المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : درس من السوق ... رائد برقاوي



مغروور قطر
18-02-2006, 07:42 AM
درس من السوق ... رائد برقاوي


كان الله في عون مستثمري الأسهم، فأعصابهم اهترأت، وجيوبهم فرغت، وآمالهم تحطمت على صخرة النزيف الدامي الذي لحق باستثماراتهم في السوق.. أربعة أيام “عصيبة” تضاف إلى أيام سابقة وهم يتابعون لحظة بلحظة ارباحهم وهي تتبخر ليصل الخطر إلى رساميلهم.كان اسبوعا ساخنا، وزادت من سخونته الآراء السلبية والفتاوى من كل حدب وصوب، وخرجت إلى الوجود النظريات والنصائح والتفسيرات المتشائمة بعضها في المجالس والمقاهي وعبر الهواتف، والآخر في صحف ومنتديات. أما الأسوأ فكان ما عاناه المستثمرون من نظرات التشفي التي رأوها في عيون من حولهم ممن لا يعتقدون بجدوى الاستثمار في الأسهم.

الاسبوع العصيب والذي سجل خسائر ضخمة “دفتريا” على الأقل، خفف من حدته الارتداد السعري في اليومين الأخيرين، فالابتسامات والتفاؤل عادا والمستثمرون تنفسوا الصعداء.. لكن لماذا حدث ما حدث؟ وما مبرر الانخفاض والارتداد السريعين؟ التفسير الذي يقترب من المنطق هو تفشي سياسة “القطيع” التي تسود سوقنا في الصعود والانخفاض.

بعضهم رأى ان بإمكانه ما دامت الاسعار تنخفض منذ شهرين تحقيق ارباح في هذه الظروف، فالبيع بسعر معين، وإعادة الشراء بسعر ارخص يمكن ان يحقق له مكاسب جيدة ما دامت البيئة مواتية، والسوق غير متجاوب مع نتائج الشركات والارباح “المجزية”.

لكن الأمر خرج عن السيطرة، فالبيع ادى لبيع اكثف على قاعدة “سياسية القطيع” السائدة، فكبار اللاعبين الذين مارسوا هذه السياسية وجدوا انفسهم في وضع “صعب” لأن ما باعوه لتحقيق مكاسب، لا يمثل الا النذر اليسير في محافظهم التي تدنت قيمتها إلى مستويات سعرية خطيرة، ولم تعد الأسهم التي يطرحونها للبيع تلقى طلبا حتى من قبل صغار المستثمرين الذين هم “وقود السوق”، فعادوا للشراء.

كبار المستثمرين يعرفون “اللعبة” فاحجموا عن البيع ما جعل الخسائر التي تكبدوها في الدفاتر فقط، فهم حتى وإن ارتفعت الاسعار أضعافاً مضاعفة لن يبيعوا، فالأسهم بالنسبة لهم هي خيار “استراتيجي”، وبعضهم وجد انها فرصة “تاريخية” للشراء ففعل.

هؤلاء هم “الكبار”.. ماذا عن الصغار؟ الوضع مختلف تماما فهم الذين اصابهم الفزع، فركضوا بائعين، وكان تأثير من يستثمرون عبر الصناديق التي تديرها البنوك الكبرى في البلاد اكبر بكثير.. هذا الفزع اوجد امام الصناديق وحجمها بالمليارات، طلبات بيع كثيفة، عليها ان تنفذها بغض النظر عن قناعاتها، فعرضت مطلع الاسبوع جانباً من أسهمها للبيع استنادا إلى الطلبات التي تلقتها من مالكي الوحدات في الايام السابقة، فكان الضغط رهيبا على الأسهم التي ولا سيما القيادية منها التي تستحوذ على الجزء الأكبر من تركيبة الصناديق. أسهم قيادية هي تركيبة صندوقها.

فبعد البيع الكثيف لأسهم الصناديق لم يعد امام شريحة واسعة من المستثمرين خيار سوى بيع الأسهم “العادية” لإعادة شراء الأسهم “القيادية” التي اصبحت اسعارها “مغرية” وهو ما يفسر الإقبال الكبير عليها يومي الاربعاء والخميس وقيادتها مجددا السوق نحو ارتفاع جديد.

ما حصل كان درسا للجميع.. “قاسيا” في بعض جوانبه و”مفيدا” في جوانب اخرى، والأمل معقود على ان يستفاد منه على الأقل من قبل صغار المستثمرين الذين دفعوا الثمن باستعجالهم عند الشراء أو البيع. والأهم من ذلك ضرورة الادراك ان الأسهم - اي أسهم في العالم - لا يمكنها الصعود إلى ما لا نهاية ولا الانخفاض إلى ما لا نهاية ايضا.