المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : 2.6 تريليون دولار خسائر أسواق الائتمان خلال العامين الماضيين



ROSE
14-01-2010, 07:24 AM
2.6 تريليون دولار خسائر أسواق الائتمان خلال العامين الماضيين
مستقبل التمويل والأرباح.. بعد عقد من الديون


- 12 تريليون دولار قيمة السندات التي أصدرتها البلدان المتقدمة في 2009

- أسواق الدين تجارة مربحة لكثير من البنوك الاستثمارية الكبرى

- البحث عن مسار جديد للتخطيط لما بعد أزمة الائتمان

- السيولة الحكومية دعمت الاقتراض بفوائد متدنية لتعيد البنوك استثمارها بمردود أعلى

- توقعات بنمو الأسواق المالية فى البرازيل وروسيا والهند والصين


إعداد-رأفت عبد الجواد :
على الرغم من محافظة أسواق السندات على زخمها ربما تحتاج البنوك قريباً للبدء في البحث عن النمو في أماكن أخرى. كان مختصو الرياضيات العباقرة قبل خمس سنوات يحبون العمل في مجال مشتقات الائتمان. وكانت ساحة الديون المتفجرة سريعاً في ذلك الحين جبهة فكرية مثيرة إضافة إلى الأرباح الكبيرة الناتجة عنها. لم يعد الأمر كذلك حيث تعرضت أسواق الائتمان خلال العامين الماضيين إلى هزة من أعماقها بينما تسبب انفجار الأزمة المالية بخسائر بلغت نحو 2.600 مليار دولار. وتعتبر كلمتا المديونية والابتكار في الوقت الراهن من الكلمات القذرة. لذلك فإن بعض أذكى الأدمغة في عالم التمويل التي يطلق على أصحابها في الغالب وصف أعمدة الحركة أو أولئك المختصين بالتمويل الكمي القائم على الرياضيات يهجرون بهدوء في الوقت الراهن عالم الائتمان بحثاً عن تحديات جديدة. يعترف أحد مخضرمي طفرة الائتمان وهو ما زال يؤدي دوراً مهماً في وال ستريت بأن أعمدة الحركة الجيدين بالفعل ينتقلون من أعمالهم في الوقت الراهن إذ إنهم لا يرون فرصاً كثيرة في مشتقات الدين.
ويضيف إن المجالات الكبرى للإبداع هي أمور أشبه بالتداول الخوارزمي أو السريع للغاية حيث يشير إلى ذلك الفرع من التمويل الذي يستخدم برامج كمبيوترية معقدة لتنفيذ صفقات تداول بالغة السرعة على صعيد أسواق الأسهم وفي أماكن أخرى. إنها نقطة تحمل كثيرا من الدلالات وهي كذلك أمر يحتاج المصرفيون وصانعو السياسة والمستثمرون إلى التفكير العميق به مع بزوغ صباح العقد الجديد. ولقد قام النظام المالي الغربي بتعديل شكله عدة مرات خلال القرون الماضية بينما كان يستجيب لفترات مختلفة من الطفرة والتراجع الشديد وكذلك لتغيرات على صعيد التنظيم غير أنه يمكن إيراد الحجة على أن التحولات التي حدثت في العقد الماضي كانت بين أقوى وأوضح التحولات وليس أقل ذلك لأنها كانت غير متوقعة بصورة تكاد تكون كاملة لدى بداية الألفية الحالية.
بعد كل شيء فقد كان يفترض على نطاق واسع في عام 2000 أن السنوات الأولى من القرن الجديد سوف تكون هي الفترة التي سوف يمسك خلالها بزمام الأمور كل من أسواق الأسهم والممولين الذين يركزون على التداول بالأسهم. ويعود ذلك إلى أن السنوات الأخيرة من القرن الماضي شهدت طفرة واسعة في التداول بالأسهم وذلك وسط ثورة الإنترنت وموجة من الاندماجات والاستحواذ. وأسقط المستثمرون الماضي على المستقبل وافترض المصرفيون أن ذلك سوف يستمر إلى القرن الحادي والعشرين.
أثناء ذلك بدا أن الديون والائتمان في عام 2000 كانا غير جذابين إلى حد عميق بل إن بعض كبار المختصين بهذا الشأن اعتقدوا أن سوق السندات الحكومية سوف تتقلّص في العقد الأول من القرن الجديد نظراً لوجود توقعات بأن أمريكا سوف تسدد دينها القومي خلال فترة قريبة. وهكذا أصبح ينظر إلى فرق الدخل الثابت في البنوك على أساس أن أفرادها هم من الفئات البطيئة وكان الفائزون المستقبليون حسب وجهة النظر هذه في وال ستريت والحي المالي لمدينة لندن هم البنوك ذات فرق الأسهم الكبيرة أو ذات الميزانيات العمومية الثقيلة بما يكفي لدعم صفقات الشركات. غير أن الحقيقة هي أن هذه الافتراضات شأنها في ذلك شأن افتراضات كثيرة أخرى عشية القرن الجديد كانت خاطئة. وبعيداً عن المستثمرين المندهشين أعطت أسواق الأسهم الغربية عوائد هائلة كما أن السندات شهدت طفرة.
ويظهر مؤشر باركليز كابيتال لسندات الخزانة الأمريكية عوائد إجمالية تشمل مكاسب رأس المال والفائدة بلغت نحو 85 % في هذا العقد بينما أعطت الاستثمارات في المؤشرات المختلفة للذهب في الولايات المتحدة والسندات الحكومية الأوروبية عوائد إجمالية بنسبة 72 و 71 % على التوالي.
ارتفعت أسواق الدين بشدة ليس فقط من حيث الحجم وإنما كذلك فيما يتعلق بالتعقيد. ومنذ عام 2000 على سبيل المثال تضاعف تقريباً حجم ديون أسواق السندات في الولايات المتحدة حسب مصادر اتحاد صناعة الأوراق المالية والأسواق المالية. ويمكن إعادة تلك الطفرة جزئياً إلى معدلات الفائدة الأمريكية شديدة الانخفاض خلال النصف الأول من العقد وما رافقه من تخمة ادخارات آسيوية أغرقت النظام المالي بالسيولة.
كان العامل الحاسم الآخر هو انفجار الابتكار حيث إن المصرفيين بمن فيهم أعمدة الحركة طوروا أدوات مثل مشتقات الائتمان والتزامات الديون المضمونة التي أتاحت للممولين إعادة ترزيم الديون وتداولها بصورة أنشط من ذي قبل. وأدى ذلك إلى مزيد من طلب المستثمرين على هذه الأدوات الأمر الذي عمل على تخفيض تكلفة الاقتراض على كل من المستهلكين والشركات بما عمل على تغذية فقاعة ائتمانية. يقول أندرو لو الأستاذ في معهد ماساشوستس للتكنولوجيا ولّد الابتكار المالي في مجالات مثل مشتقات الدين والتوريق نمواً هائلاً في الدخل الثابت خلال العقد.
أو كما يقول وليم كنغهام من شركة ستيت ستريت جلوبال أدفايزورز: كان كل الائتمان المهيكل الذي يتم إصداره بمثابة وسيلة لتوليد المزيد من ائتمان المستهلكين بينما أخرجت البنوك جوانب انكشافها من ميزانياتها العمومية وعملت على توريقها. وكان هنالك طلب ضخم من جانب المستثمرين نظراً لأن معدلات الفائدة كانت متدنية للغاية.
السؤال الكبير في الوقت الراهن يحوم حول هذه الصناعة حول ما إذا كان بإمكان طفرة الديون المتوحشة هذه الاستمرار خلال العقد المقبل في أعقاب الاضطراب المالي الأخير. وبكلمات أخرى فقد آن الأوان للبنوك والمستثمرين لكي يركزوا على مجال تمويلي آخر لتحقيق الأرباح خلال العقد المقبل سواء كان ذلك أسواق الأسهم مرة أخرى أو أي شيء آخر مختلف تماماً.
ربما كانت الرسالة المفاجئة في الأجل القصير من معظم بنوك وال ستريت والحي المالي لمدينة لندن هي أن أسواق الدين ما زالت مجال تجارة مربحة. واستمرت أقسام الدخل الثابت التي حركت الأرباح لكثير من البنوك الاستثمارية الكبرى قبل الأزمة في توليد عوائد ضخمة لبنوك مثل بنك جولدمان ساكس وبنك جي بي مورجان وبنك باركليز كابيتال.
أحد أسباب ذلك هو أن الحكومات أغرقت النظام المالي في عام 2009 بالسيولة استجابة للأزمة ووفرت بذلك فرصاً سانحة وقوية للتداول للبنوك التي كان بإمكانها الاقتراض بفوائد متدنية للغاية لتعيد استثمار هذه الأموال في موجودات ذات مردودات أعلى في وقت سادت فيه التقلبات الشديدة. غير أن هنالك سبباً آخر وراء الطفرة تمثل في أن الشركات كانت مندفعة لجمع التمويل في أسواق السندات.
ويعود ذلك جزئياً إلى أن البنوك تعمل على تخفيض الإقراض. والأكثر من ذلك هو أن الوضع المالي المتدهور للحكومات الغربية شجع على فيضان من إصدارات السندات السيادية. وتقدر قيمة السندات التي أصدرتها البلدان المتقدمة خلال عام 2009 بنحو 12.000 مليار دولار مقابل 9.000 مليارات دولار قبل ثلاث سنوات. ونتيجة لذلك تقدر شركة ماكنزي للاستشارات أن الحجم الإجمالي للمديونية (أو الديون مقابل الموجودات) في النظام المالي الغربي ارتفع بالفعل خلال العامين ما بعد بداية الأزمة على الرغم من أن صانعي السياسة الغربيين متفقون على الحاجة إلى تقليص المديونية لأن الاقتراض المتجاوز للحدود كان سبباً كبيراً في حدوث الأزمة. يتوقع بعض رجال المصارف استمرار هذا النمط. وهم يشيرون بعد كل شيء إلى أن هنالك فرصة ضئيلة لتمكن النظام المالي الغربي من تخليص نفسه من إدمانه على الديون خلال فترة قريبة. وكانت إحدى عواقب الهزة المالية الأخيرة أنها تركت عالم الدين والأرباح المرتبطة به في أيدي تجمع لعدد قليل من البنوك بالإضافة إلى ما يسمى بفرقها الخاصة بالدخل الثابت والسلع والعملات.
يقول أحد كبار التنفيذيين في وال ستريت أخيراً إن: بروز فرق الدخل الثابت والسلع والعملات أمر عملي جديد. ويضيف: ولدّت الأزمة مجموعة قليلة من شركات التداول الكبرى. وإن حواجز دخول ذلك مرتفعة والمبالغ التي يتطلبها الأمر في تصاعد ولذلك نتوقع استمرار الطفرة. غير أن لدى الآخرين عوامل تأكد أقل حيث يقولون إن الطبيعة المربحة لأعمال تجتذب منافسين جددا. ومن أمثلة ذلك أن صندوق التحوط العملاق بلاك روك زاد من توقعات إنشائه لتجارة خاصة بالتداول لديه للتنافس مع وال ستريت.
وأثناء ذلك تشجع الأزمة المالية زيادة الرقابة المالية التي يمكن أن تقلص قدرة البنوك على تحقيق الأرباح من الأفكار المبتكرة. يقول بيتر نيربي من وكالة موديز للتصنيف: من المحتمل أن طفرة فرق الدخل الثابت والسلع والعملات ليست ظاهرة أجل طويل. وسيكون واجبا على الشركات الخروج بأفكار جديدة. غير أن هنالك مخاوف جادة لدى المنظمين من أن الشركات لم تفعل اللازم والمناسب في سبيل السيطرة على المخاطر بعكس ما تفوقت به فيما يتعلق بتوليد المنتجات الجديدة.
بالإضافة إلى ذلك يظل من غير الواضح ما إذا كان المستهلكون والشركات أو حتى الحكومات سيستمرون في الإبقاء على سرعة الاقتراض كما هي في العقد المقبل. ويقول جيرالد لوكاس من بنك دوتشه بانك: ستستغرق الحكومات بعض الوقت للسيطرة على العجوزات وذلك في الولايات المتحدة وغيرها من البلدان. غير أنه خلال الأجل القصير فإن من المتوقع على نطاق واسع أن تسحب البنوك المركزية دعمها السخي لأسواق السندات كما أن الحكومات التي تنفق بقوة ستواجه مزيداً من الضغوط لتقليص إصدار السندات.
هنالك توقع كذلك بأن المستهلكين الغربيين سيبدؤون في النهاية بالتخلص من إدمانهم على الدين في صورة بطاقات الائتمان وقروض أسهم المنازل التي عززت قدراتهم الانفاقية كما زودت البنوك بتجارة كبيرة على صعيد التوريق. ويجادل نيل سوس من بنك كريدي سويس بأن: تحرير الائتمان للأسر الذي بدأ في الثمانينيات قد تغير بصفة رئيسة بتقاطع الأزمة المالية مع الانكماش العظيم. وهو يتوقع نمواً أقل سرعة للديون في الولايات المتحدة في المستقبل بينما يظهر نظام ائتمان أدق في ظل معايير ضمانات أشد. ذلك يترك كثيرين من رجال المصارف بمن فيهم أعمدة الحركة وهم يحاولون بشدة تحديد قصة الطفرة المقبلة.
ويقول كثير من الممولين إن أحد سبل النمو الجديد يتوقع أن يكون في سندات وأسهم الأسواق الناشئة. وكما أشارت إليه شركة ماكنزي خلال الفترة الأخيرة فإنه بينما تبدو الأسواق المالية الغربية ناضجة بصورة متزايدة بعد طفرة استمرت لثلاثة عقود فإنه لا يزال أمام بلدان مثل بلدان بريكس وهي البرازيل وروسيا والهند والصين مجال للحركة نظراً لأن أسواق رأس المال فيها ما زالت غير متطورة.
يقول بعض رجال المصارف إن المجالات الأخرى التي يمكن أن تولّد النمو تشمل التداول بالموجودات البيئية والسلع والتأمين على الحياة وعقود صناديق التقاعد. وهنالك تركيز متوقع آخر للابتكار يتمثل في طبيعة عملية التداول بينما تتبنى صناديق التحوط والبنوك بصورة متزايدة أنظمة التداول التي يطلق عليها الأنظمة الخوارزمية أو السريعة للغاية الأمر الذي يمكنها من إنجاز صفقات بسرعة البرق.
وقد يؤدي ذلك إلى تغذية طفرة جديدة من النشاطات المرتبطة بالأسهم بحيث تقوم بتحويل المركز النسبي لأسواق الدين والأسهم مرة أخرى. غير أنه ربما يكون أكثر الدروس دلالة وتسبباً بالتواضع من بين كل دروس العقد الماضي هو أن القول المأثور الذي وجد مطبوعاً في قاع المنتجات المالية هو أن الماضي لا يمكن اعتباره دليلاً جيداً للمستقبل. وأياً كانت الصورة التي يمكن أن يبدو عليها النظام المالي في عام 2020 فإنه لن يكون كما هو عليه اليوم سواء بالنسبة إلى الوضع النسبي لفئات الموجودات أو المجموعات المالية. بكلمات أخرى فإن من الأفضل لصانعي السياسة والمستثمرين أن يظلوا متيقظين وأن يواصلوا المراقبة الدقيقة لكي يروا إلى أين تنتقل تلك الأدمغة المالية الذكية في العقد المقبل إذا كانوا سيظلون في مجال التمويل أبداً.

السهم999
06-02-2010, 09:39 PM
شكرا على النقل