مقطع حق
20-01-2010, 11:12 AM
اليوم أنقل لكم موضوع هام كما وعدتكم من قبل بطرح المواضيع الهامه والجيدة في موقعي للنقاش الجاد والإجابي للمصلحه العامه!!
بقلم الكاتبة المعروفة: مريم السعد
الرأي الآخر .. ملف "العنوسة" حان له أن يفتح كقضية مجتمع..؟؟
بقلم الكاتبة : مريم آل سعد ..لم أكن أنوي العودة لموضوع (الزواج) الذي طرحته في الأسبوع الماضي تحت عنوان ((هل هي تكاليف لابد منها أم هو حب للمظاهر والاستعراض..؟؟)) لولا أن استوقفتني رسالة من بين الايميلات التي وصلتني تعقيبا على المقال، بعثت بها قارئة تقول:
"مقالك اليوم أثار ما بداخلي من شجون نجحت في إخفائها عن الجميع ولكنها تعتصرني ألما حينما يطرح موضوع الزواج، يذكرني ذلك بأني على مشارف الكهولة ولم تعد لدي فرصة للارتباط. المسألة ليست غلاء المهور وإنما سوء تخطيط الشباب، تجدينه منذ بداية حياته قد أدخل نفسه طواعية في دوامة السلفيات والكماليات التي أصبحت مرادفة للقطري، حتى وإن لم تكن السلفة مهمة لكن طالما هي متاحة فلم لا يطلبها ويبيع سيارته قبل أن تنتهي أقساطها ويشتري غيرها..؟؟
وهكذا يصبح القسط قسطين وحين يأتي موعد التفكير بالزواج يقع على أرض الواقع، ويكتشف أنه مديون وهذه الديون تعيقه عن الزواج وتأتي الحجة جاهزة غلاء المهور..!! ويكبر بالسن ويبحث عمن تكون أصغر منه أما من تكون بسنه فلم تعد تنفع..!! هل تعتقدين بأن اللجوء إلى خاطبة أو مواقع الزواج حل بالنسبة لفتاة في مثل عمري..؟؟
أم التنقل في المجمعات والأسواق يعتبر أسهل طريقا للحصول على زوج..؟؟ حتى العلاقات الاجتماعية لم تعد تنفع في ظل انعزال كل عائلة بنفسها، انني أعلم بأن الزواج قسمة ونصيب، ولكن هل يستطيع سعي الإنسان أن يغير قسمته ونصيبه..؟؟"
توقفت عند هذا الايميل لأنه يعكس معاناة الآلاف من الفتيات من سن الثلاثين وما فوق اللاتي لم يتح لهن الزواج، وهذا الشعور يتزايد ويصبح معذبا كما رأينا مع تخطي الفتاة سن الأربعين، حيث ينتابها اليأس وتتدهور حالتها النفسية وتتنازعها حينئذ مشاعر سلبية تؤثر عليها، فاما أن تحولها لانطوائية ومكتئبة وشريرة ومؤذية لغيرها وحاقدة على مجتمعها أو تصبح معطاءة كالشمعة التي تذوب تفانيا ورحمة حيث ترعى والديها واخوتها وأبناءهم وتصبح ظلا لهم، ترعاهم صغارا وتتحملهم مراهقين وتزفهم عرسانا جيلا بعد جيل، وتحمل مشاوير أفراحهم وأتراحهم دون أن يتذكرها أحدهم، وينظر لأفضالها أو يشعر بمدى معاناتها وحرمانها وتضحياتها المجبرة اجتماعيا عليها.
لا أتفق مع الأخت صاحبة الرسالة بالبحث عن زوج في الأسواق والمجمعات لأنه أسلوب يبعدها عن الزواج أصلا حيث لا تلتقي فيه إلا بأصحاب النفوس الضعيفة والخاوية واللعوبة.
يا ليت بمقدرتي افتتاح مكتب بمعاونة بعض المتطوعين لتسهيل أمر الزواج بأسلوب راق ويحترم خصوصية أصحابه، ويساهم بحل هذه المشكلة القاتلة التي تفترس بناتنا دون أن يشعر بهن أحد.
لا أحد يدرك بأن الأمومة غريزة أساسية في المرأة، فمنذ طفولتها تحمل لعبتها وتهدهدها وتحميها وتكلمها وتعنفها وترشدها للصواب كما تفعل أمها بتربيتها، هناك نهر من الحب والحنان والعطاء يميز المرأة ويشكل غريزة الأمومة لديها، ولكنه يقمع ويحبط وتحبس تلك العواطف الداخلية ويحكم عليها بالصدأ والنضوب مع تقدمها بالعمر، حيث تفقد القدرة على الإنجاب مما يولد صدمة هائلة لديها قد لا تتحملها الكثيرات، وقد صاحبهن الأمل بأن قدرهن سيتغير ولو آخر لحظة، ويعبرن جسر الجدب إلى نهر الأمومة والزواج، عكس الرجل الذي يستطيع إنجاب ذرية ولو كان بالستين، وبمقدوره الزواج بأي وقت يحلو له وبأي سن يصل إليها، تتعدد الخيارات أمامه، وإن لم "تشيله" بلده فقد وسعت أمامه آفاق العالم من حوله لا يرده إلا جيبه وإمكانياته.
قد تكون الفتاة جميلة ومحبوبة من عائلتها ومحيطها، قد تكون ذكية وطموحة وتحقق ذاتها من خلال عملها ولكن لا يغنيها كل ذلك عن الزواج والارتباط، لأنه غريزة ولدت مع الإنسان ولو أمكن استئصالها لما تعب أحد. إنه حق من حقوقها ويعتبره الإسلام نصف الدين لحكمة إلهية أرادها الرب بعباده.
لن ندعو هنا بضرورة تعدد الزوجات فهو مشكلة بحد ذاته لأن الدين نفسه أحله وقيده بضوابط ومن أهمها عدم إفشال زواج لإحياء آخر. هل يمكن حل مشكلة بخلق أخرى..؟؟ وهذه الزوجة الثانية لو تزوج عليها نفس هذا الزوج عروسا ثالثة، ألن يصيبها ما أصاب الأولى من قهر وإذلال..؟؟
من أساس الزواج بأخرى موافقة الأولى ورضاها أو على أقل تقدير تقبلها على مضض ولكن لا يكون أبدا على أشلاء بيتها. إذا استطاع الزوج إقناعها بأنها المميزة لديه وأم أطفاله ولها مكانتها وخيرها وحقوقها، وأنها لم تخطئ بحقه ولكن له أسبابه ولكل بيت ظروفه وأسراره وكل زوج أعرف بشؤونه ونقاط ضعفه ، فإن تفاهما وتوصلا إلى قناعات خاصة بهما فكان بها ولكن غدر الأزواج وتلاعبهم بالزوجات كأن ينقلبون عليهن فجأة ويشعرونهن بالذنب، ويضغطون عليهن بسوء المعاملة والهجر لكي يبرروا زواجهم الثاني فهذا مرفوض، وعلى الزوجة الثانية أن تعرف أن الذي ليس فيه خير للأولى فلن يكون فيه فلاح لها أو لغيرها..!!
يتقدم لهؤلاء الفتيات بمراحل عمرهن المختلفة خطاب ولكن لا تتوافر فيهم الشروط التي تضعها هؤلاء الفتيات كمعيار لموافقتهن. فعندما تكون الفتاة بأول عمرها تشعر بأن الحياة أمامها، ولا تريد القبول بأول طارق وتحرم نفسها من خيارات أفضل قادمة، وبذلك تضيع فرصا لا يعوضها الزمن لأن من تقدم أحسن الموجود..!!
كذلك لا تلام أخريات عندما يرفضن من يتقدم فالمسألة ليست بإلصاقهن بأي رجل، فحتى لو أرادت الستر والأولاد بشدة فلن تهنأ بهم مع رجل يفتقد للمعايير الكافية لتقبله كشريك حياة أو لكونه مدمنا للشراب ومخالطة السوء أو لكونه أصغر أو أكبر منها بكثير مما تجده لا يتلاءم مع تقبلها واحترامها لذاتها.
السبب الأساسي لهذه المشكلة هو قلة الذكور بموازاة الإناث، شباب بعمر الزهور يموتون بالحوادث عدا أن عددا لا يستهان به يتزوج من الخارج، ويماثله عدد أكبر يفضلون السيارات والسفر والسهر مع الأصدقاء والتمتع بالعزوبية على الارتباط الجدي وتحمل المسؤولية.
ها قد فقدنا نصف الشباب وبقي الصالح بمثابة النصف أو الأقل إذا استثنينا منهم الخامل والعاطل وغير المستقر بعمل، وغير المتحمس للدراسة وتحسين وضعه الاقتصادي وبناء مستقبله المهني، وهي أسس ضرورية ليكون بمستوى الفتاة المجتهدة المكافحة، وهي مميزات تغلب على بناتنا القطريات وتجعلهن الأوائل في التفوق سواء الدراسة أو العمل أو الالتزام الأسري وتربية الأطفال، والاعتناء بالوالدين والاخوة وتحمل تبعاتهم ماديا وعصبيا وصحيا.
الإناث أكثر عددا وجدية من الذكور الذين ان انصلح حالهم ووعوا للزواج يختارون الأصغر سنا بينما من تعبر الثلاثين يبدأ الأمل بالأفول عن دربها، فما هو الحل..؟؟ طرحت في مقال سابق بعنوان ((زواجه مقبول وزواجها منقود ويظل حقها منقوصا)) حلا يتمحور في تشجيع زواج شباب مجلس التعاون من بناتنا، وخصوصا من كان جادا ومؤهلا منهم وطامحا للعمل في دولتنا الفتية.
إذا كنا لا نتقبل للآن زواج إخوتنا من مجلس التعاون فلتذهب الوحدة الخليجية للصمت والغياب، إذا كان الدين واللغة بل اللهجة والعادات والتقاليد والنسب والأصول والتضاريس لا تجمعنا، فهل تجمعنا العهود الاقتصادية والمادية..؟؟ ولماذا تستطيع فما دامت مادية فأمريكا وأوروبا أولى بها ان كانت القضية اقتصادا ومادة بحتة..!!
مرت بالمنطقة فترة قحط وجدب شديدين وكان رجال قطر يذهبون للإمارات قبل أن تتشكل، ويتزوجون خيرة بنات القبائل ويحضروهن للبلاد وهن ما زلن لم يتخطين مرحلة الطفولة، لا وسائل اتصالات ولا معرفة ولا تاريخ لهذا الغريب سوى الحظ والرغبة بالحياة، ونجحت الزيجات وترعرعت أجيال جمعت بين الشعبين، فلم يكن رجال قطر منبتين من فراغ بل من عوائل وأسر طيبة، وكذلك غيرهم من شعوب المنطقة، وكيف الحال الآن وقد أصبحت وسائل الاتصال تجعل العالم كله قرية صغيرة، وأصبح السؤال ومعرفة الناس وأصولهم وطبيعتهم ميسرا..؟؟ وملكت بناتنا القدرة على الاختيار والحكم والفحص وتحمل المسؤولية..؟؟
يتساءلون لم انتشرت ظاهرة البويات..؟؟ لأنه مجتمع نسائي حتى الأولاد الذكور بدأوا لا يحتكون بالرجال لقلتهم ولعدم تفرغهم، وبحثا عن العواطف فإننا نجد ذلك بشكل ملفت في المرحلة الإعدادية من الكلمات المتبادلة بين البنات وبعضهن البعض أو بما يحملنه لمدرساتهن من مشاعر تحملها الكروت والبطاقات ونظرات الإعجاب.
إنه طغيان الماكياج ودعايات مواد التجميل والملابس الخلابة والعطور وتواجدها بكل وسائل الإعلام والأسواق والشارع، وكل هذا لمن..؟؟ مجتمع يتفتح بالجمال والتألق والابتكار، ونساء يملكن السيولة المادية والقدرة على التصرف والحياة ولا توجد منافذ صحية لتسربه، نفوس تبحث عن صنو روحها ولا تجد أمامها إلا نفوسا أخرى محرومة مثلها تعوضها فقدها، فهنا توجد مشكلة بهذا المجتمع وعلى أولي أمره والعقلاء والحكماء فيه التفكر وإيجاد الحلول وجعلها قضية قومية لأنها تخص البلاد كلها.
إنها قضية يجب أن يفتح ملفها على مستوى الدولة، تهم كل بيت وأسرة، وأمانة سيسأل عنها كل ولي أمر أب أو أم أو أخ وكل مسؤول بيده القرار في تحريك مسارها، وتغيير أقدار ومستقبل الآلاف من الفتيات.
و أقول لهذه الفتاة ولكل فتاة ترى عمرها يذوب بين يديها لا تيأسي وعيشي حياتك كغيرك لأنك تستحقين الحياة وليس لأن هناك رجلا هو الذي بيده منحك هذا الحق، حققي ذاتك وكوني ايجابية بمجتمعك ومحيطك ولا تقفلي على نفسك الأبواب، ولا تتقوقعي يكتنفك القنوط بانتظار الفارس الذي يخلصك من رعونة وجبروت الحياة، وما أدراك بأنه سيكون بلسم رحمة وليس يد طغيان، قد يكون أحيانا الحرمان من زوج أو خلف وذرية في صالح المرأة ورحمة لها من مصير مجهول.
أنت رائعة ومعطاءة بحد ذاتك، تفاعلي بالخير مع مجتمعك ولا تبحثي عن زوج ولا تربطي حياتك بمجيئه، لئلا تنهاري عندما يمر عمرك ولا يظهر كما تأملت وانتظرت، بل عيشي حياتك وكأنه موجود، تفاعلي مع من حولك دون الإحساس بالنقص فقد "تحبوا شيئا وهو شر لكم"، ولا خوف على بناتنا فإنهن واعيات ومحصنات بالدين والخلق وتقدير الذات.
لابد أن تتحرك الاستشارات العائلية وتفتتح لها مكتبا تحت أسس وضوابط رسمية لرعاية هذا المشروع الحيوي بتسهيل زواج الفتيات من خلال برامج عصرية وفاعلة، وربما يتطوع العديد من الجنسين من أبناء المجتمع الأعرف به وبتقاليده وأسسه لإنجاح أهدافه، وجمع المعلومات المطلوبة له ويا بخت من وفق رأسين بالحلال.
mariam.alsaad@gmail.com
بقلم الكاتبة المعروفة: مريم السعد
الرأي الآخر .. ملف "العنوسة" حان له أن يفتح كقضية مجتمع..؟؟
بقلم الكاتبة : مريم آل سعد ..لم أكن أنوي العودة لموضوع (الزواج) الذي طرحته في الأسبوع الماضي تحت عنوان ((هل هي تكاليف لابد منها أم هو حب للمظاهر والاستعراض..؟؟)) لولا أن استوقفتني رسالة من بين الايميلات التي وصلتني تعقيبا على المقال، بعثت بها قارئة تقول:
"مقالك اليوم أثار ما بداخلي من شجون نجحت في إخفائها عن الجميع ولكنها تعتصرني ألما حينما يطرح موضوع الزواج، يذكرني ذلك بأني على مشارف الكهولة ولم تعد لدي فرصة للارتباط. المسألة ليست غلاء المهور وإنما سوء تخطيط الشباب، تجدينه منذ بداية حياته قد أدخل نفسه طواعية في دوامة السلفيات والكماليات التي أصبحت مرادفة للقطري، حتى وإن لم تكن السلفة مهمة لكن طالما هي متاحة فلم لا يطلبها ويبيع سيارته قبل أن تنتهي أقساطها ويشتري غيرها..؟؟
وهكذا يصبح القسط قسطين وحين يأتي موعد التفكير بالزواج يقع على أرض الواقع، ويكتشف أنه مديون وهذه الديون تعيقه عن الزواج وتأتي الحجة جاهزة غلاء المهور..!! ويكبر بالسن ويبحث عمن تكون أصغر منه أما من تكون بسنه فلم تعد تنفع..!! هل تعتقدين بأن اللجوء إلى خاطبة أو مواقع الزواج حل بالنسبة لفتاة في مثل عمري..؟؟
أم التنقل في المجمعات والأسواق يعتبر أسهل طريقا للحصول على زوج..؟؟ حتى العلاقات الاجتماعية لم تعد تنفع في ظل انعزال كل عائلة بنفسها، انني أعلم بأن الزواج قسمة ونصيب، ولكن هل يستطيع سعي الإنسان أن يغير قسمته ونصيبه..؟؟"
توقفت عند هذا الايميل لأنه يعكس معاناة الآلاف من الفتيات من سن الثلاثين وما فوق اللاتي لم يتح لهن الزواج، وهذا الشعور يتزايد ويصبح معذبا كما رأينا مع تخطي الفتاة سن الأربعين، حيث ينتابها اليأس وتتدهور حالتها النفسية وتتنازعها حينئذ مشاعر سلبية تؤثر عليها، فاما أن تحولها لانطوائية ومكتئبة وشريرة ومؤذية لغيرها وحاقدة على مجتمعها أو تصبح معطاءة كالشمعة التي تذوب تفانيا ورحمة حيث ترعى والديها واخوتها وأبناءهم وتصبح ظلا لهم، ترعاهم صغارا وتتحملهم مراهقين وتزفهم عرسانا جيلا بعد جيل، وتحمل مشاوير أفراحهم وأتراحهم دون أن يتذكرها أحدهم، وينظر لأفضالها أو يشعر بمدى معاناتها وحرمانها وتضحياتها المجبرة اجتماعيا عليها.
لا أتفق مع الأخت صاحبة الرسالة بالبحث عن زوج في الأسواق والمجمعات لأنه أسلوب يبعدها عن الزواج أصلا حيث لا تلتقي فيه إلا بأصحاب النفوس الضعيفة والخاوية واللعوبة.
يا ليت بمقدرتي افتتاح مكتب بمعاونة بعض المتطوعين لتسهيل أمر الزواج بأسلوب راق ويحترم خصوصية أصحابه، ويساهم بحل هذه المشكلة القاتلة التي تفترس بناتنا دون أن يشعر بهن أحد.
لا أحد يدرك بأن الأمومة غريزة أساسية في المرأة، فمنذ طفولتها تحمل لعبتها وتهدهدها وتحميها وتكلمها وتعنفها وترشدها للصواب كما تفعل أمها بتربيتها، هناك نهر من الحب والحنان والعطاء يميز المرأة ويشكل غريزة الأمومة لديها، ولكنه يقمع ويحبط وتحبس تلك العواطف الداخلية ويحكم عليها بالصدأ والنضوب مع تقدمها بالعمر، حيث تفقد القدرة على الإنجاب مما يولد صدمة هائلة لديها قد لا تتحملها الكثيرات، وقد صاحبهن الأمل بأن قدرهن سيتغير ولو آخر لحظة، ويعبرن جسر الجدب إلى نهر الأمومة والزواج، عكس الرجل الذي يستطيع إنجاب ذرية ولو كان بالستين، وبمقدوره الزواج بأي وقت يحلو له وبأي سن يصل إليها، تتعدد الخيارات أمامه، وإن لم "تشيله" بلده فقد وسعت أمامه آفاق العالم من حوله لا يرده إلا جيبه وإمكانياته.
قد تكون الفتاة جميلة ومحبوبة من عائلتها ومحيطها، قد تكون ذكية وطموحة وتحقق ذاتها من خلال عملها ولكن لا يغنيها كل ذلك عن الزواج والارتباط، لأنه غريزة ولدت مع الإنسان ولو أمكن استئصالها لما تعب أحد. إنه حق من حقوقها ويعتبره الإسلام نصف الدين لحكمة إلهية أرادها الرب بعباده.
لن ندعو هنا بضرورة تعدد الزوجات فهو مشكلة بحد ذاته لأن الدين نفسه أحله وقيده بضوابط ومن أهمها عدم إفشال زواج لإحياء آخر. هل يمكن حل مشكلة بخلق أخرى..؟؟ وهذه الزوجة الثانية لو تزوج عليها نفس هذا الزوج عروسا ثالثة، ألن يصيبها ما أصاب الأولى من قهر وإذلال..؟؟
من أساس الزواج بأخرى موافقة الأولى ورضاها أو على أقل تقدير تقبلها على مضض ولكن لا يكون أبدا على أشلاء بيتها. إذا استطاع الزوج إقناعها بأنها المميزة لديه وأم أطفاله ولها مكانتها وخيرها وحقوقها، وأنها لم تخطئ بحقه ولكن له أسبابه ولكل بيت ظروفه وأسراره وكل زوج أعرف بشؤونه ونقاط ضعفه ، فإن تفاهما وتوصلا إلى قناعات خاصة بهما فكان بها ولكن غدر الأزواج وتلاعبهم بالزوجات كأن ينقلبون عليهن فجأة ويشعرونهن بالذنب، ويضغطون عليهن بسوء المعاملة والهجر لكي يبرروا زواجهم الثاني فهذا مرفوض، وعلى الزوجة الثانية أن تعرف أن الذي ليس فيه خير للأولى فلن يكون فيه فلاح لها أو لغيرها..!!
يتقدم لهؤلاء الفتيات بمراحل عمرهن المختلفة خطاب ولكن لا تتوافر فيهم الشروط التي تضعها هؤلاء الفتيات كمعيار لموافقتهن. فعندما تكون الفتاة بأول عمرها تشعر بأن الحياة أمامها، ولا تريد القبول بأول طارق وتحرم نفسها من خيارات أفضل قادمة، وبذلك تضيع فرصا لا يعوضها الزمن لأن من تقدم أحسن الموجود..!!
كذلك لا تلام أخريات عندما يرفضن من يتقدم فالمسألة ليست بإلصاقهن بأي رجل، فحتى لو أرادت الستر والأولاد بشدة فلن تهنأ بهم مع رجل يفتقد للمعايير الكافية لتقبله كشريك حياة أو لكونه مدمنا للشراب ومخالطة السوء أو لكونه أصغر أو أكبر منها بكثير مما تجده لا يتلاءم مع تقبلها واحترامها لذاتها.
السبب الأساسي لهذه المشكلة هو قلة الذكور بموازاة الإناث، شباب بعمر الزهور يموتون بالحوادث عدا أن عددا لا يستهان به يتزوج من الخارج، ويماثله عدد أكبر يفضلون السيارات والسفر والسهر مع الأصدقاء والتمتع بالعزوبية على الارتباط الجدي وتحمل المسؤولية.
ها قد فقدنا نصف الشباب وبقي الصالح بمثابة النصف أو الأقل إذا استثنينا منهم الخامل والعاطل وغير المستقر بعمل، وغير المتحمس للدراسة وتحسين وضعه الاقتصادي وبناء مستقبله المهني، وهي أسس ضرورية ليكون بمستوى الفتاة المجتهدة المكافحة، وهي مميزات تغلب على بناتنا القطريات وتجعلهن الأوائل في التفوق سواء الدراسة أو العمل أو الالتزام الأسري وتربية الأطفال، والاعتناء بالوالدين والاخوة وتحمل تبعاتهم ماديا وعصبيا وصحيا.
الإناث أكثر عددا وجدية من الذكور الذين ان انصلح حالهم ووعوا للزواج يختارون الأصغر سنا بينما من تعبر الثلاثين يبدأ الأمل بالأفول عن دربها، فما هو الحل..؟؟ طرحت في مقال سابق بعنوان ((زواجه مقبول وزواجها منقود ويظل حقها منقوصا)) حلا يتمحور في تشجيع زواج شباب مجلس التعاون من بناتنا، وخصوصا من كان جادا ومؤهلا منهم وطامحا للعمل في دولتنا الفتية.
إذا كنا لا نتقبل للآن زواج إخوتنا من مجلس التعاون فلتذهب الوحدة الخليجية للصمت والغياب، إذا كان الدين واللغة بل اللهجة والعادات والتقاليد والنسب والأصول والتضاريس لا تجمعنا، فهل تجمعنا العهود الاقتصادية والمادية..؟؟ ولماذا تستطيع فما دامت مادية فأمريكا وأوروبا أولى بها ان كانت القضية اقتصادا ومادة بحتة..!!
مرت بالمنطقة فترة قحط وجدب شديدين وكان رجال قطر يذهبون للإمارات قبل أن تتشكل، ويتزوجون خيرة بنات القبائل ويحضروهن للبلاد وهن ما زلن لم يتخطين مرحلة الطفولة، لا وسائل اتصالات ولا معرفة ولا تاريخ لهذا الغريب سوى الحظ والرغبة بالحياة، ونجحت الزيجات وترعرعت أجيال جمعت بين الشعبين، فلم يكن رجال قطر منبتين من فراغ بل من عوائل وأسر طيبة، وكذلك غيرهم من شعوب المنطقة، وكيف الحال الآن وقد أصبحت وسائل الاتصال تجعل العالم كله قرية صغيرة، وأصبح السؤال ومعرفة الناس وأصولهم وطبيعتهم ميسرا..؟؟ وملكت بناتنا القدرة على الاختيار والحكم والفحص وتحمل المسؤولية..؟؟
يتساءلون لم انتشرت ظاهرة البويات..؟؟ لأنه مجتمع نسائي حتى الأولاد الذكور بدأوا لا يحتكون بالرجال لقلتهم ولعدم تفرغهم، وبحثا عن العواطف فإننا نجد ذلك بشكل ملفت في المرحلة الإعدادية من الكلمات المتبادلة بين البنات وبعضهن البعض أو بما يحملنه لمدرساتهن من مشاعر تحملها الكروت والبطاقات ونظرات الإعجاب.
إنه طغيان الماكياج ودعايات مواد التجميل والملابس الخلابة والعطور وتواجدها بكل وسائل الإعلام والأسواق والشارع، وكل هذا لمن..؟؟ مجتمع يتفتح بالجمال والتألق والابتكار، ونساء يملكن السيولة المادية والقدرة على التصرف والحياة ولا توجد منافذ صحية لتسربه، نفوس تبحث عن صنو روحها ولا تجد أمامها إلا نفوسا أخرى محرومة مثلها تعوضها فقدها، فهنا توجد مشكلة بهذا المجتمع وعلى أولي أمره والعقلاء والحكماء فيه التفكر وإيجاد الحلول وجعلها قضية قومية لأنها تخص البلاد كلها.
إنها قضية يجب أن يفتح ملفها على مستوى الدولة، تهم كل بيت وأسرة، وأمانة سيسأل عنها كل ولي أمر أب أو أم أو أخ وكل مسؤول بيده القرار في تحريك مسارها، وتغيير أقدار ومستقبل الآلاف من الفتيات.
و أقول لهذه الفتاة ولكل فتاة ترى عمرها يذوب بين يديها لا تيأسي وعيشي حياتك كغيرك لأنك تستحقين الحياة وليس لأن هناك رجلا هو الذي بيده منحك هذا الحق، حققي ذاتك وكوني ايجابية بمجتمعك ومحيطك ولا تقفلي على نفسك الأبواب، ولا تتقوقعي يكتنفك القنوط بانتظار الفارس الذي يخلصك من رعونة وجبروت الحياة، وما أدراك بأنه سيكون بلسم رحمة وليس يد طغيان، قد يكون أحيانا الحرمان من زوج أو خلف وذرية في صالح المرأة ورحمة لها من مصير مجهول.
أنت رائعة ومعطاءة بحد ذاتك، تفاعلي بالخير مع مجتمعك ولا تبحثي عن زوج ولا تربطي حياتك بمجيئه، لئلا تنهاري عندما يمر عمرك ولا يظهر كما تأملت وانتظرت، بل عيشي حياتك وكأنه موجود، تفاعلي مع من حولك دون الإحساس بالنقص فقد "تحبوا شيئا وهو شر لكم"، ولا خوف على بناتنا فإنهن واعيات ومحصنات بالدين والخلق وتقدير الذات.
لابد أن تتحرك الاستشارات العائلية وتفتتح لها مكتبا تحت أسس وضوابط رسمية لرعاية هذا المشروع الحيوي بتسهيل زواج الفتيات من خلال برامج عصرية وفاعلة، وربما يتطوع العديد من الجنسين من أبناء المجتمع الأعرف به وبتقاليده وأسسه لإنجاح أهدافه، وجمع المعلومات المطلوبة له ويا بخت من وفق رأسين بالحلال.
mariam.alsaad@gmail.com