cristal
25-03-2010, 11:49 AM
http://www.afnene.net/aud/playmaq-14138-0.html
ممكن تستمع للسورة من هالرابط
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْحَاقَّةُ (١) مَا الْحَاقَّةُ (٢) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ (٣) كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ (٤) فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ (٥) وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ (٦) سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ (٧) فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ (٨) وَجَاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ (٩) فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَابِيَةً (١٠) إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ (١١) لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ (١٢) فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ (١٣) وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً (١٤) فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (١٥) وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ (١٦) وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ (١٧) يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ (١٨) فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ (١٩) إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ (٢٠) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (٢١) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (٢٢) قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ (٢٣) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ (٢٤) وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ (٢٥) وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ (٢٦) يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ (٢٧) مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ (٢٨) هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ (٢٩) خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (٣٠) ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ (٣١) ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ (٣٢) إِنّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ (٣٣) وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (٣٤) فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ (٣٥) وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ (٣٦) لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ (٣٧) فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ (٣٨) وَمَا لَا تُبْصِرُونَ (٣٩) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (٤٠) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ (٤١) وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (٤٢) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٤٣) وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (٤٤) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (٤٥) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (٤٦) فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ (٤٧) وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (٤٨) وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ (٤٩) وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ (٥٠) وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ (٥١) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (52)
تفسير الآيات:
هذه السورة الكريمة سورة عظيمة ومخيفة لأن الكثير من آياتها في الحديث عن الدار الآخرة وما فيها من الأَهوال ، وبدأَت بكلمة الحاقة المشعرة بالحق في كلِّ شيء وبالقدرة الربانية وفيها يتحقق وعد الله للمؤمنين بالرضوان ودخول الجنَّة كما يتحقق وعده للكافرين بالعذاب والنَّكال. ولعظم شأنها وأَمْرِها كرَّر ذكرها.
ثم ذكر سبحانه بعض الأمم المكذِّبة بالقيامة كقوم ثمود وعاد وأَخذ سبحانه يُفصِّل طرق إِهلاكهم فذكر أَن قوم ثمود أهلكوا بالصيحة بسبب ذنوبهم وطغيانهم. وأَما عاد فأهلكوا بريح باردة شديدة الصوت عتت عليهم بلا شفقة ولا رحمة وقد دامت عليهم سبِع ليال وثمانية أَيام بلا انقطاع ولا فتور فمزقتهم تمزيقا مستأْصلا حتى صاروا صرعى مطروحين على الأَرض كأَنَّهم أصول نخل خاوية هامدة من طول مكثها وفسادها ولم يبق منهم أَحد بل هلكوا عن آخرهم ثم عرض سبحانه و تعالى بذكر فرعون وأقوام قبله وأَهل المؤتفكات الذين اقترفـوا الذنوب والخطايا والآثام وعصوا رسل الله فأخـذهم الله أَخذاً شديداً مهلكاً. وبعد هذا أَخذ سبحانه يمتن على عباده بحمله لآبائهم على سفينة نوح حينما فاض الماءُ و طغى وملأ الآفاق وذلك في زمن نوح عليه السلام. حين أنجاهم من الغرق وجعلهم في مأمن منه. وجعل نجاة المؤمنين وإغراق الكافرين عظة وعبرة لدلالتها على كمال قدرة الصانع وحكمته وسعة رحمته. ويفهم ذلك ويسمعه أذن عقلت عن الله فانتفعت بما سمعت من كتابه.
وبعد هذا أخذ سبحانه يصور الحال يوم القيامة وما فيه من الأهوال حينما يحين الحق وينفخ في الصور وترفع الأرض والجبال ويضرب بعضها بعضاً حتى تصير بعد الدك كتلة واحدة... وحينئذ تقف الملائكة على جميع الأرجاء والجوانب ويحمل عرش الله يوم القيامة ثمانية من الملائكة ويعرض الناس على الله للحساب والجزاء دون أَن يخفى عليه شيء من أمور عباده...
يخبر تعالى عن حال السعداء في موقف الحساب والجزاء حين تغمرهم الفرحة والسرور بتناولهم صحائف أَعمالهم بأَنَّهم- من عظيم فرحهم - يعرضون صحائف أَعمالهم على من يقابلونه، ويطلبون منه قراءَتها. ويقولون إنَّا كنَّا موقنين بهذا الحساب، ثم بيَّن عاقبة أمرهم فأوضح سبحانه أنَّهم يعيشون عيشة مرضية خالية من الكدر، وينعمون بأنواع من الملاذ، فهم يعيشون في جنَّة رفيعة ثمارها قريبة المتناول، يتناولها المرءُ كما يريد دون عناءٍ وكلفة ويقول لهم ربُّهم جلَّ جلاله: كلوا من ثمارها وطيب ما فيها، واشربوا من شرابها هنيئاً لكم وجزاءً لما قدَّمتم في أيام الدنيا من الأَعمال الصالحة، ويقال لهم ذلك تفضيلا وامتناناً عليهم لما ثبت عن النَّبي صلى الله عليه وسلم أَنه قال: " اعملوا وسددوا واعلموا أَن أَحداً منكم لن يدخل الجنة بعمله. قالوا: ولا أَنت يا رسول الله؟ قال: ولا أَنا إلا أَن يتغمدني الله برحمته ".
ثم أَخبر سبحانه عن حال الأَشقياء وأَنهم يقفون في هذا العرض الهائل وقفة النادم المتحسر حيث تسلم لهم صحائف أَعمالهم بشمالهم، ويتمنى أَحدهم من شدَّة الغمِّ أَنَّه لم تسلم له صحيفة عمله، كما يتمنى عدم البعث والنُّشور، ثمَّ يأخذ في مخاطبة نفسه فيقول: إنَّ ماله لم يُغْنِ عنه شيئا، وسلطانه قد غاب عنه، ويؤمر الموكَّلون بأخذه وغل يديه وربطه بسلسلةٍ طولُها سبعون ذراعاً لأنَّه كان مكذِّباً بالله العظيم ولم يقم بحقوقه التي افترضها عليه من توحيده وطاعته، ولم يُعط المحتاجين والمعوزين ما أَوجبه الله عليه في ماله من الإِحسان والمعاونة على البر.
في هذه الآيات قَسَمٌ إلهي بما يراه السامعون ومالا يرونه من مشاهد الكون وأسراره في الدنيا والآخر بصحة رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصدق رسالته صلى اللّه عليه وسلم وصدق قوله وتبليغه فهو رسول كريم على الله وليس شاعرا ولا كاهنًا، وإنَّ هذا ليبدو واضحا ساطعا لكلِّ من تدبر في الأمر وتروى فيما يسمعه من أَقوال وكان قلبه نقيا من الخبث مستعدًا للتسليم بالحقيقة راغبا في الهدى والحق لأَن ما يقوله يعلو كلَّ العلو عن قول الشعراءِ والكُهَّان وهو تذكرة وموعظة ينتفع به ذوو القلوب الخيِّرة الصالحة والخائفون من غضب الله الراغبون في رضاه وإنَّه حق اليقين الذي لا يشوبه باطل، هو تنزيل من ربِّ العالمين، وإنه تعالى لقادر على البطش به وإهلاكه لو اخترع بعض الآيات ونسبها إليه افتراء، ولن يقدر أحد على إنقاذه. وهو سبحانه يعلم أَنَّه سيكون من النَّاس من يكذِّبونه ويكذِّبون رسله، ولكن هؤلاء سيندمون ويتحسرون على تكذيبهم وجحودهم.
وختمت السورة بأمر النبي صلى الله عليه وسلم بتنزيه الله عما يقوله الظالمون.
ممكن تستمع للسورة من هالرابط
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْحَاقَّةُ (١) مَا الْحَاقَّةُ (٢) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ (٣) كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ (٤) فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ (٥) وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ (٦) سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ (٧) فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ (٨) وَجَاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ (٩) فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَابِيَةً (١٠) إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ (١١) لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ (١٢) فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ (١٣) وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً (١٤) فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (١٥) وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ (١٦) وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ (١٧) يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ (١٨) فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ (١٩) إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ (٢٠) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (٢١) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (٢٢) قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ (٢٣) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ (٢٤) وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ (٢٥) وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ (٢٦) يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ (٢٧) مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ (٢٨) هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ (٢٩) خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (٣٠) ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ (٣١) ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ (٣٢) إِنّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ (٣٣) وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (٣٤) فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ (٣٥) وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ (٣٦) لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ (٣٧) فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ (٣٨) وَمَا لَا تُبْصِرُونَ (٣٩) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (٤٠) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ (٤١) وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (٤٢) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٤٣) وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (٤٤) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (٤٥) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (٤٦) فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ (٤٧) وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (٤٨) وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ (٤٩) وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ (٥٠) وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ (٥١) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (52)
تفسير الآيات:
هذه السورة الكريمة سورة عظيمة ومخيفة لأن الكثير من آياتها في الحديث عن الدار الآخرة وما فيها من الأَهوال ، وبدأَت بكلمة الحاقة المشعرة بالحق في كلِّ شيء وبالقدرة الربانية وفيها يتحقق وعد الله للمؤمنين بالرضوان ودخول الجنَّة كما يتحقق وعده للكافرين بالعذاب والنَّكال. ولعظم شأنها وأَمْرِها كرَّر ذكرها.
ثم ذكر سبحانه بعض الأمم المكذِّبة بالقيامة كقوم ثمود وعاد وأَخذ سبحانه يُفصِّل طرق إِهلاكهم فذكر أَن قوم ثمود أهلكوا بالصيحة بسبب ذنوبهم وطغيانهم. وأَما عاد فأهلكوا بريح باردة شديدة الصوت عتت عليهم بلا شفقة ولا رحمة وقد دامت عليهم سبِع ليال وثمانية أَيام بلا انقطاع ولا فتور فمزقتهم تمزيقا مستأْصلا حتى صاروا صرعى مطروحين على الأَرض كأَنَّهم أصول نخل خاوية هامدة من طول مكثها وفسادها ولم يبق منهم أَحد بل هلكوا عن آخرهم ثم عرض سبحانه و تعالى بذكر فرعون وأقوام قبله وأَهل المؤتفكات الذين اقترفـوا الذنوب والخطايا والآثام وعصوا رسل الله فأخـذهم الله أَخذاً شديداً مهلكاً. وبعد هذا أَخذ سبحانه يمتن على عباده بحمله لآبائهم على سفينة نوح حينما فاض الماءُ و طغى وملأ الآفاق وذلك في زمن نوح عليه السلام. حين أنجاهم من الغرق وجعلهم في مأمن منه. وجعل نجاة المؤمنين وإغراق الكافرين عظة وعبرة لدلالتها على كمال قدرة الصانع وحكمته وسعة رحمته. ويفهم ذلك ويسمعه أذن عقلت عن الله فانتفعت بما سمعت من كتابه.
وبعد هذا أخذ سبحانه يصور الحال يوم القيامة وما فيه من الأهوال حينما يحين الحق وينفخ في الصور وترفع الأرض والجبال ويضرب بعضها بعضاً حتى تصير بعد الدك كتلة واحدة... وحينئذ تقف الملائكة على جميع الأرجاء والجوانب ويحمل عرش الله يوم القيامة ثمانية من الملائكة ويعرض الناس على الله للحساب والجزاء دون أَن يخفى عليه شيء من أمور عباده...
يخبر تعالى عن حال السعداء في موقف الحساب والجزاء حين تغمرهم الفرحة والسرور بتناولهم صحائف أَعمالهم بأَنَّهم- من عظيم فرحهم - يعرضون صحائف أَعمالهم على من يقابلونه، ويطلبون منه قراءَتها. ويقولون إنَّا كنَّا موقنين بهذا الحساب، ثم بيَّن عاقبة أمرهم فأوضح سبحانه أنَّهم يعيشون عيشة مرضية خالية من الكدر، وينعمون بأنواع من الملاذ، فهم يعيشون في جنَّة رفيعة ثمارها قريبة المتناول، يتناولها المرءُ كما يريد دون عناءٍ وكلفة ويقول لهم ربُّهم جلَّ جلاله: كلوا من ثمارها وطيب ما فيها، واشربوا من شرابها هنيئاً لكم وجزاءً لما قدَّمتم في أيام الدنيا من الأَعمال الصالحة، ويقال لهم ذلك تفضيلا وامتناناً عليهم لما ثبت عن النَّبي صلى الله عليه وسلم أَنه قال: " اعملوا وسددوا واعلموا أَن أَحداً منكم لن يدخل الجنة بعمله. قالوا: ولا أَنت يا رسول الله؟ قال: ولا أَنا إلا أَن يتغمدني الله برحمته ".
ثم أَخبر سبحانه عن حال الأَشقياء وأَنهم يقفون في هذا العرض الهائل وقفة النادم المتحسر حيث تسلم لهم صحائف أَعمالهم بشمالهم، ويتمنى أَحدهم من شدَّة الغمِّ أَنَّه لم تسلم له صحيفة عمله، كما يتمنى عدم البعث والنُّشور، ثمَّ يأخذ في مخاطبة نفسه فيقول: إنَّ ماله لم يُغْنِ عنه شيئا، وسلطانه قد غاب عنه، ويؤمر الموكَّلون بأخذه وغل يديه وربطه بسلسلةٍ طولُها سبعون ذراعاً لأنَّه كان مكذِّباً بالله العظيم ولم يقم بحقوقه التي افترضها عليه من توحيده وطاعته، ولم يُعط المحتاجين والمعوزين ما أَوجبه الله عليه في ماله من الإِحسان والمعاونة على البر.
في هذه الآيات قَسَمٌ إلهي بما يراه السامعون ومالا يرونه من مشاهد الكون وأسراره في الدنيا والآخر بصحة رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصدق رسالته صلى اللّه عليه وسلم وصدق قوله وتبليغه فهو رسول كريم على الله وليس شاعرا ولا كاهنًا، وإنَّ هذا ليبدو واضحا ساطعا لكلِّ من تدبر في الأمر وتروى فيما يسمعه من أَقوال وكان قلبه نقيا من الخبث مستعدًا للتسليم بالحقيقة راغبا في الهدى والحق لأَن ما يقوله يعلو كلَّ العلو عن قول الشعراءِ والكُهَّان وهو تذكرة وموعظة ينتفع به ذوو القلوب الخيِّرة الصالحة والخائفون من غضب الله الراغبون في رضاه وإنَّه حق اليقين الذي لا يشوبه باطل، هو تنزيل من ربِّ العالمين، وإنه تعالى لقادر على البطش به وإهلاكه لو اخترع بعض الآيات ونسبها إليه افتراء، ولن يقدر أحد على إنقاذه. وهو سبحانه يعلم أَنَّه سيكون من النَّاس من يكذِّبونه ويكذِّبون رسله، ولكن هؤلاء سيندمون ويتحسرون على تكذيبهم وجحودهم.
وختمت السورة بأمر النبي صلى الله عليه وسلم بتنزيه الله عما يقوله الظالمون.