مشاهدة النسخة كاملة : لاتتشــــــــــــــــــائم
واثق بالله
19-03-2010, 03:48 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
لقد جاء الإسلام والناس يتخبطون في الباطل تخبط من به مس من الشيطان، جاء وقد تحكمت في تصرفاتهم حفنة بالية من الاعتقادات الرديئة المحشوة بخرافات مضللة، وأوهام مدمرة، ومن ذلك أنهم ربما امتنعوا عن السفر بعدما عزموا عليه، وحزموا أمتعتهم لأجله لا لشيئ إلا لأنهم طيروا طائرا فرأوه يأخذ ذات الشمال،
ويمتنعون عن التزاوج حماقة وجهلا في شهر شوال، وتتنغص حياتهم لصوت غراب، ويعطلون أعمالهم ومصالحهم لقول كل كاهن كاذب مرتاب، إلى غير ذلك مما يعرف بالطيرة وهي التشاؤم بأسماء الطيور وأصواتها وألوانها، ولربما اتسع مدلولها ليدخل فيه الشهور والأيام والأشخاص والأرقام وغير ذلك، قال النووي
رحمه الله : «وكانوا يتطيرون بالسوانح والبوارح، فينفِّرون الظباء والطيور، فإن أخذت ذات اليمين تبركوا به ومضوا في سفرهم وحوائجهم، وإن أخذت ذات الشمال رجعوا عن سفرهم وحاجتهم وتشاءموا بها، فكانت تصدهم في كثير من الأوقات عن مصالحهم. «)شرح النووي على مسلم: 14/218(.
وبالرغم من ظهور بوار هذه الأفكار وتفاهتها إلا أنها مع ذلك تغلغلت بينهم وسرت فيهم سريان النار في الهشيم، حتى تدنست الحياة وتعكر صفوها، ولكن من رحمة الكريم الرحمن أن أرسل نبيه محمدا ] بعقيدة صافية نقية ردتهم إلى رشدهم وأماطت عنهم أدران الجاهلية وأوضحت لهم أن الله سبحانه هوخالق الخير والشر والسعود والنحوس، وكل ذلك بقضائه وقدره. وأن التتطير والتشاؤم باطل لا ينفع ولا يضر .
واثق بالله
19-03-2010, 03:52 AM
حكم التشاؤم
والطيرة التشاؤم والتطير مما جاءت الشريعة الغراء بتحريمه وذمه والزجر عنه، دل على ذلك كتاب الله تعالى، كما في قوله سبحانه: }فَإِذَا جَاءتْهُمُ الحَسَنَةُ قَالُواْ لَنَا هَذِهِ وَإِن تصُِبهْمُْ سَيئّةَ يطََّيرَُّوا بِمُوسَى ومََن مَّعَه ألَا إِنمََّا طَائِرُهُمْ عِندَ الله ولكن أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ{ )الأعراف:131(، وقال: }قَالُواْ اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَن مَّعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِندَ اللَّهِ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ{)النمل:47(، وقال: }قَالُواْ إِنَّا تطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِن لَّمْ تَنتَهُواْ لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ * قَالُواْ طَائِرُكُم مَّعَكُمْ أَئِن ذُكّرْتُم بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ{ )يس:18، 19
(، كما دلت على ذلك سنة النبي ] فعن أبي هريرة [ عن النبي ] قال: )لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر(، رواه البخاري وغيره . قال ابن القيم رحمه الله : «وهذا يدل على أن المراد النفي، وإبطال هذه الأمور التي كانت الجاهلية تعانيها، والنفي في هذا أبلغ من النهي؛ لأن النفي يدل على بطلان ذلك وعدم تأثيره، والنهي إنما يدل على المنع منه ،»)مفتاح دار السعاده: 2/234(. < وعن عبد الله بن مسعود [ قال: قال رسول الله ]: )الطيرة من الشرك، وما منا إلا، ولكن الله يذهبه بالتوكل( )رواه الترمذي وغيره وصححه(. قال ابن حجر رحمه الله : «وإنما جعل ذلك شركاً لاعتقادهم أن ذلك يجلب نفعاً أو يدفع ضراً، فكأنهم أشركوه مع الله تعالى.» < عن أم كرز الكعبية قالت: سمعت النبي ] يقول : )أقرّوا الطير على مَكِنَاتِها( رواه أحمد وأبو داوود وغيرهما وصححه الألباني، ومعنى «أقروا» أبقوا، و «مكناتها» مواضع بيضها.
قال ابن جرير رحمه الله : «معنى ذلك: أقرّوا الطير التي تخرجونها في مواضعها المتمكنة فيها، التي هي لها مستقر، وامضوا لأموركم، فإن زجركم إياها غير مجدٍ عليكم نفعاً ولا دافع عنكم ضرراً.»
واثق بالله
19-03-2010, 03:55 AM
التشاؤم من صفات الكافرين و المنافقين
لما أسقط في أيدي الكافرين، وبان عجزهم، وبهتوا أمام الآيات البينات التي أيد بها الله تعالى رسله فعظمت حجتهم وسطع برهانهم واستعلن الحق الذي معهم وآذن بزهوق الباطل وزواله : عمد أولئك الكافرون إلى تهمة بالية وخديعة تافهة رغبوا أن تكون عونا لهم في الصد عن سبيل الله وصرف الناس عن دعوة أنبيائه ورسله، حيث أظهروا تطيرهم وشؤمهم بصفوة خلق الله الأنبياء في محاولة بائسة يائسة،لصرفالناس عنهم ومن ذلك ما كان من قوم صالح لما جاءهم يدعوهم إلى عبادة الله وحده وحسن الظن به سبحانه حيث قال لهم معاتبا دالا إياهم على ما ينفعهم: } لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْلا لا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ{ )46( سورة النمل، فما كان منهم إلا أن }قَالوُا اطَّيّرَْناَ بِكَ وَبِمَن مَّعَكَ { )47( سورة النمل، أي: ما رأينا على وجهك ووجوه مَنْ اتبعك خيرا. وذلك أنهم لشقائهم كان لا
يصيب أحدًا منهم سوءٌ إلا قال: هذا من قبل صالح وأصحابه. فرد عليهم }قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ { أي: الله يجازيكم على ذلك، والأمر نفسه حدث مع موسى عليه السلام قال تعالى حكاية عن قوم موسى وظلمهم: }فَإِذَا جَاءتهُْمُ الحَْسَنةَُ قَالوُا لنَاَ هَذِهِ وَإِن تصُِبهُْمْ سَيِّئةٌَ يطََّيّرَُوا بِمُوسَى وَمَن مَّعَهُ { قال ابن العثيمين رحمه الله : «إذا جاءهم البلاء والجدب والقحط قالوا: هذا من موسى وأصحابه. فأبطل الله هذه العقيدة بقوله: }أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِندَ اللَّهِ{ )الأعراف:131(، والمعنى: أن ما يصيبهم من الجدب والقحط ليس من موسى وقومه، ولكنه من الله، فهو الذي قدره ولا علاقة لموسى وقومه به، بل إن الأمر يقتضي أن موسى وقومه سبب للبركة والخير، ولكن هؤلاء والعياذ بالله يلبسون على العوام ويوهمون الناس خلاف الواقع. وتشاءم أهل القرية بالرسل الثلاثة في قصة صاحب يس: }قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِن لَّمْ تَنتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ{ )18( سورة يس.
وكان الردّ عليهم جميعاً أن الشرّ ما جاءهم إلا من قبل أنفسهم بكفرهم وعنادهم، }قَالوُا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِن ذُكِّرْتُم بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ{ )19( سورة يس، ومعنى طائركم معكم: أي شؤمكم مردود عليكم، وقال ابن القيم رحمه الله : «قوله: }طَائِرُكُم مَّعَكُمْ{ أي: حظكم وما نالكم من خير وشر معكم بسبب أفعالكم وكفركم ومخالفتكم الناصحين، ليس هو من أجلنا ولا بسببنا، بل ببغيكم وعداوتكم، فطائر الباغي الظالم معه وهو عند الله. وتشاءموا كذلك بمحمد ] وفي هذا يقول جل شأنه: } وَإِن تصُِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولوُا هَذِهِ مِنْ عِندِ اللّهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُواْ هَذِهِ مِنْ عِندِكَ { )78( سورة النساء، والمعنى أنهم يقولون: بتركنا ديننا واتباعنا محمدا أصابنا هذا البلاء، فأنزل الله عز وجل: } قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ { أي: الحسنة والسيئة. وكذا قال الحسن البصري. ثم قال تعالى منكرًا على هؤلاء القائلين هذه المقالة الصادرة عن شك وريب. وقلة فهم وعلم، وكثرة جهل وظلم: } فَمَالِ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ لا
يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا { . وقال ابن القيم رحمه الله : «ولو فقهوا أو فهموا لما تطيروا بما جئت به؛ لأنه ليس فيما جاء به الرسول ] ما يقتضي الطيرة؛ لأنه خير محض لا شر فيه، وصلاح لا فساد فيه، وحكمة لا عيب فيها، ورحمة لا جور فيها، فلو كان هؤلاء القوم من أهل الفهم والعقول السليمة لم يتطيروا من هذا؛ لأن الطيرة إنما تكون بالشر لا بالخير المحض والحكمة والرحمة، بل طائرهم معهم بسبب كفرهم وشركهم وبغيهم، وهو عند الله كسائر حظوظهم وأنصبائهم التي ينالونها منه بأعمالهم»
واثق بالله
19-03-2010, 03:57 AM
من صور التشاؤم في واقعنا المعاصر
في زماننا الحاضر أخذ التطير والتشاؤم بعداً آخر وصورا جديدة، فصار الناس المُبتلَون بذلك يذهبون إلى الكهان والسحرة، وإلى من يدعي ما يسمَّى بقراءة الكفِّ والفنجان أو البندول أو ورق اللعب. وآخرون يعتقدون في الأبراج وأن مستقبل حياتهم متوقف على كون الواحد منهم قد ولد في برج كذا أو برج كذا!! < ومن الصور: ما تسمع من بعض الناس إذا دخل عليه شخص فجأة ونحو ذلك يقول: خير يا طير، فهذه كلمة ينطق بها بعض الناس ولا يعنون ما تتضمنه من الباطل، ولكنها من إرث الجاهلية فيجب اجتنابها. < ومنها: تشاؤم بعض الناس بمن يشبك أصابعه وبمن يكسر عوداً في مجلس عقد النكاح، ويعتقد أن ذلك يفسد الزواج. < ومنها: )رفيف العين( و )طنين الأذن( و)الحكة في اليد اليمنى( وأنها تبشر بقدوم رزق، أو )الحكة في اليد
اليسرى( وأنها تشير إلى صرف المال وإضاعته، وغيرها كثير. < ومنها: تشاؤم بعض الناس من عيادة المريض يوم الأربعاء وتطيرهم منه . < ومنها تجنب البعض الزواج والختان في شهر صفر تطيرا منه وتشاؤما به، وقد جاء في بعض أجوبة اللجنة الدائمة للإفتاء ما نصه: «ما ذكر من عدم التزوج أو الختان ونحو ذلك في شهر صفر نوع من التشاؤم من هذا الشهر، والتشاؤم من الشهور، أو الأيام، أو الطيور ونحوها من الحيوانات لا يجوز؛ لما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة [ أن رسول الله ] قال: )لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر(، والتشاؤم بشهر صفر من جنس الطيرة المنهي عنها، وهو من عمل الجاهلية وقد أبطله الإسلام. وبالله التوفيق.
واثق بالله
19-03-2010, 04:00 AM
من أسباب التشاؤم
-1 ضعف اليقين والتوكلِ على الله تعالى الذي بيده مقاليد الأمور.
-2 ضعف الإيمان بقضاء الله تعالى وقدره، وأن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه.
-3 جعل الدنيا أكبر الهم، والغفلة عن الآخرة، قال ]: «من كانت الآخرة همه جعل الله غناه في قلبه، وجمع له شمله، وأتته الدنيا وهي راغمة، ومن كانت الدنيا همّه جعل الله فقره بين عينيه، وفرق عليه شمله، ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له» رواه الترمذي وصححه الألباني .
-4 الجبن والضعف والخور، وعدم الشجاعة والحزم والإقدام.
واثق بالله
19-03-2010, 04:02 AM
من آثار التشاؤم ومخطاره
1 أنه نفق مظلم يقود إلى الشرك بالله تعالى: قال ابن القيم: «التطير هو التشاؤم من الشيء المرئي أو المسموع، فإذا استعملها الإنسان فرجع بها من سفره وامتنع بها مما عزم عليه، فقد قرع باب الشرك، بل ولجه وبرئ من التوكل على الله، وفتح على نفسه باب الخوف والتعلق بغير الله، والتطير مما يراه أو يسمعه.
-2 أنه يُنقص الإيمان، ويضعف اليقين، ويضادُّ التوكل، ويجعل صاحبه عبداً للخرافات والخزعبلات.
-3 أنه يفتح على العبد باب الوساوس على مصراعيه، فتضطرب نفسه، ويتبلبل فكره، ويصاب بالهوس، فيتمكن الشيطان منه: قال ابن القيم رحمه الله : «واعلم أن من كان مُعتنياً بها قائلاً بها يعني الطيرة كانت إليه أسرعَ من السّيل إلى منحدره، وتفتَّحت له أبواب الوساوس فيما يسمعه ويراه ويُعطاه، ويفتح له الشيطان فيها من المناسبات البعيدة والقريبة في اللفظ والمعنى ما يفسد عليه دينه وينكّد عليه عيشه؛ فإذا سمع سفرجلاً، أو أُهدي إليه تطيّر به، وقال: سفرٌ وجلاءٌ، وإذا رأى ياسميناً أو سمع اسمه تطيّر به، وقال: يأسٌ ومينٌ، وإذا رأى سوسنة أو سمعها، قال: سوءٌ يبقى سنةً، وإذا خرج من داره فاستقبله أعور أو أشل أو أعمى أو صاحب آفةٍ تطيّر به وتشاءم بيومه.
-4 النظرة الحادة إلى الناس: فيحكم عليهم بالأوهام الكاذبة والظنون الفاسدة، يعطي هذا علامة السعد، وهذا علامة النحس بمحض الخرص والتخمين، فيحصل بذلك من الحقد والبغضاء والغل والشحناء ما لا يوصد بابه ولا تحمد عقباه.-5 أنه يجعل حياة صاحبه نكَدا وكدَرا وهمًّا وغمًّا: فالمتطير المتشائم متعَب القلب، منكدِر الصدر، كاسف البال، سيئ الخلق، يتخيل من كل ما يراه أو يسمعه، أشد الناس خوفاً، وأنكدهم عيشاً، وأضيقهم صدراً، وأحزنهم قلباً.
*********
واثق بالله
19-03-2010, 04:06 AM
طرق التداوي من مرض التشاؤم
لم يترك ديننا الحنيف الناس وأدواءهم لتفتك بهم وتنغص حياتهم، بل مد إليهم يدا رحيمة حانية بأدوية نافعة طاردة لهذه الأدواء قاطعة لدابرها، ومن الأدوية الموضوعة لعلاج مرض التشاؤم الذي يشقي صاحبه ويضنيه:
-1 الثقة بالله تعالى وصدق التوكل عليه، واطراح الوساوس والأوهام، وقطع دابرها واجتثاث أصولها، وعدم الالتفات إليها بالكلية، والمضي في الشأن المقصود بعزم وحزم وقوة، فعن معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه أنه قال: قلت: يا رسول الله، إني حديث عهد بجاهلية، وقد جاء الله بالإسلام، وإن منا رجالاً يأتون الكهان، قال: )فلا تأتهم(، قال: ومنا رجال يتطيرون، قال: )ذاك شيء يجدونه في صدورهم فلا يصُدَّنَّهم( رواه مسلم، قال النووي رحمه الله : «قال العلماء: معناه أن الطيرة شيء تجدونه في نفوسكم ضرورةً، ولا عتب عليكم في ذلك، فإنه غير مكتسب لكم فلا تكليف به، ولكن لا تمتنعوا بسببه من التصرف في أموركم، فهذا الذي تقدرون عليه وهو مكتسب لكم، فيقع به التكليف، فنهاهم ] عن العمل بالطيرة، والامتناع من تصرفاتهم بسببها. وقال ابن القيم رحمه الله : «فالطيرة باب من الشرك وإلقاء الشيطان وتخويفه ووسوسته، يكبر ويعظم شأنها على من أتبعها نفسه، واشتغل بها، وأكثر العناية بها، وتذهب وتضمحل عمن لم يلتفت إليها، ولا ألقى إليها باله، ولا شغل بها نفسه وفكره»
-2 استحضار أنه لا يحصل شيء في الكون صغير أو كبير خير أو شر إلا بقضاء الله تعالى وقدره ومشيئته وإرادته، لا يخرج شيء عن ذلك البتة، فرجع الأمر كله إلى الله وحده لا شريك، فهو الضار النافع، لا ينفع أحدٌ ولا شيء إلا بإذنه، ولا يضر أحد ولا شيء إلا بإذنه، فوجب أن لا تتعلق القلوب خوفا ورجاء إلا به، ولا استعانة وتوكلا إلا عليه سبحانه، ابن عباس رضي الله عنهما قال: كنت خلف النبي ] يوما فقال لي:) يا غلام، إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام، وجفت الصحف( رواه الترمذي وغيره وصححه.
-3 أن يقول الدعاء المشروع إذا حصل له تشاؤم بمرئي، أو مسموع، أو معلوم: فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ]: )من ردته الطيرة من حاجة فقد أشرك(، قالوا: يا رسول الله، ما كفارة تلك؟ قال: )أن يقول أحدهم: اللهم لا خير إلا خيرك، ولا طير إلا طيرك، ولا إله غيرك( رواه أحمد وحسنه الأرنؤوط . وقال ابن العثيمين رحمه الله : «قوله: )ولاطير إلا طيرك( أي: الطيور كلها ملكك، فهي لا تفعل شيئاً وإنما هي مسخَّرة، قال تعالى: }أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صافّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلّ شَىْء بَصِيرٌ{ )الملك:19(. فالمهم أن الطير مسخر بإذن الله، فالله تعالى هو الذي يدبره ويصرفه ويسخره، يذهب يميناً وشمالاً، ولا علاقة له بالحوادث» )بتصرف( . -4 استخارة الخالق، واستشارة المخلوق: فعن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال كان رسول الله ] يعلمنا الاستخارة في الأمور كما يعلمنا السورة من القرآن يقول «إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك ، وأسألك من فضلك العظيم ، فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب ، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري - أو قال عاجل أمري وآجله - فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه ، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري - أو قال في عاجل أمري وآجله - فاصرفه عنى واصرفني عنه ، واقدر لي الخير حيث كان ثم أرضني - قال - ويسمى حاجته » .. وفي المأثور: ما خاب من استخار، ولا ندم من استشار.
-5احتساب الأجرالعظيم الذي يناله المتوكلون، واستحضار الثواب الجزيل المعَدِّ للذين لا يتطيرون: فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ] )عُرضت علي الأمم، فجعل النبي والنبيان يمرون معهم الرهط، والنبي ليس معه أحد، حتى رُفع لي سوادٌ عظيم، قلت: ما هذا؟ أمتي هذه؟! قيل: بل هذا موسى وقومه، قيل: انظر إلى الأفق، فإذا سوادٌ يملأ الأفق، ثم قيل لي: انظر ها هنا وها هنا، في آفاق السماء، فإذا سواد قد ملأ الأفق، قيل: هذه أمتك، ويدخل الجنة من هؤلاء سبعون ألفاً بغير حساب(، ثم دخل ولم يبين لهم، فأفاض القوم وقالوا: نحن الذين آمنا بالله واتبعنا رسوله فنحن هم، أو أولادنا الذين وُلدوا في الإسلام فإنا ولدنا في الجاهلية، فبلغ النبي ] فخرج فقال: هم الذين لا يسترقون ولا يتطيرون ولا يكتوون وعلى ربهم يتوكلون.
واثق بالله
19-03-2010, 04:08 AM
الخاتمة
نسأل الله العلي القدير أن يحفظ لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأن يحفظ لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأن يقينا الشرور والفتن ما ظهر منها وما بطن، إن ربنا قريب مجيب، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2025 vBulletin Solutions Inc. All rights reserved.