هدوء العاصفة
06-02-2010, 04:38 PM
الحلقة الاولى:
بقلم جلال خالد الانصاري
تمهيد:
في العام 927هـ اجتاح الجيش البرتغالي جزيرة البحرين (أوال) وتقاتل البرتغاليون مع فرسان حاكم جزيرة (أوال) الامير مقرن بن أجود بن زامل الجبري الذي خرج من قلعة البحرين للدفاع عن بلاد آباءه واجداده "الجبور"، كان الامير مقرن قد خرج على رأس جيش قوامه 15,000 من الفرسان و عدد من السفن المزوده بالمدافع التقليدية التي تحشى بكرات حديدة من فوهة المدفع، كان امير البحرين مؤمننا بالنصر، أمر الامير مقرن رجاله باطلاق المدافع في وجه البرتغالييون الغزاه، فباشر الرجال باطلاق القذائف و طلقات البنادق ذات الفتيل،
كانت القذائف تحدث دويا قويا نتيجة انفجار البارود ولكن لم تصب اي من السفن البرتغالية باضرار تذكر، وذلك راجع الى ان مدافع اهل البحرين كانت بدائية و قصيرة المدى.... امر قائد الحملة البرتغالية باطلاق نيران مدافع السفن البرتغالية الحديثة، وما هي الا لحظات حتى اخذت اعمدة الدخان تتصاعد من المساكن القريبة من الميناء .... و تحت وابل القذائف أقتربت السفن البرتغالية اكثر الى ساحل الجزيرة ثم امر القائد بارسال الجنود على ظهر سفن صغيره مجهزه خصيصا لهذه المهمه، كون ان السفن الكبيرة لا يمكنها الاقتراب من السواحل الضحلة.
استمرت السفن البرتغالية في امطار رجال حاكم البحرين بنيران المدافع التي لم يسبق للشيخ مقرن أن رأى مثلها في حياته فامر الامير مقرن الجنود بالانسحاب من جزيرة (أوال) الى القطيف لكي يتسنى لهم الاحتماء في صحراء الجزيرة العربية ومن ثم الاستعانه برجال القبائل العربية، واعادة محاولة استرجاع الجزيرة ....
انسحب رجال الشيخ مقرن بسرعه متجهين الى سواحل بلدة القطيف ولكن القائد البرتغالي ارسل السفن الحربية في اثرهم و تمكن البرتغالييون من اصابة سفينة حاكم البحرين اصابة مباشرة نتج عنها مقتل الامير مقرن الجبري و عدد من البحارة .... اسرع القائد البرتغالي الى سفن حاكم البحرين واستل سيفه و قطع راس الامير مقرن و ارسلة الى نائب الحاكم البرتغالي في جزيرة هرمز حيث علق الراس على عمود خشبي امام القلعة البرتغالية في هرمز كرمز للنصر.
ونتيجة لهذه الاحداث الخطيرة التي انتهت بمقتل حاكم البحرين و استيلاء القوات الغازيه على قلاع جزيرة (أوال) امر قائد القوات البرتغاليه جنوده بقطع اذان وجذع انوف رجال الامير مقر المقاتلين الذين تخلفوا في جزيرة (اوال) بعد سقوط البلده، وفي هذه الاثناء فرت من جزيرة (أوال) فرقه من عرب الجبور بقيادة الامير خالد بن مهنا الجبري احد اقارب الامير مقرن بن أجود الجبري حاكم البحرين كما جاء في كتاب صهوة الفارس في تاريخ عرب فارس، واستقر الامير خالد الجبري بجماعته واتباعه في بلدة الطاهريه (سيراف) على الشاطئ الفارسي المقابل مباشرة لشواطئ جزيرة البحرين (أوال)، واسسو في ذلك المكان قريه عربيه خاضعه لحكم الجبور.
وسواء كانت الاسباب المشار اليها اعلاه هي السبب ام غيره لانتقال هؤلاء العرب، فاعتقد بانه من الواجب علينا تخيل أمر مشابه كان وراء وصول عرب "آل نصور" الى منطقة بر فارس حيث ان الروايه تفيد بان الامير خالد الجبري أسس امارة عربية مستقله في بلدة الطاهرية وجعل نظام الحكم فيها وراثيا و للارشد من ابناءه واحفاده من بعده ما تناسلوا الى ان يشاء الله، ومع مرور الزمن اتسعت هذه الامارة، فاصبحت امارة آل نصور يحدها من الشمال أمارة بوشهر التي يحكمها الشيخ مذكور بن طاهر المطروشي وهو عربي ينحدر من اصول عمانيه هاجر اجداده من جزيرة الحمراء التابعة لمنطقة راس الخيمة، ومن الجنوب يحدها أمارة "نابند" التابعة لعرب آل حرم المهاجرين أصلا من الحجاز والذين يعتزون بعربتهم، ومن الشرق يحدها منطقة كلدار و التي يحكمها خان كلدار الفارسي التابع لحاكم منطقة شيراز، واخير يحدهم من الشرق مياه الخليج العربي.
وفي مطلع القرن الثاني عشر الهجري كان عرب بندر الطاهرية جزء من تحالف كبير يسمى الهوله. وكانو هؤلاء الهوله كغيرهم من سكان حوض الخليج العربي يرحلون الى مغاصات اللؤلؤ القريبه من جزيرة البحرين، في فصل الصيف ويمكثون هناك لمدة اربعة اشهر بحثا عن اللؤلؤ الذي ينقل عن طريق كبار التجار (الطواويش) في الخليج الى الهند حيث يباع هناك باسعار مجزيه وفي المقابل يقوم التجار بشراء الارز وباقي المواد الغذائية بالاضافة الى الاخشاب التي تستخدم في عملية بناء المساكن و السفن، كان هؤلاء الهوله كباقي عرب الخليج يسيطرون بشكل مباشر على الملاحة في الخليج لا ينازعهم في ذلك سوء الاوربيون، وفي المقابل كان حكام الامبراطوريه الصفويه يكتفون بالمبالغ التي يدفعها شيوخ القبائل العربية لهم مقابل ايجار تلك الموانئ.
وفي صيف عام 1111هـ كان اسطول تحالف قبائل الهوله في رحلتهم السنويه للبحث عن اللؤلؤ في المغاصات (الهيرات) القريبه من جزيرة البحرين وبينما هم يغوصون بحثا عن اللؤلؤ كانت بالقرب منهم مجموعة سفن تابعه لعرب العتوب و الخليفات الذين يسكون بندر الديلم القريبه من بندر بوشهر، والذين يعتمدون ايضا على مهنة صيد اللؤلؤ كمصدر رئيسي لكسب المال، وعلى حين بغته هاجم عدد من العتوب سفينه تابعة للهوله و قتلوا ثلاثة من البحاره و سلبوا بعض الاموال واختفوا بعيدا عن الانظار، كانت اعمال القتل..
في تلك الايام منتشرة وعادة ما تحدث نتيجة عدة أسباب منها الماديه او للثأر، كان هذا اول و اهم حدث عاصرة الشيخ جبارة بن ياسر الجبري في مرحلة صباه، وهذه الحادثة الشهيرة تم تدوينه في الوثائق العثمانية والبحرينية المشار اليها في عدة مواضع من هذا الكتاب، وكنتيجة حتمية لاعتداء العتوب على الهوله في عام 1111هـ، نجد ان الهوله قاموا بهجوم آخر ضد عرب العتوب في صيف 1112هـ بالقرب من مغاصات اللؤلؤ البحرينية، وارتكبوا مجازر وحشيه بحق عرب العتوب حيث قضوا على ما يقارب 400 رجل من عرب العتوب ([1]).
وبسبب هذه الفاجعه ثار عرب العتوب بعد عودتهم الى بندر الديلم طلبوا مساعدة حلفائهم عرب الخليفات و توجهوا الى مغاصات اللؤلؤ وهاجموا جميع السفن التي اعترضت طريقهم سواء كانت تلك السفن تابعة لقبائل عرب الهوله او غيرهم ثم نزلوا الى سواحل جزيرة البحرين و احرقوا المزارع و القرى التي تقع خارج اسوار المدن الرئيسية، وعادوا الى بلدهم الديلم ([2]).
اغضبت هذه الاعمال والي البحرين الفارسي وارسل يشتكي تعديات عرب الديلم (العتوب والخليفات) الى الشاه حسين الصفوي في ايران، وفي المقابل أمر الشاه حسين بأرسال قوة برية تخرج من بلدة شيراز وتهاجم العتوب في بندر الديلم، ونتيجة لتحرك هذ القوة الفارسية هاجر العتوب الى البصرة ثم الى بلدة القرين على الساحل العربي بالقرب من مدنية البصرة واسسوا بلدة عرفت فيما بعد بالكويت.
بقلم جلال خالد الانصاري
تمهيد:
في العام 927هـ اجتاح الجيش البرتغالي جزيرة البحرين (أوال) وتقاتل البرتغاليون مع فرسان حاكم جزيرة (أوال) الامير مقرن بن أجود بن زامل الجبري الذي خرج من قلعة البحرين للدفاع عن بلاد آباءه واجداده "الجبور"، كان الامير مقرن قد خرج على رأس جيش قوامه 15,000 من الفرسان و عدد من السفن المزوده بالمدافع التقليدية التي تحشى بكرات حديدة من فوهة المدفع، كان امير البحرين مؤمننا بالنصر، أمر الامير مقرن رجاله باطلاق المدافع في وجه البرتغالييون الغزاه، فباشر الرجال باطلاق القذائف و طلقات البنادق ذات الفتيل،
كانت القذائف تحدث دويا قويا نتيجة انفجار البارود ولكن لم تصب اي من السفن البرتغالية باضرار تذكر، وذلك راجع الى ان مدافع اهل البحرين كانت بدائية و قصيرة المدى.... امر قائد الحملة البرتغالية باطلاق نيران مدافع السفن البرتغالية الحديثة، وما هي الا لحظات حتى اخذت اعمدة الدخان تتصاعد من المساكن القريبة من الميناء .... و تحت وابل القذائف أقتربت السفن البرتغالية اكثر الى ساحل الجزيرة ثم امر القائد بارسال الجنود على ظهر سفن صغيره مجهزه خصيصا لهذه المهمه، كون ان السفن الكبيرة لا يمكنها الاقتراب من السواحل الضحلة.
استمرت السفن البرتغالية في امطار رجال حاكم البحرين بنيران المدافع التي لم يسبق للشيخ مقرن أن رأى مثلها في حياته فامر الامير مقرن الجنود بالانسحاب من جزيرة (أوال) الى القطيف لكي يتسنى لهم الاحتماء في صحراء الجزيرة العربية ومن ثم الاستعانه برجال القبائل العربية، واعادة محاولة استرجاع الجزيرة ....
انسحب رجال الشيخ مقرن بسرعه متجهين الى سواحل بلدة القطيف ولكن القائد البرتغالي ارسل السفن الحربية في اثرهم و تمكن البرتغالييون من اصابة سفينة حاكم البحرين اصابة مباشرة نتج عنها مقتل الامير مقرن الجبري و عدد من البحارة .... اسرع القائد البرتغالي الى سفن حاكم البحرين واستل سيفه و قطع راس الامير مقرن و ارسلة الى نائب الحاكم البرتغالي في جزيرة هرمز حيث علق الراس على عمود خشبي امام القلعة البرتغالية في هرمز كرمز للنصر.
ونتيجة لهذه الاحداث الخطيرة التي انتهت بمقتل حاكم البحرين و استيلاء القوات الغازيه على قلاع جزيرة (أوال) امر قائد القوات البرتغاليه جنوده بقطع اذان وجذع انوف رجال الامير مقر المقاتلين الذين تخلفوا في جزيرة (اوال) بعد سقوط البلده، وفي هذه الاثناء فرت من جزيرة (أوال) فرقه من عرب الجبور بقيادة الامير خالد بن مهنا الجبري احد اقارب الامير مقرن بن أجود الجبري حاكم البحرين كما جاء في كتاب صهوة الفارس في تاريخ عرب فارس، واستقر الامير خالد الجبري بجماعته واتباعه في بلدة الطاهريه (سيراف) على الشاطئ الفارسي المقابل مباشرة لشواطئ جزيرة البحرين (أوال)، واسسو في ذلك المكان قريه عربيه خاضعه لحكم الجبور.
وسواء كانت الاسباب المشار اليها اعلاه هي السبب ام غيره لانتقال هؤلاء العرب، فاعتقد بانه من الواجب علينا تخيل أمر مشابه كان وراء وصول عرب "آل نصور" الى منطقة بر فارس حيث ان الروايه تفيد بان الامير خالد الجبري أسس امارة عربية مستقله في بلدة الطاهرية وجعل نظام الحكم فيها وراثيا و للارشد من ابناءه واحفاده من بعده ما تناسلوا الى ان يشاء الله، ومع مرور الزمن اتسعت هذه الامارة، فاصبحت امارة آل نصور يحدها من الشمال أمارة بوشهر التي يحكمها الشيخ مذكور بن طاهر المطروشي وهو عربي ينحدر من اصول عمانيه هاجر اجداده من جزيرة الحمراء التابعة لمنطقة راس الخيمة، ومن الجنوب يحدها أمارة "نابند" التابعة لعرب آل حرم المهاجرين أصلا من الحجاز والذين يعتزون بعربتهم، ومن الشرق يحدها منطقة كلدار و التي يحكمها خان كلدار الفارسي التابع لحاكم منطقة شيراز، واخير يحدهم من الشرق مياه الخليج العربي.
وفي مطلع القرن الثاني عشر الهجري كان عرب بندر الطاهرية جزء من تحالف كبير يسمى الهوله. وكانو هؤلاء الهوله كغيرهم من سكان حوض الخليج العربي يرحلون الى مغاصات اللؤلؤ القريبه من جزيرة البحرين، في فصل الصيف ويمكثون هناك لمدة اربعة اشهر بحثا عن اللؤلؤ الذي ينقل عن طريق كبار التجار (الطواويش) في الخليج الى الهند حيث يباع هناك باسعار مجزيه وفي المقابل يقوم التجار بشراء الارز وباقي المواد الغذائية بالاضافة الى الاخشاب التي تستخدم في عملية بناء المساكن و السفن، كان هؤلاء الهوله كباقي عرب الخليج يسيطرون بشكل مباشر على الملاحة في الخليج لا ينازعهم في ذلك سوء الاوربيون، وفي المقابل كان حكام الامبراطوريه الصفويه يكتفون بالمبالغ التي يدفعها شيوخ القبائل العربية لهم مقابل ايجار تلك الموانئ.
وفي صيف عام 1111هـ كان اسطول تحالف قبائل الهوله في رحلتهم السنويه للبحث عن اللؤلؤ في المغاصات (الهيرات) القريبه من جزيرة البحرين وبينما هم يغوصون بحثا عن اللؤلؤ كانت بالقرب منهم مجموعة سفن تابعه لعرب العتوب و الخليفات الذين يسكون بندر الديلم القريبه من بندر بوشهر، والذين يعتمدون ايضا على مهنة صيد اللؤلؤ كمصدر رئيسي لكسب المال، وعلى حين بغته هاجم عدد من العتوب سفينه تابعة للهوله و قتلوا ثلاثة من البحاره و سلبوا بعض الاموال واختفوا بعيدا عن الانظار، كانت اعمال القتل..
في تلك الايام منتشرة وعادة ما تحدث نتيجة عدة أسباب منها الماديه او للثأر، كان هذا اول و اهم حدث عاصرة الشيخ جبارة بن ياسر الجبري في مرحلة صباه، وهذه الحادثة الشهيرة تم تدوينه في الوثائق العثمانية والبحرينية المشار اليها في عدة مواضع من هذا الكتاب، وكنتيجة حتمية لاعتداء العتوب على الهوله في عام 1111هـ، نجد ان الهوله قاموا بهجوم آخر ضد عرب العتوب في صيف 1112هـ بالقرب من مغاصات اللؤلؤ البحرينية، وارتكبوا مجازر وحشيه بحق عرب العتوب حيث قضوا على ما يقارب 400 رجل من عرب العتوب ([1]).
وبسبب هذه الفاجعه ثار عرب العتوب بعد عودتهم الى بندر الديلم طلبوا مساعدة حلفائهم عرب الخليفات و توجهوا الى مغاصات اللؤلؤ وهاجموا جميع السفن التي اعترضت طريقهم سواء كانت تلك السفن تابعة لقبائل عرب الهوله او غيرهم ثم نزلوا الى سواحل جزيرة البحرين و احرقوا المزارع و القرى التي تقع خارج اسوار المدن الرئيسية، وعادوا الى بلدهم الديلم ([2]).
اغضبت هذه الاعمال والي البحرين الفارسي وارسل يشتكي تعديات عرب الديلم (العتوب والخليفات) الى الشاه حسين الصفوي في ايران، وفي المقابل أمر الشاه حسين بأرسال قوة برية تخرج من بلدة شيراز وتهاجم العتوب في بندر الديلم، ونتيجة لتحرك هذ القوة الفارسية هاجر العتوب الى البصرة ثم الى بلدة القرين على الساحل العربي بالقرب من مدنية البصرة واسسوا بلدة عرفت فيما بعد بالكويت.