المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قبضت على شيطان



ام نواف$
14-12-2009, 11:49 AM
القبض على الشيطان
كنت أتفحص بعض لعب الأطفال التي يلعب بها أولادي فوجدت نضارة كسر زجاجها, ثم وجدت بعض رقائق البلاستك الملونه فقطعتها بمشرط مطابقة لمكان العدسات المكسورة,ولكنها كانت رقيقة وتتحرك داخل تجويف العدسات,فقررت أن أضع ثلاث شرائح من البلاستك بدلاً من واحدة,وأنا أقول لنفسي:يبدو أنك قد اشتقت للعب الطفولة أو أنك تريد أن ترتاح من الحياة الجادة قليلاً,ووضعت النظارة على عيني فضحكت على نفسي حيث لم أر شيئاً, مجرد صور شاحبة والواقع كله خيالات غير واضحة المعالم,العجيب أنني استمررت في لبس النظارة لأرى بها المزيد من الواقع وهو بهذا الشكل الضبابي, ولكنني فجأة رأيت شيئاً يتحرك بسرعة وينتقل من مكان لآخر,فنزعت النظارة فإذا بي لا أرى شيئاً, فوضعتها ثانية فرأيت الشيء نفسه, راقبته من خلال النظارة وجسدي يقشعر من الخوف, إنني أرى شيئاً لا يرى إلا من خلال هذه النظارة العجيبة, أخذت أراقب هذا الشيء وأنا حريص على التماسك والصمت والهدوء, وبدا لي أنني قد فقدت عقلي أو أنني في الطريق إلى ذلك.تمالكت أعصابي وصحبت النظارة معي لأرى بها مواقع مختلفة من الحياة, إن كل شيء يبدو وكأنه في ضباب وهذا هو الأمر الطبيعي,ولكن ما هذا الشيء الذي يجري ويطير وسط الناس ولا أراه إلا من خلال النظارة؟.
بعد ما يقرب من شهر اطمأننت أنني لست واهماً, وما زاد هدوئي أن هذا الشيء لم يشعر بي وأنا أراقبه, وفجأة خطر على بالي خاطر طفولي,وكأنني في سينما أو حكايات ألف ليلة وليلة, لماذا لا أقبض عليه وأتبين ما هو؟,اقتربت منه كثيراً فلم يشعر بي, زاد اطمئناني, وهنا استجمعت قوتي وقررت أن أحاول حتى لو تسبب ذلك في أي ضرر لي مهما كان, انتظرت على باب المسجد بعد درس العشاء وراقبت تحركاته, حتى إذا اقترب من الباب أمسكت بعنقه فوجته ليناً طرياً, سمعت أنينه وهو يقول دعني دعني,ستخنقني, هنا سحبته إلى داري ودخلت به غرفة وأغلقت بابها,ثم أمسكت بحبل وأخذت ألفه حوله حتى تأكدت من توثيقه جيداً,خلعت النظارة فلم أره, فلبستها سريعاً ثم فوجئت به يحادثني:كيف رأيتني؟,فلم أجبه, قلت له :من أنت؟, قال: أنا شيطان,أصابتني هزة وكأنها الكهرباء تلامست مع جسدي, بعد قليل قلت له:وهل أنت الذي يخفونه في قارورة ثم عند فتحها تقول شبيك لبيك؟, ابتسم ولم يرد,فقلت :هل أنت الذي يخاويه السحرة والمشعوذون؟, قال :لست هذا ولا ذاك,أنا شيطان متخصص, فقلت له:عرفتك أنت خنـزب الذي يوسوس للناس في الصلاة,فقال :خنـزب أخي, فقلت له :أنا لن أتحدث معك وسأصمت حتى أسمع منك,قال :أنا شيطان مكلف بإبعاد الناس عن الصراط المستقيم, فلم أتمالك لساني وقلت:وهل هناك شياطين لا تبعد الناس عن الصراط المستقيم؟, فصمت طويلاً,فقلت له :لن أتحدث معك إلا إذا سألتني فتفضل بالحديث,فقال:هل تدري ما هي مواضع ضعف الأمة؟, قلت لنفسي أتصنع الجهل ولا أجيب, فقال:أليست أمتكم متخلفة في العلم والتكنولوجيا المتقدمة والبحث العلمي؟, فأومأت برأسي, فقال أليست أمتكم متخلفة في السلوك المتحضر والأخلاق والقيم؟, وأنا أومئ برأسي كدليل على موافقتي له, فقال:أليس لديكم تخمة في الحديث عن الغيب وتخمة أكبر في الشعائر والنسك من صلاة وصيام وحج وعمرة وقيام الليل؟, فقلت :بلى,فقال :أليست لديكم تخمة في حفظ القرآن والتفنن في قراءته,كما أن لديكم فقراً في تفسيره ومطابقته للحياة؟, فقلت:بلى, فقال:إن هذا هو تخصصي,أن أجعلكم تسيرون طويلاً فيما يجب أن تسيروا فيه قليلاً,وأن تتعمقوا فيما يجب أن تعلموه ببساطة وسطحية, وأن تتبسطوا فيما يجب أن تتعمقوا فيه,وأن تبذلوا الوقت والمال والجهد فيما لا طائل منه ولا يقدم ولا يؤخر من أحوالكم, وأن تبخلوا بالمال والوقت والجهد فيما يمكن أن يترتب عليه الخير لأمتكم, وأن أجعل كل منكم يعمل لنفسه وليس للأمة, ثم أشعركم بالرضا من ذلك وأملأكم يقيناً بأن الله يرضى عما تفعلونه, فإذا جاء أحد وحاول أن يفهمكم غير ذلك ضيقت صدوركم منه وأصممت آذانكم له بل ودفعت بكم لتوقفوه أو تمنعوه أو تطردوه أو تقتلوه.كنت أتمنى أن يكون لدي تسجيلاً لأسجل ما يقول خشية أن أنسى شيئاً مما يخبرني به ولأكون صادقاً أمام الناس,قلت له:من هم زبائنك؟ , قال:العلماء والفقهاء والدعاة,ثم العوام,أحبب إليهم التفاهات والقصص والحكايات,وأبغض إلى نفوسهم الجد والحزم, أجعلهم يتوددون للناس بالآيات والأحاديث التي تبشرهم بالجنة وتؤكد لهم وجوب مغفرة ذنوبهم مهما كانت, وأصرفهم عن الآيات والأحاديث التي تدعوهم للحق والاستقامة, أجعلهم يدعون الناس للإيمان دون أن يشرحوه لهم فلا يفقه الناس شيئاً, وكذلك يدعونهم للاستقامة والعدل والرحمة والترابط والتراحم والاتحاد,وينهونهم عن الغل والحسد, والبغضاء والشحناء,وسوء الخلق, ولكنهم لا يشرحون لهم شيئاً من ذلك وإذا شرحوه مروا عليه مر الكرام فلا يفقه الناس شيئاً.إنني أجعل العوام لا يلتفون إلا حول هؤلاء وحدهم, وينصرفون عن أهل الفقه والحزم والاستقامة والبناء والتقدم.
قلت له:هل تسمح لي بنشر حديثك؟, قال قل ما شئت فلن يصدقوك.قلت وماذا لو صدقونني؟, قال:سيتركون ما قلته لك ثم ينشغلوا بهذه القضايا:
-هل الشياطين تتحدث للبشر؟
-هل يصدق الشيطان الإنسان أم يخدعه؟,أتراه يريد منا أن نترك العقيدة والصلاة والنسك لنتجه للتحضر ونتلهى بالدنيا.
-هل يمكن أن نصنع مثل تلك النظارة؟
-هل نترك العلماء والفقهاء والدعاة ونسير خلف شيطان؟
قلت في نفسي سأدعو زوجتي وأولادي لرؤية هذا الحدث العجيب من خلال هذه النظارة المعجزة,استأذنت منه وصعدت إلى أولادي وحدثتهم فلم يصدقونني ,أحضرتهم وألبست زوجتي النظارة وسألتها :هل ترينه؟,قالت كلا, فأخذت منها النظارة ونظرت فلم أجد شيئاً, ووجدت الحبل قد تجمع على الأرض كما كنت ألفه حول الشيطان,أدركت أنه قد أفلت مني, ولكن العجيب هو أن النظارة لم تعد تريني ما كنت أراه من قبل,فهل فسدت النظارة أم غير الشيطان طبيعته حتى لا أراه؟.
بقدر حزني على إفلاته مني كات حزني على أنني لم أسجل له حديثة لكي لا يكذبني أحد, ثم قلت في نفسي : من يريد أن يستقيم سيستقيم سواء حدثه شيطان أم إنسان, ومن لا يرد الاستقامة فلن يستقيم حتى لو تحدث إليه نبي.

امـ حمد
14-12-2009, 02:58 PM
تسلمين اختي الغاليه


مشكوره على الموضوع

ABDALAZiZ
14-12-2009, 03:27 PM
موضوووع في قمة الروعه


من يريد أن يستقيم سيستقيم سواء حدثه شيطان أم إنسان, ومن لا يرد الاستقامة فلن يستقيم حتى لو تحدث إليه نبي.


يارب اني اسألك الهدايه لي ولاخواني المسليمن والمسلمات

ام نواف$
15-12-2009, 12:12 PM
بارك الله فيكم
مروركم شرفنى
اسال الله العظيم لكم التوفيق والسداد

العصامي
15-12-2009, 03:23 PM
شكراعلى الموضوع القيم