المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تمارين حرة في الخيــــــــــــــــــــــــــــال



رجل تعليم
19-12-2009, 02:40 AM
تصور أن فنجان القهوة الذي تعود على أناملك تحول ذات صباح إلى قارورة عطر ورش ثيابك ثم سلم عليك، وانصرف خارج المقهى بجريدة في الجيب وابتسامة نصفية.

تصور أن السادسة صباحا، وقتك المفضل على سائر الأوقات، تعثرت في الطريق وسقطت مغشيا عليها في أروقة النهار تاركة الصباح من دون وقت.

تصور أن القبائل القديمة التي تنام في كتب الخزانة البلدية استيقظت من النوم ونزلت إلى الشوارع واحتلت الأماكن العمومية نكاية بالتاريخ وبالذين كتبوه على ذلك النحو المضحك.

تصور أنك صغرت بلا حد، إلى درجة أن الناس في الشوارع يتحولون أمامك إلى جبابرة وأنت مجرد صرصار ضل الطريق بحثا عن قيثارته التي تقول حكاية «لافونتين» إنها سبب شقائه الدائم فوق الأرض.... تصور أنك كبرت بلا حدّ، إلى درجة أن الناس في الشوارع أصبحوا يظهرون أمامك مثل قبيلة أقزام كثيري العدد.



تصور أن السعادة تواضعت لأجلك ونزلت من برجها العاجي إلى غاية الحضيض حيث أنت، ثم ابتسمت لك وانصرفت بخيلاء أمامك... تصور أنك تعقبتها طوال العمر ولم تظفر بها أبدا، أنك ابتسمت لسنوات طويلة فقط لتبادلك السعادة الابتسامة...، لكن البرج العاجي كان أعلى من لهاثك، فعدت منكسرا إلى الحضيض حيث تعاستك ومشاريعك المعتادة، تلك التي تبدأ بقراءة الجرائد وتنتهي بالاشتغال كحكم يفصل في نزاع ينشب بين بنات أفكارك المتعاركة.

تصور كم كانت الحياة ستكون طيبة لو لم تحرص كل هذا العمر على أن تشبه قنبلة في طرد، لو لم تحرض بنات أفكارك على الانتحار تباعا، ولو لم تتعود على العيش داخل حذائك كما لو كنت جوربا مهملا.

تصور أن هذا العمر حافلة يسافر على متنها حزمة من الغرباء، يتهامسون حول الراتب وحليب الرضاعة وتسريحة شعر مذيعة الأخبار، وأنك تقود الحافلة نحو حافة هائلة والغرباء يتهامسون في غير ما اكتراث بك، وأنت تقترب من الحافة، تسقط ، تتدحرج، تتهشم عظامك، والغرباء مازالوا يتهامسون حولك. وعندما تستفيق تجد أنك كبرت كثيرا وأنك لم تقد غير قطيع هزيل من السنوات، والغرباء الذين تهامسوا حولك طوال الوقت لم يكونوا غير نواياك الطيبة التي فرشت لك الطريق نحو الهاوية.

تصور لو مرة فتحت ذراعيك لتستقبل الصباح فارتمى المساء فجأة بين أحضانك....
لو مرة فتحت فمك لتتثاءب فتسللت روحك خارجا في نزهة قصيرة باتجاه السماء ولم تعد أبدأ.

لو مرة فتحت ألبوم الصور فوجدت كل الأصدقاء هناك ووجدت مكان صورك الشخصية باقات ورد ذابل.



تصور لو قرر جندي في خندق ما أن يحرث خط نزاع ويزرع البنادق فارغة من الطلقات، تصور أن حقلا جميلا سينمو بعد شهر وأن القتلى سيتدلون من الأشجار بأنوف محمرة وخدود ضاجّة بالدماء. تصور أن القتلى سوف ينضجون مع الصيف تماما وعوض أن يسقطوا سينزلون واحدا واحدا وسيذهبون إلى مستودعات الموتى ليستردوا أحذيتهم وساعاتهم وأسماءهم، ثم سينصرفون تباعا إلى زوجاتهم، وسيحدثون أطفالهم عن جندي وسيم مرتاح البال، الوحيد بين الجنود الذي ينام دائما مرتاح البال.



تصور أنك شاهدت نفسك تعبر الطريق بينما أنت جالس فوق كرسي في الحديقة، أنك ركضت لتلحق بك وسألت العابرين عن شخص يشبهك مر قبل برهة بينهم. تصور كيف سينظرون إليك، وقد يبتعدون عنك خوفا من أن تشهر شيئا من جيبك. تصور حرجك الكبير وأنت تسحب أسئلتك مرتبكا مثل شخص يلملم بحرج كبير نقودا سقطت منه أمام شباك تذاكر في بلاد بعيدة.

تصور أنك في هذه الساعة تجلس على كرسي في شاطئ مهجور وأن البحر، إكراما لعزتك، توقف عن المد والجزر وجلس على مبعدة منك، ينتظر أن تكتب قصيدتك الأخيرة لينصرف لحيتانه ومحاراته وقواربه.

تصور أن القصيدة رفضت أن تنزل ضيفة عليك بسبب كل الضباب الذي يخيم على مخيلتك، وأنك حزين بسبب ذلك وناقم على العالم وعلى مخيلتك.

تصور لو أن قلبك المحطم الذي يشبه أكواخ الشواطئ في فصل الخريف، قلبك المهجور الذي تصفق الرياح أبوابه ونوافذه ولا تعمره غير الوحشة بأظافرها الطويلة والعزلة بشعرها المرسل، تصور لو أنك تنظر داخله جيدا. لو مرة واحدة فقط نظرت داخل هذا القلب وفتشت فيه قليلا، لوجدت أنه ليس مهجورا كما تظن، أنه لازال ينبض وبمستطاعه أن يخفق أيضا... لو مرة انتبهت إليه قليلا فقط، لعرفت أن الحب يجلس داخله دائما بانتظارك، كما هي العادة مع شخص عزيز.

تصور لو أن الأسبوع تخلى عن اليوم السابع واكتفى بالبقية، ماذا كان سيكون رد فعل اليومية المعلقة فوق الجدار.

تصور لو فكرت الجدران بخبث وانهارت أعصابها فجأة.

تصور لو أنك تفتح دولابا فتجد شرطي مرور صغير ينام قرير العين قرب كتاب تعليم السياقة، لو أنك توقظه وتحمله بين يديك وتذهب به إلى الشرفة ثم تضعه هناك ينمو وتصير له أوراق عوض الشارات التي على صدره.

تصور أن النافورة تبكي طوال النهار في الساحة العمومية وأن الناس قساة قلوب يلتقطون الصور بجانبها، وهي تبكي بلا انقطاع، تصور أنك عرفت هذا الأمر وجذبت أحدهم من ذراعه وهمست له بالأمر الذي عرفت.

تصور لو مرة فكرت في مساعدة الريح التي تدفع الباب بلا طائل وفتحت لها وتركتها تتفضل. .....لو مرة تركت للشمس أن تدخل من الشرفة ثم تغافلها وتقفل عليها البيت، فتمكث عندك إلى الأبد.

تصور أن الهاتف لا يرن لأنه يفكر في البحث عن عمل آخر، وأن الرسائل لم تعد تصل إلى بيتك لأنها أصبحت تخونك وذهبت إلى عنوان آخر..........

تصور أنك في منتصف العمر ستكتشف كم كنت مفرطا في نياتك الحسنة عندما أخلصت لأشياء كثيرة، لكأس الحليب قبل النوم، لنشرة أحوال الطقس قبل أن تغادر فراشك، لأقراص الأسبرين بانتظام. وأنك ضيعت على نفسك فرصة أن تشبه مثقفا مرموقا عندما أقدمت على حلق شاربك مرة.
تصور أنك تدخل إلى المنزل فتجد الطيور التي كانت في اللوحات المائية قد طارت إلى غير رجعة، والمياه المرسومة بعناية على هيئة شلالات سالت فوق الأرض وبللت الأحذية التي في طريقها والأوراق المتناثرة فوق الكنبات والثياب المبعثرة التي تعطي الانطباع بأنك وحيد.

تصور أنك حكيت هذا الأمر لجميع معارفك، واكتشفت أنه لا أحد منهم يريد أن يصدق كونك وجدت الريش فوق الأرض.... والمياه فوق الأرض ...والثياب فوق الأرض. ..
تصور...


منقول

تغلبية
19-12-2009, 03:44 AM
اللـــــــــــــــــــه عليك أيها الكاتب لهذه السطور .. وأنت كذلك لاختيارك المنقول أخي تربية وتعليم :)
صور خيالية رائعة يسهل رسمها .. ويصعب كتابتها !
تمارين خيالية رائعة بحـــق !!

ahmaaaddd
19-12-2009, 03:53 AM
مالهدف من هذا التخيل ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
خيالات لا يتخيلها الا ........................................
خيالات مستحيلة
لاهدف منها
فلم تعجبني
وشكرا للناقل

تغلبية
19-12-2009, 03:54 AM
مالهدف من هذا التخيل ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
خيالات لا يتخيلها الا ........................................
خيالات مستحيلة
لاهدف منها
فلم تعجبني
وشكرا للناقل



وما جدوى الخيال ان لم يكن لتخيل المستحيل !!!!!!!!!!!!!!!!!!!

رجل تعليم
19-12-2009, 04:41 AM
مالهدف من هذا التخيل ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
خيالات لا يتخيلها الا ........................................
خيالات مستحيلة
لاهدف منها
فلم تعجبني
وشكرا للناقل


مشكلة إذن في نظرك ؟؟؟؟

اعذرنا من فضلك فانت صاحب العقل الكبير والدليل انك صبرت وتمالكت نفسك كثيرا لكي لا تكتب الاوصاف التي اشترت لها ب النقط ...........

اعذرنا فنحن لدينا خيال واسع ولذلك يتراءى لنا ما لا يتراءى لسيادتكم ..

المتأمل خيرا
19-12-2009, 05:55 AM
أحيانا يأتي في بالك أمر.. تود أن تقوله كما هو.. أو كما أحسست به، وفي نفس الوقت تتساءل.. هل أنا هنا ظالم في هذا؟.. لكن لأن النفس البشرية تخفى أغوارها حتى على صاحبها في كثير كثير من جوانبها، فلا بأس أن تقول ما أحسست به كما هو.. حيث بذاك تكون كما أنت.. كما هي "الحقيقة" التي عشتها.. ولو لأقل من لحظة..

قرأت "الخاطرة".. فوجدت نفسي أعيش - تقريباً - كل لحظات ما قرأت، وعندما انتهيت منها مباشرة.. أحسست كأني لم أقرأ شيئاً.. بمعنى أنني لم أحس أن هناك شيئاً ظل - لأتذكره - مما قرأت.. ربما لكون "الخاطرة" هي كما عنوانها ..تمارين في الخيال.. فلحظة أن رجعت للواقع لم أجد لها أثراً..

هذا لا يعني - بالضرورة - تقييماً "شعوراً" سلبياً.. بل ربما هو له مغزى إيجابي خفى علي..

شكراً لك أخي الكريم "تربية وتعليم"..

meme~qatar
19-12-2009, 06:53 AM
الصراااااااااااااااااحة
:rolleyes2:

ahmaaaddd
19-12-2009, 12:37 PM
ترددت كثيرا في الرد لأ شرح وجهة نظري مستهدا على كلامي ورأي من الخيالات .
ولكن فضلت عدم الدخول في جدال عقيم ومهاترات لاجدوى منها .
والشكر للجميع.

رجل تعليم
19-12-2009, 04:59 PM
اللـــــــــــــــــــه عليك أيها الكاتب لهذه السطور .. وأنت كذلك لاختيارك المنقول أخي تربية وتعليم :)
صور خيالية رائعة يسهل رسمها .. ويصعب كتابتها !
تمارين خيالية رائعة بحـــق !!


اهلا بك أختي القديرة تغلبية

شكرا لخيالك الواسع ولقراءتك الجيدة لما وراء الكلمات

شكرا لتصورك كل ما ورد في النص ... آمل أن يمنحك ذلك متعة ما تماما مثلما منحني ردك عزاء بأن هناك من يستحق أن تكتب له ...

وفقك الله وأنار دروبك

رجل تعليم
19-12-2009, 05:23 PM
أحيانا يأتي في بالك أمر.. تود أن تقوله كما هو.. أو كما أحسست به، وفي نفس الوقت تتساءل.. هل أنا هنا ظالم في هذا؟.. لكن لأن النفس البشرية تخفى أغوارها حتى على صاحبها في كثير كثير من جوانبها، فلا بأس أن تقول ما أحسست به كما هو.. حيث بذاك تكون كما أنت.. كما هي "الحقيقة" التي عشتها.. ولو لأقل من لحظة..

قرأت "الخاطرة".. فوجدت نفسي أعيش - تقريباً - كل لحظات ما قرأت، وعندما انتهيت منها مباشرة.. أحسست كأني لم أقرأ شيئاً.. بمعنى أنني لم أحس أن هناك شيئاً ظل - لأتذكره - مما قرأت.. ربما لكون "الخاطرة" هي كما عنوانها ..تمارين في الخيال.. فلحظة أن رجعت للواقع لم أجد لها أثراً..

هذا لا يعني - بالضرورة - تقييماً "شعوراً" سلبياً.. بل ربما هو له مغزى إيجابي خفى علي..

شكراً لك أخي الكريم "تربية وتعليم"..


اهلا وسهلا بك أخي الكريم " المتأمل خيرا "

شكرا بداية على المعنى الدلالي للإسم ... هو كما أفهمه اختصار رائع للأفق انطلاقا من جرد عميق لما يجري في الواقع .... لذا سأردد معك اني بدوري أمارس نوعا من " توقع الخير " وإن كان توقعي لا يتعدى أن تمنح النصوص كامل العناية التي تليق بها وتشرفها سواء في القراءة أو النقد

ابدا ليس تقييما سلبيا .... ليتني أتلق ألف سؤال يشبه سؤالك العميق ... أحب ان أكون في موقع الرد بدلا من اكون السائل ... شكرا لك من الأعماق على النقطة التي أثرتها في كلمتك

القراءة أخي الكريم لا تحقق الإشباع المرجو للجميع ، لأن الحاجة تختلف من قارئ لآخر ...

هناك من يبحث عن المادة المعرفية
هناك من يبحث عن أي شيء يسد به جوعه الثقافي
هناك من يبحث عن ديداكتيك الكتابة
هناك من يبحث عن أدوات الكاتب وأساليبه الخاصة في تأليف النصوص
هناك من يبحث عن الأمور الملموسة من قبيل : ستنعطف يسارا ، ثم تتوجه يمينا في زقاق طويل ، وهنالك يوجد الشارع المؤدي إلى البيت الذي تبحث عنه ...( نعم هناك من لا يحب أي كلام سوى ما كانت له علاقة بما تراه العين )
وهناك من يبحث عن ذاته في النصوص ( فإذا تناول المؤلف شيئا من قضاياه فإنه يكون سعيدا بالقراءة ، وإذا كانت غاية القارئ هي البحث عن الحب مثلا بينما تجد أن النص يتحدث عن الرأسمالية فإن المسافة تطول بين النص والقارئ ، بل ويستحيل اختصارها حتى ولو كان الكاتب محترفا في تقليص أو اختصار المسافات )

اقول هذا ليس من باب الدفاع عنه طبيعة النص ، وأهدافه ، بل للدفاع عن حق القارئ وحق الكاتب في نفس الوقت ...

صحيح أن ربط الواقع ببعض الكلمات غير ممكن ،ولكن هذا لا يعني ابدا ان تلك الكلمات لا تملك موطنا ، او لا تملك حيزا يأويها ، أو خيالا يستوعبها .... هناك أنواع من القراء إن صح القول ... هناك حاجيات مختلفة يجب أن تحققها كتاباتنا ... بدوري أفضل أن أكون قارئا من أن اكون كاتبا ، ...فأن تتوجه لقراء بمختلف الثقافات والأعمار والإديولوجيات والعقائد والحمولات الفكرية والتراث والمحيط البيئي .... ليس بالأمر السهل إطلاقا

والكاتب الناجح في اعتقادي ليس هو ذاك الذي يستطيع إرضاء الكل ، بل إرضاء نفسه من خلال قدرته في المحافظة على المسافة الفاصلة بين ثقافته وثقافة الغير ....


إذا عدت أخي الكريم إلى الواقع ولم تجد صدى وأثرا للتمارين الحرة في الخيال ... فإن غيرك عاد ألف مرة إلى واقعه ووجد نفسه لا يمارس أي نوع من الرياضات غير السباحة في الخيال

شكرا لك على القراءة العميقة ومساء سعيد

رجل تعليم
19-12-2009, 05:27 PM
الصراااااااااااااااااحة
:rolleyes2:


اعترافك هذا يدخل ضمن حقوقك المشروعة التي لا يحق لأحد أن ينازعك فيها

رجل تعليم
19-12-2009, 05:32 PM
ترددت كثيرا في الرد لأ شرح وجهة نظري مستهدا على كلامي ورأي من الخيالات .
ولكن فضلت عدم الدخول في جدال عقيم ومهاترات لاجدوى منها .
والشكر للجميع.


بدوري ترددت طويلا قبل الكتابة لك لأشرح سبب عودتي الآن لبيت شعري قديم يقول :

ولقد أصبحت في ديار غربة ..... كلما عوى فيها الذئب عوى على شاتي


يقال إن هناك دائما أوقات . وهذا ربما واحد من تلك الأوقات ، حيث لا يكفي قول الحقيقة ، بل الصراخ بها .

والحقيقة التي لا بد أن أصرخ بها هي أني أأسف لما تؤول إليه أحوال القراءة في الوطن العربي