سماري
01-03-2006, 04:16 PM
يبدو ان الذعر وحالة الغليان الشديدة مع الغضب الذي سيطر على نفوس المستثمرين الذين ضربتهم البورصة في قلوبهم، وأطاحت باحلامهم، واسهمها الحمراء تهوى برؤوسها الى اسفل، قد فرضت طوابير من مرضى القلب الذين ازدادت وعكاتهم كلما هل صباح جديد كان من المفروض ان يحمل لهم تباشير آمال في غدٍ مشرق سعيداً، فإذ به يحمل لهم نعش مدخراتهم وقد سخط فلوس الناس من ملايين إلى ملاليم، ومن آلاف إلى رصيد لا يشتري «عيش حاف»!
وهمس يدور هنا وهناك مفاده ان ايادي خفية لعبت بالبورصة، وخربت بيوت الناس، وضيعت اموال المستثمرين، ومنهم مسؤولون في مجالس ادارات الشركات وهم العارفون ببواطن الامور كلها، اذ انتظر الهوامير حتى سمنت الحصيلة، واخضرت رؤوس الاسهم، فنمت، واينعت، ووصلت الى حد يرضي تطلعاتهم فهجموا لقطف غلتهم وباعوا بأعلى سعر، ليتركوا البورصة بعد صفقتهم المدروسة وهي اشبه «بتيتانك» في مرحلة اختفاء بوز السفينة، أي قبل الاختفاء الكلي بالقاع، واحتضار من عليها باسفكسيا الاختناق.
هذا الهمس علا ليصبح ضجيجاً في استراحة أحد مستشفيات الدوحة من مواطن يبدو انه كان محزونا، وممرورا، ومقهورا، ومحروقا بنار الخسارة التي كوته، حتى انه لم ينتبه الى ان كلامه لمحدثه في امور البورصة كان مسموعا ومتابعا من الجالسين جميعا دون استثناء وبانتباه شديد، ربما لان الوجيعة واحدة! راح صوت الرجل يرتفع رويدا رويدا وهو يقطع الممر جيئة وذهابا ويضغط على منتصف صدره بيده فيما يبدو انه يعاني من صعوبة في التنفس بينما صديقه يحاول التخفيف عنه وتهدئته، مذكرا له بوعكته السابقة مع «استثمار المدينة» الذي طارت فيه فلوس العباد وراء البحار ومازال يرجو ويتمنى «علها تعود» بيزاته التي شفطها صاحبنا اياه ولا حس ولا خبر، لكن المواطن المسكين الذي كان مذبوحا بأكبر سكين لم يكن ليهدأ فقد استدان من البنك، وباع كل ما يملك حتى مصاغ زوجته، وذهب طائعا بكامل ارادته الى البورصة ليسلمها شقى العمر، ومستقبل الاولاد، وكل ما كان يدخره اذا كشر اليوم الاسود عن انيابه، او اذا ما قلبت له الايام ظهر المجن.
صار المواطن يهزي «خسرت كل شيء وايش اسوي الحين، كل شي راح» تقطعت انفاس الرجل الذي احمر وجهه لدرجة تسمح باشعال عود ثقاب، تنازل احد الجالسين عن دوره ليدخل الى الطبيب في حالة صعبة عصيبة، بينما علا لغط الجالسين تعليقا على ما سمعوا، احدهم يؤمن على كلام الرجل المشتعل غضبا المنهار جسدا، نعم سووها الكبار، الثاني يقول: أراهن أن كل هوامير البورصة باعوا اسهمهم وما فيهم خسران مثل مصيبتنا، الثالث يقول متحسرا يا خوفي تتحول البورصة لسوق مناخ تاني! الرابع يضرب على ساقه مستنكرا وهو يقول مقهورا اشلون حولوا السهم الذهبي إلى سهم خشبي، إشلون؟!
الخامس يقول بمرارة: الله يجازيهم حولوا المكرمة الى مغرمة!
غادرت المستشفى وقافلة اسئلة تناوشني ايها الممرورون المقهورون ولم يأتهم جواب، لم يتأكدوا ان كانوا قد اصابوا كبد الحقيقة أو أنهم يهزون بفعل قوة الضربة، وصعق المفاجأة، وفداحة الصدمة.
وتتكرر الاسئلة طوال الطريق.. من حول السهم الذهبي الى خشبي؟ من اغتال آمال المستثمرين وحطمهم وقتل احلامهم، ووضعهم في مأزق خطر امام مديونيات لا ترحم، وبنوك لها انظمتها الصارمة؟
من المسؤول عن هزيمة آمال كل هؤلاء الناس؟ من المسؤول عن احزان كل تلك البيوت، من المسؤول عن ضياع اموال الذين وثقوا فذهبوا للبورصة آملين خيرا وفيراً؟ من المسؤول عن تطمين الناس الفزعين المرعوبين على مدخراتهم، ومن الطبيعي والحالة هذه ان يبرز سؤال غاية في الاهمية يبحث عمن يمد للبورصة تيتانك التي على وشك الغرق طوق نجاة! فهل من معين؟ منقول - الشرق
وهمس يدور هنا وهناك مفاده ان ايادي خفية لعبت بالبورصة، وخربت بيوت الناس، وضيعت اموال المستثمرين، ومنهم مسؤولون في مجالس ادارات الشركات وهم العارفون ببواطن الامور كلها، اذ انتظر الهوامير حتى سمنت الحصيلة، واخضرت رؤوس الاسهم، فنمت، واينعت، ووصلت الى حد يرضي تطلعاتهم فهجموا لقطف غلتهم وباعوا بأعلى سعر، ليتركوا البورصة بعد صفقتهم المدروسة وهي اشبه «بتيتانك» في مرحلة اختفاء بوز السفينة، أي قبل الاختفاء الكلي بالقاع، واحتضار من عليها باسفكسيا الاختناق.
هذا الهمس علا ليصبح ضجيجاً في استراحة أحد مستشفيات الدوحة من مواطن يبدو انه كان محزونا، وممرورا، ومقهورا، ومحروقا بنار الخسارة التي كوته، حتى انه لم ينتبه الى ان كلامه لمحدثه في امور البورصة كان مسموعا ومتابعا من الجالسين جميعا دون استثناء وبانتباه شديد، ربما لان الوجيعة واحدة! راح صوت الرجل يرتفع رويدا رويدا وهو يقطع الممر جيئة وذهابا ويضغط على منتصف صدره بيده فيما يبدو انه يعاني من صعوبة في التنفس بينما صديقه يحاول التخفيف عنه وتهدئته، مذكرا له بوعكته السابقة مع «استثمار المدينة» الذي طارت فيه فلوس العباد وراء البحار ومازال يرجو ويتمنى «علها تعود» بيزاته التي شفطها صاحبنا اياه ولا حس ولا خبر، لكن المواطن المسكين الذي كان مذبوحا بأكبر سكين لم يكن ليهدأ فقد استدان من البنك، وباع كل ما يملك حتى مصاغ زوجته، وذهب طائعا بكامل ارادته الى البورصة ليسلمها شقى العمر، ومستقبل الاولاد، وكل ما كان يدخره اذا كشر اليوم الاسود عن انيابه، او اذا ما قلبت له الايام ظهر المجن.
صار المواطن يهزي «خسرت كل شيء وايش اسوي الحين، كل شي راح» تقطعت انفاس الرجل الذي احمر وجهه لدرجة تسمح باشعال عود ثقاب، تنازل احد الجالسين عن دوره ليدخل الى الطبيب في حالة صعبة عصيبة، بينما علا لغط الجالسين تعليقا على ما سمعوا، احدهم يؤمن على كلام الرجل المشتعل غضبا المنهار جسدا، نعم سووها الكبار، الثاني يقول: أراهن أن كل هوامير البورصة باعوا اسهمهم وما فيهم خسران مثل مصيبتنا، الثالث يقول متحسرا يا خوفي تتحول البورصة لسوق مناخ تاني! الرابع يضرب على ساقه مستنكرا وهو يقول مقهورا اشلون حولوا السهم الذهبي إلى سهم خشبي، إشلون؟!
الخامس يقول بمرارة: الله يجازيهم حولوا المكرمة الى مغرمة!
غادرت المستشفى وقافلة اسئلة تناوشني ايها الممرورون المقهورون ولم يأتهم جواب، لم يتأكدوا ان كانوا قد اصابوا كبد الحقيقة أو أنهم يهزون بفعل قوة الضربة، وصعق المفاجأة، وفداحة الصدمة.
وتتكرر الاسئلة طوال الطريق.. من حول السهم الذهبي الى خشبي؟ من اغتال آمال المستثمرين وحطمهم وقتل احلامهم، ووضعهم في مأزق خطر امام مديونيات لا ترحم، وبنوك لها انظمتها الصارمة؟
من المسؤول عن هزيمة آمال كل هؤلاء الناس؟ من المسؤول عن احزان كل تلك البيوت، من المسؤول عن ضياع اموال الذين وثقوا فذهبوا للبورصة آملين خيرا وفيراً؟ من المسؤول عن تطمين الناس الفزعين المرعوبين على مدخراتهم، ومن الطبيعي والحالة هذه ان يبرز سؤال غاية في الاهمية يبحث عمن يمد للبورصة تيتانك التي على وشك الغرق طوق نجاة! فهل من معين؟ منقول - الشرق