ROSE
28-12-2009, 09:24 AM
جدل وفاة الدولار ..
هل حانت ساعة إيجاد عملة احتياطية بديلة ؟
لماذا لم يتقدم اليورو رغم ارتفاعه 40 % أمام العملة الأمريكية؟
الدولار ما زال عملة الاحتياطي الدولي ويسيطر على 86 % من تداولات السوق
د. الابراهيم: ايجاد عملة بديلة للدولار يتسم بصعوبة لتأثيراتها السلبية على الاقتصاد والاستثمارات
يجب أن تكون العملة الخليجية الموحدة منافسة وانعكاس لتطور اقتصادات دولها
المزروعي: الحديث عن ربط العملة الخليجية بالدولار سابق لآوانه.. وكل الاحتمالات مفتوحة
سياسة الربط بالدولار طويلة المدى ولا ترتبط بظرف معين.. وقد أثبتت نجاحها خلال الخمسين عاما الماضية
د. خضير: اليورو أصبح عملة منافسة.. ولا يعني ارتفاعه أن يكون بديلا للدولار
ضرورة تنويع القاعدة الانتاجية بدول التعاون لتحسين وضعها التفاوضي عالميا
سياسة الدولار الضعيف تحقق مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية بالدرجة الأولى
مطلوب اعادة هيكلة احتياطيات النقد الأجنبي وكذلك هيكلة الاستثمارات الخارجية
قطر قطعت شوطا كبيرا في تنويع محفظة استثمارات صندوقها السيادي
تحقيق - محمود عبد الحليم :
الجدل حول وفاة الدولار مع استمرار الدولار الضعيف والأزمة الاقتصادية العالمية .. بدأ يتصاعد خاصة منذ الربع الثاني من العام الجاري .. بل ان هناك دولا مثل ايران تحولت بالفعل عن الدولار وحققت بعض المكاسب .. وكما أفاد مؤخرا التلفزيون الرسمي الإيراني نقلا عن محافظ البنك المركزي الإيراني محمود بهماني أن الجمهورية الإسلامية كسبت خمسة مليارات دولار من خلال سياستها للتحول عن استخدام الدولار لصالح اليورو . وقال تلفزيون برس تي . في الرسمي الناطق باللغة الانجليزية على موقعه على شبكة الانترنت ان إيران حصلت منذ عام 2007 على ٪85 من إيراداتها النفطية بعملات غير العملة الأمريكية . وقال بهماني خفضت ايران بدرجة كبيرة حجم الدولار في سلة عملاتها .
ورغم أن الجدل حول الدولار وايجاد عملة بديلة سابق لأوانه أو يتطلب وقتا طويلا لا يقل عن 10 سنوات في نظر البعض .. غير أن المثير في الأمر هو غياب اليورو عند الحديث عن البدائل كعملة عالمية . لقد تم الحديث عن سلال العملات، وعن حقوق السحب الخاص، وحتى عن جعل اليوان الصيني أو الرنمينبي ( التي تعني في اللغة الصينية عملة الشعب ) عملة عالمية، لكن أياً منها لا يعتبر بديلاً واضحاً . كان ينبغي أن تكون هذه لحظة اليورو لأنه العملة الثانية فعلاً . وهناك إدراك منذ فترة طويلة للفجوة القائمة بين الدور الكبير الذي يلعبه الدولار وحجم الاقتصاد الأمريكي . وتعمل الأزمة الاقتصادية الحالية على زيادة تراجع حصة الولايات المتحدة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي كما تضعف جاذبية الدولار النسبية في المدى الطويل .
وقد شكل اليورو على مدى سنواته العشر - منذ اطلاقه في عام 1999 نجاحاً ضخماً بالنسبة للدول الأعضاء فيه . ولم تكن جاذبيته في الأزمة الاقتصادية العالمية الحالية أعلى منها في أي وقت بالنسبة للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي والاقتصادات المجاورة . لكن إذا وضعنا ارتفاع قيمة العملة النقدية جانباً، لا توجد أية إشارة تدل على التحول إلى اليورو كعملة عالمية . فما زالت حصة الدولار من الاحتياطيات العالمية ثلاثة أمثال حصة اليورو . وخلال أسوأ مراحل الأزمة، كان هناك طلب على الدولار من جانب المؤسسات المتعثرة، وكان بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي هو الذي وفر نحو 600 مليار دولار على شكل سيولة لغير المقيمين في الولايات المتحدة من خلال خطوط التبديل . لكن لم يحدث شيء من هذا القبيل مع اليورو . إنه ناجح بشكل كبير في أوروبا، لكنه ما زال عملة إقليمية .
ديفيد بلوم رئيس استراتيجية الصرف الأجنبي ببنكhsbc كان قد قال لي عندما سألته على هامش ندوة عقدها البنك بالدوحة لتوقعات الاقتصاد عام 2010 عن الجدل عن ايجاد عملة بديلة للدولارمع استمرارا ضعفه بالأسواق العالمية قال : ان الدولار الأمريكي ما زال هو العملة الاحتياطية في العالم . وسيبدو ان الدولار الأمريكي الضعيف قد أضر بالسلع والبضائع .. الا انه لا يمكن الاستغناء عنه كعملة عالمية .. مشيرا الى ان الدولار يمثل ٪86 من العملات المتداولة على مستوى العالم . واعتبر ان المطالب بايجاد عملة بديلة في الوقت الحالي للدولار مسألة تكاد تكون مستحيلة بالنظر الى ان هذا الأمر يحتاج الى سنوات طويلة وفي نفس الوقت الدولار يعتبر من الأشياء الثابتة عالميا كالماء والهواء بالنسبة لحياة البشر .
وفي الوقت ذاته هناك أحاديث عن تسعير النفط بعملة غير الدولار، لكن لا يوجد ما يدل على ذلك في شتى أنواع السلع المتداولة التي يتم تسعيرها بالدولار - من المؤكد أنه لا يوجد أي تحول في هذا الصدد إلى اليورو .
استهلال لابد منه .
وقبل ان نخوض في مناقشة امكانية ايجاد عملة احتياطي عالمية بديلة للدولار .. هناك استهلال لا بد منه : عملة الاحتياط الدولية هي العملة التي يتم الاحتفاظ بها بكميات كبيرة من قبل البنوك المركزية لدول العالم كجزء من احتياطياتها بالعملات الأجنبية، كما يتم استخدامها في عملية تسعير السلع التجارية الدولية مثل الذهب والنفط وغيرها . ولأن العالم يحتاج إلى كميات كبيرة من عملة الاحتياط، لأغراض بناء احتياطياته من النقد الأجنبي، فإن الدولة صاحبة عملة الاحتياط تكون في مركز متميز يمكنها من الحصول على احتياجات الاقتراض اللازمة لها بتكاليف أقل من غيرها من الدول، كذلك فإنها تتمكن من شراء احتياجاتها الاستيرادية من الخارج باستخدام عملتها الوطنية بشكل مباشر، أي دون حاجة إلى تحويلها إلى عملة أجنبية، مما يقل من تكلفة المعاملات لعمليات الاستيراد إضافة إلى العديد من المزايا الأخرى . وقد أصبح الدولار الأمريكي خاصة بعد الحرب العالمية الثانية أهم عملة في العالم لأسباب من بينها أن الولايات المتحدة تملك أقوى اقتصاد دولي وأكبر قدرة انتاجية، زيادة على أنه مغطى بقيمته ذهبا .
وسنة 1971 لها مكانتها في التحولات الكبرى على الصعيد الاقتصادي العالمي حيث أن الولايات المتحدة الأمريكية رفعت في تلك السنة الغطاء الذهبي عن الدولار، وذلك عندما طالب رئيس الجمهورية الفرنسية شارل ديغول استبدال ما هو متوفر لدي البنك المركزي الفرنسي من دولارات أمريكية بما يعادلها ذهب .
وفي نهاية عام 2007 وبداية عام 2008 انهار سعر الدولار ووصل إلى ادنى مستوياته في القرن الحادي والعشرين، وذلك بسبب الأزمة المالية وازمة الرهن العقاري حيث سجل اليورو مستوى قياسي امام الدولار في شهر مارس وصل إلى 1 . 60 وسجل الجنيه إسترليني أكثر من دولارين و هبط الدولار دون الفرنك السويسري لاول مرة ووصل الدولار إلى ادنى مستوياته في 13 عاما امام الين دون 97 ين وهبط أيضا امام جميع العملات العالمية .
وخسر الدولار الأمريكي ما يفوق عن 10 في المائة من قيمته أمام سلة تضم سبع عملات رئيسية في العالم خلال سنة 2009 . . كما فقد الدولار أكثر من 15 في المائة من قيمته أمام اليورو . وحسب الخبراء فانه منذ العام 1971 انخفضت القيمة الحقيقة للدولار الأميركي حوالي 40 مرة .
ولقد اجتمعت عوامل عديدة لتحول دون انهيار الدولار تحت وطأة الأزمة، من بينها الطلب العالمي الهائل على السيولة الدولارية من جانب البنوك المركزية الكبرى التي كانت تسعى لتحصيل تلك السيولة لغرض ضخ مليارات الدولارات في المصارف للحد من أزمة السيولة العالمية الخانقة .
بيد أن صمود الدولار لم يستمر طويلا، إذ بدأ يتراجع بوتيرة سريعة مع شروع إدارة الرئيس الأميركي باراك اوباما في تنفيذ خطط الإنقاذ الاقتصادي بقيمة مئات المليارات من الدولارات، وتبني سياسات نقدية كانت تعني عمليا طبع تريليونات من أوراق الـ"بنك نوت " ومراكمة القروض من الداخل والخارج .
وفاقمت خطط الإنقاذ تلك العجز في الميزانية الأمريكية الذي يتوقع أن يقارب أو يبلغ تسعة آلاف مليار دولار على مدار عشر سنوات في وقت ارتفع فيه الدين العام الأمريكي إلى أكثر من 11500 مليار دولار .
ودفع تراجع الدولار قوى اقتصادية صاعدة في مقدمتها الصين وروسيا إلى المجاهرة بالدعوة لإيجاد عملة احتياط عالمية بدلا من الدولار . فقد اقترح رئيس البنك المركزي الصيني القبول ابوحدة حقوق السحب الخاصة المعتمدة من قبل صندوق النقد الدولي منذ العام 1969م . ولم يخف الصينيون مخاوفهم من عدم قدرة الحكومة الأمريكية الحالية على تجاوز الأزمة الاقتصادية، لأنه من الصعب، حسب أقوال رئيس البنك إيجاد التوازن المطلوب بين السياسات المحلية الأمريكية وبين ما يتطلبه كون الدولار العملة الأساسية للاحتياطات النقدية العالمية . و في الثاني من أبريل 2009، خاطب الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف زعماء دول مجموعة الـ20، داعيا إياهم النظر في إمكانية إيجاد بديل عن الدولار الأمريكي كعملة احتياط عالمية بزيادة أمانة العملات التي تتكون الاحتياطات المالية منها، بعدة طرق بينها توسيع قائمة العملات التي يمكن اعتمادها كعملة احتياط أو إنشاء عملة احتياط ( فوقية ) ليست لها هوية وطنية أو قومية وتصدرها وتطبعها مؤسسات مالية دولية . لكن إدارة باراك أوباما ردت بحدة على مثل هذه الدعوات، وقالت إن الدولار قوي وسيظل لسنوات كثيرة قادمة عملة الاحتياط العالمية الوحيدة .
سؤال يطرح نفسه؟
والسؤال الذي يطرح نفسه في ظل هذا الأداء ما الذي ينبغي علينا ان نفعله حيال الدولار الضعيف وهل هناك امكانية بالفعل برأي خبرائنا لايجاد عملة بديلة للدولار؟ وهل تستمر دول مجلس التعاون عند اطلاق عملتها الخليجية الموحدة في ربطها بالدولار كما هو معمول به حاليا مع عملاتها الوطنية؟
يشير د . ابراهيم الابراهيم المستشار الاقتصادي للديوان الأميري والأمين العام لمجلس التخطيط الى ان ايجاد عملة عالمية بديلة للدولار يتسم بصعوبة كبيرة بالنظر الى الأضرار التي يمكن ان ترتب على هذه الخطوة ومنها التأثيرات السلبية على الاستثمارات خاصة للدول النفطية و»الربكة او الإضطراب « المتوقع في الأسواق . والجدل المتعلق بايجاد عملة بديلة ليس مهما في الوقت الحالي خاصة ما يتعلق بتسعير النفط بالدولار .. لأنه اذا نزل سعرالعملة في الأسواق المالية فان ذلك يعوضه ارتفاع في أسعار النفط .. وكل الأمور مرتبطة بعمليات العرض والطلب .
ويعتقد د . ابراهيم الابراهيم - حسب رأيه الشخصي - ان الدول الخليجية وهي تستعد الآن لاطلاق العملة الخليجية الموحدة اذا كان تفكيرها هو استمرار الربط بالدولار كما هو معمول به حاليا بالنسبة لعملاتها الوطنية فان هذا يعني انه لا فائدة .. فمن المفترض عندما تطلق دول التعاون عملة موحدة فان الهدف هو خلق تكتل اقتصادي كبير يتفاعل بقوة مع المنافسة والتطورات الاقتصادية العالمية وكذلك ان يكون سعر العملة الجديدة انعكاسا لتطور اقتصاداتها .. وليس تأثرا بالعملات الأخرى في الأسواق العالمية.واعتقد ان هذه نقطة جوهرية يجب الانتباه لها عند التفكير في اطلاق العملة موحدة لدول التعاون .
هل حانت ساعة إيجاد عملة احتياطية بديلة ؟
لماذا لم يتقدم اليورو رغم ارتفاعه 40 % أمام العملة الأمريكية؟
الدولار ما زال عملة الاحتياطي الدولي ويسيطر على 86 % من تداولات السوق
د. الابراهيم: ايجاد عملة بديلة للدولار يتسم بصعوبة لتأثيراتها السلبية على الاقتصاد والاستثمارات
يجب أن تكون العملة الخليجية الموحدة منافسة وانعكاس لتطور اقتصادات دولها
المزروعي: الحديث عن ربط العملة الخليجية بالدولار سابق لآوانه.. وكل الاحتمالات مفتوحة
سياسة الربط بالدولار طويلة المدى ولا ترتبط بظرف معين.. وقد أثبتت نجاحها خلال الخمسين عاما الماضية
د. خضير: اليورو أصبح عملة منافسة.. ولا يعني ارتفاعه أن يكون بديلا للدولار
ضرورة تنويع القاعدة الانتاجية بدول التعاون لتحسين وضعها التفاوضي عالميا
سياسة الدولار الضعيف تحقق مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية بالدرجة الأولى
مطلوب اعادة هيكلة احتياطيات النقد الأجنبي وكذلك هيكلة الاستثمارات الخارجية
قطر قطعت شوطا كبيرا في تنويع محفظة استثمارات صندوقها السيادي
تحقيق - محمود عبد الحليم :
الجدل حول وفاة الدولار مع استمرار الدولار الضعيف والأزمة الاقتصادية العالمية .. بدأ يتصاعد خاصة منذ الربع الثاني من العام الجاري .. بل ان هناك دولا مثل ايران تحولت بالفعل عن الدولار وحققت بعض المكاسب .. وكما أفاد مؤخرا التلفزيون الرسمي الإيراني نقلا عن محافظ البنك المركزي الإيراني محمود بهماني أن الجمهورية الإسلامية كسبت خمسة مليارات دولار من خلال سياستها للتحول عن استخدام الدولار لصالح اليورو . وقال تلفزيون برس تي . في الرسمي الناطق باللغة الانجليزية على موقعه على شبكة الانترنت ان إيران حصلت منذ عام 2007 على ٪85 من إيراداتها النفطية بعملات غير العملة الأمريكية . وقال بهماني خفضت ايران بدرجة كبيرة حجم الدولار في سلة عملاتها .
ورغم أن الجدل حول الدولار وايجاد عملة بديلة سابق لأوانه أو يتطلب وقتا طويلا لا يقل عن 10 سنوات في نظر البعض .. غير أن المثير في الأمر هو غياب اليورو عند الحديث عن البدائل كعملة عالمية . لقد تم الحديث عن سلال العملات، وعن حقوق السحب الخاص، وحتى عن جعل اليوان الصيني أو الرنمينبي ( التي تعني في اللغة الصينية عملة الشعب ) عملة عالمية، لكن أياً منها لا يعتبر بديلاً واضحاً . كان ينبغي أن تكون هذه لحظة اليورو لأنه العملة الثانية فعلاً . وهناك إدراك منذ فترة طويلة للفجوة القائمة بين الدور الكبير الذي يلعبه الدولار وحجم الاقتصاد الأمريكي . وتعمل الأزمة الاقتصادية الحالية على زيادة تراجع حصة الولايات المتحدة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي كما تضعف جاذبية الدولار النسبية في المدى الطويل .
وقد شكل اليورو على مدى سنواته العشر - منذ اطلاقه في عام 1999 نجاحاً ضخماً بالنسبة للدول الأعضاء فيه . ولم تكن جاذبيته في الأزمة الاقتصادية العالمية الحالية أعلى منها في أي وقت بالنسبة للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي والاقتصادات المجاورة . لكن إذا وضعنا ارتفاع قيمة العملة النقدية جانباً، لا توجد أية إشارة تدل على التحول إلى اليورو كعملة عالمية . فما زالت حصة الدولار من الاحتياطيات العالمية ثلاثة أمثال حصة اليورو . وخلال أسوأ مراحل الأزمة، كان هناك طلب على الدولار من جانب المؤسسات المتعثرة، وكان بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي هو الذي وفر نحو 600 مليار دولار على شكل سيولة لغير المقيمين في الولايات المتحدة من خلال خطوط التبديل . لكن لم يحدث شيء من هذا القبيل مع اليورو . إنه ناجح بشكل كبير في أوروبا، لكنه ما زال عملة إقليمية .
ديفيد بلوم رئيس استراتيجية الصرف الأجنبي ببنكhsbc كان قد قال لي عندما سألته على هامش ندوة عقدها البنك بالدوحة لتوقعات الاقتصاد عام 2010 عن الجدل عن ايجاد عملة بديلة للدولارمع استمرارا ضعفه بالأسواق العالمية قال : ان الدولار الأمريكي ما زال هو العملة الاحتياطية في العالم . وسيبدو ان الدولار الأمريكي الضعيف قد أضر بالسلع والبضائع .. الا انه لا يمكن الاستغناء عنه كعملة عالمية .. مشيرا الى ان الدولار يمثل ٪86 من العملات المتداولة على مستوى العالم . واعتبر ان المطالب بايجاد عملة بديلة في الوقت الحالي للدولار مسألة تكاد تكون مستحيلة بالنظر الى ان هذا الأمر يحتاج الى سنوات طويلة وفي نفس الوقت الدولار يعتبر من الأشياء الثابتة عالميا كالماء والهواء بالنسبة لحياة البشر .
وفي الوقت ذاته هناك أحاديث عن تسعير النفط بعملة غير الدولار، لكن لا يوجد ما يدل على ذلك في شتى أنواع السلع المتداولة التي يتم تسعيرها بالدولار - من المؤكد أنه لا يوجد أي تحول في هذا الصدد إلى اليورو .
استهلال لابد منه .
وقبل ان نخوض في مناقشة امكانية ايجاد عملة احتياطي عالمية بديلة للدولار .. هناك استهلال لا بد منه : عملة الاحتياط الدولية هي العملة التي يتم الاحتفاظ بها بكميات كبيرة من قبل البنوك المركزية لدول العالم كجزء من احتياطياتها بالعملات الأجنبية، كما يتم استخدامها في عملية تسعير السلع التجارية الدولية مثل الذهب والنفط وغيرها . ولأن العالم يحتاج إلى كميات كبيرة من عملة الاحتياط، لأغراض بناء احتياطياته من النقد الأجنبي، فإن الدولة صاحبة عملة الاحتياط تكون في مركز متميز يمكنها من الحصول على احتياجات الاقتراض اللازمة لها بتكاليف أقل من غيرها من الدول، كذلك فإنها تتمكن من شراء احتياجاتها الاستيرادية من الخارج باستخدام عملتها الوطنية بشكل مباشر، أي دون حاجة إلى تحويلها إلى عملة أجنبية، مما يقل من تكلفة المعاملات لعمليات الاستيراد إضافة إلى العديد من المزايا الأخرى . وقد أصبح الدولار الأمريكي خاصة بعد الحرب العالمية الثانية أهم عملة في العالم لأسباب من بينها أن الولايات المتحدة تملك أقوى اقتصاد دولي وأكبر قدرة انتاجية، زيادة على أنه مغطى بقيمته ذهبا .
وسنة 1971 لها مكانتها في التحولات الكبرى على الصعيد الاقتصادي العالمي حيث أن الولايات المتحدة الأمريكية رفعت في تلك السنة الغطاء الذهبي عن الدولار، وذلك عندما طالب رئيس الجمهورية الفرنسية شارل ديغول استبدال ما هو متوفر لدي البنك المركزي الفرنسي من دولارات أمريكية بما يعادلها ذهب .
وفي نهاية عام 2007 وبداية عام 2008 انهار سعر الدولار ووصل إلى ادنى مستوياته في القرن الحادي والعشرين، وذلك بسبب الأزمة المالية وازمة الرهن العقاري حيث سجل اليورو مستوى قياسي امام الدولار في شهر مارس وصل إلى 1 . 60 وسجل الجنيه إسترليني أكثر من دولارين و هبط الدولار دون الفرنك السويسري لاول مرة ووصل الدولار إلى ادنى مستوياته في 13 عاما امام الين دون 97 ين وهبط أيضا امام جميع العملات العالمية .
وخسر الدولار الأمريكي ما يفوق عن 10 في المائة من قيمته أمام سلة تضم سبع عملات رئيسية في العالم خلال سنة 2009 . . كما فقد الدولار أكثر من 15 في المائة من قيمته أمام اليورو . وحسب الخبراء فانه منذ العام 1971 انخفضت القيمة الحقيقة للدولار الأميركي حوالي 40 مرة .
ولقد اجتمعت عوامل عديدة لتحول دون انهيار الدولار تحت وطأة الأزمة، من بينها الطلب العالمي الهائل على السيولة الدولارية من جانب البنوك المركزية الكبرى التي كانت تسعى لتحصيل تلك السيولة لغرض ضخ مليارات الدولارات في المصارف للحد من أزمة السيولة العالمية الخانقة .
بيد أن صمود الدولار لم يستمر طويلا، إذ بدأ يتراجع بوتيرة سريعة مع شروع إدارة الرئيس الأميركي باراك اوباما في تنفيذ خطط الإنقاذ الاقتصادي بقيمة مئات المليارات من الدولارات، وتبني سياسات نقدية كانت تعني عمليا طبع تريليونات من أوراق الـ"بنك نوت " ومراكمة القروض من الداخل والخارج .
وفاقمت خطط الإنقاذ تلك العجز في الميزانية الأمريكية الذي يتوقع أن يقارب أو يبلغ تسعة آلاف مليار دولار على مدار عشر سنوات في وقت ارتفع فيه الدين العام الأمريكي إلى أكثر من 11500 مليار دولار .
ودفع تراجع الدولار قوى اقتصادية صاعدة في مقدمتها الصين وروسيا إلى المجاهرة بالدعوة لإيجاد عملة احتياط عالمية بدلا من الدولار . فقد اقترح رئيس البنك المركزي الصيني القبول ابوحدة حقوق السحب الخاصة المعتمدة من قبل صندوق النقد الدولي منذ العام 1969م . ولم يخف الصينيون مخاوفهم من عدم قدرة الحكومة الأمريكية الحالية على تجاوز الأزمة الاقتصادية، لأنه من الصعب، حسب أقوال رئيس البنك إيجاد التوازن المطلوب بين السياسات المحلية الأمريكية وبين ما يتطلبه كون الدولار العملة الأساسية للاحتياطات النقدية العالمية . و في الثاني من أبريل 2009، خاطب الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف زعماء دول مجموعة الـ20، داعيا إياهم النظر في إمكانية إيجاد بديل عن الدولار الأمريكي كعملة احتياط عالمية بزيادة أمانة العملات التي تتكون الاحتياطات المالية منها، بعدة طرق بينها توسيع قائمة العملات التي يمكن اعتمادها كعملة احتياط أو إنشاء عملة احتياط ( فوقية ) ليست لها هوية وطنية أو قومية وتصدرها وتطبعها مؤسسات مالية دولية . لكن إدارة باراك أوباما ردت بحدة على مثل هذه الدعوات، وقالت إن الدولار قوي وسيظل لسنوات كثيرة قادمة عملة الاحتياط العالمية الوحيدة .
سؤال يطرح نفسه؟
والسؤال الذي يطرح نفسه في ظل هذا الأداء ما الذي ينبغي علينا ان نفعله حيال الدولار الضعيف وهل هناك امكانية بالفعل برأي خبرائنا لايجاد عملة بديلة للدولار؟ وهل تستمر دول مجلس التعاون عند اطلاق عملتها الخليجية الموحدة في ربطها بالدولار كما هو معمول به حاليا مع عملاتها الوطنية؟
يشير د . ابراهيم الابراهيم المستشار الاقتصادي للديوان الأميري والأمين العام لمجلس التخطيط الى ان ايجاد عملة عالمية بديلة للدولار يتسم بصعوبة كبيرة بالنظر الى الأضرار التي يمكن ان ترتب على هذه الخطوة ومنها التأثيرات السلبية على الاستثمارات خاصة للدول النفطية و»الربكة او الإضطراب « المتوقع في الأسواق . والجدل المتعلق بايجاد عملة بديلة ليس مهما في الوقت الحالي خاصة ما يتعلق بتسعير النفط بالدولار .. لأنه اذا نزل سعرالعملة في الأسواق المالية فان ذلك يعوضه ارتفاع في أسعار النفط .. وكل الأمور مرتبطة بعمليات العرض والطلب .
ويعتقد د . ابراهيم الابراهيم - حسب رأيه الشخصي - ان الدول الخليجية وهي تستعد الآن لاطلاق العملة الخليجية الموحدة اذا كان تفكيرها هو استمرار الربط بالدولار كما هو معمول به حاليا بالنسبة لعملاتها الوطنية فان هذا يعني انه لا فائدة .. فمن المفترض عندما تطلق دول التعاون عملة موحدة فان الهدف هو خلق تكتل اقتصادي كبير يتفاعل بقوة مع المنافسة والتطورات الاقتصادية العالمية وكذلك ان يكون سعر العملة الجديدة انعكاسا لتطور اقتصاداتها .. وليس تأثرا بالعملات الأخرى في الأسواق العالمية.واعتقد ان هذه نقطة جوهرية يجب الانتباه لها عند التفكير في اطلاق العملة موحدة لدول التعاون .