المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مخصصات البنوك.. أرباحٌ مؤجلة



ahmed jasim
24-01-2010, 05:48 PM
تعتبر افصاحات البنوك من
أهم إفصاحات الشركات التي
يترقبها المستثمرون مع نهاية
كل فترة مالية في كافة الأسواق
العالمية، وذلك نظرا لأهمية
القطاع المصرفي في كونه
مؤشر ذو دلالة مهمة على حالة
الاقتصاد والسوق ككل. وقد كان
حجم الأرباح وقيمة الإيرادات
هو البند الأهم الذي كان يستحوذ
على اهتمام المراقبين من شتى
الفئآت.
إلاّ أنّه ومنذ بدء الأزمة المالية
العالمية، أخذ الاهتمام بإفصاحات البنوك يأخذ
منحى جديد، حيث تحول اهتمام المراقبين
من التركيز على نتائج الأرباح إلى التركيز على
حجم المخصصات التي تم تجنيبها لمواجهة
القروض المشكوك بها، فلاحظنا خلال الأسبوع
الماضي مثلاً ردة فعل الأسواق العالمية على
نتائج بنك جي بي مورغان الأمريكي، حيث
لم تكف أرباحه التي تجاوزت ١١ مليار دولار
لطمأنة الأسواق، بل ركز المحللون على قيمة
المخصصات التي جنبها لقروض بطاقات
الائتمان والقروض المتعثرة، وكذلك الأمر
بالنسبة لبعض البنوك في منطقة الخليج
العربي.
إن المخصصات التي يتم تجنيبها تتكون
عادة من مخصصات ناتجة عن تطبيق معايير
محاسبية أوقوانين وتعليمات تنظيمية،
تراعي جميعها التشدد في تطبيق مبدأ
الحيطة والحذر، حيث يجب التحوط لأي
خسارة محتملة بمجرد ظهور أية ملامح أو
مؤشرات لاحتمالية تعثر أي من العملاء، وهذه
المخصصات يتم اعتبارها جزءا من المصاريف
والتي يتم تنزيلها من الإيرادات، مما يؤثر على
صافي الأرباح.
ولكن هذه المخصصات لا تعني بالضرورة
أنها خسائر محققة، بالرغم من اعتبارها
كذلك محاسبياً، وذلك نظرا للأسباب التالية:
أولاً: إنّ احتمالية تعثر جماعي لكافة
الحسابات التي تم التحوط لها تعتبر احتمالية
ضئيلة جدا،ً وعليه فإن احتمالية تحقق كامل
قيمة المخصصات تعتبر أيضاً نسبة ضئيلة.
ثانياً: نسبة هذا النوع من المخصصات ترتبط
عادة بالظروف الاقتصادية السائدة في لحظة
إعداد البيانات المالية، وكذلك
الأمر بالنسبة لتصنيف حسابات
العملاء، ففي ظل الأزمات المالية
– كتلك التي يعيشها العالم حاليا
– تكون كافة الجهات القائمة على
تحديد نسب المخصصات وآلية
احتسابها من جهات تنظيمية
ورقابية ومدققي حسابات أو
حتى إدارات البنوك متشددة في
احتساب المخصصات، أما في
ظل ظروف الرخاء الاقتصادي
فإن تلك الجهات تكون أقل
تحفظاً.
ثالثاً: العديد من تلك القروض المتعثرة
توجد مقابلها رهونات عقارية وضمانات
متنوعة أخرى، ولا يعني تعثرها عدم إمكانية
تحصيل البنك لحقوقه، وعليه، فإن تحصيل
البنك لجزء كبير من أمواله هي عملية وقت
فقط.
رابعاً: العديد من العملاء الذين قد يعتبروا
متعثرين في ظل الأزمات قد لا يعتبروا
كذلك بعد انقضائها، ففي ظل الأزمة المالية
الحالية، تعثرت العديد من الشركات بسبب
تأثرها بالأزمة، ولكن ليس بالضرورة أن تلك
الشركات ستصل لمرحلة الإفلاس، والعديد
منها خاضع لمرحلة إعادة هيكلة، وقد يتم
الاستحواذ على بعضها، وبالتالي فإن العديد من
تلك الشركات قد تخرج من قائمة المتعثرين
في الفترات المالية القادمة.
خامساً: إنّ هذه المخصصات خاضعة لإعادة
التقييم في نهاية كل فترة مالية، وفي حال
انخفاض قيمة المخصصات الواجب أخذها عن
رصيد المخصص المترصد من الفترة السابقة،
فإن الفرق يتم ترحيله لقوائم الدخل، مشكلاً
إيرادا إضافياً، مما يرفع من صافي الربح،
وبالتالي فإن ارتفاع قيمة المخصصات نتيجة
لظروف استثنائية، يعتبر جزءا من إيرادات
مستقبلية متوقعة.
وعليه، فإنه يجب على المستثمرين النظر إلى
المخصصات التي يتم تجنيبها في البنوك بصورة
إيجابية، حيث أنها تشكل ضمانة لعدم تعرض
البنوك لهزات مفاجئة قد تنتج عن بعض من
عملائها، كما أن جزءا كبيرا منها يعتبر اقتطاعاً
مؤقتاً من الأرباح (ربح مؤجل) تم تأخير
الاعتراف به لحين التأكد التام من تحققه.

منقول من الراية