيكلية الإدارية إضافة إلى ترسيخ ثقافة المساءلة والشفافية بخصوص ممارسات القطاع الحكومي.
الخطة الإستراتيجية للإمارات
عموما علينا متابعة تفاصيل تنفيذ خطة دبي على الأرض في ضوء أزمة الديون حيث يستبعد حدوث تأجيل في تحقيق الأهداف على أقل تقدير. كما تشكل أزمة ديون دبي تحديا لتحقيق أهداف إستراتيجية دولة الإمارات العربية المتحدة للفترة من 2007 إلى 2010 أي قبل فترة وجيزة على انتهائها.
من جملة الأمور، تؤكد الإستراتيجية على مبادئ تعزيز التعاون والتنسيق بين السلطات المحلية والاتحادية، تفعيل الدور التنظيمي في الوزارات، رفع كفاءة وفاعلية الأجهزة الحكومية والارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة والتركيز على المتعاملين فضلا عن تأهيل قيادات الصف الثاني.
ختاما ليس من الخطأ الزعم بأن السلطات في دبي لم تكن موفقة في قرار تأجيل دفع المستحقات المالية بالنظر لمكانة الإمارة في العالم على مختلف الأصعدة الاقتصادية منها والمالية والسياحية والإعلامية.
د. جاسم حسين
محلل اقتصادي وعضو اللجنة المالية والاقتصادية بمجلس النواب في البحرين