المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مخاوف التضخم تخيم على اقتصاد الإمارات



مغروور قطر
15-02-2006, 04:55 AM
مخاوف التضخم تخيم على اقتصاد الإمارات

في ظل سيناريو يرتفع فيه معدل النمو الاقتصادي ويسيطر فيه الانتعاش على كافة القطاعات‚ يظل التضخم عامل تهديد بملامسته معدلا مرتفعا تبلغ نسبته 4‚7 في المائة في العام 2004 والتضخم‚ الذي كان معتدلا حتى الآن مما ساعد على ازدهار النمو الاقتصادي‚ أصبح مدعاة للقلق للمرة الأولى‚ مما دفع بالبنك المركزي لتقييد السيولة في السوق‚ ويعزى الارتفاع الذي شهدناه خلال السنوات القليلة الماضية إلى تنامي الواردات في ظل تحركات أسعار الصرف المعاكسة‚ وكذلك الارتفاع غير المسبوق في أسعار العقارات‚

واشار تقرير اعده بيت الاستثمار العالمي «غلوبل» الى اثر تراجع سعر صرف الدولار في العامين 2003 و2004 على تكلفة الواردات لدولة الإمارات‚ وذلك بفضل ربط سعر صرف الدرهم بالدولار‚ ومع ارتفاع سعر صرف اليورو مقابل الدولار بصورة ملموسة‚ ساءت الأحوال‚ نظرا لاعتماد الإمارات بصورة كثيفة في استيرادها على أوروبا‚ وقد ارتفعت أسعار بعض السلع الاستهلاكية المستوردة تحديدا بصورة كبيرة‚ كذلك تشير حركة المكونات المختلفة داخل مؤشر أسعار المستهلكين إلى التأثير الخارجي على الأسعار داخل الإمارات‚

تتمثل أهم سمات العام 2004 في الارتفاع الملموس لتكاليف المعيشة للمقيمين في الإمارات‚ وخاصة في بعض الإمارات مثل إماراتي دبي والشارقة‚ وقد شهد عنصر «الإيجارات السكنية والبنود المتعلقة بالسكن» الارتفاع الأكبر في الأسعار بمعدل 6‚7 في المائة‚ وقد ساهم في ذلك بصورة كبيرة ارتفاع تكاليف مواد البناء‚ هذا وقد أدى ارتفاع أسعار النفط لتوافر السيولة‚ والتي أدت بدورها إلى نمو الاستثمار وارتفاع أسعار الأصول في قطاع العقارات‚ هذا ويقدر بلوغ نسبة ارتفاع إيجارات المساكن فيما بين 20 إلى 40 في المائة في العام 2004‚ في الوقت الذي ارتفعت فيه أسعار الوقود والمتطلبات المنزلية بصورة ملموسة‚ مما دفع بتكاليف المعيشة إلى مستويات أعلى‚ ومن ناحية أخرى‚ ارتفعت إيجارات المكاتب في دبي بما نسبته 30 في المائة تقريبا على مدى الاثني عشر شهرا الماضية‚ كما أنها تعتبر حاليا أحد أعلى المعدلات ضمن دول مجلس التعاون الخليجي‚ وهناك عنصر آخر ساهم في ارتفاع تكاليف المعيشة‚ ألا وهو رفع الرواتب على مستوى كافة القطاعات‚ مما أجبر الشركات بدورها على تحميل تلك التكاليف للمستهلكين‚

ويتضح من النظرة التفصيلية أن تغيرات الأسعار شملت جميع القطاعات في العام 2004‚ وذلك مقارنة بالعام السابق‚ واستمر اتجاه التضخم أعلى بالنسبة للسلع مقارنة بالخدمات خلال العام 2004 أيضا‚ حيث ارتفعت أسعار الأغذية‚ المشروبات والتبغ بنسبة 5‚3 في المائة‚ في الوقت الذي شهدت فيه أسعار الرعاية الطبية والخدمات الصحية ارتفاعا بلغت نسبته 3‚0 في المائة فقط‚ كما زادت أسعار الترفيه‚ التعليم والخدمات الثقافية بمعدل محدود بلغت نسبته 1‚3 في المائة‚ وقد جاء هذا على الرغم من الارتفاع الملموس في تكلفة التعليم الخاص بالدولة في العام الماضي‚

وعلى الرغم من الارتفاع الطفيف نسبيا بصفة عامة في أسعار الخدمات‚ شهد القطاع الفرعي «النقل والاتصالات» ارتفاعا كبيرا بلغت نسبته 5‚9 في المائة خلال العام 2004‚ وقد يقدر لذلك الارتفاع أن يستمر على مدى العام 2005 أيضا‚ نتيجة لاضطرار شركات الطيران إلى رفع تكلفة الوقود بمقدار الثلث‚ كردة فعل للارتفاع القياسي في أسعار النفط‚ كذلك كان لأسعار النفط أثرها على أسعار كل من البنزين والديزل‚ والتي شهدت هي الأخرى ارتفاعا بنسبة 25 في المائة تقريبا‚ ولم يكن لدى الحكومة خيارا آخر سوى رفع الأسعار‚ نظرا لاستمرار ارتفاع الخسائر التي تحققها شركات توزيع الوقود الوطنية نتيجة لارتفاع أسعار النفط الخام وعدم تكافؤ أسعار بيع المنتجات معها‚ وتجدر الإشارة إلى أن أرقام مؤشر أسعار المستهلكين لا تتضمن مواد البناء‚ والتي شهدت ارتفاعا متواصلا في أسعارها نتيجة لتنامي الطلب العالمي‚ وبصفة أساسية من الصين‚ فقد بلغ متوسط سعر الأسمنت البورتلاندي في الإمارات 329 درهما إماراتيا للطن في العام 2004‚ بارتفاع بلغت نسبته 50 في المائة عن أسعار العام السابق‚ وينطبق نفس الشيء بالنسبة لأسعار الصلب‚ والتي ارتفعت بنسبة 68 في المائة في العام 2004 مقارنة بالعام السابق‚ نعتقد أن التضخم سيظل يشكل تهديدا خلال العامين المقبلين‚ وخاصة في ظل استمرار ما تشهده المنطقة من ازدهار يقوده النفط وسيولة يقودها الائتمان‚ هذا ويتوقع صندوق النقد الدولي ارتفاع أسعار المستهلك في دولة الإمارات بنسبة 6 في المائة في العام 2005 ويعزى هذا في نظر العديد من الاقتصاديين إلى الارتفاع الحاد في الإقراض‚ حيث من المقدر أن تكون الزيادة الأخيرة للرواتب قد عملت على رفع الدخل المتاح للإنفاق‚ ومن ثم تولد المزيد من الطلب‚ مما ينعكس في صورة ارتفاع في الأسعار‚ هذا وتشهد الإمارات معدلات فائدة حقيقية سالبة‚ مما يشجع على الاقتراض‚ إلا أن البنك المركزي قد بدأ بالفعل في مراقبة هذا السيناريو بعناية‚ وشرع في التخطيط لبضع الخطوات لكبح جماح معدلات التضخم‚