bwor
22-01-2010, 06:26 AM
مقال رائع للكاتبة عبير العدناني
اليوم الخميس / جريدة الشرق
http://www.al-sharq.com/pdfs/files/alsharq2_20100121.pdf
حتى تعرف حقائق الأمور2010-01-21
في إحدى الدورات التدريبية طلب منا المدرب أن نكتب كما يملي علينا تماماً، أمسكنا بأقلامنا فطالبنا بأن نكتب لفظ الجلالة فكتبنا، ثم طلب منا أن نكتب الرقم خمسة فكتبنا، وبعدها بدأ بالنظر إلى جميع الأوراق ومن بين 50 متدرب ومتدربة لم يجد إجابة صحيحة واحدة.. تعجبنا جميعا من ذلك، وما أن بدأ يشرح لنا حتى أدركنا أين الخطأ.. فقد طلب منا أن نكتب (الرقم خمسة) وكان علينا كتابة هذه الجملة كما لفظها من كلمتين، ولفظ الجلالة كان علينا أن نكتبها (لفظ الجلالة) كما طلب منا وليس (الله) كما فعل الجميع.. لقد كتبنا جميعنا من رصيد معرفتنا المتراكم، ولم نتلق الحقيقة وندركها مجردة كما جاءتنا من المصدر دون أن نسقط عليها ما تحمله عقولنا من معلومات سابقة، بغض النظر عن صوابها أو خطئها.. لقد كان الهدف هو أن نعي كم نسبة الأخطاء التي نقع فيها في حياتنا من جراء الأخذ بظواهر الأمور، أو إسقاط خبراتنا الخاطئة أو نتائج تجاربنا السلبية على ما نواجهه من مواقف أو أشخاص أو حتى تفاصيل معيشية، نجد رواسب أفكارنا أو مشاعرنا المدفوعة برصيد راكمته الأحداث، هي التي تدفعنا لأن نصبغها بلون واحد.. ربما يكون أبعد مايكون عن لونها الحقيقي.. كم مرة سمعنا من يحكم على الشعب الفلاني بأنه شعب لا يعرف الوفاء وناكر للعشرة
وآخر بخيل.. وذاك يمتاز بأنه شعب يفي بالوعود.. وغير ذلك الكثير..
يقع الكثير من الناس في إطار الحكم الخاطئ بغلط التعميم، وذلك حين يقود القدر شخصاً للتعامل مع شخص من بلد أو شعب يحمل صفة سلبية أو إيجابية فيعممها على أفراد ذلك البلد دون وعي أو إدراك لحقيقة كل منهم على حدة.. ودون أن يعي بأنه
( من أظلم الناس من حكم على شعب).. وآخرون يسارعون بإسقاط أحكامهم تبعاً لما سمعوه ممن حولهم مروا بتجارب ربما تكون سلبية على الأغلب، وبدؤا ينظرون للأمور بهذا المنظور.. وبالتالي سقطوا بهذا
البئر المظلم.. يتمحور( برادايم) البعض حول محور ضيق وربما يصل به إلى مرحلة العودة إلى الصفر كما في قصة هاري: ذلك المتخصص في فتح الأقفال والخزنات في إنجلترا حيث جاءه موظف من أحد البنوك الإنجليزية وتحداه أن يفتح خزنته خلال ساعتين، فضحك وقال سأفتحها خلال خمس دقائق، وبدأ هاري في محاولة فتح الخزنة ولم يستطع، وبعد انقضاء الساعتين استند على باب الخزنة ففتح، وذلك لأنه كان مفتوحاً من الأصل، ولكن في بارادايم هاري لم يكن احتمال أن تكون الخزنة مفتوحة أصلاً.. وهذا ما يسمى في علم البرادايم بالعودة إلى الصفر.. يجد البعض منا نفسه مكبلاً بقيود برادايمه أو ما نترجمه بإلانطباع والمنظور، مما يحرمه القدرة على التعاطي مع الحقيقة والواقع بتجرد، وبالتالي الوقوع بالأخطاء فيفعل كما فعل ذلك الفيل الكبير الذي كان مقيداً بسلسلة صغيرة كان يستغرب كل من رآه مقيداً بها في تلك الحديقة، بالرغم من كبر حجمه وقوته، وذلك لأنه عندما كان صغيراً حاول أن يفلت من تلك السلسلة ولم يستطع وكرر محاولته ففشلت، وعندما كبر لم يحاول مجدداً وإلا لتخلص منها سريعاً، ولكنه بقي مقيداً ببرادايمه وليس بتلك السلسلة.. لذا فإن ما نراه حتى واقعاً أو حقيقة في وقت من الأوقات، قد لايصبح كذلك بعد فترة من الزمن، لذا فإن على الشخص الواعي أن يجدد دوما مصادر معلوماته، وأن يفكر وفقا لمعايير وأنظمة جديدة، ولا يقع في التعميم صندوق البرادايم القاتل.
ومضة:
يحكى أن رجلاً عجوزاً كان جالساً مع ابن له يبلغ من العمر 25 سنة في القطار،
وبدا الكثير من البهجة والفضول على وجه الشاب الذي كان يجلس بجانب النافذة.. أخرج يديه من النافذة وشعر بمرور الهواء وصرخ "أبي انظر ما هذا؟ فقال الأب: أشجار، فصرخ الابن: جميع الأشجار تسير وراءنا"!! فتبسم الرجل العجوز متماشياً مع فرحة ابنه، وكان يجلس بجانبهم زوجان يستمعان إلى ما يدور من حديث بين الأب وابنه، وشعرا بقليل من الإحراج، فكيف يتصرف شاب في عمر 25 سنة كالطفل!!، فجأة صرخ الشاب مرة أخرى:"ما هذا يا أبي؟، فأجاب: بركة وحيوانات، فقال الابن: انظر إلى البركة وما فيها من حيوانات كم هي جميلة، انظر.. الغيوم تسير مع القطار".
واستمر تعجب الزوجين من حديث الشاب مرة أخرى، ثم بدأ هطول الأمطار، وقطرات الماء تتساقط على يد الشاب، الذي امتلأ وجهه بالسعادة، وصرخ مرة أخرى، "أبي !! إنها تمطر، والماء لمس يدي، انظر يا أبي". وفي هذه اللحظة لم يستطع الزوجان السكوت وسألا الرجل العجوز:"لماذا لا تقوم بزيارة الطبيب والحصول على علاج لابنك؟"، هنا قال الرجل العجوز:"إننا قادمون من المستشفى، حيث إن ابني قد أصبح بصيراً لأول مرة في حياته".. تذكر دائماً: "لا تستخلص النتائج حتى تعرف حقائق الأمور..
Aladnani_qtr@hotmail.com
اليوم الخميس / جريدة الشرق
http://www.al-sharq.com/pdfs/files/alsharq2_20100121.pdf
حتى تعرف حقائق الأمور2010-01-21
في إحدى الدورات التدريبية طلب منا المدرب أن نكتب كما يملي علينا تماماً، أمسكنا بأقلامنا فطالبنا بأن نكتب لفظ الجلالة فكتبنا، ثم طلب منا أن نكتب الرقم خمسة فكتبنا، وبعدها بدأ بالنظر إلى جميع الأوراق ومن بين 50 متدرب ومتدربة لم يجد إجابة صحيحة واحدة.. تعجبنا جميعا من ذلك، وما أن بدأ يشرح لنا حتى أدركنا أين الخطأ.. فقد طلب منا أن نكتب (الرقم خمسة) وكان علينا كتابة هذه الجملة كما لفظها من كلمتين، ولفظ الجلالة كان علينا أن نكتبها (لفظ الجلالة) كما طلب منا وليس (الله) كما فعل الجميع.. لقد كتبنا جميعنا من رصيد معرفتنا المتراكم، ولم نتلق الحقيقة وندركها مجردة كما جاءتنا من المصدر دون أن نسقط عليها ما تحمله عقولنا من معلومات سابقة، بغض النظر عن صوابها أو خطئها.. لقد كان الهدف هو أن نعي كم نسبة الأخطاء التي نقع فيها في حياتنا من جراء الأخذ بظواهر الأمور، أو إسقاط خبراتنا الخاطئة أو نتائج تجاربنا السلبية على ما نواجهه من مواقف أو أشخاص أو حتى تفاصيل معيشية، نجد رواسب أفكارنا أو مشاعرنا المدفوعة برصيد راكمته الأحداث، هي التي تدفعنا لأن نصبغها بلون واحد.. ربما يكون أبعد مايكون عن لونها الحقيقي.. كم مرة سمعنا من يحكم على الشعب الفلاني بأنه شعب لا يعرف الوفاء وناكر للعشرة
وآخر بخيل.. وذاك يمتاز بأنه شعب يفي بالوعود.. وغير ذلك الكثير..
يقع الكثير من الناس في إطار الحكم الخاطئ بغلط التعميم، وذلك حين يقود القدر شخصاً للتعامل مع شخص من بلد أو شعب يحمل صفة سلبية أو إيجابية فيعممها على أفراد ذلك البلد دون وعي أو إدراك لحقيقة كل منهم على حدة.. ودون أن يعي بأنه
( من أظلم الناس من حكم على شعب).. وآخرون يسارعون بإسقاط أحكامهم تبعاً لما سمعوه ممن حولهم مروا بتجارب ربما تكون سلبية على الأغلب، وبدؤا ينظرون للأمور بهذا المنظور.. وبالتالي سقطوا بهذا
البئر المظلم.. يتمحور( برادايم) البعض حول محور ضيق وربما يصل به إلى مرحلة العودة إلى الصفر كما في قصة هاري: ذلك المتخصص في فتح الأقفال والخزنات في إنجلترا حيث جاءه موظف من أحد البنوك الإنجليزية وتحداه أن يفتح خزنته خلال ساعتين، فضحك وقال سأفتحها خلال خمس دقائق، وبدأ هاري في محاولة فتح الخزنة ولم يستطع، وبعد انقضاء الساعتين استند على باب الخزنة ففتح، وذلك لأنه كان مفتوحاً من الأصل، ولكن في بارادايم هاري لم يكن احتمال أن تكون الخزنة مفتوحة أصلاً.. وهذا ما يسمى في علم البرادايم بالعودة إلى الصفر.. يجد البعض منا نفسه مكبلاً بقيود برادايمه أو ما نترجمه بإلانطباع والمنظور، مما يحرمه القدرة على التعاطي مع الحقيقة والواقع بتجرد، وبالتالي الوقوع بالأخطاء فيفعل كما فعل ذلك الفيل الكبير الذي كان مقيداً بسلسلة صغيرة كان يستغرب كل من رآه مقيداً بها في تلك الحديقة، بالرغم من كبر حجمه وقوته، وذلك لأنه عندما كان صغيراً حاول أن يفلت من تلك السلسلة ولم يستطع وكرر محاولته ففشلت، وعندما كبر لم يحاول مجدداً وإلا لتخلص منها سريعاً، ولكنه بقي مقيداً ببرادايمه وليس بتلك السلسلة.. لذا فإن ما نراه حتى واقعاً أو حقيقة في وقت من الأوقات، قد لايصبح كذلك بعد فترة من الزمن، لذا فإن على الشخص الواعي أن يجدد دوما مصادر معلوماته، وأن يفكر وفقا لمعايير وأنظمة جديدة، ولا يقع في التعميم صندوق البرادايم القاتل.
ومضة:
يحكى أن رجلاً عجوزاً كان جالساً مع ابن له يبلغ من العمر 25 سنة في القطار،
وبدا الكثير من البهجة والفضول على وجه الشاب الذي كان يجلس بجانب النافذة.. أخرج يديه من النافذة وشعر بمرور الهواء وصرخ "أبي انظر ما هذا؟ فقال الأب: أشجار، فصرخ الابن: جميع الأشجار تسير وراءنا"!! فتبسم الرجل العجوز متماشياً مع فرحة ابنه، وكان يجلس بجانبهم زوجان يستمعان إلى ما يدور من حديث بين الأب وابنه، وشعرا بقليل من الإحراج، فكيف يتصرف شاب في عمر 25 سنة كالطفل!!، فجأة صرخ الشاب مرة أخرى:"ما هذا يا أبي؟، فأجاب: بركة وحيوانات، فقال الابن: انظر إلى البركة وما فيها من حيوانات كم هي جميلة، انظر.. الغيوم تسير مع القطار".
واستمر تعجب الزوجين من حديث الشاب مرة أخرى، ثم بدأ هطول الأمطار، وقطرات الماء تتساقط على يد الشاب، الذي امتلأ وجهه بالسعادة، وصرخ مرة أخرى، "أبي !! إنها تمطر، والماء لمس يدي، انظر يا أبي". وفي هذه اللحظة لم يستطع الزوجان السكوت وسألا الرجل العجوز:"لماذا لا تقوم بزيارة الطبيب والحصول على علاج لابنك؟"، هنا قال الرجل العجوز:"إننا قادمون من المستشفى، حيث إن ابني قد أصبح بصيراً لأول مرة في حياته".. تذكر دائماً: "لا تستخلص النتائج حتى تعرف حقائق الأمور..
Aladnani_qtr@hotmail.com