تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : قراءة في التقديرات المعلنة للموازنة العامةالقطرية الجديدة



الوعب
05-04-2010, 04:21 PM
بواسطة يوسف الكحلوت بتاريخ 1 أبريل 2010

ربما لم يكن مفاجئاً أن تسجل الموازنة العامة للدولة زيادة في نفقاتها العامة بنسبة 24.7% أو نحو 23.4 مليار ريال، فقد سبقت بذلك عدة تصريحات لكبار المسؤولين في الدولة في مقدمتهم معالي رئيس مجلس الوزراء وسعادة وزير الاقتصاد والمالية، وأفصح عن تلك التوجهات تقرير صندوق النقد الدولي الذي صدر في أواخر شهر فبراير الماضي.
كما لم يكن مفاجئاً الإعلان عن وجود فائض في الموازنة بمقدار 9.7 مليار طالما أن سعر بيرميل النفط قد تم احتسابه على أساس سعر 55 دولار. ولكن الجديد في الموضوع أن بيان الموازنة لم يتضمن إلا القليل من التفصيلات، الأمر الذي يضع المحللين أمام تمرين ذهني في محاولة لقراءة ما بين السطور من إجل التعرف على دلالات هذه الأرقام، وما هو الغائب منها.وأود في هذه العجالة أن أسجل الملاحظات التالية:

1- أن إجمالي الإنفاق في العام الجديد سيكون هو الأكبر في تاريخ موازنات قطر، ويتجاوز المائة مليار ريال، ويصل إلى قرابة 117.9 مليار ريال، بزيادة نسبها 24.7% عن العام السابق، وهي زيادة كبيرة إذا ما قورنت بمعدل تضخم سلبي يصل إلى 4.6% حتى شهر فبراير2010، ومع ذلك فهي تنسجم مع احتياجات البلاد في هذه المرحلة التي أعقبت تداعيات الأزمة المالية العالمية وتأثيراتها المتعددة على الاقتصاد القطري.

2- أن الإنفاق على المشروعات الرئيسية-بند الباب الرابع في الموازنة- يستقطع ما نسبته 36.9% من إجمالي الإنفاق العام، أو ما يعادل 43.5 مليار ريال مقارنة بـ 38 مليار في موازنة العام السابق أي بزيادة نسبتها 14.5%. وسيخصص نحو 35.5 مليار من هذا المبلغ للإنفاق على مشروعات البنية التحتية وبوجه خاص استكمال مباني مطار الدوحة الدولي الجديد.

والبدء في أعمال إنشاء ميناء الدوحة الجديد إضافة إلى مشروعات الطرق والصرف الصحي واستصلاح الأراضي وتوسعة شبكات الكهرباء والماء. هذه المليارات الكثيرة يمكن أن تساعد في حل الاختناقات التي تعاني منها المرافق العامة، وتعجل في إيجاد الحلول للمشاكل التي ساهمت في تأخير تنفيذ العديد من المشروعات. وإضافة إلى ذلك هناك سبعة مليارات ونصف المليار لإنشاء مباني أكاديمية ومدارس لمواكبة التوسع في توفير التعليم في كافة أنحاء البلاد وفق معايير متطورة تناسب العصر. ويتبقى من المبلغ المخصص في الباب الرابع –أو المصروفات الإنمائية- نحو 900 مليون ريال لإنشاء واستكمال بناء المستشفيات والمراكز الصحية، وغيرها من المرافق.

3- من المتوقع أن تبلغ موازنة الرواتب والأجور-الباب الأول- نحو 25 مليار ريال، ويشكل ذلك زيادة طبيعية نتيجة المزيد من التعيينات والعلاوات الدورية وبعض الترقيات. وبالطبع تتضمن هذه الرواتب كافة رواتب العاملين بالقطاع الحكومي بما في ذلك قطاعي التعليم والصحة.

4- وبالمحصلة ، فإن تقديرات البابين الثاني والثالث في الموازنة العامة المخصصين في العادة لتوفير السلع والخدمات، والمشروعات الصغيرة التي تحتاجها المرافق الحكومية كافة بما فيها الصحة والتعليم تقدر أن تكون في حدود 49.4 مليار ريال، منها نحو 4 مليارات لفوائد الدين الحكومي في الداخل والخارجي، أي فوائد السندات الحكومية سواء المصدرة منها بالدولار أو بالريال.

5- إن تقديرات الموازنة العامة على هذا النحو تتضمن فائضاً يصل إلى 9.7 مليار ريال، عند سعر 55 دولار للبرميل ، مع التسليم بأن الفائض سيكون أكبر إذا ما استمر سعر برميل النفط حول المستوى الحالي في الربع الأول البالغ 75 دولار للبرميل، أي أن هناك زيادة متوقعة في الإيرادات بنسبة 36% مما سيساعد الحكومة في تنفيذ برامجها الإنمائية الطموحة وبما يحقق ما يصبو إليه المجتمع القطري من إحداث تنمية مستدامة في الأجل الطويل.

6- سيعمل الفائض المتوقع في الموازنة العامة على تعزيز برنامج الحكومة لدعم استثماراتها الخارجية ووما قد يتطلبه القطاع المصرفي القطري من دعم ، بحيث قد تقوم بضخ المزيد من السيولة للبنوك الوطنية، وخاصة بدفع حصة جديدة في مساهمة جهاز قطر في رؤوس أموال البنوك باستثناء الوطني. الجدير بالذكر أن جهاز قطر دفع ما نسبته 10% للبنوك على مرتين في عام ، 2009 وتبقى 10%.

وفي كل الأحوال، فإن أرقام الموازنة العامة لهذه السنة الجديدة تدعو إلى التفاؤل بما فيها من زيادات ملموسة في الإنفاق ؛ وأن تتقدم خطوة إلى الأمام خير من الرجوع إلى الخلف.

ولا ننسى أن الحكومة تضع نصب أعينها عدم الإفراط في الإنفاق حتى لو زادت الإيرادات بأكثر مما هو مقدر، ذلك أن حرصها على عدم السماح للضغوط التضخمية كي تعود لتطل على المجتمع من جديد هو أمر يقدره الجميع ويضعونه في الحسبان، ولذا فلا أحد يطالب بالتوسع في الإنفاق بأكثر من الأرقام المعلنة، والله الموفق.

ملاحظة : الأرقام الواردة في المقال عن نفقات الرواتب والأجور وموازنة البابين الثاني والثالث هي تقديرات شخصية على ضوء ما ورد سابقاً في تقديرات صندوق النقد الدولي.

الوعب
05-04-2010, 04:22 PM
بواسطة يوسف الكحلوت بتاريخ 4 أبريل 2010

لأن الموازنة العامة لهذا العام هي الأعلى في تاريخ قطر، لذا فإنها تستحق أكثر من مقال للبحث في مضامينها وانعكاساتها على الواقع الاقتصادي على مدى شهور السنة الحالية التي بدأت قبل أيام وتمتد حتى نهاية مارس 2011. وقد أشرت في عُجالة يوم الأربعاء الماضي إلى بعض هذه المضامين والإنعكاسات وأحاول أن أعرض لها اليوم بتفصيل أكبر، باعتبار أن الإعلان عن تقديرات الموازنة العامة ليس خبراً عادياً كبقية الأخبار التي تنشرها وسائل الإعلام، ولكنها حدث استثنائي يتوقف عنده الكثيرون من أجل قراءة ما سيكون عليه حال الاقتصاد في سنة قادمة، فإذا ما جاءت هذه التقديرات شفافة وواضحة فإنها تفي باحتياجات المخططين في معظم القطاعات الاقتصادية. ولكي تتضح الصورة أشير إلى بعض الأمثلة: ففي الشركات العقارية التي يتركز نشاطها على بناء الوحدات السكنية بغرض التأجير، فإن نشر أرقام الموازنة العامة عن بند الأجور والرواتب يساعد في معرفة ما إذا كانت الحكومة ستحتاج إلى مزيد من الوحدات السكنية أم لا، ويعرف المواطنون ما إذا كان هناك توسع في استحداث وظائف جديدة أو في منح ترقيات وعلاوات، وتعرف شركات المقاولات من بند السلع والخدمات إلى أي مدى سيكون التوسع في مجال إنشاء الطرق والكباري والمستشفيات والمدارس وتمديدات الكهرباء والماء. من هنا فإن نشر أرقام النفقات العامة بالتفصيل يساعد شرائح كثيرة في المجتمع على إنجاز أعمالها باعتبار أن الإنفاق العام هو المحرك الأساسي للقطاع الخاص في الدول النامية. كما أن نشر الأرقام التفصيلية للإيرادات العامة مهم في الإطمئنان إلى أن الاعتمادات المقررة للنفقات لن يتم اختزالها إذا ما أدت ظروف طارئة إلى تراجع حاد في سعر برميل النفط كما حدث في عام 2008.

1- تحليل جانب الإيرادات:
تم تقدير الإيرادات العامة استناداً لسعر 55 دولاراً لبرميل النفط، وهو ما يزيد بمقدار 15 دولار للبرميل وبنسبة 37.5% عن سعر موازنة العام 2009/2010، مما رفع الإيرادات المقدرة إلى 127.5 مليار ريال، فهل يعني ذلك أن الزيادة العامة في الإيرادات المقدرة في الموازنة بمقدار 38.8 مليار ريال وبنسبة 44%، سيكون أغلبها من ترفيع سعر النفط فقط؟ وهل النسبة المتبقية من الزيادة أي الـ 6.5% ستكون فقط من زيادة إيرادات الغاز نتيجة زيادة الكميات المصدرة منه، أم أن إيرادات الضريبية ستكون أقل بعد خفض نسبة ضريبة الدخل على الشركات الأجنبية، وأن إيرادات الاستثمار ستكون أقل في ظل استمرار ظروف وتداعيات الأزمة العالمية؟ الملاحظ أن الأرقام التفصيلية عن الإيرادات الفعلية تكون متاحة ومنشورة في التقرير السنوي لمصرف قطر المركزي، وبعض التقارير الأخرى محلياً ودولياً، ولكنها تكون عن سنوات سابقة، مما يقلل الاستفادة منها على النحو المطلوب. واستناداً لهذا التحليل فقد يكون من الأفضل لو تم نشر البيانات التفصيلية عن الإيرادات النفطية والغازية، وإيرادات الاستثمار والإيرادات الأخرى.

2- تحليل جانب النفقات العامة:
أشار بيان الموازنة العامة إلى أن جملة النفقات العامة المقدرة ستكون في حدود 117.9 مليار ريال بزيادة مقدارها 24.3 مليار ريال وبنسبة 25% عن إجمالي تقديرات نفقات العام السابق البالغة 95.5 مليار ريال. وتتوزع هذه النفقات في العادة على أربعة أبواب ويتم إيجازها في مجموعتين رئيسيتين هما النفقات الجارية والنفقات الإنمائية أو ميزانية المشروعات الرئيسية. وقد جرت العادة في السنوات الأخيرة على أن يتم نشر التقديرات المتعلقة بالنفقات الإنمائية فقط وقد بلغت 43.5 مليار ريال مقارنة بـ 38 مليار ريال في عام 2009/2010 . الجدير بالذكر أن التقديرات المماثلة للسنة 2008/2009 قد بلغت 40.5 مليار ريال، وأدت تداعيات الأزمة إلى خفض النفقات الإنمائية الفعلية إلى 32.9 مليار ريال في تلك السنة. وعلى ذلك فإن الرقم المعتمد للعام الجديد والبالغ 43.5 مليار ريال بزيادة 5.5 مليار ريال عن العام السابق يظل عُرضة لما سيحدث من تقلبات في جانب الإيرادات، ولكنه يظل مع ذلك رقم كبير إذا ما قورة يما كان عليه الحال قبل أكثر من 6 أو سبع سنوات.

على أن نشر موازنة النفقات الإنمائية قد جاء مقتصراً على التفاصيل الخاصة بقطاعي الصحة والتعليم، دون الإفصاح عن المخصصات المعتمدة لمشروعات أخرى كالطرق، والكباري، والصرف الصحي، وشبكات المياه والكهرباء واستملاك الأراضي. ومثل هذه المعلومات تظل مطلوبة ومفيدة في توقع حجم الإنفاق الحكومي في مجالات بعينها، وهي في كل الأحوال ليست سرية وكانت تنشر في التقارير السنوية للمصرف المركزي.

ولم يتعرض بيان الموازنة العامة لبند الرواتب والأجور أو الإنفاق الحكومي على السلع والخدمات أو مصروفات الفوائد على القروض والمصروفات الجارية الأخرى. وقد أعطيت في المقال السابق بعض التقديرات لمثل هذه النفقات على ضوء ما توافر من بيانات في تقرير صندوق النقد الدولي وعلى ضوء ما هو منشور في تقارير مصرف قطر المركزي السنوية حتى العام 2008 والذي صدر في بداية هذا العام. ونلاحظ بوجه عام أن هناك زيادة في مجمل النفقات الجارية في السنة الجديدة بنحو 17.9 مليار ريال أو ما نسبته 31.7%، فكيف توزعت هذه الزيادة على بنود الإنفاق الجاري المختلفة، وهل ستؤثر هذه الزيادة الكبيرة على معدل التضخم؟ هذا ما لم يرد له نص في بيان الموازنة، رغم أهميته في إعطاء قراءة وافية لمحتويات البيان.

السندان
05-04-2010, 11:02 PM
الله يعطيك الف عافيه اخوي الوعب