المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أمريكا تطلق العنان للبنوك لمنعها من الانهيار



ROSE
27-12-2009, 07:14 AM
أمريكا تطلق العنان للبنوك لمنعها من الانهيار
فى محاولة لإنقاذ الأصول المتعثرة



إعداد – رأفت عبد الجواد:
جاء باراك أوباما إلى الرئاسة في العام الماضي، كما أن أفراد إدارته يقتبسون القول المأثور لعالم الاقتصاد بول رومر: "إن الأزمة أمر أروع من أن نهدر الاستفادة منه". ولكن الإدارة أهدرت الأزمة المالية.خلال الأسبوع الماضي، وافق آخر بنكين كبيرين تلقيا حقناً لرأس المال من الحكومة الأمريكية في ذروة الأزمة في شهر أكتوبر على اتفاقية للخروج من العلاقة مع وزارة الخزانة. فقد أصبح بنك سيتي جروب، وبنك ويلز فارجو منهكين في ظل قوانين برنامج إنقاذ الأصول المتعثرة ويعيدان مبلغ 45 مليار دولار من أجل العمل بحرية.رغم أنه قد تم تمديده حتى العام المقبل، فإن سبب وجود برنامج إنقاذ الأصول المتعثرة- منع البنوك من الانهيار- سيكون سريعاً أمراً من الماضي. وبناءً عليه، فإن الوقت الحالي هو الوقت المناسب لإدراك إنجازاته وإخفاقاته.من حيث أهدافه الأصلية، نجح برنامج إنقاذ الأصول المتعثرة في واقع الأمر بشكل أفضل من المتوقع. ويتوقع تيم جايثنر، وزير الخزانة الأمريكية، أن يحقق أرباحاً على عنصر رأس المال الاستثماري لهذا البرنامج ، وسوف يضيف برنامج الـ 700 مليار دولار (480 مليار يورو، 428 مليار جنيه استرليني) الآن في الغالب نحو 140 مليار دولار إلى العجز الاتحادي.يبقى الاقتصاد الأمريكي ضعيفاً، ولكن مقارنة بتوقع الزلزال الذي واجه هانك بولسون، وزير الخزانة السابق، حين تم استنباط برنامج إنقاذ الأصول المتعثرة، فإنه يبقى مستقراً. وتراجعت إشارات التعثر في الأسواق، وعادت الثقة.مع ذلك، في الوقت الذي تندفع فيه البنوك مسرعة للخروج من برنامج إنقاذ الأصول المتعثرة لتفادي التشكيك من جانب الكونجرس، والقيود على رواتب التنفيذيين، فإن القليل قد تغير في "وول ستريت". وزال كل من بنك بير شتيرنز، وبنك ليمان برذرز عن الوجود، ولكن البنوك التي بقيت تحقق الأرباح بالطريقة القديمة ذاتها.كما ذكرت "فاينانشيال تايمز" أخيراً، فإن البنوك وصناديق التحوط حققت أرباحاً ضخمة في تداول الديون المتعثرة خلال العام الماضي بمساعدة من الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) الذي أبقى معدلات الفائدة قصيرة الأجل متدنية. وفي غضون ذلك، فإن البنوك التي اتضح أنها أكبر من أن تفشل أصبحت أكبر من ذي قبل على الإطلاق.ربما حقق برنامج إنقاذ الأصول المتعثرة أهدافه المالية ولكن، من حيث المخاطر الشاملة، فشل تماماً. وبدعمه للبنوك بدون تمييز، وبشروط سهلة، فإن برنامج إنقاذ الأصول المتعثرة لم يغضب الناخبين فحسب، بل أيضا ضخم المخاطر الأخلاقية في النظام المالي، وجعل الإصلاح الفعال أصعب تحقيقاً.يقول ماثيو ريتشاردسون، الأستاذ في جامعة نيويورك في هذا الصدد: "بالنظر إلى شدة الأزمة، لم يكن أمام الحكومة خيار سوى التدخل، ولكن لم تكن هناك شروط كافية، وأصبحت مشكلة المخاطر الأخلاقية أسوأ".الأمل الوحيد لمعالجة ذلك، بعد أن صارعت البنوك الآن للخروج من قبضة برنامج إنقاذ الأصول المتعثرة، هو أن يشق تشريع الإصلاح طريقه إلى الكونجرس. ومن المحتمل أن يفعل أموراً مفيدة، مثل إصلاح تداول المشتقات، وتأسيس "نظام ذوبان" للبنوك، ولكن على الأرجح أن ذلك ليس كافياً.مشكلة المخاطر الأخلاقية – أن يكون هنالك حافز للبنوك لكي تنمو وتأخذ المزيد من المخاطر باستخدام رأسمالها، مع معرفتها أن الحكومة سوف تنقذها إذا حدثت أي أزمة – تفاقمت بسبب الطريقة التي تم بواسطتها تنفيذ عمليات الإنقاذ في العام الماضي.في الأسابيع التي سبقت فشل بنك ليمان براذرز، جادلت أنا شخصياً من بين آخرين، بالقول إن بولسون الذي أنقذ لتوه وكالة فاني ماي ووكالة فريدي ماك للرهن العقاري، يجب ألا يستمر في إنقاذ المؤسسات المالية. وامتنع فعلياً، ولكنه اضطر إلى التراجع بسبب حصول انهيار بالثقة في الأسواق، بسبب تعثر المجموعة الأمريكية الدولية.
بحلول ذلك الوقت، كانت الخزانة ترتجل الحلول، وقررت أن عليها أن تعامل جميع البنوك على قدم المساواة. وتم التخلي عن أول تجسيد لبرنامج إنقاذ الأصول المتعثرة كخطة لدعم أسعار الأوراق المالية المدعومة بالقروض العقارية لصالح استثمار رأس المال (أشبه ما يكون بالقوة) في شتى أرجاء الصناعة.أنا شخصياً تعاطفت في ذلك الوقت مع بولسون (وبعد ذلك مع جايثنر) لتعديلهما المستمر لمواقفهما، ومبرراتهما للتدخل – أو عدم التدخل. فقد كانا، رغم كل شيء، يواجهان طوفاناً من المشكلات المالية، وتحدياً قاسياً في الحصول على موافقة من الكونجرس.رغم ذلك، كان بإمكانهما تحقيق الأهداف ذاتها دون أن يتركا بقايا مشكلات الحوافز. ولم يكونا بحاجة إلى الارتجال بهذا القدر كما فعلا، حيث كانت أمامهما أمثلة تاريخية يسترشدان بها.كما جادل تشارلز كالوميريس، الأستاذ في جامعة كولومبيا، بالقول، فإن بريطانيا واجهت أزمات مالية متكررة في النصف الأول من القرن التاسع عشر لأن بنك إنجلترا وعد بشراء سندات الخزانة إذا تدنت الأسعار عن نقطة معينة، الأمر الذي شجع دور الحسم على تضخيم الائتمان.بعد أن غيرت مسارها في عام 1858، رسخت سلطتها برفض إنقاد "أوفرإيند"، و"جورني" في عام 1866. وللأسف فإن محاولة بولسون لموازاة الموقف مع "أوفرإند" و"جورني"، مع "ليمان" أعطت نتائج عكسية.حتى عمليات الإنقاذ يمكن هيكلتها لتقليل الحوافز السيئة إلى الحد الأدنى. وفي ثلاثينيات القرن الماضي، سمحت مؤسسة حل الودائع الأمريكية، "يو إس ريسولوشن ترست"، للبنوك التي ليس لديها ملاءة بأن تنهار بينما استثمرت أسهماً مفضلة في البنوك التي تتمتع بحالة أفضل. وعلى النقيض من ذلك، فإن بولسون تحمّل ثقل بنك جولدمان ساكس، وبنك سيتي جروب معاً.بدت المخاطر الأخلاقية وكأنها مشكلة أكاديمية في ذلك الوقت، ولكنها ليست كذلك في الوقت الحالي. وبالاستثمار في كل البنوك الكبيرة، وإنقاذ حاملي سندات البنوك، والأطراف النظيرة لمقايضات التخلف عن السداد الائتماني الخاصة بالمجموعة الأمريكية الدولية بشكل مكافئ، فإنه وضع سوابق قوية.تعاملت الولايات المتحدة مع ذلك الوضع في ثلاثينيات القرن الماضي بالموافقة على إصلاحات "جلاس – ستيجال"، ولكنها في هذه المرة، وعلى نحو خاطئ من وجهة نظري، تفادت التغيرات الهيكلية. وبدلاً من ذلك، فإنها تؤكد آمالها على تشديد التنظيمات، ووضع آلية جديدة لتفكيك البنوك الاستثمارية المنهارة.لكن ما لم تقتنع البنوك بأنها سوف تنحل خلال أي أزمة مستقبلية - ويخسر حملة سنداتها ومساهموها – فإن الحوافز سوف تصبح جزءاً من الإرث التاريخي لبرنامج إنقاذ الأصول المتعثرة.في العام الماضي، كان الجميع قلقاً بشأن عواقب فشل برنامج إنقاذ الأصول المتعثرة. وفي الواقع العملي، فإنه نجح بشكل جيد جداً.