الوعب
12-12-2009, 09:22 AM
القبس 12/12/2009
ضاقت واستحكمت حلقاتها، لكنها لم تفرج، هكذا صورّت جريدة ذي غارديان وضع اسواق المال في العالم اثر ارتفاع اسعار الاصول والأسهم والذهب والنفط.
فأسعار السلع تثير ما يكفي من الضجة في بورصات شيكاغو، ووكلاء العقارات في كينغستون وتشلسي غير قادرين على تلبية الطلب على المنازل التي تبلغ اسعارها من مليون الى مليون ونصف المليون جنيه استرليني، وأسعار الذهب في أوجها، اذ وصل سعر الاونصة الى 1100 دولار، اما الاسهم فارتفعت بنسبة 50 في المائة منذ مارس، كذلك النفط عاد الى مستوياته السابقة عند حوالي 80 دولارا للبرميل، اما متوسط معدل اسعار السكن في يبريطانيا فوصل الى اكثر من 11 الف جنيه استرليني هذا العام، في حين تعيش اسعار الاصول ازدهارا في انحاء العالم.
وبعيدا عن العالم المالي المتجمد وفي خضم الشركات المتصارعة والعائلات المتضايقة ماديا، تتباين مؤشرات الانتعاش من اسوأ ركود حدث في العالم منذ ثلاثينات القرن الماضي بصورة كبيرة، اذ انه ورغم عودة النمو في اميركا في الربع الثالث، لا تزال معدلات البطالة في اعلى مستوياتها منذ عام 1983 وعدد الاميركيين الذين يفقدون بيوتهم متصاعدا، ولهذا يحق لرئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي برنانكي الشعور بالقلق.
وفي اوروبا، عادت الاقتصادات الكبيرة في المانيا وفرنسا الى النمو منذ ستة اشهر، لكن انفاق المستهلكين لا يزال ضعيفا جدا، وفي بريطانيا اظهرت الارقام الرسمية الاخيرة ان الاقتصاد لا يزال ينكمش بعد ستة فصول متتالية من الارقام السلبية. وحذر محافظ البنك المركزي الانكليزي ميرفين كينغ الاسبوع الماضي من ان بريطانيا بدأت لتوها بالسير في طريق الانتعاش.
أكبر الفقاعات
ومع ارتفاع اسعار الاسهم، يتبادر سؤال في الاذهان عن جدية سعي الحكومات لحل المشاكل التي تسببت بها واحدة من اكبر الفقاعات في التاريخ من خلال نفخ فقاعة مضاربية اخرى؟ هذا ما حدث قبل ان تنهار اسهم شركات الاتصالات، عندما خفض آلان غرينسبان معدل الفائدة الى واحد في المائة وتركها هكذا لمدة ثلاث سنوات، الامر الذي تسبب باكبر ازدهار للسكن في تاريخ اميركا.
يقول الخبير الاقتصادي الاميركي ومؤلف كتاب «احتيال غرينسبان»: «نحن نعيد اخطاء غرينسبان لكن بدرجة اعلى بكثير. وهو ما سيؤدي الى فقاعة كبيرة اخرى في العام المقبل».
وحذر من ناحيته نورييل روبيني احد الخبراء الاقتصاديين الذين يتوقعون قدوم ازمة اخرى من الولايات المتحدة حلت مكان اليابان كمركز عالمي لعمليات الكاري تريد Carry trade، والمقصود بها حيث يفترض المستثمرون بعملات رخيصة مع معدلات فائدة منخفضة وشراء اصول محفوفة بالمخاطر توفر عوائد اعلى من الفائدة تبعا للقرض. وفي حين تعهد مجلس الاحتياطي الفدرالي الاميركي بالمحافظة على معدلات الفائدة فوق الصفر لمدة طويلة، يقول روبيني ان الدولارات بدل الين تستخدم الآن كأم لجميع عمليات الكاري تريد، وهو ما يزيد من اسعار جميع انواع الاصول.
تهدئة المخاوف
وكانت ولا تزال البنوك المركزية تسعى لتهدئة المخاوف كما فعلت المرة الماضية، لكن دون جدوى لوقف النزيف. يقول المحافظ الفدرالي السابق فريدريك ميشكن انه كان هناك نوعان من الفقاعات، الاولى فقاعة الازدهار الائتماني، والثانية فقاعة المبالغات غير العقلانية. وكانت فقاعات الازدهار الائتماني كالتي انفجرت في 2007 اخطر بكثير من تلك التي نتجت عن المبالغات غير العقلانية مثل شراء اسهم شركات التكنولوجيا، لانها شكلت اصولا مسمومة.
اما ارتفاع اسعار الاصول مثل السكن فسمح للمستهلكين بالاقتراض، لكنهم استثمروا الاموال بشراء بيوت اكبر، مما دفع الاسعار للارتفاع مرة اخرى، واستمرت حتى وقتنا الحالي. وعندما تنخفض الأسعار، لا تهوي فقط قيمة عقار ملاكها المنحوسين بل يجلسون على جبل من الديون. ويرى ميشكن ان آثار ازدهار شركات التكنولوجيا dotcom أقل كارثية لأنها لم تدخل في حلقة مفرغة، ويعتبر الصعود الحالي لأسعار الأصول غير عقلاني.
من جانبه، يتفق ميرفين كينغ مع هذا التحليل. فخلال مؤتمر صحفي لإصدار التقرير الفصلي عن التضخم التابع لبنك إنكلترا المركزي، اعترف المحافظ انه لم يغمض له جفن عند ارتفاع أسعار الأصول. ويعتقد البنك المركزي المعروف باسم «ثريدنيدل» أو السيدة العجوز ان ارتفاع الأسعار في السندات والأسهم على وجه الخصوص أمر مفيد للاقتصاد لأنه يخفض من تكلفة التمويل على الشركات ويجعلها تقاوم الركود بشكل أفضل.
أما رسالة كينغ فكانت واضحة، فبعد انخفاض الناتج بنسبة 6 في المائة تقريباً منذ بداية 2008 كان من السابق لأوانه المقارنة مع أزمة التوليب الهولندية في الثلاثينات من القرن السابع عشر، أو أي من الأنشطة المضاربية الدورية في أسواق الأسهم خلال القرن العشرين.
وقال كينغ انه: «من المهم جداً الابتعاد عن توصيف أي ارتفاع في أسعار الأصول على انه فقاعة، وكل انخفاض في أسعار الأصول على انه انفجار الفقاعة». وأوضح كينغ خلال المؤتمر انه لا يشعر بالقلق لأن الأسواق لم تشهد التوسع السريع للائتمان كما حدث في بداية الألفية، بل ما حصل هو العكس حيث عانت الأسواق من نقص الائتمان.
الخروج عن السيطرة
أما كبير الاقتصاديين في ستاندرد تشارترد جيرارد ليونز فلا يرى أي مؤشر حتى الآن على خروج الأسعار في بريطانيا أو أميركا عن السيطرة. ويقول انه من الطبيعي ان ترتفع أسعار الأسهم والعقار في المراحل الأولى من الانتعاش، خاصة إذا كانت قد تعرضت لضربة قوية. ومع ذلك يبدي ليونز اهتماماً بالصين حيث تحقق العائد على النمو القوي من برامج الحكومة التحفيزية الهائلة التي أدت إلى قفزة في الإقراض المصرفي وما هو قد يدمر الازدهار الائتماني. ويفصل الأمر قائلاً: «عندما ترتفع أسعار الأصول بشكل حاد إلى جانب اتساع نمو الائتمان والإقراض، يكون هناك أكثر من سبب للتفكير في حدوث فقاعة، والصين تنسجم مع هذه الفئة»، ومع هذا أضاف ان بكين تبدي حذراً من المخاطر وتحاول تكبيل الإقراض الآن.
الى هذا، يوافق أشد المنتقدين لطريقة كينغ وميشكين على ان بعض مؤشرات الانتعاش في اسعار الأصول أو 20 في المائة تقريبا مبررة. فبعد انهيار ليمان براذرز في سبتمبر 2008، تابعت الأسواق المالية انخفاضها بشكل حاد في فصل الصيف مع انكماش الناتج العالمي وشح التسهيلات الائتمانية. وفي مارس، وصل المستثمرون الى قناعة تامة ان الاقتصاد العالمي قد يصل الى فترة كساد عظيم جديدة، رغم بعض الأخبار الاقتصادية الجيدة التي أفشت نوعا من الراحة.
لكن يبدو أن الأسواق تتجه نحو مزاجين فقط، إما التشاؤم العميق أو النشوة الكبيرة.
يقول روبيرت باري من كريدي سويس: «انه الوقت الأمثل لمعاملة أسعار الأصول والائتمان بجدية، اذ يمكن ان تحمل آثارا كبيرة وصعبة على المدى البعيد. فهي أخذت وقتا طويلا حتى ظهرت المرة الماضية، وقد تفعل ذلك مرة اخرى».
مضاربات جديدة
لكن الخوف من فقاعة مضاربية جديدة تندرج تحت ثلاث فئات: الأولى أن السجل الحافل الأخير للبنوك المركزية لا يبعث على الكثير من التفاؤل، وهو ما سيجعلنا نفرق بين فقاعة الائتمان وفقاعة المبالغة غير العقلانية. فعلى سبيل المثال أنكر مجلس الاحتياطي الفدرالي ان هناك فقاعة في سوق السكن الاميركي الى ان انقشعت وتبلورت خلال ازمة رهون الأفراد العقارية في 2007، ورفض بنك انكلترا المركزي جميع المزاعم التي تقول ان البنوك المركزية كانت تجري عكس التيار وانها تسببت بفقاعة اسعار السكن.
أما الفئة الثانية فتتعلق بأساسيات الاقتصاد العالمي التي لا تزال ضعيفة، فالاقتصاد المضاربي الذي تسبب بالمشاكل في المرحلة الأولى عاد مرة أخرى ليرفع رأسه. لكن الاقتصاد الحقيقي لا يزال متخبطاً. وسيكون عام 2010 صعبا جداً لان الاقتصاد العالمي ليس ثابتاً. وأخيراً، هناك قلق يحوم حول السبب الأساسي وراء تكرر الفقاعات، فهل الاقتصاد العالمي الحديث لا يمكن أن يدور إلا بالدين والأموال الرخيصة، وهو ما يغذي الدورات المضاربية القوية والاعتيادية؟ يقول باترا ان الولايات المتحدة تشهد عدم توافق بين العرض المتزايد للسلع من الإنتاجية المتحسنة وبين تقييد الأجور الحقيقية التي تعود إلى زمن رونالد ريغان. ويضيف أن غرينسبان لجأ إلى خلق الديون وعجز الميزانية ليوازن بين الطلب والعرض. أما تيرنر فيقول ان الفقاعات تعكس كيفية عمل الرأسمالية الجديدة الآن، إذ تتجه الشركات للعمل في الخارج لخفض تكاليف الأجور، مما يضعف الطلب في اقتصادات العالم الكبيرة. وحتى الذين يعتقدون أن الفقاعة عادت يقولون ان البنوك المركزية لا تملك سوى القليل من الخيارات أمامها.
ما هو القادم؟
يتمنى صانعو السياسة أن يكون الارتفاع في أسعار الأصول محفزاً على تحقيق نمو أقوى العام المقبل، خاصة مع شعور المستهلكين بأنهم أثرى مع ارتفاع أسعار البيوت والأسهم والإنفاق.
وستستجيب الشركات إلى طلب المستهلكين القوي وسهولة التمويل عبر تعزيز الاستثمار وخلق وظائف جديدة. لكن إلى حد ما يجب على الحكومات والبنوك المركزية سحب برامج دعمهم الطارئة عبر دفع معدلات الفائدة للأعلى.
ضاقت واستحكمت حلقاتها، لكنها لم تفرج، هكذا صورّت جريدة ذي غارديان وضع اسواق المال في العالم اثر ارتفاع اسعار الاصول والأسهم والذهب والنفط.
فأسعار السلع تثير ما يكفي من الضجة في بورصات شيكاغو، ووكلاء العقارات في كينغستون وتشلسي غير قادرين على تلبية الطلب على المنازل التي تبلغ اسعارها من مليون الى مليون ونصف المليون جنيه استرليني، وأسعار الذهب في أوجها، اذ وصل سعر الاونصة الى 1100 دولار، اما الاسهم فارتفعت بنسبة 50 في المائة منذ مارس، كذلك النفط عاد الى مستوياته السابقة عند حوالي 80 دولارا للبرميل، اما متوسط معدل اسعار السكن في يبريطانيا فوصل الى اكثر من 11 الف جنيه استرليني هذا العام، في حين تعيش اسعار الاصول ازدهارا في انحاء العالم.
وبعيدا عن العالم المالي المتجمد وفي خضم الشركات المتصارعة والعائلات المتضايقة ماديا، تتباين مؤشرات الانتعاش من اسوأ ركود حدث في العالم منذ ثلاثينات القرن الماضي بصورة كبيرة، اذ انه ورغم عودة النمو في اميركا في الربع الثالث، لا تزال معدلات البطالة في اعلى مستوياتها منذ عام 1983 وعدد الاميركيين الذين يفقدون بيوتهم متصاعدا، ولهذا يحق لرئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي برنانكي الشعور بالقلق.
وفي اوروبا، عادت الاقتصادات الكبيرة في المانيا وفرنسا الى النمو منذ ستة اشهر، لكن انفاق المستهلكين لا يزال ضعيفا جدا، وفي بريطانيا اظهرت الارقام الرسمية الاخيرة ان الاقتصاد لا يزال ينكمش بعد ستة فصول متتالية من الارقام السلبية. وحذر محافظ البنك المركزي الانكليزي ميرفين كينغ الاسبوع الماضي من ان بريطانيا بدأت لتوها بالسير في طريق الانتعاش.
أكبر الفقاعات
ومع ارتفاع اسعار الاسهم، يتبادر سؤال في الاذهان عن جدية سعي الحكومات لحل المشاكل التي تسببت بها واحدة من اكبر الفقاعات في التاريخ من خلال نفخ فقاعة مضاربية اخرى؟ هذا ما حدث قبل ان تنهار اسهم شركات الاتصالات، عندما خفض آلان غرينسبان معدل الفائدة الى واحد في المائة وتركها هكذا لمدة ثلاث سنوات، الامر الذي تسبب باكبر ازدهار للسكن في تاريخ اميركا.
يقول الخبير الاقتصادي الاميركي ومؤلف كتاب «احتيال غرينسبان»: «نحن نعيد اخطاء غرينسبان لكن بدرجة اعلى بكثير. وهو ما سيؤدي الى فقاعة كبيرة اخرى في العام المقبل».
وحذر من ناحيته نورييل روبيني احد الخبراء الاقتصاديين الذين يتوقعون قدوم ازمة اخرى من الولايات المتحدة حلت مكان اليابان كمركز عالمي لعمليات الكاري تريد Carry trade، والمقصود بها حيث يفترض المستثمرون بعملات رخيصة مع معدلات فائدة منخفضة وشراء اصول محفوفة بالمخاطر توفر عوائد اعلى من الفائدة تبعا للقرض. وفي حين تعهد مجلس الاحتياطي الفدرالي الاميركي بالمحافظة على معدلات الفائدة فوق الصفر لمدة طويلة، يقول روبيني ان الدولارات بدل الين تستخدم الآن كأم لجميع عمليات الكاري تريد، وهو ما يزيد من اسعار جميع انواع الاصول.
تهدئة المخاوف
وكانت ولا تزال البنوك المركزية تسعى لتهدئة المخاوف كما فعلت المرة الماضية، لكن دون جدوى لوقف النزيف. يقول المحافظ الفدرالي السابق فريدريك ميشكن انه كان هناك نوعان من الفقاعات، الاولى فقاعة الازدهار الائتماني، والثانية فقاعة المبالغات غير العقلانية. وكانت فقاعات الازدهار الائتماني كالتي انفجرت في 2007 اخطر بكثير من تلك التي نتجت عن المبالغات غير العقلانية مثل شراء اسهم شركات التكنولوجيا، لانها شكلت اصولا مسمومة.
اما ارتفاع اسعار الاصول مثل السكن فسمح للمستهلكين بالاقتراض، لكنهم استثمروا الاموال بشراء بيوت اكبر، مما دفع الاسعار للارتفاع مرة اخرى، واستمرت حتى وقتنا الحالي. وعندما تنخفض الأسعار، لا تهوي فقط قيمة عقار ملاكها المنحوسين بل يجلسون على جبل من الديون. ويرى ميشكن ان آثار ازدهار شركات التكنولوجيا dotcom أقل كارثية لأنها لم تدخل في حلقة مفرغة، ويعتبر الصعود الحالي لأسعار الأصول غير عقلاني.
من جانبه، يتفق ميرفين كينغ مع هذا التحليل. فخلال مؤتمر صحفي لإصدار التقرير الفصلي عن التضخم التابع لبنك إنكلترا المركزي، اعترف المحافظ انه لم يغمض له جفن عند ارتفاع أسعار الأصول. ويعتقد البنك المركزي المعروف باسم «ثريدنيدل» أو السيدة العجوز ان ارتفاع الأسعار في السندات والأسهم على وجه الخصوص أمر مفيد للاقتصاد لأنه يخفض من تكلفة التمويل على الشركات ويجعلها تقاوم الركود بشكل أفضل.
أما رسالة كينغ فكانت واضحة، فبعد انخفاض الناتج بنسبة 6 في المائة تقريباً منذ بداية 2008 كان من السابق لأوانه المقارنة مع أزمة التوليب الهولندية في الثلاثينات من القرن السابع عشر، أو أي من الأنشطة المضاربية الدورية في أسواق الأسهم خلال القرن العشرين.
وقال كينغ انه: «من المهم جداً الابتعاد عن توصيف أي ارتفاع في أسعار الأصول على انه فقاعة، وكل انخفاض في أسعار الأصول على انه انفجار الفقاعة». وأوضح كينغ خلال المؤتمر انه لا يشعر بالقلق لأن الأسواق لم تشهد التوسع السريع للائتمان كما حدث في بداية الألفية، بل ما حصل هو العكس حيث عانت الأسواق من نقص الائتمان.
الخروج عن السيطرة
أما كبير الاقتصاديين في ستاندرد تشارترد جيرارد ليونز فلا يرى أي مؤشر حتى الآن على خروج الأسعار في بريطانيا أو أميركا عن السيطرة. ويقول انه من الطبيعي ان ترتفع أسعار الأسهم والعقار في المراحل الأولى من الانتعاش، خاصة إذا كانت قد تعرضت لضربة قوية. ومع ذلك يبدي ليونز اهتماماً بالصين حيث تحقق العائد على النمو القوي من برامج الحكومة التحفيزية الهائلة التي أدت إلى قفزة في الإقراض المصرفي وما هو قد يدمر الازدهار الائتماني. ويفصل الأمر قائلاً: «عندما ترتفع أسعار الأصول بشكل حاد إلى جانب اتساع نمو الائتمان والإقراض، يكون هناك أكثر من سبب للتفكير في حدوث فقاعة، والصين تنسجم مع هذه الفئة»، ومع هذا أضاف ان بكين تبدي حذراً من المخاطر وتحاول تكبيل الإقراض الآن.
الى هذا، يوافق أشد المنتقدين لطريقة كينغ وميشكين على ان بعض مؤشرات الانتعاش في اسعار الأصول أو 20 في المائة تقريبا مبررة. فبعد انهيار ليمان براذرز في سبتمبر 2008، تابعت الأسواق المالية انخفاضها بشكل حاد في فصل الصيف مع انكماش الناتج العالمي وشح التسهيلات الائتمانية. وفي مارس، وصل المستثمرون الى قناعة تامة ان الاقتصاد العالمي قد يصل الى فترة كساد عظيم جديدة، رغم بعض الأخبار الاقتصادية الجيدة التي أفشت نوعا من الراحة.
لكن يبدو أن الأسواق تتجه نحو مزاجين فقط، إما التشاؤم العميق أو النشوة الكبيرة.
يقول روبيرت باري من كريدي سويس: «انه الوقت الأمثل لمعاملة أسعار الأصول والائتمان بجدية، اذ يمكن ان تحمل آثارا كبيرة وصعبة على المدى البعيد. فهي أخذت وقتا طويلا حتى ظهرت المرة الماضية، وقد تفعل ذلك مرة اخرى».
مضاربات جديدة
لكن الخوف من فقاعة مضاربية جديدة تندرج تحت ثلاث فئات: الأولى أن السجل الحافل الأخير للبنوك المركزية لا يبعث على الكثير من التفاؤل، وهو ما سيجعلنا نفرق بين فقاعة الائتمان وفقاعة المبالغة غير العقلانية. فعلى سبيل المثال أنكر مجلس الاحتياطي الفدرالي ان هناك فقاعة في سوق السكن الاميركي الى ان انقشعت وتبلورت خلال ازمة رهون الأفراد العقارية في 2007، ورفض بنك انكلترا المركزي جميع المزاعم التي تقول ان البنوك المركزية كانت تجري عكس التيار وانها تسببت بفقاعة اسعار السكن.
أما الفئة الثانية فتتعلق بأساسيات الاقتصاد العالمي التي لا تزال ضعيفة، فالاقتصاد المضاربي الذي تسبب بالمشاكل في المرحلة الأولى عاد مرة أخرى ليرفع رأسه. لكن الاقتصاد الحقيقي لا يزال متخبطاً. وسيكون عام 2010 صعبا جداً لان الاقتصاد العالمي ليس ثابتاً. وأخيراً، هناك قلق يحوم حول السبب الأساسي وراء تكرر الفقاعات، فهل الاقتصاد العالمي الحديث لا يمكن أن يدور إلا بالدين والأموال الرخيصة، وهو ما يغذي الدورات المضاربية القوية والاعتيادية؟ يقول باترا ان الولايات المتحدة تشهد عدم توافق بين العرض المتزايد للسلع من الإنتاجية المتحسنة وبين تقييد الأجور الحقيقية التي تعود إلى زمن رونالد ريغان. ويضيف أن غرينسبان لجأ إلى خلق الديون وعجز الميزانية ليوازن بين الطلب والعرض. أما تيرنر فيقول ان الفقاعات تعكس كيفية عمل الرأسمالية الجديدة الآن، إذ تتجه الشركات للعمل في الخارج لخفض تكاليف الأجور، مما يضعف الطلب في اقتصادات العالم الكبيرة. وحتى الذين يعتقدون أن الفقاعة عادت يقولون ان البنوك المركزية لا تملك سوى القليل من الخيارات أمامها.
ما هو القادم؟
يتمنى صانعو السياسة أن يكون الارتفاع في أسعار الأصول محفزاً على تحقيق نمو أقوى العام المقبل، خاصة مع شعور المستهلكين بأنهم أثرى مع ارتفاع أسعار البيوت والأسهم والإنفاق.
وستستجيب الشركات إلى طلب المستهلكين القوي وسهولة التمويل عبر تعزيز الاستثمار وخلق وظائف جديدة. لكن إلى حد ما يجب على الحكومات والبنوك المركزية سحب برامج دعمهم الطارئة عبر دفع معدلات الفائدة للأعلى.