ROSE
16-05-2010, 07:44 AM
غانم آل سعد رئيس مجلس إدارة بروة العقارية :
اهتمام قطري بالكويت والاستثمار في خطة التنمية
الرأي العام 16/05/2010
شيء ما في مسيرته يشبه بلده واشياء كثيرة في اسمه تشبهه، بعض القامات تتماهى مع تاريخ عاشته وتأبى الا ان تضع بصماتها على صفحاته، وغانم بن سعد آل سعد من هذه القامات... لا يهتم كثيرا بمستوى التحدي انما بجدوى نتائجه، ولا يقف كثيرا امام الاحجام والمساحات بل امام الدور والرسالة.
واذا كانت قطر اليوم قاطرة حقيقية للمبادرات الاستثنائية في عالمي السياسة والبزنس، فإن قطار القطاع الخاص الذي يشكل غانم بن سعد احد رموزه يسير في مسارات غير تقليدية انما بثقة محسوبة. عابرا للقارات. مختصرا لها. دامجا التكتلات الكبيرة في قرية صغيرة. في «جزيرة» اصغر، فأول الغيث قطرة واول المشروع رؤية وأول النجاح ارادة... وكلها عوامل أهلت «أبو سعد» لتبوؤ مقعد متقدم في منتدى صناع القرار المالي العالمي بـ«امتياز».
شيء ما في مسيرته يشبه بلده. حتى «الديار»، الشركة التي يتولى منصب العضو المنتدب فيها هي جمع لـ«الديرة»، والديرة حاضرة رغم صغر مساحتها. مشاكسة رغم طبيعتها الساكنة. محاربة مقاتلة في انتزاع الادوار رغم مناخها المسالم. دققوا في تاريخها منذ الالف الرابع قبل الميلاد وتوقفوا عند التسمية التي اطلقها عليها عالم الجغرافيا بطليموس «قطارا»، قاصدا المرفأ الذي سيستوطن الزبارة لاحقا كأحد اهم الموانئ التجارية في المنطقة ثم كواحد من القواعد الاساسية لانطلاق الفتوحات الاسلامية. التسمية الصدفة ام الصدمة؟ لا يهم، فلطالما قادت الصدف قطر الى الصدمات ولطالما اوجدت الصدمات مناخات مختلفة جديدة ثبتت الموقع... كان بطليموس عالم تاريخ اكثر منه عالم جغرافيا.
ادارته لاعماله مثل «النوخذة» الذي يدير السفن والموانئ. يعرف غانم بن سعد آل سعد اتجاهات الريح. مسارات الملاحة. حركة الموج. المد والجزر. يعرف ايضا مواقع التيارات ومناطق الاعاصير. الحسابات عنده ليست ارقاما تجمع وتطرح فقد ادخل عنصر الزمن في الرياضيات، وعناصر التوقعات والاحتمالات والتقديرات والرصد والاستنتاج والاقدام في جدول الضرب. لم يعد الناتج من ضرب رقمين يساوي بالضرورة ما يعرفه الناس وكذلك الامر بالنسبة الى القسمة. يوزع فرحته على طاقم السفينة والمجال المائي اذا عاد بصيد وفير شأنه شأن بحار جذل، ويعترف بأي مشكلة تعترض السفينة في اي بحر او ممر او ميناء ويتحمل المسؤولية بفروسية القبطان الذي يأبى ان يسبق بحارته الى الرحيل... «لولا الحمايا كمل الذيب الغنم»، كما يقول اهل قطر، لاظهار قيمة الشهامة والفروسية في الدفاع عن الاعمال والحقوق.
لطيف المعشر. كريم الاستقبال. يعتمد المثل الشائع في الدوحة: «حل لسانك تلقى الناس خلانك»، لأن «جرح السيف يبرا وجرح الكلام ما يبرا». يعشق العمارة والزخرفة والمنحوتات الاسلامية، لذلك اراد ان يسكن في عراقة التجربة من خلال منزله الخاص الذي بناه وفقا لطراز معماري خاص فصار اشبه بمتحف صغير. لكنه يعشق ايضا متحفا كبيرا امضى فيه اعواما طويلة من عمره اسمه لندن... وله مع لندن قصص وحكايات.
شيء ما في مسيرته يشبه بلده واشياء كثيرة في اسمه تشبهه... غانم وسعد.
بين الغنيمة والسعد حديث في «البزنس». «لدينا نفس استثماري 100 في المئة»، يقول آل سعد، في إشارة إلى أن «(الديار) ليست جزءاً من الأجندة السياسية لحكومة قطر، لا في رسمها ولا حتى في تنفيذها».
بهذا «النفس الاستثماري» يكشف آل سعد الذي يشغل ايضاً منصب رئيس مجلس الادارة العضو المنتدب في شركة بروة العقارية عن مشروع تطوير عقاري «واعد» لشركة الديار في وسط بيروت سيعلن عنه قريباً بما لا يقل عن ثلاثة مليارات دولار، ويشير إلى مفاوضات لشراء عقار في لندن بقيمة تقارب 400 مليون جنيه استرليني، فضلاً عن مفاوضات بلغت المراحل النهائية للاستحواذ على شركة أوروبية لم يكشف هويتها.
وفي الحديث المطول مع بن سعد في العاصمة القطرية الكثير من المكاشفة والأخبار الدسمة. وفي يلي التفاصيل:
* من المتعارف عليه أن شركة الديار القطرية للاستثمار العقاري تعتبر واحدة من دعامات تنفيذ الرغبة الاميرية في النهوض الاقتصادي الذي تشهده قطر، خصوصا انها تتولى مسؤولية تنفيذ مشاريع كبرى في مجال التنمية العمرانية والعقارية في الدولة اضافة إلى مشاريعها الخارجية، وهذا الدور يجعل السؤال مطروحا عن مدى الدعم الحكومي المقدم لكم للقيام بهكذا مهمة؟
- في البداية اود ان اشير إلى ان هيكل الاستثمار الحكومي في قطر بسيط جدا، فعلى رأسه جهاز قطر للاستثمار، ويضم تحته 3 اذرع رئيسية للاستثمار الاستراتيجي للدولة، وهي شركة الخطوط القطرية وشركة قطر القابضة وشركة الديار القطرية للاستثمار العقاري، وتعد «الديار» الجهة الوحيدة المنوطة بالاستثمار العقاري والبنية التحتية والاستثمار التنموي محليا وخارجيا، فالشركة لديها مشاريع استثمارية وتنموية في قرابة 40 دولة تربطنا معها علاقات قوية، وفي هذا السياق تعمل الشركة على تعزيز ثقة صاحب السمو الامير الشيخ حمد بن خليفة ومعالي رئيس مجلس الوزراء الشيخ حمد بن جاسم الذي يشغل منصب رئيس مجلس ادارة «الديار» بدعم جميع اوجه الاستثمار التنموية، وليس ادل على ذلك ان رأسمال الشركة المدفوع يبلغ 3 مليارات دولار مقابل اصول وموجودات تربو عن 50 مليارا، و«الديار» لا تعمل في التطوير العقاري فقط، ولكن تعمل ايضا في قطاع الاستثمار، ولديها محفظة استثمارية للانشطة غير المنظورة مثل قطاعات الاتصالات والزراعة والتنمية العمرانية خارج المدن والبنية التحتية بما فيها محفظة توليد الكهرباء وتحلية المياه، كذلك لديها تحالفات رئيسة مع كبرى الشركات العالمية الاوربية والاميركية والصينية والعربية، وجميعها تحالفات تصب في دعم مشاريع «الديار» داخل وخارج قطر.
* هل يفهم من كلامكم ان الدعم الحكومي لـ«الديار العقارية» إلى ما لا نهاية؟
- يمكن القول ان الدعم الحكومي لنشاط الشركة من غير سقف محدد «ماله سقف»، وسيستمر ذلك باذن الله.
الاستراتيجية الاستثمارية
* بعد مرور 18 شهرا على اندلاع الأزمة المالية العالمية ما الدروس التي استفاد منها عراب إحدى الاذرع الثلاث الرئيسية لجهاز قطر للاستثمار؟
- أعتقد اننا استفدنا كثيرا من التجربة الخليجية، وتحديدا من تجربة دبي وكذلك مما نتج عن المضاربات في الاسواق المالية، -ولله الحمد- لم تصادفنا اي مشكلة في «الديار» أو في اي من الشركات التابعة، والسبب بكل بساطة ان فلسفة استراتيجيتنا الاستثمارية مبنية في الاساس على التحوط في اختيار الاستثمارات والمشاريع التي كنا حريصين على اختيارها بدقة حتى قبل اندلاع الازمة، ولعل هكذا توجه هو ما ساعد في ان تساهم «الديار» في استثمارات جديدة خلال 2009 وفي ظل شح السيولة وجفاف مصادرها واستمرار الأزمة بمبالغ تتجاوز 5 مليارات دولار، وهي استثمارت جاءت ضمن رؤية «الديار» في انه كما هناك جهات خاسرة في الازمات لابد وان يقابلها جهات رابحة، ومن هنا ومن خلال سياسة التحوط الاستثماري الذي يغلب على القرار الاستثماري في الشركة نعتقد ان هناك العديد من الفرص الاستثمارية الواعدة تنتظر «الديار» اقتناصها وليس ببعيد اعلاننا عن قيام «قطر القابضة» وهي احدى الشركات التابعة لجهاز قطر للاستثمار بشراء سلسلة متاجر هارودز، فنحن في قطر وفي ظل الازمة الخانقة نسعى لاقتناص الفرص الممتازة بالعالم.
* كم تبلغ حجم المطلوبات على «الديار»؟
- في الواقع نحن في الشركة مرتاحون جدا في مواجهة التزامات «الديار»، خصوصا وان مجموع الموجودات يغطي مجموع التزاماتها بفارق يقارب 3.5 ضعف، اذ لا يتعدى اجمالي التزامات الشركة 12 مليار ريال قطري بما يقارب نحو 3 مليارات دولار، مقابل 50 مليارا هي حجم موجوداتها، علما بان جميع التزامات «الديار» تعود لبنوك محلية، عبارة عن ديون طويلة الآجل، تم ضخها في استثمارات مدرة للدخل ذات نشاط تشغلي.
علاقة ائتمانية
* من اهم التحديات التي طرحتها الأزمة تعطل الرافعة الائتمانية للبنوك العالمية والمحلية، وهو ما دفع إلى ترنح العديد من المؤسسات ذات الاوزان الثقيلة في المنطقة والاعلان عن تعثرها، ورغم القناعة بان اوضاع «الديار» و«بروة» غير متشابهة مع هكذا نماذج لكن طلب الاحاطة حول الموقف الائتماني الحقيقي للشركتين يظل قائما؟
- بخلاف غالبية المؤسسات، لدينا في «الديار» و«بروة»علاقات ائتمانية ممتازة مع جميع البنوك المحلية والعالمية إلى الحدود التي تدفع إلى التنافس الشديد بين البنوك المحلية والعالمية على تمويل مشاريع الشركتين وشركاتها التابعة، حتى اننا من يختار الشركاء من المؤسسات التمويلية لدعم مشاريعنا الاستثمارية، وبكل صراحة لم نواجه اي صعوبة في تمويل اي من مشاريعنا في اي مرحلة من مراحلها.
* هل «الديار» أو «بروة» في حاجة لاعادة هيكلة اي من استحقاقاتها في الفترة المقبلة؟
- نهائيا... فليس لدينا اي نية لاعادة هيكلة اي من استحقاقتنا خصوصا في ظل الدعم الحكومة القطري لمشاريعنا، والشاهد ان «الديار» سددت احد قروضها التمويلية لبنوك عالمية الذي يتعلق بتمويل مشروع «بارك» في بريطانيا بـ 1.7 مليار دولار قبل حلول فترة الاستحقاق بثلاث سنوات، وذلك من خلال مصادر الشركة المالية المتنوعة.
* تفاؤلكم بالمركز المالي القوي لـ «الديار» يدفعنا إلى السؤال عن استراتيجيتكم للنمو المتوقع في محفظة «الديار» الاستثمارية خلال 2010 لا سيما وانكم تؤمنون بانه كما في الأزمات جهات خاسرة هناك جهات رابحة وفرص مغرية؟
- من ضمن الاهداف العريضة لاستراتيجية «الديار» العامة الا يقل معدل النمو في محفظتها الاستثمارية عن نسبة 20 في المئة سنويا، وذلك من خلال اضافة مشاريع عقارية وفقا للخطة، وهذا يتم حسب الخطة المطروحة من مجلس الادارة.
مفاوضات متقدمة
* هل لدى «الديار» حاليا اي مفاوضات على نار حامية تتوقعون اتمامها قبل نهاية النصف الاول من 2010؟
- في الحقيقة تتفاوض «الديار» على شراء عقار في بريطانيا وتحديدا في لندن بما يقارب 400 مليون جينه استرليني، وقد وصلت الشركة إلى مراحل متقدمة على هذا الصعيد، اضافة إلى ان هناك مفاوضات متقدمة بشأن الاستحواذ على شركة اوروبية، وقد وصلت المفاوضات حولها إلى المرحل النهائية،كما لدينا مشروع تطوير عقاري واعد في وسط بيروت سنعلن عنه قريبا بما لايقل عن 3 مليارات دولار، وخطتنا للعام الحالي تتضمن الاستثمار في مشاريع كبرى خصوصا في الشرق الاوسط، اما في 2011 فلدى «الديار» العديد من المفاجآت.
* كم تبلغ حجم المشاريع التي تعكف «الديار» على دراستها وتتوقع انجازها قبل نهاية الربع الثاني من العام الحالي ؟
-نحو 3 مليارات دولار.
* المتابع جيدا لحركة الصناديق السيادية يلاحظ بجردة بسيطة الفارق بين نموذج استثمار الهيئة العامة للاستثمار في الكويت وجهاز قطر للاستثمار، فسياسة هيئة الاستثمار تتنبى الاحتفاظ بمستويات مرتفعة من السيولة عبر المدخرات في سندات وما شابهها من ادوات كاجراء تقليدي، في حين تبدو النظرة مغايرة بالنسبة قطر التي تسعى إلى تحويل الجزء الاكبر من الكاش لديها إلى اصول. من واقع موقعكم في منظومة شركات جهاز قطر للاستثمار هل لنا في ان تفكوا شيفرة قطر في شراء الاصول الكثيرة؟
-كما اشرت في البداية هيكل الاستثمار القطري في الاستثمار الاستراتيجي يضم 3 اذرع رئيسية، جميعها تعمل على تعزيز الثقة الاميرية بدعم جميع اوجه الاستثمار التنموية، ومن هنا بالاستحواذ على اصول مدرة لها امكانات النمو تتناغم مع الاستراتيجية الاستثمارية في قطر، فعلى سبيل المثال لدينا صندوق للاستثمار في قطاع السيارات بحدود 500 مليون دولار كبداية، ليس دوره الاستثمار في اسهم شركات سيارات، لكن الاستثمار في الابحاث الخاصة بمستقبل السيارات من سيارات الكهرباء والطاقة النظيفة وغيرها من الاغراض المشابهة، وفي قطر لدينا لجنة لبحث مثل هذه الاستثمارات، كما ان «الديار» استثمرت اكثر من مليار دولار في شركة حصاد قطر وهي شركة متخصصة في الامن الغذائي ليس في قطر فحسب، واستثمارات الشركة ذات عائد جيد، وضمن نشاطها اشترت مزارع في استراليا وفيتنام وكمبوديا والارجنتين والبرازيل تتضمن المواشي والدواجن والمحاصيل الاساسية من قمح وارز وسكر لسكان قطر وخارج قطر. ومن هنا يمكن قراءة الحالة وفك شيفرة استراتيجية قطر في الاستثمار بالاصول.
* يعتب البعض على قطر من الناحية الاستثمارية انها تضخ مستويات عالية من الاموال زائدة عن قيم الصفقات التي تنجزها وهو القرار الذي يؤثر على معادلة الربحية المكونة من حجم العائد إلى التكلفة؟
- من بدهيات العمل الاستثماري في الاسواق ان الجميع ينظر إلى الفرص المطروحة من واقع رؤيته للاستثمار، وبالنسبة لنا في قطر ننظر إلى الفرص من جانبين، الأول استثماري بحت، والثاني من حيث مدى امكانية التكامل الذي يمكن ان يحققه الاستثمار، مثال عندما اشترت «الديار» شركة «سيجلك» في فرنسا من عامين دفعت 200 مليون يورو اكثر من اي عرض اخر تقدم للاستثمار وقتها، كما دفعت اكثر من 150 جنيها بريطانيا زيادة في اراضي مشروع «جورسي بارك» في لندن، فلدينا نظرة لا ترتكز على الحسابات الرقمية الظاهرية بالنسبة للدخل السريع مقارنة بالتكلفة... «هي مش حساب»، فنظرتنا تحكمها سياستنا واستراتيجيتنا للمشروع، فالآن رغم انخفاض القيمة السوقية لارض «الديار» في لندن بنحو 50 في المئة بسبب الأزمة المالية الا انه وفقا للدراسة التي اعددناها فالعائد المرتقب بمعدل 80 في المئة من رأس المال المدفوع في حال تم تطوير هذه الاراض، فهناك فارق في العائد بين التقييم للاراضي المجردة غير المطورة والنظرة الاستثمارية لهذا المشروع بتطويره. ففي قطر نتكلم عن موارد جاهزة من ثروات النفط والغاز، ولذلك يتعين ان تستخدم الاستخدام الصحيح وتحقق عائدا افضل من النفط والغاز، وتأكيدا على نجاح رؤيتنا في قطر ان اعتمادنا على الدخل الاستثماري يتراوح بين 20 و30 في المئة من الدخل القومي، ونظرتنا ان نصل في 2030 الى نقطة التعادل في الدخل بحيث يشكل الدخل الاستثماري 50 في المئة من الدخل القومي، فهناك خطة معينة ونحاول ان نجد استثمارات امنة وطويلة ليست ذات عائد كبير ولكن عائدا معتدلا طويلا ومستداما.
* غير أن الدعم الحكومي غير محدد السقف، ما الذي يشعركم بالقوة في اتخاذ القرار الاستثماري؟
- رأس المال القوي هو مفتاح النجاح وكلما كان لدى الشركة قدرة وملاءة مالية كانت فرصتها في التفاوض جيدة والحصول على فرص اكثر من الاخرين سواء البنوك أو صغار المستثمرين أو المتوسطين.
اهتمام قطري بالكويت والاستثمار في خطة التنمية
الرأي العام 16/05/2010
شيء ما في مسيرته يشبه بلده واشياء كثيرة في اسمه تشبهه، بعض القامات تتماهى مع تاريخ عاشته وتأبى الا ان تضع بصماتها على صفحاته، وغانم بن سعد آل سعد من هذه القامات... لا يهتم كثيرا بمستوى التحدي انما بجدوى نتائجه، ولا يقف كثيرا امام الاحجام والمساحات بل امام الدور والرسالة.
واذا كانت قطر اليوم قاطرة حقيقية للمبادرات الاستثنائية في عالمي السياسة والبزنس، فإن قطار القطاع الخاص الذي يشكل غانم بن سعد احد رموزه يسير في مسارات غير تقليدية انما بثقة محسوبة. عابرا للقارات. مختصرا لها. دامجا التكتلات الكبيرة في قرية صغيرة. في «جزيرة» اصغر، فأول الغيث قطرة واول المشروع رؤية وأول النجاح ارادة... وكلها عوامل أهلت «أبو سعد» لتبوؤ مقعد متقدم في منتدى صناع القرار المالي العالمي بـ«امتياز».
شيء ما في مسيرته يشبه بلده. حتى «الديار»، الشركة التي يتولى منصب العضو المنتدب فيها هي جمع لـ«الديرة»، والديرة حاضرة رغم صغر مساحتها. مشاكسة رغم طبيعتها الساكنة. محاربة مقاتلة في انتزاع الادوار رغم مناخها المسالم. دققوا في تاريخها منذ الالف الرابع قبل الميلاد وتوقفوا عند التسمية التي اطلقها عليها عالم الجغرافيا بطليموس «قطارا»، قاصدا المرفأ الذي سيستوطن الزبارة لاحقا كأحد اهم الموانئ التجارية في المنطقة ثم كواحد من القواعد الاساسية لانطلاق الفتوحات الاسلامية. التسمية الصدفة ام الصدمة؟ لا يهم، فلطالما قادت الصدف قطر الى الصدمات ولطالما اوجدت الصدمات مناخات مختلفة جديدة ثبتت الموقع... كان بطليموس عالم تاريخ اكثر منه عالم جغرافيا.
ادارته لاعماله مثل «النوخذة» الذي يدير السفن والموانئ. يعرف غانم بن سعد آل سعد اتجاهات الريح. مسارات الملاحة. حركة الموج. المد والجزر. يعرف ايضا مواقع التيارات ومناطق الاعاصير. الحسابات عنده ليست ارقاما تجمع وتطرح فقد ادخل عنصر الزمن في الرياضيات، وعناصر التوقعات والاحتمالات والتقديرات والرصد والاستنتاج والاقدام في جدول الضرب. لم يعد الناتج من ضرب رقمين يساوي بالضرورة ما يعرفه الناس وكذلك الامر بالنسبة الى القسمة. يوزع فرحته على طاقم السفينة والمجال المائي اذا عاد بصيد وفير شأنه شأن بحار جذل، ويعترف بأي مشكلة تعترض السفينة في اي بحر او ممر او ميناء ويتحمل المسؤولية بفروسية القبطان الذي يأبى ان يسبق بحارته الى الرحيل... «لولا الحمايا كمل الذيب الغنم»، كما يقول اهل قطر، لاظهار قيمة الشهامة والفروسية في الدفاع عن الاعمال والحقوق.
لطيف المعشر. كريم الاستقبال. يعتمد المثل الشائع في الدوحة: «حل لسانك تلقى الناس خلانك»، لأن «جرح السيف يبرا وجرح الكلام ما يبرا». يعشق العمارة والزخرفة والمنحوتات الاسلامية، لذلك اراد ان يسكن في عراقة التجربة من خلال منزله الخاص الذي بناه وفقا لطراز معماري خاص فصار اشبه بمتحف صغير. لكنه يعشق ايضا متحفا كبيرا امضى فيه اعواما طويلة من عمره اسمه لندن... وله مع لندن قصص وحكايات.
شيء ما في مسيرته يشبه بلده واشياء كثيرة في اسمه تشبهه... غانم وسعد.
بين الغنيمة والسعد حديث في «البزنس». «لدينا نفس استثماري 100 في المئة»، يقول آل سعد، في إشارة إلى أن «(الديار) ليست جزءاً من الأجندة السياسية لحكومة قطر، لا في رسمها ولا حتى في تنفيذها».
بهذا «النفس الاستثماري» يكشف آل سعد الذي يشغل ايضاً منصب رئيس مجلس الادارة العضو المنتدب في شركة بروة العقارية عن مشروع تطوير عقاري «واعد» لشركة الديار في وسط بيروت سيعلن عنه قريباً بما لا يقل عن ثلاثة مليارات دولار، ويشير إلى مفاوضات لشراء عقار في لندن بقيمة تقارب 400 مليون جنيه استرليني، فضلاً عن مفاوضات بلغت المراحل النهائية للاستحواذ على شركة أوروبية لم يكشف هويتها.
وفي الحديث المطول مع بن سعد في العاصمة القطرية الكثير من المكاشفة والأخبار الدسمة. وفي يلي التفاصيل:
* من المتعارف عليه أن شركة الديار القطرية للاستثمار العقاري تعتبر واحدة من دعامات تنفيذ الرغبة الاميرية في النهوض الاقتصادي الذي تشهده قطر، خصوصا انها تتولى مسؤولية تنفيذ مشاريع كبرى في مجال التنمية العمرانية والعقارية في الدولة اضافة إلى مشاريعها الخارجية، وهذا الدور يجعل السؤال مطروحا عن مدى الدعم الحكومي المقدم لكم للقيام بهكذا مهمة؟
- في البداية اود ان اشير إلى ان هيكل الاستثمار الحكومي في قطر بسيط جدا، فعلى رأسه جهاز قطر للاستثمار، ويضم تحته 3 اذرع رئيسية للاستثمار الاستراتيجي للدولة، وهي شركة الخطوط القطرية وشركة قطر القابضة وشركة الديار القطرية للاستثمار العقاري، وتعد «الديار» الجهة الوحيدة المنوطة بالاستثمار العقاري والبنية التحتية والاستثمار التنموي محليا وخارجيا، فالشركة لديها مشاريع استثمارية وتنموية في قرابة 40 دولة تربطنا معها علاقات قوية، وفي هذا السياق تعمل الشركة على تعزيز ثقة صاحب السمو الامير الشيخ حمد بن خليفة ومعالي رئيس مجلس الوزراء الشيخ حمد بن جاسم الذي يشغل منصب رئيس مجلس ادارة «الديار» بدعم جميع اوجه الاستثمار التنموية، وليس ادل على ذلك ان رأسمال الشركة المدفوع يبلغ 3 مليارات دولار مقابل اصول وموجودات تربو عن 50 مليارا، و«الديار» لا تعمل في التطوير العقاري فقط، ولكن تعمل ايضا في قطاع الاستثمار، ولديها محفظة استثمارية للانشطة غير المنظورة مثل قطاعات الاتصالات والزراعة والتنمية العمرانية خارج المدن والبنية التحتية بما فيها محفظة توليد الكهرباء وتحلية المياه، كذلك لديها تحالفات رئيسة مع كبرى الشركات العالمية الاوربية والاميركية والصينية والعربية، وجميعها تحالفات تصب في دعم مشاريع «الديار» داخل وخارج قطر.
* هل يفهم من كلامكم ان الدعم الحكومي لـ«الديار العقارية» إلى ما لا نهاية؟
- يمكن القول ان الدعم الحكومي لنشاط الشركة من غير سقف محدد «ماله سقف»، وسيستمر ذلك باذن الله.
الاستراتيجية الاستثمارية
* بعد مرور 18 شهرا على اندلاع الأزمة المالية العالمية ما الدروس التي استفاد منها عراب إحدى الاذرع الثلاث الرئيسية لجهاز قطر للاستثمار؟
- أعتقد اننا استفدنا كثيرا من التجربة الخليجية، وتحديدا من تجربة دبي وكذلك مما نتج عن المضاربات في الاسواق المالية، -ولله الحمد- لم تصادفنا اي مشكلة في «الديار» أو في اي من الشركات التابعة، والسبب بكل بساطة ان فلسفة استراتيجيتنا الاستثمارية مبنية في الاساس على التحوط في اختيار الاستثمارات والمشاريع التي كنا حريصين على اختيارها بدقة حتى قبل اندلاع الازمة، ولعل هكذا توجه هو ما ساعد في ان تساهم «الديار» في استثمارات جديدة خلال 2009 وفي ظل شح السيولة وجفاف مصادرها واستمرار الأزمة بمبالغ تتجاوز 5 مليارات دولار، وهي استثمارت جاءت ضمن رؤية «الديار» في انه كما هناك جهات خاسرة في الازمات لابد وان يقابلها جهات رابحة، ومن هنا ومن خلال سياسة التحوط الاستثماري الذي يغلب على القرار الاستثماري في الشركة نعتقد ان هناك العديد من الفرص الاستثمارية الواعدة تنتظر «الديار» اقتناصها وليس ببعيد اعلاننا عن قيام «قطر القابضة» وهي احدى الشركات التابعة لجهاز قطر للاستثمار بشراء سلسلة متاجر هارودز، فنحن في قطر وفي ظل الازمة الخانقة نسعى لاقتناص الفرص الممتازة بالعالم.
* كم تبلغ حجم المطلوبات على «الديار»؟
- في الواقع نحن في الشركة مرتاحون جدا في مواجهة التزامات «الديار»، خصوصا وان مجموع الموجودات يغطي مجموع التزاماتها بفارق يقارب 3.5 ضعف، اذ لا يتعدى اجمالي التزامات الشركة 12 مليار ريال قطري بما يقارب نحو 3 مليارات دولار، مقابل 50 مليارا هي حجم موجوداتها، علما بان جميع التزامات «الديار» تعود لبنوك محلية، عبارة عن ديون طويلة الآجل، تم ضخها في استثمارات مدرة للدخل ذات نشاط تشغلي.
علاقة ائتمانية
* من اهم التحديات التي طرحتها الأزمة تعطل الرافعة الائتمانية للبنوك العالمية والمحلية، وهو ما دفع إلى ترنح العديد من المؤسسات ذات الاوزان الثقيلة في المنطقة والاعلان عن تعثرها، ورغم القناعة بان اوضاع «الديار» و«بروة» غير متشابهة مع هكذا نماذج لكن طلب الاحاطة حول الموقف الائتماني الحقيقي للشركتين يظل قائما؟
- بخلاف غالبية المؤسسات، لدينا في «الديار» و«بروة»علاقات ائتمانية ممتازة مع جميع البنوك المحلية والعالمية إلى الحدود التي تدفع إلى التنافس الشديد بين البنوك المحلية والعالمية على تمويل مشاريع الشركتين وشركاتها التابعة، حتى اننا من يختار الشركاء من المؤسسات التمويلية لدعم مشاريعنا الاستثمارية، وبكل صراحة لم نواجه اي صعوبة في تمويل اي من مشاريعنا في اي مرحلة من مراحلها.
* هل «الديار» أو «بروة» في حاجة لاعادة هيكلة اي من استحقاقاتها في الفترة المقبلة؟
- نهائيا... فليس لدينا اي نية لاعادة هيكلة اي من استحقاقتنا خصوصا في ظل الدعم الحكومة القطري لمشاريعنا، والشاهد ان «الديار» سددت احد قروضها التمويلية لبنوك عالمية الذي يتعلق بتمويل مشروع «بارك» في بريطانيا بـ 1.7 مليار دولار قبل حلول فترة الاستحقاق بثلاث سنوات، وذلك من خلال مصادر الشركة المالية المتنوعة.
* تفاؤلكم بالمركز المالي القوي لـ «الديار» يدفعنا إلى السؤال عن استراتيجيتكم للنمو المتوقع في محفظة «الديار» الاستثمارية خلال 2010 لا سيما وانكم تؤمنون بانه كما في الأزمات جهات خاسرة هناك جهات رابحة وفرص مغرية؟
- من ضمن الاهداف العريضة لاستراتيجية «الديار» العامة الا يقل معدل النمو في محفظتها الاستثمارية عن نسبة 20 في المئة سنويا، وذلك من خلال اضافة مشاريع عقارية وفقا للخطة، وهذا يتم حسب الخطة المطروحة من مجلس الادارة.
مفاوضات متقدمة
* هل لدى «الديار» حاليا اي مفاوضات على نار حامية تتوقعون اتمامها قبل نهاية النصف الاول من 2010؟
- في الحقيقة تتفاوض «الديار» على شراء عقار في بريطانيا وتحديدا في لندن بما يقارب 400 مليون جينه استرليني، وقد وصلت الشركة إلى مراحل متقدمة على هذا الصعيد، اضافة إلى ان هناك مفاوضات متقدمة بشأن الاستحواذ على شركة اوروبية، وقد وصلت المفاوضات حولها إلى المرحل النهائية،كما لدينا مشروع تطوير عقاري واعد في وسط بيروت سنعلن عنه قريبا بما لايقل عن 3 مليارات دولار، وخطتنا للعام الحالي تتضمن الاستثمار في مشاريع كبرى خصوصا في الشرق الاوسط، اما في 2011 فلدى «الديار» العديد من المفاجآت.
* كم تبلغ حجم المشاريع التي تعكف «الديار» على دراستها وتتوقع انجازها قبل نهاية الربع الثاني من العام الحالي ؟
-نحو 3 مليارات دولار.
* المتابع جيدا لحركة الصناديق السيادية يلاحظ بجردة بسيطة الفارق بين نموذج استثمار الهيئة العامة للاستثمار في الكويت وجهاز قطر للاستثمار، فسياسة هيئة الاستثمار تتنبى الاحتفاظ بمستويات مرتفعة من السيولة عبر المدخرات في سندات وما شابهها من ادوات كاجراء تقليدي، في حين تبدو النظرة مغايرة بالنسبة قطر التي تسعى إلى تحويل الجزء الاكبر من الكاش لديها إلى اصول. من واقع موقعكم في منظومة شركات جهاز قطر للاستثمار هل لنا في ان تفكوا شيفرة قطر في شراء الاصول الكثيرة؟
-كما اشرت في البداية هيكل الاستثمار القطري في الاستثمار الاستراتيجي يضم 3 اذرع رئيسية، جميعها تعمل على تعزيز الثقة الاميرية بدعم جميع اوجه الاستثمار التنموية، ومن هنا بالاستحواذ على اصول مدرة لها امكانات النمو تتناغم مع الاستراتيجية الاستثمارية في قطر، فعلى سبيل المثال لدينا صندوق للاستثمار في قطاع السيارات بحدود 500 مليون دولار كبداية، ليس دوره الاستثمار في اسهم شركات سيارات، لكن الاستثمار في الابحاث الخاصة بمستقبل السيارات من سيارات الكهرباء والطاقة النظيفة وغيرها من الاغراض المشابهة، وفي قطر لدينا لجنة لبحث مثل هذه الاستثمارات، كما ان «الديار» استثمرت اكثر من مليار دولار في شركة حصاد قطر وهي شركة متخصصة في الامن الغذائي ليس في قطر فحسب، واستثمارات الشركة ذات عائد جيد، وضمن نشاطها اشترت مزارع في استراليا وفيتنام وكمبوديا والارجنتين والبرازيل تتضمن المواشي والدواجن والمحاصيل الاساسية من قمح وارز وسكر لسكان قطر وخارج قطر. ومن هنا يمكن قراءة الحالة وفك شيفرة استراتيجية قطر في الاستثمار بالاصول.
* يعتب البعض على قطر من الناحية الاستثمارية انها تضخ مستويات عالية من الاموال زائدة عن قيم الصفقات التي تنجزها وهو القرار الذي يؤثر على معادلة الربحية المكونة من حجم العائد إلى التكلفة؟
- من بدهيات العمل الاستثماري في الاسواق ان الجميع ينظر إلى الفرص المطروحة من واقع رؤيته للاستثمار، وبالنسبة لنا في قطر ننظر إلى الفرص من جانبين، الأول استثماري بحت، والثاني من حيث مدى امكانية التكامل الذي يمكن ان يحققه الاستثمار، مثال عندما اشترت «الديار» شركة «سيجلك» في فرنسا من عامين دفعت 200 مليون يورو اكثر من اي عرض اخر تقدم للاستثمار وقتها، كما دفعت اكثر من 150 جنيها بريطانيا زيادة في اراضي مشروع «جورسي بارك» في لندن، فلدينا نظرة لا ترتكز على الحسابات الرقمية الظاهرية بالنسبة للدخل السريع مقارنة بالتكلفة... «هي مش حساب»، فنظرتنا تحكمها سياستنا واستراتيجيتنا للمشروع، فالآن رغم انخفاض القيمة السوقية لارض «الديار» في لندن بنحو 50 في المئة بسبب الأزمة المالية الا انه وفقا للدراسة التي اعددناها فالعائد المرتقب بمعدل 80 في المئة من رأس المال المدفوع في حال تم تطوير هذه الاراض، فهناك فارق في العائد بين التقييم للاراضي المجردة غير المطورة والنظرة الاستثمارية لهذا المشروع بتطويره. ففي قطر نتكلم عن موارد جاهزة من ثروات النفط والغاز، ولذلك يتعين ان تستخدم الاستخدام الصحيح وتحقق عائدا افضل من النفط والغاز، وتأكيدا على نجاح رؤيتنا في قطر ان اعتمادنا على الدخل الاستثماري يتراوح بين 20 و30 في المئة من الدخل القومي، ونظرتنا ان نصل في 2030 الى نقطة التعادل في الدخل بحيث يشكل الدخل الاستثماري 50 في المئة من الدخل القومي، فهناك خطة معينة ونحاول ان نجد استثمارات امنة وطويلة ليست ذات عائد كبير ولكن عائدا معتدلا طويلا ومستداما.
* غير أن الدعم الحكومي غير محدد السقف، ما الذي يشعركم بالقوة في اتخاذ القرار الاستثماري؟
- رأس المال القوي هو مفتاح النجاح وكلما كان لدى الشركة قدرة وملاءة مالية كانت فرصتها في التفاوض جيدة والحصول على فرص اكثر من الاخرين سواء البنوك أو صغار المستثمرين أو المتوسطين.