المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : + توقّعات بعودة دوران التمويل البنكي منتصف العام الحالي +



الوسيط العقاري
05-01-2010, 02:16 PM
الدعم الحكومي والثقة في الاقتصاد الوطني أبرز محفزات الإقراض
توقّعات بعودة دوران التمويل البنكي منتصف العام الحالي


2010-01-05
تحقيق: محمد أفزاز

توقع مراقبون وخبراء عودة سريعة لعجلة دوران نشاط الإقراض المحلي، حيث شهدت أنشطة تمويل البنوك شكلاً من أشكال النمو المتباطئ، والذي بدا عليه الحذر والحصافة رغبة من تلك المؤسسات المصرفية في التعرف على أداء مختلف القطاعات عقب إسدال الستار على فصول عام الأزمة المالية العالمية.
وتأتي توقعات هؤلاء لـ «العرب» بعدما أثبت القطاع المصرفي القطري قدرته على المضي قدماً في تغذية حاجات السوق المحلية من التمويل، إذ نهلت قطاعات صناعية وخدمية، وأخرى ذات صلة بنشاط البنية التحتية، من معين تمويلات البنوك التي تتأهب لبرهان تجاوزها مخالب الأزمة العالمية التي تركت بعضاً من الآثار الظاهرة على واقع بعض المؤسسات المصرفية الإقليمية.
وفيما تستهل بنوك أسرع اقتصاد عالمي عاما جديدا وفق منهجية متحفظة تغلب عليها التطلعات الإيجابية، فإن تلك المؤسسات كانت قد استندت إلى قاعدة دعم حكومي لاقتفاء أثر حاجات مشاريع البنى التحتية والإستراتيجية من التمويل، إذ قابل الدعم الحكومي تحولاً في أولويات المصارف نحو قطاعات ذات صلة مباشرة في تلك المشاريع التي تعوّل الدوحة عليها لإطالة أمد مستويات نموها الحالية.
وقدمت الحكومة نماذج مختلفة من الدعم الموجه للقطاع المصرفي، إذ تراوح ذلك الإسناد بين شراء المحافظ الاستثمارية والعقارية والمساهمة في رؤوس الأموال، وهو ما دفع «بانك أوف أميركا» لتوقع استمرار زخم نمو أداء القطاع البنكي إلى حلول عام 2012.
وتصب توقعات المراقبين في إمكانية تغيير البنوك من سياستهم الإقراضية المتحفظة بعد حلول منتصف العام الجديد، على أن تفتح نوافذ تلك التمويلات من جديد عقب انتصاف عام يوصف بأنه بارقة أمل التخلص من بقايا الأزمة العالمية.



وصف قاسم محمد قاسم، مدير عام شركة «مؤتلفون متحدون» في مركز قطر للمال، التوسع في حجم القروض البنكية الموجه للاقتصاد المحلي برغم ظروف الأزمة المالية العالمية بـ «الطبيعي»، وقال: «هذه المعدلات طبيعية وهي تعكس من جهة التأثر المحدود للاقتصاد القطري بالأزمة المالية العالمية ومن جهة ثانية وجود مشاريع تحت التنفيذ كان لا بد أن يتم الإنفاق عليها إلى أن تكتمل»، وأضاف في تصريح لـ «العرب»: «إن جزءا من هذه الزيادة في حجم التسهيلات الائتمانية المحلية تم توجيهه لاستكمال مشاريع توجد تحت التنفيذ».
وبلغ حجم الائتمان المحلي 245 مليار ريال نهاية نوفمبر 2009 مقابل 216 مليار ريال الشهر ذاته من عام 2008، بتوسع يفوق %13.5 وفق آخر الأرقام التي كشف عنها مصرف قطر المركزي على موقعه الإلكتروني، فيما بلغ إجمالي القروض البنكية متم نوفمبر الماضي حوالي 262 مليار ريال لقاء 237.7 مليار ريال سنة قبل ذلك. ويتوقع أن يصل حجم هذه القروض إلى نحو 270 مليار ريال بنهاية العام 2009 مع فرضية نسبة نمو شهري في حدود3%.

انخفاض طبيعي
وعبر قاسم محمد قاسم عن اعتقاده بأن الجهود التي قامت بها الحكومة لاحتواء تداعيات الأزمة المالية العالمية، وبخاصة ما تعلق بدعمها للملاءة المالية للبنوك، كان لها دور في دعم قدرة هذه البنوك على الإقراض دونما إبطاء أو توقف، وقال في هذا الصدد «إن الدعم الذي أبدته الحكومة من خلال رفع رأسمال البنوك والاكتتاب بها أعطى لهذه البنوك مزيداً من القدرة الرأسمالية للمحافظة على حجم تمويلها للسوق بغير سحب أو تخفيف، خصوصا ما تعلق بقطاع البنية التحتية والعقارات والمقاولات».
وزاد حجم القروض الموجهة لقطاع العقارات والمقاولات بواقع %20 بنهاية نوفمبر الماضي لتصل إلى 52 مليار ريال مقابل 43.3 مليار ريال خلال الشهر نفسه من عام 2008.
وخلص قاسم محمد قاسم إلى أن الزيادة في حجم القروض تعكس ثقة البنوك القطرية في المتعاملين المحليين واستقرار الاقتصاد القطري. ونبّه إلى أن أي انخفاض في حجم الائتمان الموجه إلى الخارج أو غيره يعد طبيعيا في الوقت الراهن، وربط ذلك بوجود استحقاقات شهرية لبعض الديون قد تضطر البنوك إلى عدم تجديد جزء منها أو كلها أخذا في الاعتبار ظروف الأزمة المالية العالمية.
وقال قاسم محمد قاسم في هذا السياق «هذا الانخفاض سيظل طبيعيا إلى أن يتعافى الاقتصاد العالمي ليسجل بعد ذلك نمواً للائتمان».
وتشير معطيات مصرف قطر المركزي إلى أن الائتمان الموجه للخارج انخفض بنحو %18.5 ليحقق ما قيمته 17.45 مليار ريال في نوفمبر الماضي نظير 21.4 مليار ريال في الشهر ذاته من العام قبل الماضي.
وعزا القاسم محمد القاسم ضعف حجم القروض الموجه للقطاع الصناعي إلى الأهمية النسبية الدنيا لهذا القطاع في الاقتصاد الكلي للبلد، مقابل حضور قوي لقطاعات الطاقة والبتروكيماويات، علاوة على أن البنوك -يقول القاسم محمد القاسم- لا تمول، عادة، المشاريع الصناعية باعتبارها استثمارات طويلة الأجل، وتعتمد في الغالب في تمويلاتها على الزيادة في الرساميل أو التمويل من خلال الصكوك الإسلامية أو السندات التقليدية.
وتفيد المعطيات الرسمية أن القطاع الصناعي لم يظفر خلال السنتين الماضيتين في المتوسط سوى بـ5.5 إلى 6 مليار ريال من حجم الائتمان الموجه للقطاعات الإنتاجية المحلية، بينما استأثرت التجارة العامة بـ25.5 مليار ريال، هذا في وقت لا تسهم فيه الصناعة التحويلية سوى بـ%7 إلى %7.5 من الناتج المحلي.
وفسر قاسم محمد قاسم نمو القروض الموجهة للقطاع العام بوتيرة أسرع من القروض الموجهة للقطاع الخاص بأن القطاع العام يتوجه باستثماراته إلى مشاريع البنية التحتية الضخمة، بالإضافة إلى أن هذا الأمر يترجم جهود الدولة في منح البنوك فرصة لتحقيق التمويل الآمن، وتحقيق أرباح مستقرة، وقال في هذا الإطار: «تاريخيا تمويل البنوك للقطاع العام بقطر كان دائما عاليا».
وتسجل البيانات الرسمية أن حجم القروض الموجهة للقطاع العام بلغت 68.08 مليار ريال نهاية نوفمبر الماضي بارتفاع %24.8 عن الفترة ذاتها من العام قبل الماضي، بينما نمت القروض الموجهة للقطاع الخاص بواقع %10.43 خلال الفترة ذاتها منتقلة من 158.6 مليار ريال إلى 176.9 مليا ريال بنهاية الأحد عشر شهرا من عام 2009.

توسعات مرتقبة
وتوقع قاسم محمد قاسم أن تشهد السنة الحالية توسعا محدودا لحجم التسهيلات الائتمانية إلى أن تتضح الصورة أكثر مع بداية النصف الثاني من العام الحالي.
وقال «سيكون هناك تطور لكنه محدود، وربما ستتضح الصورة في النصف الثاني من العام، ذلك أن سنة 2009 شكلت سنة احتواء الأزمة، وأن الربعين الأولين من العام الحالي ستتحدد خلالهما ملامح الدورة الاقتصادية الجديدة».
وزاد بالقول: «الأزمة المالية العالمية لم تنتهِ.. ما تزال هناك آثار ارتدادية، بعض عناصرها (القوة المساندة) سيدفع إلى الأمام والبعض الآخر (القوة المضادة) يجذب إلى الوراء...».
من جهته توقع حسام السيد أبوالعلا -من شركة البناء القطرية- أن تستمر البنوك في توسعها على صعيد إقراض القطاعات الإنتاجية القطرية، بما فيها القطاع العقاري.
وقال إن دعم البنوك للقطاع العقاري سيستمر خلال عام 2010 بل ستزيد وتيرته مع طرح مشاريع كبيرة في السوق.
وأضاف أن السوق القطرية كانت أكثر ثباتا من الأسواق الأخرى وهو ما منح هذه السوق قوة جعلت البنوك تثق فيها أكثر.
وزاد بالقول: «2010 سيكون أفضل بكثير من 2009، وهذا راجع إلى الثقة التي أرساها قطاع العقارات برغم الأزمة.. البنوك ما تزال تثق في هذا القطاع والحذر سيتبدد فيما بعد».
ورأى أن الحذر الذي أبانت عنه البنوك في الفترة الماضية كان طبيعيا باعتبار مواكبتها لظروف الأزمة المالية العالمية وما تقتضيه من إعادة ترتيب الأوراق. وقال حسام أبوالعلا: «برغم الحذر في السوق العقارية فإن التعاملات لم تنخفض.. لو كان قد حصل نوع من الشك في هذه السوق لانخفضت التعاملات، لكن هذه التعاملات لن تعود إلى مستوى 2007 و2006 لأنها فترة حصلت فيها طفرة».
ونبّه إلى أن فترة ما بعد الأزمة ستحمل البنوك إلى تغيير استراتيجية تعاملها مع المقترضين باتجاه فرز الأفضل والأكثر وفاء وانضباطا في السداد.
وقال: «الأزمة عملت فرزا للمستثمرين والقطاعات، لقد صارت هناك قائمة لدى كل بنك بالمستثمرين الموثوق فيهم مقابل آخرين ضعفاء». وأضاف: «سيكون هناك تعامل قوي بين البنوك وهذه الفئة من المستثمرين الأوفياء».

- تعزيز التسهيلات
بدوره توقع المحلل المالي نضال الخولي أن تشهد التسهيلات الائتمانية في العام 2010 توسعا بالمقارنة مع الفترة القليلة الماضية، وربط ذلك بالعديد من المؤشرات في مقدمتها حجم النمو الأعلى في العالم الذي سيحققه الاقتصاد القطري مدعوما بفتح خطوط غاز جديدة، وانخفاض مؤشر التضخم الذي سيزيد من معدلات النمو الحقيقية، يضاف إلى ذلك العديد من المؤشرات الإيجابية في الأسواق العالمية بشأن الانفراج المسجل في دورة الإقراض المصرفي، وكذا التأثيرات الإيجابية لبعض القرارات مثل شراء الحكومة لـ %5 من أسهم البنوك كدفعة ثانية، وقرار توقف البنك المركزي عن إقراض الجهات الحكومية.
وقال نضال الخولي: «مبدئيا كل المؤشرات تشير إلى أن 2010 سيكون أفضل من 2009 سواء على المستوى العالمي أو المستوى المحلي».
وعما إذا كان 2010 سيشهد تخفيف شروط الإقراض لدى البنوك، اكتفى نضال الخولي بالقول: «نعم».
وزاد بالقول: «الإقراض في تنامٍ، وقد شاهدنا انفراجات كبيرة حتى في الأسواق الأكثر خطورة من قطر مثل الأسواق الأوروبية والأسواق الأميركية».
وأضاف: «لا بد في النهاية أن ترجع عملية الإقراض ودورة الإقراض المصرفي إلى طبيعتها بعدما انتهت الآن على الأقل فترة ردة الفعل على الأزمة المالية».
وعبر نضال الخولي عن اعتقاده بكون الإقراض الموجه للقطاع العام سيتوسع خلال الفترة المقبلة، وبرر ذلك بقوله: «البنك المركزي بدأ تنفيذ اتفاقات الوحدة النقدية وتوقف من ثَمَّ عن إقراض الجهات الحكومية، التي في الغالب سيصبح مركز تمويلها هو البنوك التجارية». وأشار نضال الخولي إلى أن الهم المركزي الذي كان يشغل بال الاقتصادات الحكومية أو الاقتصاد الذي يمثل القطاع الخاص (البنوك والشركات..) خلال عام 2009 هو تجنب تبعات الأزمة المالية، مما جعلها تتخذ العديد من الإجراءات الاحترازية -أكثر منها إجراءات مبررة– حيث لجأت البنوك إلى تشديد شروط الإقراض حتى على الفئات الملتزمة، وقال: «هذه الإجراءات لم تكن مبررة في الغالب بل كانت بمثابة ردة فعل خوفا من تبعات الأزمة». ونبه إلى أن البنوك ليس من مصلحتها أن تستمر في هذا التشديد لأن ذلك يهدد وظيفتها الأساسية، وقال «البنوك وُجدت للإقراض وهو سبب وجودها».
واعتبر نضال الخولي أن القرار الحكومي بشراء حصص من أسهم البنوك التجارية، ومن خلال توزيعها على دفعتين، كان له الأثر الإيجابي على القطاع المصرفي، وقال: «القرار كان لصالح القطاع المصرفي، وضخ الدفعة الثانية في نهاية العام سيعزز ويعطي دافعا للبنوك إذا كان لا يزال لديها تردد في إعادة فتح التسهيلات من جديد، برغم أن القرار اتخذ في بداية العام».
وكانت الحكومة القطرية قد قررت الاكتتاب في أسهم البنوك القطرية المدرجة في البورصة بواقع %10 وبحد أقصى %20. ويأتي هذا الإجراء ضمن مجموعة من الخطوات الاحترازية التي اتخذتها الحكومة لدعم سيولة هذه البنوك ومن ثم مواجهة آثار أي آثار محتملة للأزمة المالية على الاقتصاد المحلي وعلى المتعاملين مع البنوك القطرية.
وقد كانت لأحمد أبورزق، المدير التنفيذي لشركة «موبيل كونكريت»، وجهة نظر ثانية عندما استبعد أن تغير البنوك من إستراتيجية تعاطيها مع المتعاملين، خاصة في القطاع العقاري. وقال: «هناك حذر شديد من قبل البنوك والشركات الاستثمارية».
وعبر أبورزق عن أمله في أن تكون هناك انفراجة حقيقية للأزمة عام 2010، وأن تخفف البنوك من شروطها عند الإقراض.
يشار إلى أن الاقتصاد القطري يتوقع له أن ينمو بـ%9 عام 2009 و%16 عام 2010، وهي معدلات تعتبر الأعلى في العالم.



العرب..