المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تصاعد مستويات مخاطر التضخم في دول الخليج العربية



mohd_bh
07-05-2010, 10:02 AM
في العدد الأخير من «غلوبل إنفستور»...
تصاعد مستويات مخاطر التضخم في دول الخليج العربية

الوسط - المحرر الاقتصادي

سلط العدد الأخير من مجلة «غلوبال إنفستور» الضوء على قضية التضخم؛ إذ تم طرح تحليل معمق لحالات التضخم والمخاطر الناجمة عنها، بالإضافة إلى البحث في الآثار المترتبة على هذه المخاطر على المستثمرين ومحافظهم المالية.

وأثارت الإجراءات النقدية والمالية الصارمة، التي اتخذها وزراء المالية والمصارف المركزية رداً على الأزمة المالية العالمية، المخاوف بوقوع حالات تضخمٍ محتملة. ويرى محللو «كريديت سويس»، في العدد الأخير من مجلة «غلوبال إنفستور»، أن هذا النوع من المخاطر سيكون معتدلاً في معظم الدول الصناعية خلال الفترة الراهنة، بخلاف الأسواق الناشئة التي قد تتصاعد فيها مخاطر التضخم بسرعة. وعلى رغم أن الدول المعنية قد شهدت حالات نموٍ أكثر قوة؛ إلا أنها قامت بتبسيط سياساتها الاقتصادية انسجاماً مع الإجراءات التي اتخذتها الدول الأكثر تضرراً من الأزمة، والتي بدأت تشهد تعافياً تدريجياً في الوقت الراهن.

تزايد حدّة التضخم في دول الخليج

ووفقاً لمحللي كريديت سويس، شهدت دول مجلس التعاون الخليجي انخفاضاً حاداً في أسعار المواد الاستهلاكية خلال العام الماضي، بعد أن كانت تتمتع بأعلى معدلات التضخم على المستوى العالمي. وعلى غرار غيرها من الأسواق الناشئة، تشهد دول مجلس التعاون تصاعداً في مستويات مخاطر التضخم مرة أخرى حالياً.

ويقدَّر متوسط التضخم في دول مجلس التعاون الخليجي بنسبة 2 في المئة على أساس سنوي في العام 2009، بعد أن كانت نسبته 11 في المئة على أساس سنوي في العام 2008. وعلى رغم أن التوجه كان مماثلاً؛ إلا أن تقلبات الأسعار لم تكن موحّدة في دول مجلس التعاون الخليجي. وقد لوحظت أقوى التغيرات في معدلات التضخم في دولة قطر، في حين بقي التضخم منخفضاً نسبياً وثابتاً في البحرين.

وكان الارتفاع الكبير في أسعار السلع الأساسية مصدراً للقوة في العام 2008، وفي الوقت نفسه نتيجة للضعف المتزايد في اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي. وقد فرض الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية ضغوطاً متزايدة على حال التضخم (الأمور الفرعية مثل الغذاء والإيجار مثلت نحو 50 في المئة من مؤشرات أسعار المستهلكين المختلفة). وأدّى ارتفاع أسعار الطاقة إلى زيادة مفاجئة في عائدات النفط، ما أسهم في دعم النمو الاقتصادي وتعزيز السيولة النقدية. كما ساعد الارتفاع الكبير في السيولة على تعزيز التوسع الائتماني وإحداث قفزة في الإنفاق، ما أدى بدوره إلى تضييق دائرة التمويل الجانبي، وخاصة في قطاع العقارات.

وقد كانت مسألة ربط العملات المحلية بالدولار (باستثناء الدينار الكويتي الذي يرتبط بسلة من العملات) سبباً إضافياً للتقلبات القوية في معدلات التضخم. وفي مرحلة ما قبل الأزمة المالية، أدى ضعف الدولار إلى توليد ضغوط تضخمية إضافية في أسعار الواردات. في المقابل، أدى الارتفاع الكبير في سعر الدولار خلال الأزمة المالية إلى تفاقم معدلات التضخم. وأخيراً، ساهم تراجع أسعار العقارات الحاد في بعض المناطق في تخفيف الضغوط التضخمية.

ومع حفاظ السياسات المالية في العام 2009 على ميزتها التوسّعية لدعم النمو في المنطقة، كان لضعف أسعار السلع الأساسية وانخفاض السيولة وتشديد الشروط الائتمانية أثر أكبر.

وفي نظرة مستقبليّة، يرى محللو «كريديت سويس» أن الضغوط التضخمية سترتفع في دول مجلس التعاون الخليجي عموماً، مستندين في هذا على افتراض أن أسعار السلع (سواء الغذائية أو الطاقة) ستواصل ارتفاعها، وعلى توقعاتهم بأن يتراجع الدولار. كما يرى محللو «كريديت سويس» أن ارتفاع الدولار يقترن بانخفاض مخاطر التضخم بطبيعة الحال. وعلاوة على ذلك، بينما لاتزال التوقعات الاقتصادية إيجابية بالنسبة على المنطقة عموماً، فإن الانتعاش التدريجي سيحدّ على الأرجح من الضغوط التضخمية المحلية.

مخاطر التضخم على الأسواق الناشئة

قامت معظم الأسواق الناشئة بتسهيل سياساتها النقدية والمالية بشكلٍ كبير في أعقاب الأزمة المالية، وذلك في محاولة لتحفيز الطلب المحلي. وقد ربطت الصين - وبدرجةٍ أقل الأسواق الآسيوية الناشئة الأخرى - عملتها بالدولار الأميركي. لكن هذه الدول «استوردت» سياسات نقدية تم تصميمها لدعم الاقتصادات التي تأثرت بشكلٍ كبير بالأزمة المالية، عوضاً عن الاعتماد على سياسات تتميز بقوتها الهيكلية. وتبعاً لذلك، فقد ظهرت مؤشرات متزايدة على عودة الحال الاقتصادية المحمومة في العديد من الأسواق الناشئة؛ الأمر الذي يعزز من احتمال مواجهة مستويات أعلى من مخاطر التضخم. وتبدو هذه المؤشرات بشكلٍ واضح في القطاع العقاري، ولذلك فإن مواجهة هذا الاتجاه تتطلب تشديد السياسات النقدية وأسعار الصرف والتحول بعيداً عن الصادرات لصالح الطلب المحلي.

ردود فعل بسبب ارتفاع أسعار السلع الأساسية

قد يعاني العالم من ارتفاعٍ أكبر في الأسعار العالمية للسلع كأحد الآثار المترتبة على النمو القوي الذي تشهده الأسواق الناشئة. ومن المنتظر أن يؤثر هذا النمو في الأسعار بشكلٍ أكبر على الأسواق الناشئة نظراً إلى اعتمادها على السلع في عمليات الإنتاج والاستهلاك، وبشكلٍ أكبر مما عليه الحال في الدول الصناعية. وبدورها، فإن الأسواق الصناعية ستتأثر بهذا الارتفاع في الأسعار ولو بدرجاتٍ متفاوتة. وكما كان الحال في فترة ما قبل الأزمة المالية، فإن هذه الحال قد لا ترفع بالضرورة من مستويات التضخم، لكنها في المقابل ستعزز من تقلب وعدم استقرار نمو الأسعار.

انخفاض في أوروبا وارتفاع في بريطانيا

وأكد محللو «كريديت سويس» أن المساواة التلقائية بين التوسع الهائل أحياناً في موازنات المصارف المركزية - كما حدث وخاصة في الولايات المتحدة الأميركية - وعواقب التضخم المحتملة يشكل إجراءً مبسطاً للغاية، لافتين إلى أن انهيار الثروات والتدهور الحاد في سوق العمالة الأميركية وضعف النظام المصرفي يشكّل العوامل الرئيسية في ضعف الانتعاش النسبي في الطلب الخاص. ولاتزال مخاطر التضخم محدودة في ظل استمرار انخفاض مستوى الاستفادة من القدرات؛ إذ تبدو هذه المخاطر أكثر هدوءاً في القارة الأوروبية واليابان، في الوقت الذي تتضح فيه بشكلٍ أكبر في المملكة المتحدة والدول التي تشهد نمواً سريعاً في تصدير السلع مثل أستراليا. وفي الحال الأخيرة، فقد تم بالفعل البدء بتشديد السياسات النقدية؛ الأمر الذي قد يحد من مخاطر التضخم على المدى المتوسط. أما بالنسبة إلى سويسرا، فإن مخاطر التضخم تبدو منخفضة نتيجة عدة عوامل هيكلية؛ إذ من المرجح أن يساهم قرار البنك الوطني السويسري المتوقع بالتخلي عن سياسة دعم الفرنك السويسري القوي في الحد من هذه المخاطر. وفي المقابل، من المنتظر أن يساهم استمرار انخفاض أسعار الفائدة في تعزيز المؤشرات الأولية التي ستعيد السوق العقارية السويسرية إلى حال الغليان التي كان يعيشها سابقاً.

دول لا يرجح أن تعاني من التضخم

يتمثل أحد تبعات الأزمة المالية والاقتصادية العالمية في تفاقم حالات الاختلال في موازنات حكومات العديد من الدول الصناعية، وهو ما يصاحبه ارتفاعٌ موازٍ في الديون الحكومية. ويرى محللو «كريديت سويس» أنه من غير المرجح أن تقوم المصارف المركزية بنجدة الحكومات في سداد ديونها، وخاصةً أن استقلالية المصارف المركزية ورد الفعل المضاد الحتمي للأسواق المالية على مثل هذه السياسات سيقلل من هذه المخاطر. ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن الارتفاع الكبير في الدين الحكومي سيصعّب على المصارف المركزية وضع استراتيجية تحد من عمليات التبسيط النقدي، وهذا ما سيؤدي إلى مستوى مرتفع من عدم الاستقرار فيما يتعلق بالسياسات النقدية، بالإضافة إلى زيادة حالات التقلب التي تعاني منها في الأسواق المالية في الوقت الراهن.

العدد : 2800 | الجمعة 07 مايو 2010م الموافق 22 جمادى الأولى 1431هـ