المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مذبحة سوق الأسهم ..,



شمعة الحب
07-03-2006, 12:15 PM
مذبحة سوق الأسهم
نواف مشعل السبهان - كاتب وتربوي في التعليم الفني 07/02/1427هـ
لن نتجاوز الواقع ولا نبالغ في وصف الحالة، فهي فعلا مذبحة سالت فيها الأموال من الجيوب وتبخرت وكأنها أثر بعد عين، ولم تسل فيها، ولله الحمد، الدماء من الأجساد كما يحدث في العراق الحبيب يوميا وهو تحت احتلال عسكري أجنبي وسلطة باهتة لا لون لها ولا طعم وإن كانت لها رائحة لا علاقة لها بتراب العراق الأصيل، ما جرى لسوق الأسهم لا يمكن أن يوصف بغير ذلك، فهي مذبحة أصابت أموال ومدخرات الناس الذين لا ذنب لهم بعد أن أغوتهم أرباح ومكاسب هذه السوق وهم يظنون أنهم يتعاملون بأمان واطمئنان مع سوق محكومة بنظام وتعمل تحت إشراف ومتابعة هيئة رأسمال رسمية مهمتها ضبط آليتها وحمايتها من أي تلاعب خطر، ما كان هؤلاء الناس الآمنون المطمئنون يعتقدون ولو للحظة أن زلزالا سوف يضرب فجأة وبعنف وبلا مقدمات عمق هذه السوق ويغرقها في تسونامي خسائر متلاحقة كما حدث منذ أسبوع.
صحيح أن هناك تحذيرات توالت على مدى أشهر من أن الانتفاخ الذي أصاب سوق الأسهم لا بد وأن ينفس في أي لحظة فيما أجمع كل المحللين الماليين على تسميته بـ "تصحيح بدافع جني أرباح" حسب تعبيرهم، وكان ذلك متوقعاً ولم يكن مستغرباً بل حالة طبيعية في أي سوق مشابهة، إلا أنه لم يكن هناك من يتوقع أن هذا التصحيح الطبيعي سوف يتحول إلى انهيار تام غير طبيعي يؤدي إلى خسائر مهولة أصابت كثيرين في مقتل مالي موجع، والملاحظة المهمة في هذا السياق أن ذلك الانهيار ليس انعكاسا لأوضاع قلقة، فكل المؤشرات الاقتصادية والسياسية والأمنية، وهي المقاييس المؤثرة، لا تحمل أي سلبيات تنعكس سلباً على حركة السوق، فاقتصادنا الوطني ولله الحمد قوي ومتين برافده الأقوى البترول والذي حقق وما زال أسعاراً قياسية يؤكد الخبراء أنها ستظل في هذا المعدل المرتفع لسنوات طويلة قادمة مما يعني تنامي الدخل، ويدعم قوة الاقتصاد مناخ سياسي مستقر تسانده حركة إصلاح إيجابية يتفاعل معها الجميع بمسؤولية ومشاركة فعالة إلى جانب عمليات تطوير إداري تشيع حالة من الارتياح العام وذلك كله في ظل وضع أمني عام هادئ ومطمئن عكسته النجاحات الأمنية في الإحباط الموفق للعملية الإرهابية في مدينة بقيق ومتابعتها في القضاء على خلية الرياض بعد يومين بما يعكس أماناً أمنياً واضحاً.
أمام كل هذه المؤشرات الإيجابية الاقتصادية والسياسية والأمنية يصبح السؤال المهم هو: لماذا أنهارت سوق الأسهم..؟ ومن المسؤول..؟ وما هي الأسباب..؟.
في تصوري، ومن موقع المراقب والمتابع وليس التحليل الذي له فرسانه وبناء على كل المعطيات المبنية على المؤشرات الإيجابية التي تعتبر محفزة لسوق الأسهم لا محبطة لها، فإن سبب المشكلة والعلة هي إدارية بحتة، بمعنى أن هناك أخطاء نتيجة لسلبيات في إدارة عمل السوق هي التي أدت إلى هذا الانهيار غير المبرر اقتصادياً حتى مع تضخم أسعار أسهم الشركات الخاسرة أصلاً والتي كان يمكن معالجتها كحالات فردية دون أن ينسحب الانهيار على الجميع بحيث تتساوى شركة مثل "سابك" حققت أكثر من 20 مليارا مع شركة لم تحقق أرباحاً أو أن أرباحها في أنها قلصت خسائرها فقط، ليصل الأمر إلى أن تحمر جميع المؤشرات وإقفالها على النسبة الدنيا، وما دام أن التوقع في أن العلة إدارية بعد استبعاد جميع المؤثرات الفعلية السوقية والعملية أو سموها كما تشاؤون، فإن الأصابع تشير إلى أداء الجهة المعنية في ضبط ومراقبة آلية عمل سوق الأسهم وهي هيئة رأس المال، فعلى مدى الأشهر الماضية كان كل المحللين الماليين يحذرون من سلبية ارتفاع أسهم بعض الشركات التي لا يتوافق أداؤها مع تضخم سعر سهمها وصعوده بمضاعفات متتالية، وأن هذه الارتفاعات ما هي إلا مضاربات يقوم بها شطار السوق وهو ما دفع إلى التحذير بأن هذا الارتفاع المحموم المتصاعد والمتسرع لا بد وأن يصطدم بقوة ارتداد قوية، في المقابل كانت الهيئة تكتفي طوال الوقت بالتحذير من تتبع الإشاعات فقط دون أن تتدخل بشك مقنع وتعلن عن حالات تلك الشركات المثيرة للجدل تاركة الأمور تسير حتى أدت سلبيات السوق لإغراقها برغم كثرة الإيجابيات، وأمام عدم فاعلية الهيئة كان المساهم يرى الوضع مختلفاً تماماً، فهو يحقق مكاسب متوالية ومجزية يوما بعد يوم، وفي ظل ضبابية السوق لم يجد بدا من السير خلف الإشاعات والتي كثيراً ما كانت تصدق.
ليس مطلوباً الآن الاكتفاء بتشخيص الحالة فهي تشخص ذاتها بذاتها، بل المطلوب أن نرى الواقع على حقيقته وهو أن هناك أزمة نتيجة الانهيار وليس مجرد خسائر بسيطة بسبب عملية تصحيح عادية، والجانب الآخر في الحقيقة أن هيئة رأس المال غائبة كما نرى ونشاهد وكأن ليس هناك كارثة حلت بسوق الأسهم ضحيتها مئات الألوف من المواطنين الذين وثقوا بهذه السوق وتستحق أن تكون لها إدارة أزمة لإنقاذ الوضع ومعالجة الأسباب وتصحيح السلبيات. إن صمت الهيئة حتى الآن وهي تكتفي بدور المتفرج أمر غير مفهوم، فأموال الناس تضيع أمام أنظارهم حتى وصل الأمر إلى أن كثيرين عجزوا عن البيع حتى بخسارة لكون ما إن تفتح السوق حتى تغلق معظم الشركات بالنسبة الصغرى، وأمام هذا الوضع إذا لم نعتبر أن الأمور وصلت إلى حد الأزمة بل الكارثة، فماذا ننتظر لتقر الهيئة بذلك..؟

حمد خالد
07-03-2006, 01:45 PM
الله يكون بالعون