كبير المجلس
27-04-2010, 07:34 AM
:omg:
هـــل هـويتـنا فــي خطـــر؟!
http://www.al-watan.com/data/20100427/innercontent.asp?val=local2_1
بقلم: شريدة سعد جبران الكعبي - رجل أعمال ودبلوماسي سابق
انني من المؤمنين بأن الله سبحانه وتعالى سيحفظنا ويحفظ لغتنا وهويتنا طالما تمسكنا بدينه وتعاليمه واتباع سنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم.
ولكن مما أثار هذا التساؤل في ذهني، هو أنني كنت في اجتماع في احدى الوزارات، وأجبرنا فيه على التحدث باللغة الانجليزية، لان الخبير الاجنبي في الموضوع محل البحث وبعض موظفي الدولة المشاركين في الاجتماع، لا يتحدثون العربية. سألت ذلك الخبير الالماني الجنسية، لو أن هذا الاجتماع عقد في أي بقعة في ألمانيا، هل كنتم ستتحدثون بالانجليزية أم أن الجميع سيجبرون على التحدث باللغة الألمانية، إما مباشرة او من خلال تسهيلات الترجمة التي توفرها الجهة المنظمة للاجتماع ؟
ومما يثير هذا التساؤل ايضا ، ما نلاحظه من طغيان اللغة الانجليزية على العربية ان كان في المعاملات المختلفة، او على مستوى أسماء المحال التجارية في المدن والاسواق. فشكرًا لحكومتنا الرشيدة عندما وجهت وجوب اللغة العربية في جميع المعاملات الرسمية.
ولعل الاخطر من ذلك، ما اصبحنا نلاحظه من طغيان اللغة الانجليزية على العربية في اوساط النشء الجديد. فبدلاً من التحدث باللغة العربية حتى في البيت أصبحوا يستسيغون اللغة الانجليزية، لابل وبدأوا يستصعبون اللغة العربية ويفضلون الانجليزية عليها. ما يحز في النفس فعلاً هو سماع بعض الأمهات يداعبن أو يخاطبن أطفالهن باللغة الانجليزية في الأسواق أو الأماكن العامة بتباه وكأنه مظهر حضاري.
أعتقد ان هذه الظاهرة تشكل خطراً كبيراً على لغتنا الجميلة، لغة القرآن الكريم،والادب، والتواصل بين الاجيال. فاللغة ليست مجرد الفاظ للتخاطب، وانما هي اداة للتفكير، ووسيلة للتعبير عن الفكر والعواطف والوجدان. ولغتنا العربية غنية بطاقاتها واساليبها التعبيرية، فهي على سبيل المثال، حين تتحدث عن شخصيات واحداث ماضينا وحاضرنا، تحمل في ثنايا الفاظها وعباراتها، صوراً وتأثيرات وجدانية عميقة في نفوسنا، لا يمكن ان تعطيها لغة اخرى.
ولذا، علينا ان نحرص على توجيه النشء، ونغرس في نفوسهم محبة لغتهم الام، ونعوّدهم على تذوق معانيها ورموزها. وبدون ذلك يُخشى ان تصبح لدينا اجيال لا تحسن فهم قرآنها وامور دينها، وربما تحتاج الى من يشرح لها لغتها بلغة اجنبية.
اقول هذا وفي ذهني قضية حدثت في بلد آخر، ولكنها ذات صلة بموضوعنا. فعندما كنت سفيراً لبلادي في عاصمة الضباب، تابعت اهتمام المسؤولين والمعنيين الانجليز آنذاك، بما اعتبروه مشكلة تعليمية عندهم، وتتمثل في عدم قدرة أطفالهم على القراءة والكتابة في سن الخامسة من العمر. فهذه القضية تعطينا مثالا عن الاهمية التي توليها الامم الحية للغاتها الام، وحرصها على اتقان ابنائها لهذه اللغة منذ الصغر.
ولقد ادرك الاستعمار اهمية اللغة ودورها في الحفاظ على الهوية الوطنية، وفي إبقاء الدين حياً في النفوس، وعمل على محاربة اللغة العربية وإضعافها. ولكن محاولاته فشلت نتيجة لتمسك العرب بلغتهم ودينهم، وبفضل ما قامت به في هذا المجال، مؤسسات عريقة مثل الازهر الشريف في مصر، وجامع الزيتونة في تونس، وجامع القرويين في المغرب.
وبعد الاستقلال بُذلت جهود وطنية وقومية كبيرة للتعريب واحياء اللغة العربية على اوسع نطاق ممكن. ورحم الله جمال عبد الناصر وما اسهم به في هذه العملية، حيث قام بايفاد المدرسين على نفقة مصر بالرغم من الصعوبات المالية التي كانت تواجهها آنذاك. ونحن نرى الآن ثمار هذه العملية تتجسد في احتضان شباب المغرب العربي للغته، ودفاعه عن دينه وعروبته. ونأمل ان تظل هذه العملية وآثارها، ماثلة في اذهان المسؤولين عن التربية والتعليم وتنشئة الاجيال.
لن اتوقف هنا عند مشاكل التعليم واساليبه في بلدنا. فلقد قيل الكثير حول ما شاب هذا التعليم في الماضي، من اساليب الحفظ والتلقين، والتي جاءَت على حساب العناية بملكة النقد والتفكير العلمي.
وبالرغم من ذلك فليس كل شيء في تلك الأساليب والنظم سيئا، بل فيها من الخير الكثير، فنحن جميعًا نتاج تلك النظم والأساليب، فمنا الوزراء والوكلاء والسفراء والكثير من الحرفيين والمهنيين، و الجميع أدوا خدمات جليلة للأوطان. العراق على سبيل المثال اتبع نفس النظم وكان لديه قبل الاحتلال اكتفاء ذاتي في كل المجالات بما في ذلك العلماء الذين لا يعرف مصيرهم اليوم إلا الله. يكفيهم فخرًا أنهم استطاعوا استخراج البترول وتصديره بسواعد عراقية بالرغم من الحصار الأممي الذي استمر أكثر من عشر سنوات، و قد حظوا هم والفلسطينيون على أعلى نسبة في التعليم والتعلم في العالم العربي. كل ذلك لم يأتِ من فراغ بل على أيدي مفكرين ومربين عرب أجلاء استوجب الإنصاف والعدالة شكرهم وتقديرهم على جهودهم المخلصة وجزاهم الله خيرًا عنا جميعًا. كما انني تابعت الاهتمام الجدي الذي اولاه حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني امير البلاد المفدى، لمسألة التعليم والنهوض به، وتوجيهات سموه الدؤوبة لاستنهاض طاقات جميع المسؤولين والمعنيين في البلاد، من اجل الاسهام في معالجة هذه القضية، والوصول الى الغايات المنشودة بغية اعلاء شأن وطننا العزيز.
ومع ذلك، فانني استشعر الخطر من خلال مشاهدتي المباشرة لتدهور حال اللغة العربية. وهناك من يشاركني في هذه المخاوف. واشير هنا الى صديق وعضو في مجمع للغة العربية، اخبرني مؤخراً بأنهم يلاحظون ما يجري ولديهم انطباع مثلنا بأن لغتنا في خطر ما لم يتم تدارك الامر. كما اشير الى أن احدى المدرسات أثناء حديثٍ لي معها اخبرتني ان طلابها يفضلون التحدث فيما بينهم باللغة الانجليزية، وانهم لا يفهمون شرحها اذا خاطبتهم بالعربية فتضطر ان تشرح لهم بالانجليزية.
اود اخيراً ان انوه بالنهضة التعليمية الكبيرة والرائدة التي تشهدها بلادنا، والتي اسست اركانها صاحبة السمو الشيخة موزة بنت ناصر المسند، وانتهز هذه المناسبة لاناشد سموها اصدار توجيهاتها السامية الى مؤسسات التعليم كافة، الحكومية منها والخاصة، لاعطاء المزيد من الاهتمام باللغة العربية والدين، وبما يضمن تنفيذ هذه التوجيهات. فالنهضة والتقدم لا يتحققان بغير لغة اهلهما.
هـــل هـويتـنا فــي خطـــر؟!
http://www.al-watan.com/data/20100427/innercontent.asp?val=local2_1
بقلم: شريدة سعد جبران الكعبي - رجل أعمال ودبلوماسي سابق
انني من المؤمنين بأن الله سبحانه وتعالى سيحفظنا ويحفظ لغتنا وهويتنا طالما تمسكنا بدينه وتعاليمه واتباع سنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم.
ولكن مما أثار هذا التساؤل في ذهني، هو أنني كنت في اجتماع في احدى الوزارات، وأجبرنا فيه على التحدث باللغة الانجليزية، لان الخبير الاجنبي في الموضوع محل البحث وبعض موظفي الدولة المشاركين في الاجتماع، لا يتحدثون العربية. سألت ذلك الخبير الالماني الجنسية، لو أن هذا الاجتماع عقد في أي بقعة في ألمانيا، هل كنتم ستتحدثون بالانجليزية أم أن الجميع سيجبرون على التحدث باللغة الألمانية، إما مباشرة او من خلال تسهيلات الترجمة التي توفرها الجهة المنظمة للاجتماع ؟
ومما يثير هذا التساؤل ايضا ، ما نلاحظه من طغيان اللغة الانجليزية على العربية ان كان في المعاملات المختلفة، او على مستوى أسماء المحال التجارية في المدن والاسواق. فشكرًا لحكومتنا الرشيدة عندما وجهت وجوب اللغة العربية في جميع المعاملات الرسمية.
ولعل الاخطر من ذلك، ما اصبحنا نلاحظه من طغيان اللغة الانجليزية على العربية في اوساط النشء الجديد. فبدلاً من التحدث باللغة العربية حتى في البيت أصبحوا يستسيغون اللغة الانجليزية، لابل وبدأوا يستصعبون اللغة العربية ويفضلون الانجليزية عليها. ما يحز في النفس فعلاً هو سماع بعض الأمهات يداعبن أو يخاطبن أطفالهن باللغة الانجليزية في الأسواق أو الأماكن العامة بتباه وكأنه مظهر حضاري.
أعتقد ان هذه الظاهرة تشكل خطراً كبيراً على لغتنا الجميلة، لغة القرآن الكريم،والادب، والتواصل بين الاجيال. فاللغة ليست مجرد الفاظ للتخاطب، وانما هي اداة للتفكير، ووسيلة للتعبير عن الفكر والعواطف والوجدان. ولغتنا العربية غنية بطاقاتها واساليبها التعبيرية، فهي على سبيل المثال، حين تتحدث عن شخصيات واحداث ماضينا وحاضرنا، تحمل في ثنايا الفاظها وعباراتها، صوراً وتأثيرات وجدانية عميقة في نفوسنا، لا يمكن ان تعطيها لغة اخرى.
ولذا، علينا ان نحرص على توجيه النشء، ونغرس في نفوسهم محبة لغتهم الام، ونعوّدهم على تذوق معانيها ورموزها. وبدون ذلك يُخشى ان تصبح لدينا اجيال لا تحسن فهم قرآنها وامور دينها، وربما تحتاج الى من يشرح لها لغتها بلغة اجنبية.
اقول هذا وفي ذهني قضية حدثت في بلد آخر، ولكنها ذات صلة بموضوعنا. فعندما كنت سفيراً لبلادي في عاصمة الضباب، تابعت اهتمام المسؤولين والمعنيين الانجليز آنذاك، بما اعتبروه مشكلة تعليمية عندهم، وتتمثل في عدم قدرة أطفالهم على القراءة والكتابة في سن الخامسة من العمر. فهذه القضية تعطينا مثالا عن الاهمية التي توليها الامم الحية للغاتها الام، وحرصها على اتقان ابنائها لهذه اللغة منذ الصغر.
ولقد ادرك الاستعمار اهمية اللغة ودورها في الحفاظ على الهوية الوطنية، وفي إبقاء الدين حياً في النفوس، وعمل على محاربة اللغة العربية وإضعافها. ولكن محاولاته فشلت نتيجة لتمسك العرب بلغتهم ودينهم، وبفضل ما قامت به في هذا المجال، مؤسسات عريقة مثل الازهر الشريف في مصر، وجامع الزيتونة في تونس، وجامع القرويين في المغرب.
وبعد الاستقلال بُذلت جهود وطنية وقومية كبيرة للتعريب واحياء اللغة العربية على اوسع نطاق ممكن. ورحم الله جمال عبد الناصر وما اسهم به في هذه العملية، حيث قام بايفاد المدرسين على نفقة مصر بالرغم من الصعوبات المالية التي كانت تواجهها آنذاك. ونحن نرى الآن ثمار هذه العملية تتجسد في احتضان شباب المغرب العربي للغته، ودفاعه عن دينه وعروبته. ونأمل ان تظل هذه العملية وآثارها، ماثلة في اذهان المسؤولين عن التربية والتعليم وتنشئة الاجيال.
لن اتوقف هنا عند مشاكل التعليم واساليبه في بلدنا. فلقد قيل الكثير حول ما شاب هذا التعليم في الماضي، من اساليب الحفظ والتلقين، والتي جاءَت على حساب العناية بملكة النقد والتفكير العلمي.
وبالرغم من ذلك فليس كل شيء في تلك الأساليب والنظم سيئا، بل فيها من الخير الكثير، فنحن جميعًا نتاج تلك النظم والأساليب، فمنا الوزراء والوكلاء والسفراء والكثير من الحرفيين والمهنيين، و الجميع أدوا خدمات جليلة للأوطان. العراق على سبيل المثال اتبع نفس النظم وكان لديه قبل الاحتلال اكتفاء ذاتي في كل المجالات بما في ذلك العلماء الذين لا يعرف مصيرهم اليوم إلا الله. يكفيهم فخرًا أنهم استطاعوا استخراج البترول وتصديره بسواعد عراقية بالرغم من الحصار الأممي الذي استمر أكثر من عشر سنوات، و قد حظوا هم والفلسطينيون على أعلى نسبة في التعليم والتعلم في العالم العربي. كل ذلك لم يأتِ من فراغ بل على أيدي مفكرين ومربين عرب أجلاء استوجب الإنصاف والعدالة شكرهم وتقديرهم على جهودهم المخلصة وجزاهم الله خيرًا عنا جميعًا. كما انني تابعت الاهتمام الجدي الذي اولاه حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني امير البلاد المفدى، لمسألة التعليم والنهوض به، وتوجيهات سموه الدؤوبة لاستنهاض طاقات جميع المسؤولين والمعنيين في البلاد، من اجل الاسهام في معالجة هذه القضية، والوصول الى الغايات المنشودة بغية اعلاء شأن وطننا العزيز.
ومع ذلك، فانني استشعر الخطر من خلال مشاهدتي المباشرة لتدهور حال اللغة العربية. وهناك من يشاركني في هذه المخاوف. واشير هنا الى صديق وعضو في مجمع للغة العربية، اخبرني مؤخراً بأنهم يلاحظون ما يجري ولديهم انطباع مثلنا بأن لغتنا في خطر ما لم يتم تدارك الامر. كما اشير الى أن احدى المدرسات أثناء حديثٍ لي معها اخبرتني ان طلابها يفضلون التحدث فيما بينهم باللغة الانجليزية، وانهم لا يفهمون شرحها اذا خاطبتهم بالعربية فتضطر ان تشرح لهم بالانجليزية.
اود اخيراً ان انوه بالنهضة التعليمية الكبيرة والرائدة التي تشهدها بلادنا، والتي اسست اركانها صاحبة السمو الشيخة موزة بنت ناصر المسند، وانتهز هذه المناسبة لاناشد سموها اصدار توجيهاتها السامية الى مؤسسات التعليم كافة، الحكومية منها والخاصة، لاعطاء المزيد من الاهتمام باللغة العربية والدين، وبما يضمن تنفيذ هذه التوجيهات. فالنهضة والتقدم لا يتحققان بغير لغة اهلهما.