المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مناقشة مكافآت مجلس الإدارة بالشورى فتحت القضية



عزوز المضارب
31-01-2010, 01:14 AM
الدور الرقابي للجمعيات العامة
مناقشة مكافآت مجلس الإدارة بالشورى فتحت القضية


علاقة المساهمين بالجمعيات العامة علاقة ثلاثية الأطراف
الجمعية العامة السلطة العليا في أي شركة
ضرورة تعريف الأعضاء بحقوقهم ورفع مستوى الوعي
حق الملكية والمشاركة في القرار من الحقوق الأساسية لجميع المساهمين
القانون أبطل كل قرار يصدر لمصلحة فئة معينة من المساهمين



الدوحة ـ الراية :أثارت مناقشة مجلس الشورى موضوع مكافأة أعضاء مجالس إدارات البنوك
والشركات المساهمة القطرية النقاش حول الدور الرقابي للجمعيات العامة في الشركات
المساهمة القطرية. لذا سوف نسلط الضوء مجدداً على هذا الموضوع المهم.

قبل مناقشة الموضوع نود أن نبين أن مناقشة مجلس الشورى للموضوع هي اختصاص أصيل
وحق دستوري وممارسة ديمقراطية، حيث أناط دستور دولة قطر بمجلس الشورى صفة
التشريع والرقابة على السلطة التنفيذية.

لتحديد الدور الرقابي للجمعيات العامة نبدأ بتعريف طبيعة علاقة المساهمين بالجمعية العامة:

إن علاقة المساهمين بالجمعيات العامة هي علاقة ثلاثية الأطراف . وأطرافها هم :

(أ) المشرع بما يصدره من قوانين وأنظمة ولوائح لتنظيم الإطار القانوني لعمل الشركات
المساهمة ،

(ب) الشركة بما في ذلك كادرها التنفيذي ومجلس إدارتها ونظامها الأساسي،

(ج) المساهمون.

بداية نود أن نستعرض الإطار القانوني لحقوق المساهمين في الشركات المساهمة الذي نظمه المشرع،
والضمانات التي كفلها المشرع للمساهمين. ومن ثم نتناول مدى إدراك مساهمي
الشركات لحقوقهم وممارستهم لتلك الحقوق.

الجمعية العامة كما هو معروف، هي السلطة العليا في أي شركة. وهي صاحبة الاختصاص
باتخاذ جميع القرارات المتعلقة في القضايا الجوهرية في الشركة، التي تتجاوز سلطات مجلس
الإدارة . حيث تنحصر مهام مجلس الإدارة في تصريف الشؤون اليومية والتشغيلية للشركة .

بينما تختص الجمعية العامة باعتماد السياسات العامة، وبأتخاذ القرارات اللازمة لتحقيق
أفضل النتائج للشركة . ولا يحد من اختصاصها سوى أحكام القانون.

هناك مسائل أساسية دورية واعتيادية تختص بها الجمعية العامة العادية ، وتنظر بها سنوياً .
وهناك مسائل مصيرية تختص بها الجمعية العامة غير العادية .

فالجمعية العامة العادية تختص بالمصادقة على تقرير مجلس الإدارة ، وبالمصادقة على تقرير
مدققي الحسابات ، وبالمصادقة على الحسابات الختامية للشركة ، بما في ذلك حساب الأرباح
والخسائر ، وانتخاب مجلس الإدارة ، وتعيين مراقبي الحسابات وتحديد أتعابهم ، والموافقة
على إبراء ذمة أعضاء مجلس الإدارة والموافقة على صرف مكافآتهم، وإقرار توصية مجلس
الإدارة بشأن توزيع الأرباح .

وإن من سلطة وصلاحيات الجمعية العامة أن تخفض المكافأة
الموصى بها لأعضاء مجلس الإدارة، إذا ما رأت أن جهدهم المبذول لا يتناسب مع المكافأة
المقترحة.

أما الجمعية العامة غير العادية فتختص بتعديل عقد التأسيس والنظام الأساسي للشركة ، زيادة
أو تخفيض رأس المال ، تمديد مدة الشركة ، حل الشركة أو تصفيتها أو تحولها أو اندماجها .

مما سبق يتضح أن الجمعية العامة هي صاحبة القرار سواءً في المسائل الروتينية الاعتيادية،
أو في المسائل الجوهرية الاستثنائية، ويتجلى بذلك دورها الرقابي فيما إذا قامت بأداء مهامها
على الوجه الصحيح. وهنا يبرز دور المساهم الفعال في ممارسة حقوقه في الشركة .


فمجموع المساهمين هم الجمعية العامة لأي شركة، وعليهم تقع مسؤولية ممارسة الحقوق التي كفلها لهم القانون، بما فيها ممارسة الدور الرقابي على أعمال مجلس الإدارة.

إضافة لما سبق أجاز القانون لعدد من المساهمين دعوة الجمعية العامة للانعقاد، في حالة عدم
دعوة الجمعية من قبل مجلس الإدارة .

كما نص القانون على حقوق أساسية لجميع المساهمين، منها:

1- حق الملكية المتمثل بالحصول على توزيعات الأرباح، وحق الأولوية في الاكتتاب في الأسهم
الجديدة ، والحق في الحصول على حصة في حالة التصفية .

2- الحق في المشاركة في اتخاذ القرار المتمثل في حق حضور الجمعيات العامة، والحق في
مناقشة المسائل المعروضة على الجمعية، والحق في التصويت على قرارات الجمعية العامة،
وانتخاب وعزل أعضاء مجلس الإدارة ، والحق في التحفظ والاعتراض على قرارات الجمعية العامة، والحق في الموافقة أو حجب الموافقة على مكافأة أعضاء المجلس.

3- الحق في الرقابة على إدارة الشركة المتمثل في الحق في مناقشة الموضوعات المدرجة
على جدول الأعمال، وتوجيه الأسئلة إلى أعضاء مجلس الإدارة وإلى مراقب الحسابات،
ومناقشة المسائل غير المدرجة على جدول الأعمال في الوقائع الخطيرة التي تنكشف أثناء
الاجتماع، وحق إدراج مسائل معينة على جدول الأعمال من قبل عدد من المساهمين، وحق
الاحتكام الى الجمعية العامة إذا رأى المساهم أن الرد غير كاف.

4- حق الشكوى والتقاضي المتمثل في حق المساهمين الحائزين على نسبة معينة من رأس
المال بطلب التفتيش على الشركة، أو بحق المساهم أن يرفع الدعوى منفرداً إذا ما أصابه
ضرر خاص به كمساهم.

5- حق تمثيل الأقلية إن من شأن تطبيق مبدأ التصويت التراكمي بموجب نظام حوكمة الشركات
الصادرعن هيئة قطر للأسواق المالية أن يضمن للأقلية تمثيلاً في مجالس إدارات الشركات
المساهمة، وتعزيزاً لدور الجمعية العامة في الرقابة.

كما أعطى القانون للمساهمين ضمانات وحقوقا أخرى لحماية حقوقهم، منها:

1- لقد أناط المشرع بالوزارة مهمة مراقبة الشركات، للتحقق من قيامها بالالتزام بالقانون
والأنظمة الأساسية ، وأسبغ على موظفي الإدارة المختصة بمراقبة الشركات، صفة مأموري
الضبط القضائي.

2- لم يجز القانون للمساهم توكيل أحد أعضاء مجلس الإدارة نيابة عنه ، وأبطل القانون أي
شرط في النظام الأساسي يقيد حق المساهم في المناقشة والاستفسار والاعتراض.

3- اشترط القانون نصاباً معيناً لصحة انعقاد الجمعية العامة، واشترط استكمال بعض
الاجراءات.

4- لم يجز القانون لأعضاء مجلس الإدارة الاشتراك في التصويت على إبراء ذمتهم.

5- أبطل القانون كل قرار يصدر لمصلحة فئة معينة من المساهمين، أو يضر بها أو يجلب نفعاً
خاصاً لأعضاء مجلس الإدارة دون اعتبار لمصلحة الشركة.

6- ولدعم الجمعية العامة في أداء دورها الرقابي ورفدها بالخبرات المهنية المتميزة، اعتبر
القانون مراقب الحسابات وكيلاً عن مجموع المساهمين للتأكد من صحة البيانات الحسابية
والفنية، وعدم مخالفة الشركة لأحكام القانون أو النظام الأساسي.

7- أبطل القانون كل قرار يكون من شأنه المساس بحقوق المساهم المستمدة من نصوص
القانون، أو النظام الأساسي، أو زيادة التزاماته.

8- ألزم القانون مجلس الإدارة أن يضع تحت تصرف المساهمين كشفاً تفصيلياً يتضمن أي
أجور أو أتعاب أو مرتبات أو مصاريف أو مزايا عينية أو مكافآت، قد يتقاضاها أعضاء مجلس
الإدارة.

9- إن من شأن تطبيق أحكام نظام الحوكمة والانضباط المؤسسي المنصوص عليها في نظام
حوكمة الشركات المدرجة في الأسواق المالية التي تخضع لرقابة هيئة قطر للأسواق المالية،
أن يكمل الدور الرقابي للجمعيات العامة.

مما سبق يتضح أن المشرع قد وضع إطاراً قانونياً متكاملاً، يضمن للمساهمين حقوقاً في
الجمعيات العمومية ، ويضمن لهم عدم الانتقاص من تلك الحقوق، ويؤسس لدور رقابي فعال
للجمعية العامة.

أما من ناحية الشركات المساهمة ومجالس إدارتها ، فإنهم لا يستطيعون التراخي في الالتزام
بما نص عليه القانون والأنظمة الأساسية للشركات . وحال مخالفة مجلس الإدارة أو أحد
أعضائه لأحكام القانون أو النظام الأساسي، نص القانون على جزاءات وعقوبات مشددة قد
تصل للعقوبات السالبة للحرية.

لذا فإن المسألة تتعلق بممارسة الحقوق والاستفادة من الضمانات التي كفلها المشروع
للجمعية العامة. وليست نقصاً في القانون وأحكامه. وإننا نفضل ونرجح أن يتم التوجه لرفع
مستوى الوعي لدى المساهمين وتفعيل مشاركتهم في أعمال الجمعية العامة، عوضاً عن
تعديل نصوص القانون. وإن تعديل أي نص قانوني دون ممارسة الحقوق التي يضمنها هذا
النص لن يؤتي ثماره ما لم تتم ممارسة المساهم لحقوقه كما نص عليها القانون.

أما في الواقع فإن بعض المساهمين إما لا يبذل الجهد الكافي لمعرفة حقوقه، أو أنه يختار
طواعيةً عدم تفعيل مشاركته في اجتماعات الجمعية العامة، نظراً لانصراف عدد كبير من
المساهمين الى المضاربة باسعار الأسهم دون أدنى اهتمام بمشاريع الشركة وخططها الجارية
والمسقبلية ، وهذا هو الاتجاه والسلوك السائد حالياً من قبل معظم المساهمين في الشركات
المساهمة.

خلاصة الأمر أن أعضاء الجمعية العامة في الشركات المساهمة إما يعرفون حقوقهم ، أو أنه
من الممكن أن يعرفوا كامل حقوقهم ، إذا ما بذلوا جهد الشخص العادي . ولكن معظم
المساهمين للأسف لا يمارسون تلك الحقوق، لا لجهل بها، وإنما لانصراف اهتمامهم الى
المضاربة بأسعار الأسهم.

إضافة الى ذلك ربما لا تتوفر لدى البعض منهم الخلفية الإدارية والقانونية والمالية والدراية
والخبرة الفنية اللازمة للمشاركة الفنية والفعالة في المناقشات . إلا أن الشركات تقوم عادةً
بطرح خططها المستقبلية على الجمعية العامة، وتقوم بتوزيع موجز للبيانات المالية، يستطيع الشخص العادي أن يقرأها ويستنبط منها اتجاهات أداء الشركة، ما يمكّنه من المشاركة في
الجمعية، والاستفسار بشان إما النتائج المالية للشركة أو خططها المستقبلية والمشاركة في
اتخاذ القرار، وحماية مصالحه كمساهم وممارسة دوره الرقابي من خلال الجمعية العامة .

ونظراً لغياب المشاركات الفعالة والجدية يبرز بعض المتطفلين، الذين يقدمون في الجمعيات
العامة مساهمات سلبية واستعراضية، تهدف بالدرجة الأولى الى حب الظهور واستعراض قدرات فنية موهومة. هذا ما قد ينفّر المساهمين الجادين إما من الحضور، أو من المناقشة
الجادة في اجتماعات الجمعيات العامة.

بشكل عام فإننا لا نرى قصوراً في الإطار القانوني الناظم لعمل الشركات المساهمة العامة، بل
على العكس نرى إطاراً قانونياً متكاملاً يرسم ويؤسس للدور الرقابي للجمعية العامة، وفقاً لما
بيناه آنفاً. وإننا نرى أن مجالس الإدارة في الشركات المساهمة لا تستطيع أن تتراخى في تطبيق
القانون وأنظمتها الأساسية كما بيّنا سابقاً، بل أن هناك من الشركات من يسعى الى المساهمة في رفع وعي المستثمر، حيث تُفرد سواءً في مواقعها على الشبكة العالمية للمعلومات، أو في
نشراتها المتخصصة للمساهمين أبواباً خاصة بشأن حقوق المساهمين وواجباتهم .

وبالعودة الى أطراف العلاقة الثلاثة، إننا نعتقد أن المسؤولية تقع على المساهم في التعرف الى
حقوقه وممارستها ممارسة تامة . حيث تستند حقوق المساهم الى أسس قانونية وعملية
وديمقراطية سليمة تعززها مبادئ الدستور القطري، وفي مقدمتها مبدأ المساواة والعدالة
وتكافؤ الفرص، والقواعد العامة للقانون المدني، وأحكام قانون الشركات التجارية رقم (5)
لسنة 2002 وتعديلاته، وأحكام قانون إنشاء بورصة قطر، وقانون إنشاء هيئة قطر للأسواق
المالية، ونظام حوكمة الشركات.

لذا تبرز الأهمية بضرورة تعريف أعضاء الجمعيات العامة بحقوقهم المنصوص عليها في
القوانين والأنظمة النافذة، ورفع مستوى الوعي بتلك الحقوق وأهمية وحيوية ممارستها على
أسس ديمقراطية سليمة، وتشجيع المساهمين على حضور الجمعيات العامة والمشاركة
بأعمالها بشكل فاعل، وتمكينهم من ممارسة تلك الحقوق وتفعيل الدور الرقابي للجمعيات
العامة، وفي ذلك الضمانة الأكيدة لتعزيز الشفافية والمساواة في الفرص في الشركات
المساهمة العامة.

وإن من شأن إحجام المساهمين عن المشاركة بأعمال الجمعيات العامة، وعدم ممارسة
الحقوق والضمانات التي كفلها القانون أن يضعف الدور الرقابي للجمعيات العامة، ولن يعوض أي تعديل لنص قانوني عن دور الجمعيات العامة في الرقابة.

إذاً فلتوجه الجهود إلى تنمية قدرات المساهمين على المشاركة الفاعلة في أعمال الجمعيات
العامة، وممارسة الدور الرقابي لها. وفي ذلك فقط الضمانة الأكيدة لتحقيق غاية المشرع في
حماية حقوق المساهمين