المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أَثَرُ الإِيمَانِ فِي حَيَاةِ الإِنْسَانِ



arcon
03-05-2010, 07:08 AM
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جعلَ جزاءَ المؤمنينَ فلاحاً ونجاحاً وفوزاً مبيناً فِي الدُّنْيَا والآخرَةِ، وأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، القائلُ سبحانَهُ:



( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا) وأَشْهَدُ أَنَّ سيدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ وصفيُّهُ مِنْ خلقِهِ وحبيبُهُ القائلُ صلى الله عليه وسلم :« الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ»رواه البخاري. اللَّهُمَّ صَلِّ وسلِّمْ وبارِكْ علَى سيدِنَا محمدٍ وعلَى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ، ومَنْ تَبِعَهُمْ بإحسانٍ إلَى يومِا الدين.

أيُّها الأخوة الكرام: إِنَّ الإيمانَ اعتقادٌ بالجَنانِ وإقرارٌ باللسانِ وعملٌ بالجوارحِ, وسعادةُ المرءِ فِي دُنياهُ وأخراهُ لاَ تتحقَّقُ إلاَّ بالإيمانِ، فهُوَ نورُ الحياةِ الَّذِي يُضيءُ للمسلمِ طريقَهُ فيُقَرِّبُهُ مِنْ خالقِهِ جلَّ فِي عُلاهُ, ويدعُوهُ إلَى كُلِّ فضيلةٍ كَالمحافظةِ علَى الصلواتِ وإيتاءِ الزكاةِ وبِرِّ الوالدينِ ومعاملةِ الناسِ بالحسنَى, والإيمانُ يمنعُ الإنسانَ مِنْ كلِّ رذيلةٍ, ولقَدْ بيَّنَتْ نصوصُ الكتابِ والسنةِ أَنَّ للإيمانِ آثاراً عظيمةً وفضائلَ كبيرةً تنفعُ الفردَ والمجتمعَ, فمِنْ آثارِ الإيمانِ تحقيقُ التَّكافُلِ الاجتماعيِّ بَيْنَ أفرادِ المجتمعِ, فالمؤمنُ يُنْفِقُ ويُساعدُ الآخرينَ لأنَّهُ يعلَمُ أَنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ سيُخْلِفُ عليهِ, وسيجازِيهِ بأعظمِ الجزاءِ يومَ الدِّينِ، قَالَ تعالَى في سورة الحديد:( آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ) وقالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :« أَيُّمَا مُؤْمِنٍ أَطْعَمَ مُؤْمِناً عَلَى جُوعٍ أَطْعَمَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ ثِمَارِ الْجَنَّةِ، وَأَيُّمَا مُؤْمِنٍ سَقَى مُؤْمِناً عَلَى ظَمَإٍ سَقَاهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الرَّحِيقِ الْمَخْتُومِ، وَأَيُّمَا مُؤْمِنٍ كَسَا مُؤْمِناً عَلَى عُرْىٍ كَسَاهُ اللَّهُ مِنْ خُضْرِ الْجَنَّةِ " (ابو داود).

أيها السادة: إنَّ الإيمانَ يحقِّقُ للفردِ والمجتمعِ الأمنَ والأمانَ والاستقرارَ قالَ تعالَى في سورة الأنعام أية رقم 82:( الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ) والمؤمنُ يُراقبُ اللهَ فِي سائرِ تصرفاتِهِ, ويحافظُ علَى أَمْنِ وطنِهِ, لأنَّه يعلَمُ أنَّ الإِخلالَ بأمْنِ بلدِهِ معصيةٌ للهِ فيَحْذَرُ مِنَ الوقوعِ فيهَا, وإيمانُهُ يجعلُهُ صادقًا فلاَ يكذبُ، ولاَ يعتدِي علَى أحدٍ ولاَ يُؤذِي جارَهُ, لأنَّ إيمانَهُ ينهَاهُ عَنْ مثلِ هذَا, وقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:« الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالْمُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ " (رواه الترمذي).

وللإيمانِ آثارُهُ فِي استقرارِ الأُسرةِ وتماسُكِهَا, فهوَ يدعُو كُلَّ فَرْدٍ مِنْ أفرادِ الأُسرةِ إِلَى تحمُّلِ مسؤولياتِهِ والقيامِ بواجبَاتِهِ، فالزَّوجُ يدفعُهُ إيمانُهُ إلَى معاملةِ زوجتِهِ وأولادِهِ بالخُلُقِ الحسَنِ, قالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:«أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا، وَخِيَارُكُمْ خِيَارُكُمْ لِنِسَائِهِمْ" (رواه الترمذي)، والزوجةُ يَحُثُّها إيمانُهَا علَى طاعةِ زوجِهَا ورعايَةِ أبنائِهَا والمحافظةِ علَى بيتِهَا, قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم :« إِذَا صَلَّتْ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا وَصَامَتْ شَهْرَهَا وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ" (رواه الترمذي)، وأمَّا الأبناءُ فالإيمانُ يأمرُهُمْ بطاعةِ الوالدينِ والإحسانِ إلَيهِمَا, وقَدْ قرنَ اللهُ طاعةَ الوالدينِ بطاعتِهِ, وقرَنَ شكْرَهُ بشكرِهِمَا, فقالَ سبحانَه ُفي سورة لقمان:( أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ) فآثارُ الإيمانِ علَى الأُسرةِ عظيمةٌ, لأنَّهُ يجعلُهَا أُسرةً آمنةً مطمئنَّةً معطاءةً تقدِّمُ للمجتمعِ أفراداً صالحينَ مُصْلِحينَ مُنْتِجِينَ.

أيُّها المؤمنونَ: إنَّ الإيمانَ يَحُثُّ صاحبَهُ علَى إتقانِ العملِ والإخلاصِ فِي الوظيفةِ, ونبذِ الإهمالِ والكسلِ, والقيامِ بالمسؤوليَّةِ الَّتِي كُلِّفَ بِهَا, ورعايةِ الأمانةِ الَّتِي حُمِّلَهَا, فتجِدُهُ يغتنِمُ وقْتَ العملِ فِي إنجازِ مَا طُلِبَ منْهُ, معَ المحافظةِ علَى مكتسباتِ العملِ وأسرارِهِ مُسْتحْضِراً قولَ اللهِ تعالَى:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ" (سورة الانفال)، وقولَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :« لاَ إِيمَانَ لِمَنْ لاَ أَمَانَةَ لَهُ وَلاَ دِينَ لِمَنْ لاَ عَهْدَ لَهُ " (رواه احمد)، فالأمانةُ والإخلاصُ خُلُقانِ أَصِيلانِ يَنْبُعَانِ مِنَ الإيمانِ، ويتوقَّفُ عليهِمَا جودةُ العملِ، وحُسْنُ الإنتاجِ. ومِنَ الآثارِ العظيمةِ للإيمانِ علَى حياةِ الإنسانِ ذلكَ التَّوازنُ الَّذِي يتَّصِفُ بهِ المؤمنُ فِي جميعِ الظُّروفِ والأحوالِ الَّتي تَمُرُّ بِهِ, قالَ صلى الله عليه وسلم:« عَجَبًا لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلاَّ لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ " (رواه مسلم)، وهكذَا يحيَا المؤمنُ آمناً مطمئنًّا عزيزاً كريماً سَمْحاً رحِيماً عادلاً أَميناً صادِقاً يصبِرُ عندَ البلاءِ, ويشكُرُ عندَ الرَّخاءِ, ويحبُّهُ أهلُ الأرضِ والسَّماءِ .

واعلمُوا أيها الأخوة الكرام: أنَّ التخلُّقَ بأخلاقِ المؤمنينَ يجعلُ الإنسانَ سعيدًا فِي الدنيَا والآخرةِ، قَالَ تَعَالَى في بداية سورة الانفال: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ) هذِهِ هِيَ بعضُ صفاتِ المؤمنينَ, وهذَا هُوَ جَزاؤُهُمْ.

ألا وصلوا وسلموا -رحمكم الله- على سيد البشر، المصطفى الأغر، الشافع المشفع في المحشر، فقد ندبكم لذلك المولى تبارك وتعالى وأمر، في أفضل القيل وأصدق الخبر، ومحكم الآيات والسور، فقال سبحانه قولاً كريماً: إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيما

ويَقُولُ الرسولُ :« مَنْ صَلَّى عَلَىَّ صَلاَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْراً " (رواه مسلم)

sastook
05-05-2010, 08:28 PM
جزاك الله خير

مستثمره
29-05-2010, 04:19 PM
جزااااك الله خير

arcon
30-05-2010, 01:06 PM
وجزاكم الله المثل