ROSE
30-01-2010, 10:48 AM
نائب رئيس وزراء الأردن الأسبق والخبير الاقتصادي.. د.العناني لـ الشرق:قطر حققت نهضة تنموية تحترم الإنسان وشاملة لكل غاياته ونشاطاته
الاقتصاد القطري تجاوز الأزمة العالمية وأصبح محط أنظار العالم
على العرب الاستفادة من تجربة قطر في خلق جامعات تستزرع التكنولوجيا
خروج الأردن من الأزمة العالمية سيبدأ في النصف الثاني من العام الحالي
عمّان – عواد الخلايلة:
أكد الدكتور جواد العناني، نائب رئيس وزراء الأردن الأسبق، والخبير والباحث الاقتصادي المعروف، أن الاقتصاد القطري أصبح محطاً لأنظار العالم في منطقة الخليج.
وقال في مقابلة خصّ بها "الشرق" إن دولة قطر حققت نهضة تنموية تحترم الإنسان وشاملة لكل غاياته ونشاطاته، مشيراً إلى تصميم النمو على مختلف القطاعات في المجتمع القطري.
وأكد أن دولة قطر من الدول التي استطاعت أن تصمد أمام رياح الأزمة الاقتصادية العالمية العاصفة، وتحفظ وتيرة نموها عاليةً ومؤثرةً.
وأشار إلى قراءات وتنبؤات متعددة تتراوح بين التفاؤل والتشاؤم حيال مستقبل الاقتصاد العالمي.
واستعرض العناني ستة تحديات تواجه العمل الاقتصادي المشترك في الوطن العربي، والحلول المطلوبة لمعالجتها.
"الشرق" التقت د.العناني، الذي شغل مناصب مهمة في الدولة الأردنية أبرزها؛ رئيساً للديوان الملكي الأردني، وتسلم حقائب وزارات: نائب رئيس وزراء وزيراً للخارجية، والعمل، والإعلام، والصناعة، والتموين، بالإضافة إلى العديد من المواقع القيادية في المؤسسات الاقتصادية الرسمية والخاصة، داخل الأردن وخارجه.. وتالياً مقابلة الدكتور العناني:
* كيف ترى الاقتصاد القطري؟
- الاقتصاد القطري أصبح الآن محط أنظار العالم في منطقة الخليج. وقد حققت دولة قطر معدل نمو بلغ حوالي 16% عام 2008 بالرغم من انفجار الأزمة المالية العالمية في النصف الثاني من ذلك العام. ورغم استمرار الأزمة عام (2009)؛ فقد حققت قطر معدل نمو فاق الـ 11%. وتتمتع حالياً بأعلى معدل دخل للفرد في العالم.
وحتى نقول إن التنمية شاملة فيجب أن يتوافر فيها شرطان؛ هما:
- الأول؛ تصميم النمو على مختلف القطاعات في المجتمع. وقد رأينا نمواً كبيراً في قطاعات رائدة مثل التعليم، والتعليم العالي، والصحة، والثقافة، والشباب والرياضة، والطيران، والنقل البحري، والصناعات الثقيلة والمتوسطة، وقطاع التكنولوجيا، وبالطبع السياحة والفندقة وخدمات الترويج.
- أما الشرط الثاني فهو توزيع غنائم التنمية على مختلف فئات الشعب والمناطق. وقطر التي تبلغ مساحتها أكثر من (10) آلاف كيلومتر مربع تفخر كلها بحسن البنى التحتية، وتكامل شبكاتها، واستمتاع الناس بحياتهم في المنزل ومكان العمل والمدرسة ودور العبادة، وأماكن الترويح عن النفس.. إنها نهضة تحترم الإنسان وشاملة لكل غاياته ونشاطاته.
*الأزمة الاقتصادية العالمية.. إلى أين؟
- هنالك قراءات وتنبؤات متعددة تتراوح بين التفاؤل والتشاؤم حيال مستقبل الاقتصاد العالمي، ولكن الحقائق التي يجب أن نؤكدها في هذا المجال ما يلي:
أولاً: أن النظام الرأسمالي لم يسقط، ولن يسقط قريباً ولكنه تضعضع بفعل الأزمة الأخيرة. وينطبق القول نفسه على الاقتصاد الأمريكي الذي تعرضت سمعته لهزة شديدة، ولكنه ما يزال الأقوى والأكبر بين اقتصادات العالم.
ثانياً: أن الأزمة الحالية هي أزمة عالمية لم توفر أحداً. وإن تفاوتت درجات التأثر بها. ولعل دولة قطر من الدول التي استطاعت أن تصمد أمام رياح الأزمة العاصفة، وتحفظ وتيرة نموها عالية ومؤثرة. ولكن الأزمة كما كانت الطفرة التي سبقتها، كلاهما مؤقت.
وأعتقد أن النصف الأول من عام (2010) سيبقى الإنجاز الاقتصادي فيه متذبذباً، ولا تعطي مختلف المؤشرات الاقتصادية في هذه الفترة صورة واضحة عن بداية الخروج الفعلي من الأزمة. أما النصف الثاني فسوف يبدأ العالم في الخروج من الأزمة كما هو حاصل حالياً في دول جنوب وشرق آسيا مثل الصين، وماليزيا، وإندونيسيا، وتايوان، وغيرها. أما دول الخليج، فإن بعضها سينطلق بقوة خلال عام (2010)، وبعضها سيبدأ في التحرك البطيء استباقاً للتغيرات الإيجابية الملموسة عام 2011 وينطبق هذا التوقع أن يعكس نفس الميول في أسواق العقار والأسهم والاستثمارات المالية الأخرى.
لقد كانت أزمة صعبة ومعقدة، وكلنا كنا ضحايا لها دون أن نتسبب فيها.
* مدى تأثر الأردن بالأزمة العالمية.
- تأخر وصول أثر الأزمة للأردن بعد انفجارها عام (2008) بسبب حسن إدارة الاستثمارات الأردنية خارج الأردن، ولذلك لم تتأثر موجودات الأردن من الاحتياطي بالعملات الرئيسة، وهذا أدى إلى استقرار سعر الدينار، واستمرار الاقتصاد لمدة بعد الأزمة في حالة جيدة وديناميكية.
ولكن هذا الأمر أعطى شعوراً خاطئاً بأن الأزمة لن تؤثر على الأردن. ورغم أنني وغيري من الاقتصاديين قد نبهنا إلى أن الاقتصاد الأردني لا يمكن أن يبقى خارج الأزمة، إلا أن الحكومة آنذاك استمرت في النهج الاقتصادي العادي أملاً منها أن الإنفاق الحكومي المرتفع سوف يحافظ على حركة الاقتصاد، ويعوّض أية خسائر قد تنجم عن الأزمة.
ولكن الأزمة بالطبع بدأت تؤثر على اقتصادات الدول المجاورة، وبخاصة دول الخليج التي تأثرت بفعل خسائر بعضها في الاستثمارات المالية وأسواق البورصة، وكذلك بفعل التراجع في الطلب على العقار داخلياً، وتراجع أسعار النفط خارجياً. ولأن إيرادات الأردن من العملات الأجنبية تأتي معظمها (أكثر من 60%) من دول الخليج، فإن تراجع الاستثمار الخليجي، وفصل أعداد من العاملين الأردنيين في الخارج أو تراجع دخولهم أثر على حجم الحوالات منهم إلى الأردن. وتراجعت كذلك حصيلة صادرات الأردن من البوتاس والفوسفات وحامض الكبريتيك والمعادن الأخرى بسبب تراجع أسعارها في الأسواق العالمية.
هذا كله أدى بالطبع إلى تراجع أرباح الشركات، وتراجع الطلب على الأراضي والعقار، وتراجع أسعار أسهم الشركات العاملة في هذه القطاعات، ولكن الحصيلة أثّرت أيضاً على وضع الموازنة العامة التي تراجعت إيراداتها وتنامي عجزها إلى أكثر من (1.2) مليار دينار (حوالي 1.6 مليار دولار). وبالطبع تراجعت نسبة النمو الاقتصادي عام (2009) إلى حوالي 2.5%، أو نصف ما كان متوقعاً.
ولكن الأثر كان يمكن أن يكون أكبر من ذلك بكثير. ويقع على كاهل الحكومة الأردنية حالياً مسؤولية إدارة الاقتصاد بكفاءة وعلمية حتى يخرج من الأزمة، ولعل الظروف الخارجية تتحسن مما سيعني بداية خروج الأردن من الأزمة في النصف الثاني من هذا العام (2010).
* ارتفاع مديونية الأردن، ووصولها إلى مستويات قياسية.. ما هي الحلول؟
- لقد ارتفعت الديون الخارجية والداخلية في الأردن لتصل إلى أكثر من 60% من الناتج المحلي الإجمالي. وما تزال هذه النسبة بالرغم من زيادتها ضمن الحدود الآمنة. ولكن إذا تفاقم العجز، وتقلصت واردات الحكومة من الضرائب والرسوم وغيرها داخلياً ومن المساعدات والقروض الميسرة خارجياً، فإن حجم الدين العام سوف يزيد.
والمشكلة أساساً في الأردن قابلة للحل عن طريق إعادة النظر في الإدارة العامة وكثرة أعداد العاملين في القطاع العام.
وتتحمل الخزينة الأردنية أعباء كبيرة بسبب الرواتب والرواتب التقاعدية والنفقات المتكررة الناجمة عن ذلك.
ولكن كما قلت، فإن حجم الدين الإجمالي على الخزينة الأردنية يقل عن ربع ديون الجمهورية اللبنانية من حيث الحجم. إذا استعاد الاقتصاد حركته، فإن الدين يصبح مشكلة ثانوية.
* هناك من يخشى على الطبقة الوسطى في الأردن وتآكلها.. كيف ترون ذلك؟
- يسارع بعض المحللين في الأردن إلى الاستنتاج بأن الطبقة المتوسطة في الأردن قد تآكلت، وأنها قد تراجعت من حيث نسبتها إلى مجموع السكان. ويحذر هؤلاء المحللون من أن انكماش الطبقة المتوسطة يفتح الباب على احتمالات النزاع والفرقة واختلال التوازن في المجتمع. وأنا أؤمن بالدور الجذري للطبقة المتوسطة في أنها ميزان الأمن والأمان والتقدم، ولكنني لا أعتقد أن حجمها قد تراجع، بقدر ما حصل تغيير في تكوينها، وفي مكان إقامتها. لقد كانت الطبقة المتوسطة في الأردن تشير عادة إلى الموظفين وكبار المهنيين (المعلمين) وأصحاب الأعمال المتوسطة والصغيرة والأساتذة والمحاسبين والأطباء العامين والمهندسين والمزارعين أصحاب الأراضي متوسطة المساحة.
أما الآن فإن الطبقة المتوسطة قد دخل إليها كثيرٌ من الأيدي العاملة ذات الياقة الزرقاء (العمال). وقد كان أستاذ المدرسة حديث التخرج قبل ربع قرن يحقق دخلاً يساوي ضعف أجر العامل اليومي. أما الآن فقد انعكست الصورة تماماً..
وكذلك فإن كثيراً من المؤهلين المتعلمين قد غادروا الأردن بحثاً عن عمل في الخارج. وهؤلاء يبلغون حوالي (300) ألف شخص، أو ما يساوي خُمس الأيدي العاملة الأردنية، ومن الذكور على الأغلب. وهؤلاء كلهم من الطبقة المتوسطة.
الحديث عن الطبقة المتوسطة يصبح أكثر خيفة حين نقرنه بنسب الفقر الذي تجاوز 18% من مجموع السكان. الفقر فعلاً هو التحدي.
الاقتصاد القطري تجاوز الأزمة العالمية وأصبح محط أنظار العالم
على العرب الاستفادة من تجربة قطر في خلق جامعات تستزرع التكنولوجيا
خروج الأردن من الأزمة العالمية سيبدأ في النصف الثاني من العام الحالي
عمّان – عواد الخلايلة:
أكد الدكتور جواد العناني، نائب رئيس وزراء الأردن الأسبق، والخبير والباحث الاقتصادي المعروف، أن الاقتصاد القطري أصبح محطاً لأنظار العالم في منطقة الخليج.
وقال في مقابلة خصّ بها "الشرق" إن دولة قطر حققت نهضة تنموية تحترم الإنسان وشاملة لكل غاياته ونشاطاته، مشيراً إلى تصميم النمو على مختلف القطاعات في المجتمع القطري.
وأكد أن دولة قطر من الدول التي استطاعت أن تصمد أمام رياح الأزمة الاقتصادية العالمية العاصفة، وتحفظ وتيرة نموها عاليةً ومؤثرةً.
وأشار إلى قراءات وتنبؤات متعددة تتراوح بين التفاؤل والتشاؤم حيال مستقبل الاقتصاد العالمي.
واستعرض العناني ستة تحديات تواجه العمل الاقتصادي المشترك في الوطن العربي، والحلول المطلوبة لمعالجتها.
"الشرق" التقت د.العناني، الذي شغل مناصب مهمة في الدولة الأردنية أبرزها؛ رئيساً للديوان الملكي الأردني، وتسلم حقائب وزارات: نائب رئيس وزراء وزيراً للخارجية، والعمل، والإعلام، والصناعة، والتموين، بالإضافة إلى العديد من المواقع القيادية في المؤسسات الاقتصادية الرسمية والخاصة، داخل الأردن وخارجه.. وتالياً مقابلة الدكتور العناني:
* كيف ترى الاقتصاد القطري؟
- الاقتصاد القطري أصبح الآن محط أنظار العالم في منطقة الخليج. وقد حققت دولة قطر معدل نمو بلغ حوالي 16% عام 2008 بالرغم من انفجار الأزمة المالية العالمية في النصف الثاني من ذلك العام. ورغم استمرار الأزمة عام (2009)؛ فقد حققت قطر معدل نمو فاق الـ 11%. وتتمتع حالياً بأعلى معدل دخل للفرد في العالم.
وحتى نقول إن التنمية شاملة فيجب أن يتوافر فيها شرطان؛ هما:
- الأول؛ تصميم النمو على مختلف القطاعات في المجتمع. وقد رأينا نمواً كبيراً في قطاعات رائدة مثل التعليم، والتعليم العالي، والصحة، والثقافة، والشباب والرياضة، والطيران، والنقل البحري، والصناعات الثقيلة والمتوسطة، وقطاع التكنولوجيا، وبالطبع السياحة والفندقة وخدمات الترويج.
- أما الشرط الثاني فهو توزيع غنائم التنمية على مختلف فئات الشعب والمناطق. وقطر التي تبلغ مساحتها أكثر من (10) آلاف كيلومتر مربع تفخر كلها بحسن البنى التحتية، وتكامل شبكاتها، واستمتاع الناس بحياتهم في المنزل ومكان العمل والمدرسة ودور العبادة، وأماكن الترويح عن النفس.. إنها نهضة تحترم الإنسان وشاملة لكل غاياته ونشاطاته.
*الأزمة الاقتصادية العالمية.. إلى أين؟
- هنالك قراءات وتنبؤات متعددة تتراوح بين التفاؤل والتشاؤم حيال مستقبل الاقتصاد العالمي، ولكن الحقائق التي يجب أن نؤكدها في هذا المجال ما يلي:
أولاً: أن النظام الرأسمالي لم يسقط، ولن يسقط قريباً ولكنه تضعضع بفعل الأزمة الأخيرة. وينطبق القول نفسه على الاقتصاد الأمريكي الذي تعرضت سمعته لهزة شديدة، ولكنه ما يزال الأقوى والأكبر بين اقتصادات العالم.
ثانياً: أن الأزمة الحالية هي أزمة عالمية لم توفر أحداً. وإن تفاوتت درجات التأثر بها. ولعل دولة قطر من الدول التي استطاعت أن تصمد أمام رياح الأزمة العاصفة، وتحفظ وتيرة نموها عالية ومؤثرة. ولكن الأزمة كما كانت الطفرة التي سبقتها، كلاهما مؤقت.
وأعتقد أن النصف الأول من عام (2010) سيبقى الإنجاز الاقتصادي فيه متذبذباً، ولا تعطي مختلف المؤشرات الاقتصادية في هذه الفترة صورة واضحة عن بداية الخروج الفعلي من الأزمة. أما النصف الثاني فسوف يبدأ العالم في الخروج من الأزمة كما هو حاصل حالياً في دول جنوب وشرق آسيا مثل الصين، وماليزيا، وإندونيسيا، وتايوان، وغيرها. أما دول الخليج، فإن بعضها سينطلق بقوة خلال عام (2010)، وبعضها سيبدأ في التحرك البطيء استباقاً للتغيرات الإيجابية الملموسة عام 2011 وينطبق هذا التوقع أن يعكس نفس الميول في أسواق العقار والأسهم والاستثمارات المالية الأخرى.
لقد كانت أزمة صعبة ومعقدة، وكلنا كنا ضحايا لها دون أن نتسبب فيها.
* مدى تأثر الأردن بالأزمة العالمية.
- تأخر وصول أثر الأزمة للأردن بعد انفجارها عام (2008) بسبب حسن إدارة الاستثمارات الأردنية خارج الأردن، ولذلك لم تتأثر موجودات الأردن من الاحتياطي بالعملات الرئيسة، وهذا أدى إلى استقرار سعر الدينار، واستمرار الاقتصاد لمدة بعد الأزمة في حالة جيدة وديناميكية.
ولكن هذا الأمر أعطى شعوراً خاطئاً بأن الأزمة لن تؤثر على الأردن. ورغم أنني وغيري من الاقتصاديين قد نبهنا إلى أن الاقتصاد الأردني لا يمكن أن يبقى خارج الأزمة، إلا أن الحكومة آنذاك استمرت في النهج الاقتصادي العادي أملاً منها أن الإنفاق الحكومي المرتفع سوف يحافظ على حركة الاقتصاد، ويعوّض أية خسائر قد تنجم عن الأزمة.
ولكن الأزمة بالطبع بدأت تؤثر على اقتصادات الدول المجاورة، وبخاصة دول الخليج التي تأثرت بفعل خسائر بعضها في الاستثمارات المالية وأسواق البورصة، وكذلك بفعل التراجع في الطلب على العقار داخلياً، وتراجع أسعار النفط خارجياً. ولأن إيرادات الأردن من العملات الأجنبية تأتي معظمها (أكثر من 60%) من دول الخليج، فإن تراجع الاستثمار الخليجي، وفصل أعداد من العاملين الأردنيين في الخارج أو تراجع دخولهم أثر على حجم الحوالات منهم إلى الأردن. وتراجعت كذلك حصيلة صادرات الأردن من البوتاس والفوسفات وحامض الكبريتيك والمعادن الأخرى بسبب تراجع أسعارها في الأسواق العالمية.
هذا كله أدى بالطبع إلى تراجع أرباح الشركات، وتراجع الطلب على الأراضي والعقار، وتراجع أسعار أسهم الشركات العاملة في هذه القطاعات، ولكن الحصيلة أثّرت أيضاً على وضع الموازنة العامة التي تراجعت إيراداتها وتنامي عجزها إلى أكثر من (1.2) مليار دينار (حوالي 1.6 مليار دولار). وبالطبع تراجعت نسبة النمو الاقتصادي عام (2009) إلى حوالي 2.5%، أو نصف ما كان متوقعاً.
ولكن الأثر كان يمكن أن يكون أكبر من ذلك بكثير. ويقع على كاهل الحكومة الأردنية حالياً مسؤولية إدارة الاقتصاد بكفاءة وعلمية حتى يخرج من الأزمة، ولعل الظروف الخارجية تتحسن مما سيعني بداية خروج الأردن من الأزمة في النصف الثاني من هذا العام (2010).
* ارتفاع مديونية الأردن، ووصولها إلى مستويات قياسية.. ما هي الحلول؟
- لقد ارتفعت الديون الخارجية والداخلية في الأردن لتصل إلى أكثر من 60% من الناتج المحلي الإجمالي. وما تزال هذه النسبة بالرغم من زيادتها ضمن الحدود الآمنة. ولكن إذا تفاقم العجز، وتقلصت واردات الحكومة من الضرائب والرسوم وغيرها داخلياً ومن المساعدات والقروض الميسرة خارجياً، فإن حجم الدين العام سوف يزيد.
والمشكلة أساساً في الأردن قابلة للحل عن طريق إعادة النظر في الإدارة العامة وكثرة أعداد العاملين في القطاع العام.
وتتحمل الخزينة الأردنية أعباء كبيرة بسبب الرواتب والرواتب التقاعدية والنفقات المتكررة الناجمة عن ذلك.
ولكن كما قلت، فإن حجم الدين الإجمالي على الخزينة الأردنية يقل عن ربع ديون الجمهورية اللبنانية من حيث الحجم. إذا استعاد الاقتصاد حركته، فإن الدين يصبح مشكلة ثانوية.
* هناك من يخشى على الطبقة الوسطى في الأردن وتآكلها.. كيف ترون ذلك؟
- يسارع بعض المحللين في الأردن إلى الاستنتاج بأن الطبقة المتوسطة في الأردن قد تآكلت، وأنها قد تراجعت من حيث نسبتها إلى مجموع السكان. ويحذر هؤلاء المحللون من أن انكماش الطبقة المتوسطة يفتح الباب على احتمالات النزاع والفرقة واختلال التوازن في المجتمع. وأنا أؤمن بالدور الجذري للطبقة المتوسطة في أنها ميزان الأمن والأمان والتقدم، ولكنني لا أعتقد أن حجمها قد تراجع، بقدر ما حصل تغيير في تكوينها، وفي مكان إقامتها. لقد كانت الطبقة المتوسطة في الأردن تشير عادة إلى الموظفين وكبار المهنيين (المعلمين) وأصحاب الأعمال المتوسطة والصغيرة والأساتذة والمحاسبين والأطباء العامين والمهندسين والمزارعين أصحاب الأراضي متوسطة المساحة.
أما الآن فإن الطبقة المتوسطة قد دخل إليها كثيرٌ من الأيدي العاملة ذات الياقة الزرقاء (العمال). وقد كان أستاذ المدرسة حديث التخرج قبل ربع قرن يحقق دخلاً يساوي ضعف أجر العامل اليومي. أما الآن فقد انعكست الصورة تماماً..
وكذلك فإن كثيراً من المؤهلين المتعلمين قد غادروا الأردن بحثاً عن عمل في الخارج. وهؤلاء يبلغون حوالي (300) ألف شخص، أو ما يساوي خُمس الأيدي العاملة الأردنية، ومن الذكور على الأغلب. وهؤلاء كلهم من الطبقة المتوسطة.
الحديث عن الطبقة المتوسطة يصبح أكثر خيفة حين نقرنه بنسب الفقر الذي تجاوز 18% من مجموع السكان. الفقر فعلاً هو التحدي.