عبدالله العذبة
07-01-2010, 11:59 AM
المجتمع الطفل (http://www.alarab.com.qa/details.php?docId=113042&issueNo=750&secId=16)
ملأوا الفضاء صخبا وبثوه حبرا في المطابع.. ثم نبتلى في عقولنا.
يتشدق أحدهم بأنه يعرف عمالقة الفكر السياسي والاجتماعي، وتراه على الشاشات وتقرأ كتبه فما ترى غير أفكار الآخرين.
فيما يجري في الكويت اليوم ولسنا عنهم ببعيد، يلام المجتمع على إثقال كاهل الدولة، لأن الناس اعتمدوا على الاقتصاد الريعي واثاّقلوا إلى الأرض وركنوا إلى الكسل ثم طالبوا الحكومة بتصحيح أخطائهم وسوء تخطيطهم وتسديد فوائد المديونيات وعوائد القروض.
غالب من يقول مثل هذا الكلام هم ممن استفاد بطريقة أو أخرى من رفاه الدولة وسوء التخطيط والصرف والفساد الإداري وغيره، أو إن أحسنا الظن - وعادة لا نفعل - فهم ممن استحسن القول وقبله (بعلبته) ولم يقلّبه أو يعرف ما فيه.
لم يقل هذا الكلام الفرد الخليجي القياسي، الطبيعي.. الذي لم تتأثر بعدُ علاقته بالقيادة، تلك العلاقة التاريخية المميزة، التي هي قوام الهوية السياسية والاجتماعية الخليجية.. تلك العلاقة التي يغلب عليها تأثير الجين القبلي، والنسق الخليجي المتعصب إلى بعضه والمنضوي تحت القيادة بتراص يقل نظيره.
ولكن تظل حاجة الناس إلى القيادات حاجة فطرية معنوية، لا مادية بحتة كما يتصور الاقتصاديون وأهل المال ومن أصبحت عقولهم لفائف من الريالات والدنانير.
الحكومات أشباهنا وما نحن إلا منهم، فكل منا حكومة مصغرة يهيم بكل جديد، ويستورد حتى الثمالة..
وأتساءل أحيانا لو قدر الله لليابان أن تغرق وتختفي ألمانيا ويذوب المنتجون من حولنا.. ما نحن فاعلون؟
وكأنني بالجميع يقولون: «رحنا وطي».. :eek5: تعلقنا بالحبل الياباني وما تحتنا إلا الهواء وقعر تاريخي سحيق. :omen2:
هل المطلوب أن يقوم المجتمع الخليجي بإقامة اقتصاد منتج؟
نحن كمجتمع خليجي لا نجيد المبادرات خصوصا إذا اصطدمت بالقوانين والتابوهات.. ولكننا نجيد الاصطفاف والطاعة، قوموا بتوجيهنا فقط.. وإن أحسنتم أحسنا.
الأمر الجميل كما أراه، هو أن تقوم الدول الخليجية بالبحث عن بدائل للثروة النفطية والصناعات التابعة لها، والتحول إلى اقتصاديات منتجة آمنة، وأجزم بأن الدول الخليجية تعرف الحاجة إلى ذلك يقينا، ولكن الطريق إليه مسدود حتى الآن.
قد يعتقد أحد المنظرين بأن فأر الإنتاج سيبدأ بقرض حبل العلاقة المتين بين المجتمعات وحكوماتها :anger1:، وسيخصخص المجتمعات!
وهذا لا يتسق مع أخلاقيات المجتمع الخليجي التي هي ربما وقود الدول.. وما تكوين أرضيات سياسية واجتماعية صلبة إلا للنهوض بالاقتصاد الجديد وعدم الاعتماد على الحكومة كليا، ثم لتدعيم صلة المجتمع بالحكومة يجب توفير الدعم في الوقت المناسب والوضع المناسب.. كجرعات لازمة لحل ما، فالمجتمع يتوقع هذه الصلة ويعتقد بمعنوياتها، لا بكونها غنيمة مادية.
الإيحاء بأن المجتمع ما هو إلا طفل.. يصيبني بالكآبة، فصورة الطفل الذي يهرش رأسه ببلاهة ثم لا يلبث أن يبكي.. :weeping: تعني الرغبة في الغذاء أو الحاجات الأخرى، لا التطور.
وفي ظل تبريراتهم ونظرياتهم لن نرى في هذا الطفل البريء والجو العاطفي، سوى سوء التدبير وتكسير الأشياء والبكاء والحاجة. :weeping::omen2::weeping:
لا تقاس هذه الصورة (بالكلكوليتر) فليس به إلا الأرقام والرموز الرياضية ولا وجود للأخلاقيات والمعاني.
بل الأفضل أن ننظر إلى المجتمع الخليجي باختلافه ومميزاته، ولا يجب أن يتشنج احدهم تعجبا واستغرابا إذا طالب الناس بتدخل الحكومة.
بقلم : علي المري
qatar2006@gmail.com
المصدر العرب الخميس الموافق 7-1-2010
http://www.alarab.com.qa/details.php?docId=113042&issueNo=750&secId=16
ملأوا الفضاء صخبا وبثوه حبرا في المطابع.. ثم نبتلى في عقولنا.
يتشدق أحدهم بأنه يعرف عمالقة الفكر السياسي والاجتماعي، وتراه على الشاشات وتقرأ كتبه فما ترى غير أفكار الآخرين.
فيما يجري في الكويت اليوم ولسنا عنهم ببعيد، يلام المجتمع على إثقال كاهل الدولة، لأن الناس اعتمدوا على الاقتصاد الريعي واثاّقلوا إلى الأرض وركنوا إلى الكسل ثم طالبوا الحكومة بتصحيح أخطائهم وسوء تخطيطهم وتسديد فوائد المديونيات وعوائد القروض.
غالب من يقول مثل هذا الكلام هم ممن استفاد بطريقة أو أخرى من رفاه الدولة وسوء التخطيط والصرف والفساد الإداري وغيره، أو إن أحسنا الظن - وعادة لا نفعل - فهم ممن استحسن القول وقبله (بعلبته) ولم يقلّبه أو يعرف ما فيه.
لم يقل هذا الكلام الفرد الخليجي القياسي، الطبيعي.. الذي لم تتأثر بعدُ علاقته بالقيادة، تلك العلاقة التاريخية المميزة، التي هي قوام الهوية السياسية والاجتماعية الخليجية.. تلك العلاقة التي يغلب عليها تأثير الجين القبلي، والنسق الخليجي المتعصب إلى بعضه والمنضوي تحت القيادة بتراص يقل نظيره.
ولكن تظل حاجة الناس إلى القيادات حاجة فطرية معنوية، لا مادية بحتة كما يتصور الاقتصاديون وأهل المال ومن أصبحت عقولهم لفائف من الريالات والدنانير.
الحكومات أشباهنا وما نحن إلا منهم، فكل منا حكومة مصغرة يهيم بكل جديد، ويستورد حتى الثمالة..
وأتساءل أحيانا لو قدر الله لليابان أن تغرق وتختفي ألمانيا ويذوب المنتجون من حولنا.. ما نحن فاعلون؟
وكأنني بالجميع يقولون: «رحنا وطي».. :eek5: تعلقنا بالحبل الياباني وما تحتنا إلا الهواء وقعر تاريخي سحيق. :omen2:
هل المطلوب أن يقوم المجتمع الخليجي بإقامة اقتصاد منتج؟
نحن كمجتمع خليجي لا نجيد المبادرات خصوصا إذا اصطدمت بالقوانين والتابوهات.. ولكننا نجيد الاصطفاف والطاعة، قوموا بتوجيهنا فقط.. وإن أحسنتم أحسنا.
الأمر الجميل كما أراه، هو أن تقوم الدول الخليجية بالبحث عن بدائل للثروة النفطية والصناعات التابعة لها، والتحول إلى اقتصاديات منتجة آمنة، وأجزم بأن الدول الخليجية تعرف الحاجة إلى ذلك يقينا، ولكن الطريق إليه مسدود حتى الآن.
قد يعتقد أحد المنظرين بأن فأر الإنتاج سيبدأ بقرض حبل العلاقة المتين بين المجتمعات وحكوماتها :anger1:، وسيخصخص المجتمعات!
وهذا لا يتسق مع أخلاقيات المجتمع الخليجي التي هي ربما وقود الدول.. وما تكوين أرضيات سياسية واجتماعية صلبة إلا للنهوض بالاقتصاد الجديد وعدم الاعتماد على الحكومة كليا، ثم لتدعيم صلة المجتمع بالحكومة يجب توفير الدعم في الوقت المناسب والوضع المناسب.. كجرعات لازمة لحل ما، فالمجتمع يتوقع هذه الصلة ويعتقد بمعنوياتها، لا بكونها غنيمة مادية.
الإيحاء بأن المجتمع ما هو إلا طفل.. يصيبني بالكآبة، فصورة الطفل الذي يهرش رأسه ببلاهة ثم لا يلبث أن يبكي.. :weeping: تعني الرغبة في الغذاء أو الحاجات الأخرى، لا التطور.
وفي ظل تبريراتهم ونظرياتهم لن نرى في هذا الطفل البريء والجو العاطفي، سوى سوء التدبير وتكسير الأشياء والبكاء والحاجة. :weeping::omen2::weeping:
لا تقاس هذه الصورة (بالكلكوليتر) فليس به إلا الأرقام والرموز الرياضية ولا وجود للأخلاقيات والمعاني.
بل الأفضل أن ننظر إلى المجتمع الخليجي باختلافه ومميزاته، ولا يجب أن يتشنج احدهم تعجبا واستغرابا إذا طالب الناس بتدخل الحكومة.
بقلم : علي المري
qatar2006@gmail.com
المصدر العرب الخميس الموافق 7-1-2010
http://www.alarab.com.qa/details.php?docId=113042&issueNo=750&secId=16