تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : هل يجد مشروع القانون النفطي الخاص طريقه الدستوري



ROSE
07-12-2009, 03:59 AM
هل يجد مشروع القانون النفطي الخاص طريقه الدستوري
وجود النفط في لبنان يستند إلى معطيات ودراسات علمية موثقة











لبنان - الراية- أنور عقل ضو:
نتائج الدراسات الأولية التي خلصت إليها شركة "بي. جي. اس." النرويجية التي تولت عمليات التنقيب عن النفط في لبنان، أكدت وجود معطيات وإشارات "نفطية" مهمة في المياه الإقليمية، لترتفع نسبة احتمال وجود كميات تجارية إلى أكثر من 50 بالمائة، مع تقديرات بأن لبنان يمتلك مخزونا قد يصل إلى 8 مليارات برميل.
وبدلاً من الاستفادة من هذه المؤشرات الواعدة، دخلت هذه القضية كواليس مجلس النواب، ولم تخرج بتشريعات وتصورات تلاقي الثروة الموعودة المفترض أن ترفد الاقتصاد اللبناني بمقومات دعم أساسية من شأنها الحد من مفاعيل أزماته القائمة، لا بل استحضرت هذه القضية المشاكل والتناحر في وجهات النظر.
الشركة النرويجية المتعاقدة مع وزارة الطاقة والمياه لمدة 7 سنوات، رأت أن ثمة ضرورة لإعداد الكوادر العلمية اللازمة لمواكبة عمليات التنقيب، لأن لبنان يعاني نقصاً في الخبراء، خصوصاً أن وجود النفط في لبنان بات يستند إلى معطيات ودراسات علمية موثقة، بعد مسح 1528 كيلومتراً مربعاً، على عمق 1200 إلى 1500 متر، فضلاً عن أنه أجريت 203888 محاولة تنقيب، ورُصدت 2880 إشارة، وسجلت 590 مليون إشارة إلى وجود النفط.
كذلك تم مسح 700 كلم مربع، على عمق 1000 - 1500 متر، وبحسب الدراسة تم التوصل إلى وجود كميات من النفط في المياه الساحلية الشمالية اللبنانية الممتدة من البترون وصولاً إلى صيدا. وحتى الآن لم يُسن القانون الذي ينظم آلية المحافظة على الموارد النفطية وحسن سلامة إدارتها.
ومع تأكيدات وجود النفط أو الغاز، أو كليهما، في بحر لبنان، وبرّه أيضاً، نرى شبه غياب لمواقع القرار في لبنان، يحول حتى الآن دون دفع هذه القضية إلى أولوية الاهتمام والمتابعة، لا سيما وأن ثمة أسئلة مشروعة تتطلب إجابات واضحة نتيجة التداخل الطبيعي للحدود اللبنانية مع سوريا من جهتي الشرق والشمال، ومع قبرص غربا (تداخل الحدود المائية)، ومع الأراضي الفلسطينية المحتلة من جهة الجنوب، حيث تواصل إسرائيل عمليات البحث والتنقيب في عمق المياه الإقليمية بين غزة والناقورة.
سعت قبرص قبل أشهر عدة، إلى عقد اتفاق لترسيم الحدود السيادية البحرية مع لبنان، وشرعت أيضا في تكثيف المسوحات الممهدة لبدء عمليات التنقيب عن النفط والغاز، فيما يتعذر، حكما، على الدولة اللبنانية عقد اتفاق مماثل مع إسرائيل، فيما يغيب أيضا أي تحرك جدي لحفظ الحقوق اللبنانية على هذه الجبهة من خلال تقديم طلب رسمي إلى الأمم المتحدة بموجب القوانين الدولية الخاصة التي تنظم المصالح المتشابكة في المناطق الحدودية البرية والمائية.
تشير المعلومات إلى أنه بحوزة مسؤولين لبنانيين كبار، وشركات عالمية، وبالتأكيد، الدوائر المختصة في بلدان الجوار، حصيلة مفصلة للمسح الشامل الثلاثي الأبعاد الذي أجرته الشركة النروجية "بي جي إس" المتخصصة، والذي يؤكد نتائج دراسات سابقة، أجرتها شركات أمريكية وبريطانية ونروجية، ترجح وجود النفط والغاز في عمق المياه الإقليمية اللبنانية. وملخص هذه الحصيلة أن الحقول الموعودة أعطت إشارات جدية، وشبه مؤكدة، في عدد من المربعات على مسافة 7 أميال بحرية بين منطقتي الصرفند جنوبا، وحالات شمالا.
وفي المعلومات أيضاً، أن الحقول النفطية أو الغازية في هذه المنطقة موجودة على أعماق تتراوح بين 1300 و1700 متر، توازيها أعمال حفر في المسطحات تحت المياه بنحو 1500 متر، ما يعني أن استخراج النفط سيتم على عمق بين 3000 و3200 متر، وهو عمق وسطي من ناحية التقنيات والتكاليف. لكن غير المؤكد، وفق المسح، هو الماهية النفطية أو الغازية من جهة كونها سائلا في فراغ طبيعي، أي مخزنة، وهذا هو المطلوب لتكون كميات تجارية، أو كونها ممزوجة بالأتربة ما يتطلب عمليات معقدة لتخليصها تنفي أهميتها التجارية.
كذلك فإن تقدير الكميات لا يمكن حصره قبل التنقيب الفعلي وبلوغ الحقول المستهدفة، وأن تكن الإشارات والآمال تعد بما يراوح بين 5 مليارات و8 مليارات برميل.
لكن ما يدعو للأسف بداهةً، أنه ليس للبنان قانون خاص بالنفط يحدد الاستراتيجية الوطنية والتشريعية بشكل واضح وشفاف، المفترض أن يكون المدخل الطبيعي والوحيد لجذب الشركات العالمية، وعقد اتفاقات التنقيب، خصوصا أن وضع الموازنة العامة لا يسمح بتخصيص أي استثمارات ذات شأن لهذا القطاع. كما لا يملك لبنان ما يكفي من خبرات وتقنيات ومراكز أبحاث متخصصة تؤهله لدور متقدم في هذا المضمار، ومن غير المعروف، إن كان مشروع القانون النفطي الخاص سيجد طريقه الدستوري كأولوية، بعد تأليف الحكومة الجديدة برئاسة سعد الحريري.
كان من المتوقع إقرار هذا المشروع في الجلسة الأخيرة لحكومة الرئيس فؤاد السنيورة بعد إنجاز الانتخابات النيابية الاخيرة، بحيث بات لزاماً على المسؤولين التحرك باتجاه استدراج العروض والمناقصات وعقد الاتفاقات، لبلوغ مرحلة استخراج النفط التي قد تستغرق ما بين 5 و7 سنوات. وتصبح، بالتالي، أزمة لبنان المالية المستعصية المرتكزة إلى دينه العام البالغ حاليا نحو 50 مليار دولار، أي ما يوازي نحو 165 بالمائة من الناتج المحلي، مشكلة عادية قابلة للحل.
ويؤكد مسؤول على صلة بهذا الملف ل "الراية" أن الأجواء الحالية تشبه تماما مثيلتها قبل 5 سنوات، حين أكد مسؤولون لبنانيون، بينهم وزيران للطاقة، أحدهما أصيل والثاني وكيل، هما محمد بيضون، ومحمد الصفدي، وجود طبقة من النفط تبعث الأمل بإمكان العثور على كميات تجارية. وذلك قبل وبعد صدور نتائج الدراسة ذات البعدين التي نفذتها الحكومة اللبنانية بمساعدة الحكومة النروجية، ودراسة أخرى ثلاثية الأبعاد قامت بها شركة "بي جي إس".
وقد بينت الدراستان وجود احتمال مرتفع للعثور على النفط أو الغاز. وبحسب مهندس "بي جي إس" المشرف على حملة التنقيب هلغ سمب، تم التوصل إلى وجود إشارات نفطية في المياه الساحلية الشمالية اللبنانية الممتدة من منتصف عكار - طرابلس حتى البترون بحرا، وأخرى من بيروت وصولا إلى صيدا، إضافة الى المنطقة البحرية الواقعة بين لبنان وقبرص.
ولم تعط هذه المعلومات إشارة الانطلاق لبدء أعمال الحفر والتنقيب، فالقانون هو الأساس والمرجع الصالح، إضافة إلى الكثير من القيود المنظمة، من بينها الترتيب التجاري لتنظيم عقود الشركات العالمية للتنقيب عن النفط، والاتفاق على ما إذا كانت الحكومة ستقوم بذلك، أم ستنشَأ شركة وطنية للنفط لتكون المسؤولة عن العقود.
وفي هذا الإطار أعد خبراء لبنانيون، مسودة مشروع للسياسة النفطية للتنقيب عن النفط والغاز في المياه اللبنانية، جاء في أول بنودها أن "مصادر النفط والغاز هي ملك الدولة اللبنانية، وسوف تستخدم بما يحقق المنفعة العامة"، فيما أكدت في بندها الثاني أنه لم يثبت حتى الآن وجود النفط أو الغاز في لبنان، غير أن مستلزمات تكونهما تؤكدها عمليات المسح السيزمي، وجيولوجية الحوض المشرقي، كما تدعمها الاستكشافات النفطية في الدول المجاورة.
وبما أن درجة المجازفة، وكلفة عمليات التنقيب في المياه، تعتبران مرتفعتين في المرحلة الأولى، دعت المسودة إلى جذب الشركات العالمية المقتدرة تقنيا وماديا للقيام بعمليات التنقيب.
أما في حال اكتشاف مصادر تجارية من النفط والغاز، فدعت المسودة إلى أن تستعملها الدولة بناء على الخيار الأكثر فائدة للبلاد، والخيارات التي طرحتها ثلاثة وهي: إما أن توظف المصادر البترولية كليا في السوق المحلية، أو أن تصدر كليا من أجل زيادة إيرادات الخزينة، وإما استهلاك جزء من هذه المصادر في السوق المحلية على أن يصدر الجزء الآخر. وقد دعت هذه المسودة إلى إنشاء "الهيئة المعتمدة لإدارة القطاع النفطي"، تحدد تسميتها ومهماتها التفصيلية في قانون النفط والغاز المزمع إقراره. أما في ما يتعلق بالتصرف في العائدات الناتجة من النفط والغاز، في حال وجودهما، فيتم إما استخدامها في عملية تقليص الدين العام، وإما إيداع جزء من هذه العائدات، أو كلها، في صندوق توفير خاص.
استنادا إلى تصريحات سابقة لوزير الطاقة في الحكومة السابقة آلان طابوريان، فإن نتائج الدراسات لم تتغير، إذ لا يزال الطرح يشير إلى أن هناك إمكانا لاكتشاف الغاز أو النفط أو كليهما، ولذلك فمن المهم الوصول إلى إعداد مشروع قانون مركّز للنفط والغاز، بحيث يتضمن بنودا أساسية للعمل، والاتجاه يسير نحو اقتراح إنشاء "مؤسسة وطنية للنفط" أو هيئة شبيهة بها، وذلك تأسيسا لجهة ناظمة لموضوع التنقيب، ومن بعده تنظيم القطاع، إذا اكتشفت المصادر النفطية، والإفادة من الخبرة النروجية في هذا الإطار. وتنفيذ التنقيب سيكون على أيدي شركات عالمية، على أن يكون للدولة حصة من العائدات، أما الفترة المحددة لبدء استخراج النفط، فستمتد لسنوات، وحتى لو أقر القانون اليوم، فإن الحصول على معدات التنقيب يحتاج إلى سنة أو سنتين، ويعود ذلك إلى ندرة الآلات المتوافرة في الأسواق، وكلفة التنقيب والاستخراج.
وفي دراسة عن "سياسة اقتصادية للاستكشاف والتنقيب عن النفط والغاز في المياه الإقليمية اللبنانية" رفعها الخبير الاقتصادي في شؤون الطاقة والخصخصة رودي بارودي إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان مؤخرا، تفنيدا لميزات صناعة النفط، إضافة إلى ملخص عن وضع التنقيب في الدول المجاورة والشكوك والمخاطر والفوائد المتوقعة من وضع مخططات تنفيذية لعمليات التطوير والاستثمار الخارجي المباشر، وقد ورد في خانة تقويم الفوائد على الاقتصاد الآتي: خفض الدين الوطني، وتلبية نطاق واسع من حاجات لبنان من النفط، وجذب استثمارات كبيرة، وإنشاء بنية تحتية لقطاع الطاقة، وإنشاء مشاريع صناعة واسعة، وتطوير الموارد البشرية لجهة تبادل التقنيات إضافة إلى إيجاد بقعة استراتيجية على خريطة الطاقة". لكنه رأى أن هذا الواقع يحتم على لبنان "تأمين استثمار من شركات النفط والغاز الدولية لاستغلال الظروف المواتية دوليا، ودرس آثار تكاليف الطاقة التي يحتمل أن تبقى مرتفعة عبر استغلال إمكاناتها الاحتياطية، ليغدو لبنان بذلك دولة منتجة للهيدروكربون".
واعتبر أنه "وفي ظل اهتمام النرويج صاحبة التجربة الرائدة في استخراج نفطها من بحر الشمال، بمساعدة لبنان على اكتشاف نفطه، بدءا من المراحل الأولية الضرورية، فإن شركات النفط تترقب اغتنام الفرصة للعمل، وقد يعتبر التأخير في تطوير القوانين التنظيمية والتقنية والضريبية في التشريعات المحلية، وإطلاق جولة منح التراخيص الدولية المخطط لها، معوقا لمناخ الاستثمار في هذا القطاع، بما يضعف قدرة لبنان على استقطاب الرساميل من شركات النفط والغاز العالمية، وقد تكون له آثار مضاعفة على تنافسية اقتصاده".
وفي الشكوك والمخاطر، يرى بارودي أن نشاطات التنقيب تحمل في طياتها مواضع قلق وشكوك "تستلزم تطبيق عامل الخطر المالي والسياسي على قيمة الاحتياط المقدر عند تفنيد دراسة جدوى أولية"، ويشير إلى أن الخطر الأكثر شيوعا هو خطر مرحلة التنقيب "إذ ستستثمر شركة النفط والغاز مبالغ طائلة، إذا كانت عملية التنقيب عقيمة. كذلك، يؤدي الخطر السياسي دوره في الصناعة، وفقا للأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، علما بأن الشركات تطبق مبدأ المغامرة في هذه الصناعة المرتفعة المخاطر"، ونصح باغتنام هذه الفرص "لتحاول الحكومة تخفيف المخاطر عند الربط بين اكتشاف النفط والاحتياطي التراكمي المكتشف في المنطقة البحرية"، وأشار إلى أن الجدوى الاقتصادية من الحقول في المياه العميقة مشروطة دائما بالمخاطر الجيولوجية، والاحتياطي الممكن استخراجه، والشروط المالية التي ستضعها الحكومة في قانون الإطار العام للهيدروكربون، إضافة إلى إنتاجية البئر، موضحا أن "الطبيعة الدينامية الأزلية لصناعة البترول تخضع دائما إلى عملية تكيف تصاعدي".
تجدر الاشارة في هذا السياق أن المجلس الوطني للبحوث العلمية نظم قبل أكثر من عامين، ندوة حول "الحملة البحرية للتنقيب عن المواد النفطية" لمناقشة تقنيات وآليات البحث "الثلاثي الأبعاد" الذي قامت به شركة "بي جي إس" النرويجية، وقال المنسق العام ومستشار الشؤون الجيولوجية والتنموية للشركة أورنولف لوريتزن، إن "لبنان سيكون بحاجة إلى كوادره قريبا". كما دعا الحكومة اللبنانية إلى إحكام سيطرتها على مواردها النفطية، فلا تعمد إلى إعطاء حق الاستغلال لسنوات طويلة وعلى دفعة واحدة.
وأكد أن الشركة "أنفقت أكثر من 30 مليون دولار، وبالتالي، فهي متأكدة تماما من وجود النفط في المياه اللبنانية، ولو لم يتم التوصل إلى ذلك لما أنفقنا سنتا واحدا". وطالب لوريتزن بسن القانون الذي ينظم آلية المحافظة على الموارد النفطية، وحسن سلامة إدارتها.