قطرى مزمن
18-01-2010, 11:08 AM
مدخل حول إمكانية التعايش
الديمقراطية تعني قدراً من الجهل
من المعروف بأن الجهل صفه ممقوته تشمئز منها النفوس ولا يقبلها عاقل على نفسه ولكن لو أمعنا النظر قليلاً لوجدنا أن القتال كثيراً ما ينشب في المجتمعات التي يدعي أهلها قاطبة أنهم لا يملكون مساحة من الجهل داخل عقولهم أو أن أنظمة تلك المجتمعات وقادتها تدعي ذلك . وعدم الاعتراف بوجود مساحة من الجهل داخل عقل ووعي الفرد تعني معرفته بالحقيقة كاملة وهنا تبدأ الإشكالية بتصادم الحقائق التي يملكها الأفراد فتنشأ بالتالي الفتن وينقلب المجتمع الى بؤرة توتر وتتأخــر البلد ومن خلفها الأمة بأكملها .
فالقاسم المشترك بين المتسلطين والدكتاتوريين وغيرهم سواءً من الجماعات المتشددة في الدين أو أولئك الذين يملكون رؤى فلسفية ويطرحونها كحل أوحد لخلاص البشرية من عذاباتها . أنهم أي ” هؤلاء ” جميعاً يدعون أنهم يملكون حقيقة كبرى ذات دلالات عالمية ولا تقبل نقاشاً فهتلر رأى في العنصر النازي النقاء والريادة فلابد من سيطرته على العالم وستالين رأى أن طريق العدالة يكمن في إلغاء الطبقات والملكية الخاصة الى غير ذلك من المعرفة الخاصة التي يدعيها البعض فليست هناك مساحات يمكن أن يدخل منها هواء آخر أو ينشأ من خلالها حواراً صادقاً . من هنا تصبح إمكانية التصادم كبيرة ولا يبطلها إلا البطش والتهديد إن تميز المجتمعات المتقدمة في عالمنا هو في أنها تعترف بتلك المساحة من الجهل داخل عقولها وأذهانها فبالتالي تصبح تلك المساحة هي مسرح الحوار والنقاش البناء الذى يدفع بالمجتمع الى الأمام , في حين أن اصطدام الحقائق المدعاه في مجتمعاتنا المتخلفه تُنصب من البندقية والمسدس حكماً للفصل بينهما فالكل يدعي الحقيقة والكل يهرب من الجهل أو من البياض التام لما قبل المعرفة كنقطة بداية للحوار والنقاش فكان التصادم بين الثوريين وكان التطاحن بين الإسلاميين وكان الخصام بين الليبراليين . أنها مأساة أمة لم تستطع أن توظف الحقائق الكونية رغم امتلاكها للمنهج فادعت بشمولية الإنسان وخلود منهجه وامتلاكه للحقيقة الكاملة وتفسيراتها وتأويلاتها على جميع الأصعدة . في حين أن المنهج الليبرالي الحقيقي يقوم أساساً على ما يسمى ” بالجهل اللازم ” ( مجلة المستقبل العربي 1991 ) أو الشك في مجال المعرفة النظرية والعملية ويعتبر كذلك أن الحقيقة المكتشفة غير نهائية بل جزئية وناتجه من السعي المشترك الذى يشك في إمكانية الوصول الى الحقيقة المطلقة أو الكلية فبالتالي فالديمقراطية الليبرالية هي حكم الأغلبية التي تحترم الأقلية وترعي شعورها ولا تهضمها حقوقها الدستورية لأنها تدخل أي الأقلية داخل مساحة ” الجهل اللازم ” التي تعترف الأغلبية الليبرالية بوجودها داخل تفكيرها لكل فرد الحق في إدعاء ما يراه فكرياً أو ثقافياً . ولكن ليس من حقه أن يُسفه أفكار أو معتقدات الآخرين مع احتفاظ المجتمع بأدواته النظامية والأخلاقية التي لا يجب القفز عليها أو تخطيها .
إن الدعوة الآن موجهه لاحتضان مفهوم الجهل اللازم بصورة ايجابية وعدم التمرد عليه أو الاشمئزاز منه إذا ما كان توظيفه يخدم المجتمع ويرفع من قدر الأمة . فالإنسان قد وصفه الله بالجهل وحثه على التعلم والمثابرة وعدم الإدعاء بالمعرفة الكاملة (( وفـــوق كل ذي علم عليم )) أي أن هناك قدراً من الجهل لذى العلم لكي يوجد منه أعلم منه وهو الله عز وجل . يجب الاعتراف إذن بأن القصور والجهل خاصية إنسانية . هذا فيما يتعلق بالإنسان كفرد فما بالنا إذا كان الأمر يتعلق بمصير الأمة والمجتمع على أي حال ، لا أعتقد بأننا في حاجة للديمقراطية والمجالس النيابية إذا كان هناك من يدعي المعرفة الكاملة سواءً الدينية أو الدنيوية أو تأويلاتهما فلابد إذن من إتباعه وكثيراً جداً ما نجد أنفسنا ونحن نفعل ذلك وقد دخلنا أو أدخلنا نفقاً مظلماً لا نرى النور من بعده إلا ونحن هشيماً تذروه الرياح . فعدم اعترافنا بالجهل اللازم لقيام الحوار أورد الأمة كثيراً من المخاطر وشق من عزيمتها حتي بدأ الإسلام بأوجه عده مختلفة بل وربما متضاربة وكل منها يحارب الآخر والمسلمون فرقاً شتى ضعيفة لا تقوى على مواجهة العصر ومتطلباته . ولا يمكن أن يستقر حال المجتمع والجميع يعتقد بامتلاكه الحقيقة كاملة غير منقوصة بشكل ذاتي .
إنه من الضروري أن نزرع مفهوم الجهل المطلوب أو اللازم أي عدم امتلاك تمام المعرفة كأساس للمنهج الديمقراطي داخل عقولنا وأنظمتنا التعليمية فلا تخرج تلاميذ وقد زرعنا في عقولهم أن هذه أو تلك هي الحقيقة التي لا تقبل نقاشاً أو أن هذا الفهم أو ذلك التفسير هو الحق وغيره الباطل . تلك هي معركة الأمة المصيرية إذا ما أرادت شعوبها وأنظمتها أن تدخل الديمقراطية وتسود العدالة وتنتظم الأمة مع العصر هذا الفهم يجب أن يسود قبل أن تنشأ المجالس النيابية سواء كانت معينه أو منتخبة فالأمر سيان إذا ما أدعى الكل الحقيقة وتربت الأجيال على عدم الاعتراف بمساحة من الجهل بمفهومة الايجابي وعدم الاشمئزاز منه ” الشعور الذاتي أولاً بنقص المعرفة لديك هو الخطوة الأولى اللازمة لنضج أفراد المجتمع والقبول به والجهر به هي الطريق الأمنه للتحول المنشود . فلا تطردوه من النافذة لكي لا تخرج دعاوى الديمقراطية من الباب ونبقى نحن مع ادعاءاتنا الباطلة نهيم في بحر من الظلمات .
الديمقراطية تعني قدراً من الجهل
من المعروف بأن الجهل صفه ممقوته تشمئز منها النفوس ولا يقبلها عاقل على نفسه ولكن لو أمعنا النظر قليلاً لوجدنا أن القتال كثيراً ما ينشب في المجتمعات التي يدعي أهلها قاطبة أنهم لا يملكون مساحة من الجهل داخل عقولهم أو أن أنظمة تلك المجتمعات وقادتها تدعي ذلك . وعدم الاعتراف بوجود مساحة من الجهل داخل عقل ووعي الفرد تعني معرفته بالحقيقة كاملة وهنا تبدأ الإشكالية بتصادم الحقائق التي يملكها الأفراد فتنشأ بالتالي الفتن وينقلب المجتمع الى بؤرة توتر وتتأخــر البلد ومن خلفها الأمة بأكملها .
فالقاسم المشترك بين المتسلطين والدكتاتوريين وغيرهم سواءً من الجماعات المتشددة في الدين أو أولئك الذين يملكون رؤى فلسفية ويطرحونها كحل أوحد لخلاص البشرية من عذاباتها . أنهم أي ” هؤلاء ” جميعاً يدعون أنهم يملكون حقيقة كبرى ذات دلالات عالمية ولا تقبل نقاشاً فهتلر رأى في العنصر النازي النقاء والريادة فلابد من سيطرته على العالم وستالين رأى أن طريق العدالة يكمن في إلغاء الطبقات والملكية الخاصة الى غير ذلك من المعرفة الخاصة التي يدعيها البعض فليست هناك مساحات يمكن أن يدخل منها هواء آخر أو ينشأ من خلالها حواراً صادقاً . من هنا تصبح إمكانية التصادم كبيرة ولا يبطلها إلا البطش والتهديد إن تميز المجتمعات المتقدمة في عالمنا هو في أنها تعترف بتلك المساحة من الجهل داخل عقولها وأذهانها فبالتالي تصبح تلك المساحة هي مسرح الحوار والنقاش البناء الذى يدفع بالمجتمع الى الأمام , في حين أن اصطدام الحقائق المدعاه في مجتمعاتنا المتخلفه تُنصب من البندقية والمسدس حكماً للفصل بينهما فالكل يدعي الحقيقة والكل يهرب من الجهل أو من البياض التام لما قبل المعرفة كنقطة بداية للحوار والنقاش فكان التصادم بين الثوريين وكان التطاحن بين الإسلاميين وكان الخصام بين الليبراليين . أنها مأساة أمة لم تستطع أن توظف الحقائق الكونية رغم امتلاكها للمنهج فادعت بشمولية الإنسان وخلود منهجه وامتلاكه للحقيقة الكاملة وتفسيراتها وتأويلاتها على جميع الأصعدة . في حين أن المنهج الليبرالي الحقيقي يقوم أساساً على ما يسمى ” بالجهل اللازم ” ( مجلة المستقبل العربي 1991 ) أو الشك في مجال المعرفة النظرية والعملية ويعتبر كذلك أن الحقيقة المكتشفة غير نهائية بل جزئية وناتجه من السعي المشترك الذى يشك في إمكانية الوصول الى الحقيقة المطلقة أو الكلية فبالتالي فالديمقراطية الليبرالية هي حكم الأغلبية التي تحترم الأقلية وترعي شعورها ولا تهضمها حقوقها الدستورية لأنها تدخل أي الأقلية داخل مساحة ” الجهل اللازم ” التي تعترف الأغلبية الليبرالية بوجودها داخل تفكيرها لكل فرد الحق في إدعاء ما يراه فكرياً أو ثقافياً . ولكن ليس من حقه أن يُسفه أفكار أو معتقدات الآخرين مع احتفاظ المجتمع بأدواته النظامية والأخلاقية التي لا يجب القفز عليها أو تخطيها .
إن الدعوة الآن موجهه لاحتضان مفهوم الجهل اللازم بصورة ايجابية وعدم التمرد عليه أو الاشمئزاز منه إذا ما كان توظيفه يخدم المجتمع ويرفع من قدر الأمة . فالإنسان قد وصفه الله بالجهل وحثه على التعلم والمثابرة وعدم الإدعاء بالمعرفة الكاملة (( وفـــوق كل ذي علم عليم )) أي أن هناك قدراً من الجهل لذى العلم لكي يوجد منه أعلم منه وهو الله عز وجل . يجب الاعتراف إذن بأن القصور والجهل خاصية إنسانية . هذا فيما يتعلق بالإنسان كفرد فما بالنا إذا كان الأمر يتعلق بمصير الأمة والمجتمع على أي حال ، لا أعتقد بأننا في حاجة للديمقراطية والمجالس النيابية إذا كان هناك من يدعي المعرفة الكاملة سواءً الدينية أو الدنيوية أو تأويلاتهما فلابد إذن من إتباعه وكثيراً جداً ما نجد أنفسنا ونحن نفعل ذلك وقد دخلنا أو أدخلنا نفقاً مظلماً لا نرى النور من بعده إلا ونحن هشيماً تذروه الرياح . فعدم اعترافنا بالجهل اللازم لقيام الحوار أورد الأمة كثيراً من المخاطر وشق من عزيمتها حتي بدأ الإسلام بأوجه عده مختلفة بل وربما متضاربة وكل منها يحارب الآخر والمسلمون فرقاً شتى ضعيفة لا تقوى على مواجهة العصر ومتطلباته . ولا يمكن أن يستقر حال المجتمع والجميع يعتقد بامتلاكه الحقيقة كاملة غير منقوصة بشكل ذاتي .
إنه من الضروري أن نزرع مفهوم الجهل المطلوب أو اللازم أي عدم امتلاك تمام المعرفة كأساس للمنهج الديمقراطي داخل عقولنا وأنظمتنا التعليمية فلا تخرج تلاميذ وقد زرعنا في عقولهم أن هذه أو تلك هي الحقيقة التي لا تقبل نقاشاً أو أن هذا الفهم أو ذلك التفسير هو الحق وغيره الباطل . تلك هي معركة الأمة المصيرية إذا ما أرادت شعوبها وأنظمتها أن تدخل الديمقراطية وتسود العدالة وتنتظم الأمة مع العصر هذا الفهم يجب أن يسود قبل أن تنشأ المجالس النيابية سواء كانت معينه أو منتخبة فالأمر سيان إذا ما أدعى الكل الحقيقة وتربت الأجيال على عدم الاعتراف بمساحة من الجهل بمفهومة الايجابي وعدم الاشمئزاز منه ” الشعور الذاتي أولاً بنقص المعرفة لديك هو الخطوة الأولى اللازمة لنضج أفراد المجتمع والقبول به والجهر به هي الطريق الأمنه للتحول المنشود . فلا تطردوه من النافذة لكي لا تخرج دعاوى الديمقراطية من الباب ونبقى نحن مع ادعاءاتنا الباطلة نهيم في بحر من الظلمات .