المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل يحل بنا غضب الله؟



alfaqeer
06-04-2010, 08:43 PM
المتتبع لتاريخ أمريكا يدرك أن هذه الدولة لا تقل تديّننا عن السعودية أو الكيان اللقيط, حيث إن أمريكا رأت في الدين هو البقاء في وجودها والتدين هدفا لتحقيق إمبراطوريتها ,إذن ليس بغريب أن يتهجم نوت غينغريتش احد أعضاء مجلس النواب عن الحزب الجمهوري على اليسار العلماني بقوله في كتابه " إعادة اكتشاف الله في أمريكا" (انه لايوجد هجوم على الثقافة الأمريكية أكثر خطرا وأشد فتكا من جهود اليسار الأمريكي العلماني لإزاحة وإبعاد الله من حياة الشعب الأمريكي"أهـ, لأن المجتمع الأمريكي متديّن في الأصل , ولكن هذا التديّن لم يُحصر في ديانة واحدة فقط كما هو الحال في السعودية وبعض البلاد الإسلامية , فمن الطبيعي أن تجد اليسار العلماني ومن يدور في فلكه يتحركون ضد التوجه الأمريكي المتمثل في التديّن كمنهج للحياة .ولكن من غير المعقول أن تحدث نفس الهجمة في مجتمع لا يوجد فيه سوى دين واحد.
منذ ظهور الصحوة الدينية لدى الأمريكان في عام 1730 م , ولم تغب اللهجة الدينية عن أكثر زعماء أمريكا الذين تعاقبوا على رئاستها منذ الاستغلال, فقبّل جورج واشنطن الإنجيل سائلا الله التوفيق أثناء تنصيبه كرئيس لأمريكا وكان كارتر متدين أكثر تدينا من ريغان بالرغم من حب الأمريكان لريغان , كما أن بوش الابن يعتقد انه أتى إلى الرئاسة بأمر من الله وليس بإرادة الشعب.
إذن خطر العلمانيين ومن يدور في فلكهم ليس مقتصرا فقط على المجتمعات المسلمة, إنما يتعداها إلى المجتمعات الأخرى, وقد يكون هذا الأمر خفي على الكثير من المسلمين , ذلك أن الناس تعوّدت على أن تنظر إلى كل ما هو غير مسلم بنظرة اللاتديّن وذلك بسبب العادات والتقاليد, ولأن نمط الحياة لديهم تخالف النصوص الشرعية لديننا, وهنا لا بد من سرد وبشكل مختصر قصة حصلت لأحد الأشخاص في أمريكا, حيث انه رأى امرأة جميلة ولاطفها حتى ظفر باللقاءات المتواصلة معها, لقد رأت فيه كونه خليجي انه يحمل صفة التديّن كأصل بالرغم من الصورة المعتادة عن الخليجيين, ولكن ومن خلال التواصل معه لم تدرك فيه صفة النسوّنة المعهودة عن الخليجيين فقد كان عمليا ومهذبا في التواصل معها, ولكن كون ثقافته إسلامية ويرى بأن هذه العلاقة محرمة في الإسلام, رأى بأن كل شي مع تلك المرأة مباح طالما انه يزوره وتزوره , وعليه قرر الدخول في الكبائر من خلال مناقشة مواضيع جنسية, هنا أدركت المغزى وردت عليه بقولها, اعلم أنني اذهب إلى الكنيسة كل يوم أحد, طبعا هو لم يصدق أن التي تخرج معه وبلبس محرم في شرعنا ويختلي بها ترفض مجرد الحديث معه عن العلاقات الجنسية , هذا الأمر يجعلنا لا نعي مدى توجهات الأمم الأخرى إلا من خلال الحلال والحرام في شرعنا, فالتدين نسبي ووفق تعاليم الإنسان الدينية, وهذه المسألة هي احد المشاكل الرئيسية التي نعاني منها في الحكم على الأمم لتحديد أسلوب التعامل معهم. وهذا لا يعني صحة دينهم .
إذن لا يجب أن نحكم على الأمم في تديّنها من خلال شرعنا فقط, بل يجب الاطلاع على الحلال والحرام لديهم من خلال شرعهم, فإذا كان 22 % من الشعب الأمريكي يرى بأن القيم والأخلاقية هي الأهم في الانتخاب وهذه النسبة عالية في مجتمعات تدّعي العلمنة وتعد اكبر نسبة في الغرب مقارنة بأوروبا , كما أن 78% من الذين انتخبوا بوش , انتخبوه على أساس خطاباته الدينية المغلفة بالأخلاقيات والقيّم التي تدغدغ مشاعر الأمريكيين.
إذن الحرب على كل ما هو انقلاب على القيّم والأخلاق حرب مشروعة كونها الضمانة الوحيدة لاستمرارية الأمم بأخلاقها التي إذا ذهبت ذهبوا, وحين اسقُط الواقع الأمريكي على مجتمعنا, لا أجد اختلاف بيننا سوى أن العلمانيين ومن يدور في فلكهم في أمريكا لديهم مشروع ومخطط واضح المعالم ولا يقتصر انقلابه على القيّم في جانب المرأة فقط كما هو الحال لدى العلمانيين والليبراليين في مجتمعنا, بل جميع أوجه الحياة, وعدم مواجهة المثقف الأمريكي لتلك الظاهرة أعاد المجتمع الأمريكي إلى جذوره في التدين والتصويت لرؤساء يستجيبون لفطرتهم الدينية.
فيا بني علمان ويا بني ليبرال, ألم تصحو من غفوتكم, المتمثلة بمطالبة المجتمع بالعودة إلى الوراء , إلى جاهلية خلّص الإسلام البشرية فيها من البهيمية إلى الإنسانية, في الوقت الذي يعود الغرب بشكل عام إلى جذوره الدينية والمطالبة بإعادة تعليق الوصايا العشر في المباني الحكومية, وإعادة ذكر الله في المناهج الدينية في الوقت الذي تطالبون بحذف ذكر الله من خلال إعادة صياغة المناهج ومتطلبات العصر.
إليكم ما يقوله غينغريتش
إن الجهود الراهنة لإبعاد رؤية الآباء المؤسسين لدور الدين عن الحياة العامة للأمريكيين هي المعركة التي يجب أن يخوضها الأمريكيون الآن معتبرا أن قاعات المحاكم والفصول الدراسية هي مركز وساحة المعركة، حيث إن هاذين المكانين هما الذين شهدا التحول الذي فرضه العلمانيون على أغلبية المجتمع الأمريكي.
أخيرا إن الخطر الحقيقي على المجتمع الخليجي ليس الخطر الخارجي بل هو الخطر الداخلي والمتمثل في الليبراليين والعلمانيين, والخطر الخارجي جزء من الخطر الداخلي الذي يعد المحرك الرئيس للخطر الخارجي, فلولا هذه الشرذمة الضالة لما راجت هذه البهيمية المنتشرة في المجتمع بشكل مريع, وان كان هناك أي جريمة تحدث في هذه البلاد, فيجب على ولاة الأمر التركيز على المتسبب في نشر هذا الفكر المؤدي إلى الجريمة كما يُعمل مع الفئة الضالة, فلا فرق بين من يروّج ثقافة القتل على بند التكفير, ومن يروجّ ثقافة الانحلال على بند حرية الرأي , فكلاهما خطر محدق بالشعب الخليجي, فان لم يكن التحرك متوافق وحجم الهجمة, فلن نسلم غضب الله, وإذا كان القساوسة الأمريكان احتاروا بل لم يتجرأ إلا القليل منهم على القول من أن ما حدث من ضرر جراء إعصار كاترينا لهو غضب من الله بسبب ما يحصل في تلك الولاية مما ينادي به الليبراليون والعلمانيون في مجتمعنا, فلا اعتقد أننا نختلف عنهم في هذه العقيدة.

أبودحيم