عبدالله العذبة
25-05-2010, 06:51 PM
لا توقيع عقود عمل قبل تغيير المادتين 2 و11..!!
تدخل المؤسسات الحكومية عهدا جديدا بظهور عقود التوظيف التي على الموظف القطري توقيعها مع جهات عمله لأول مرة في تاريخ المؤسسات الحكومية، وبذلك ينتهي عصر المنح الحكومية التي كان المواطن ينعم بها تحت كفالة دولته، وتحت مظلة الضمان المادي من المهد حتى اللحد.
والغريب أن حكومتنا انتفضت فجأة لترمي عنها رداء الحضانة المبالغ فيها لرعاياها حيث كانت الرواتب تمنح لمن لا يداوم ولم تر جهات عمله رقعة وجهه منذ تعيينه وحتى تأبينه، لتلبس حتى المداومين الملتزمين ثوبا قابلا للسحب وتعرضهم للترك بالعراء دون غطاء، وفي الشارع بدون راتب مدى رغبت بإنهاء العقد بينها وبينهم، وعليهم تدبير أنفسهم بدون أدنى مسؤولية منها..!!
تقضي المادة رقم 2 وتؤيدها المادة رقم 11 بالعقد المذكور على أن العلاقة بين الموظف وجهة عملة تنتهي بالانفصال الدائم متى رغب أحد الطرفين بذلك، على أن يتم تبليغ احدهما الآخر بهذا القرار قبل ستين يوما من حدوثه.
يجلس هذا الموظف على الكرسي الوثير والمكتب الفاخر وتحيط به الأجهزة والأوراق والهيبة أو قد يكون مجرد موظف صغير على الكاونتر أو سكرتير بسيط ولكنهم جميعا لديهم أسر والتزامات وسلفيات وقروض للإسكان وفواتير للدفع ومستقبلا يحمل الهم النفسي للتفكير، وليسوا على استعداد لمواجهة سيف مسلط على رؤوسهم يكشف عن أنيابه في حالة أية خلاف أو نزاع أو عدم استلطاف أو مواجهة أو عكننة مزاج وسوء تفاهم مع مسؤوليهم، حيث يمكن أن تستغني مؤسستهم عنهم بكل بساطة لا يردها سوى الإبلاغ قبلها بستين يوما..!!
فمن يضمن لهم الاستقرار..؟؟
وكيف لقانوني صاغ هذا العقد أن يضع هاتين المادتين القاتلتين بكل براءة كأنها مجرد شكليات وديباجة لابد منها لتشكيل العقد، وليس كأنه دس السم بالعسل ووضع مصيدة لا يحس بها الموظف إلا عندما يواجه أزمة ما تهدد وجوده وتكبل شخصيته كحقه بالتفاعل مع مشكلات مجتمعه وأنشطته، أبسطها أن يمنع من المشاركة بالصحف أو الإذاعة أو تكون له أنشطة تطوعية أو أية تدخل بأمور يراها الموظف من صميم حريته الشخصية..؟؟
فهمنا أن من حق الموظف ترك العمل والاستقالة وقتما يريد، والموظف ما هو إلا فرد من ترسانة منظمة كبيرة لا يتسبب انتقاله من عمله إغلاق المؤسسة أو تأخير إنتاجها أو تعطيلها، فهي ماكينة تدور من المفترض لها أسسها وضوابطها التي لا تهتز حتى باستقالة أو موت رئيسها وليس أحد الموظفين العاديين فيها، وما الموظف إلا فرد قد يجد فرصة عمل أفضل في مكان آخر، وهذه أقوى الأسباب الدافعة لانتقال الموظفين بحثا عن مكتسبات مالية أفضل أو حتى مكان يثبت وجوده وقدراته فيه ويرضي ذاته، وقد تفرض عليه ظروفه الانتقال رغم حبه لعمله كأن تكون سيدة متزوجة حديثا اشترط عليها عريسها عدم العمل المختلط أو أم تريد التفرغ لعيالها أو موظفون يريدون تكملة دراساتهم والتضحية بوظيفتهم، كثيرة هي الأسباب الوجيهة التي تمر بالموظفين والموظفات وتعتبر حقا من حقوقهم ولا يعطل غيابهم وانسحابهم أداء المؤسسة ولكن استغناء المؤسسة عن الموظف هو الذي يدمره وقد يدفعه -لا سمح الله- إلى المرض والانهيار أو الأعمال غير المشروعة أو الإدمان أو الحقد والتربص بمن أساء إليه، وتتأثر بالطبع أسرهم بتحول الحال، وبضيق اليد والديون، وبالبيئة الكئيبة فيكثر الطلاق وتشتت الأبناء والانحرافات..الخ. وإذا ازداد عدد هؤلاء فمعناه تحويل مجتمعنا المتسامح لآخر يعج بالموتورين المتألمين الشاعرين بالعزلة والظلم والتجاوز، وبعد ذلك يتساءلون لم تطغى الكراهية والعنف والعدوانية...؟؟
حينئذ فلا يسأل أحد لماذا يشعر الموظف بعدم الرضا..؟؟ فلأنه مهدد في رزقه ووظيفته واستقراره حتى ولو كان حينها على رأس عمله، فهو معرض للانهيار والبؤس والضياع لدى أي نفور واختلاف رأي وعدم توافق مع رؤسائه.
قد ينال الموظف لدينا راتبا مجزيا ولا يدفع الضرائب عليه لكن غيره في الدول الأخرى يملكون راتبا محترما وضمانات تجعلهم يدفعون الضرائب غير آبهين لأنهم يعلمون أن مصالحهم بالنهاية مصانة، ولا ينامون قلقين من المستقبل فلا يجرؤ صاحب عمل عام أو خاص على رفع صوته أو قراره بوجه عامل لديه بغير وجه حق، فهناك قوانين تنظم العلاقة بين الطرفين ومحاكم لديها بنود تستند عليها في أحكامها، وليس عقدا هملا بلا بنود ولا مواد ولا حدود.
فما هي الضمانات للموظف القطري..؟؟
لم نر مادة واحدة تقول إنه يجوز الاستغناء عن الموظف إذا أخل بأمر ما وما هو المعني بالإخلال..؟؟
ما هي المعايير التي على الموظفين ورؤسائهم وضعها بالاعتبار وقد شهدنا بأن درجة ممتاز في تقييم الموظفين يتساوى بها النشيط وشلة المدير وأصدقاؤه، وبذلك لا مصداقية لها حين تمنح بأسلوب الترضية لهذا والمجاملة لذاك، بينما الموظف النشيط المسالم لا أحد يدافع عنه ويحميه، وقد يمنح أقل الدرجات ليكون هناك متسع للشلة والمحسوبين لملء خانة الممتاز والجيد.
ما هي الضوابط التي تضبط أداء المسؤولين أنفسهم، وبذلك تحدد مستوى تعاملهم مع موظفيهم ومدى سلامة تقييماتهم وأحكامهم.؟؟
رأينا قبل التغييرات التي طرأت مؤخرا تحويل موظفين كبار إلى البند المركزي أو كخبراء مما يعني تجميدهم وكانوا رغم حصولهم على رواتبهم الكاملة وكانت أيامها لها قيمة، ينزفون من الداخل لأنهم بلا أداء ولا عمل ولا صلاحيات، فالمال ليس كل شيء، والآن في حال تطبيق بنود هذا العقد فستكون هناك لا كرامة ولا وظائف ولا راتب ولا مال حتى، وسيكونون معرضين للشتات، وتحت رحمة غيرهم وليس القانون .
كما قلنا سابقا هناك نوع من عدم الاتساق بالمعاملة ، فسابقا كان الموظفون مجرد رعايا للدولة يتلقون رواتب بدون إنتاج، كمجرد إعانات اجتماعية وتوزيع للدخل القومي عليهم، ومعاملتهم كالقطيع حسب توازناتهم الاجتماعية وليس كفاءتهم، ويشهد الله أنه ليس ذنبهم فالإنسان السوي لا يكره أن يكون شيئا معترفا به، ولا يحب ان يكون نكرة بعمله حضر أو غاب وهذا ما كان.
المرحلة الثانية كما نراها الآن توظيف بلا ضمانات، وهذا يجعل الموظف غير آمن وعصبي وربما يفسر كل إنذار أو عدم رضا على أنه نية للاستغناء عنه، ويغلي الدم بعروقه وتأخذه العزة ويتسبب بالفعل بطرده..!!
بانتظار آراء القانونيين في هذه العقد وتضامن الموظفين بعدم التوقيع عليه حتى تعديله.
بقلم الكاتبة المخضرمة : مريم آل سعد
mariam.alsaad@gmail.com
المصدر الراية الثلاثاء 25-5-10
http://www.raya.com/site/topics/article.asp?cu_no=2&item_no=534203&version=1&template_id=168&parent_id=167
تدخل المؤسسات الحكومية عهدا جديدا بظهور عقود التوظيف التي على الموظف القطري توقيعها مع جهات عمله لأول مرة في تاريخ المؤسسات الحكومية، وبذلك ينتهي عصر المنح الحكومية التي كان المواطن ينعم بها تحت كفالة دولته، وتحت مظلة الضمان المادي من المهد حتى اللحد.
والغريب أن حكومتنا انتفضت فجأة لترمي عنها رداء الحضانة المبالغ فيها لرعاياها حيث كانت الرواتب تمنح لمن لا يداوم ولم تر جهات عمله رقعة وجهه منذ تعيينه وحتى تأبينه، لتلبس حتى المداومين الملتزمين ثوبا قابلا للسحب وتعرضهم للترك بالعراء دون غطاء، وفي الشارع بدون راتب مدى رغبت بإنهاء العقد بينها وبينهم، وعليهم تدبير أنفسهم بدون أدنى مسؤولية منها..!!
تقضي المادة رقم 2 وتؤيدها المادة رقم 11 بالعقد المذكور على أن العلاقة بين الموظف وجهة عملة تنتهي بالانفصال الدائم متى رغب أحد الطرفين بذلك، على أن يتم تبليغ احدهما الآخر بهذا القرار قبل ستين يوما من حدوثه.
يجلس هذا الموظف على الكرسي الوثير والمكتب الفاخر وتحيط به الأجهزة والأوراق والهيبة أو قد يكون مجرد موظف صغير على الكاونتر أو سكرتير بسيط ولكنهم جميعا لديهم أسر والتزامات وسلفيات وقروض للإسكان وفواتير للدفع ومستقبلا يحمل الهم النفسي للتفكير، وليسوا على استعداد لمواجهة سيف مسلط على رؤوسهم يكشف عن أنيابه في حالة أية خلاف أو نزاع أو عدم استلطاف أو مواجهة أو عكننة مزاج وسوء تفاهم مع مسؤوليهم، حيث يمكن أن تستغني مؤسستهم عنهم بكل بساطة لا يردها سوى الإبلاغ قبلها بستين يوما..!!
فمن يضمن لهم الاستقرار..؟؟
وكيف لقانوني صاغ هذا العقد أن يضع هاتين المادتين القاتلتين بكل براءة كأنها مجرد شكليات وديباجة لابد منها لتشكيل العقد، وليس كأنه دس السم بالعسل ووضع مصيدة لا يحس بها الموظف إلا عندما يواجه أزمة ما تهدد وجوده وتكبل شخصيته كحقه بالتفاعل مع مشكلات مجتمعه وأنشطته، أبسطها أن يمنع من المشاركة بالصحف أو الإذاعة أو تكون له أنشطة تطوعية أو أية تدخل بأمور يراها الموظف من صميم حريته الشخصية..؟؟
فهمنا أن من حق الموظف ترك العمل والاستقالة وقتما يريد، والموظف ما هو إلا فرد من ترسانة منظمة كبيرة لا يتسبب انتقاله من عمله إغلاق المؤسسة أو تأخير إنتاجها أو تعطيلها، فهي ماكينة تدور من المفترض لها أسسها وضوابطها التي لا تهتز حتى باستقالة أو موت رئيسها وليس أحد الموظفين العاديين فيها، وما الموظف إلا فرد قد يجد فرصة عمل أفضل في مكان آخر، وهذه أقوى الأسباب الدافعة لانتقال الموظفين بحثا عن مكتسبات مالية أفضل أو حتى مكان يثبت وجوده وقدراته فيه ويرضي ذاته، وقد تفرض عليه ظروفه الانتقال رغم حبه لعمله كأن تكون سيدة متزوجة حديثا اشترط عليها عريسها عدم العمل المختلط أو أم تريد التفرغ لعيالها أو موظفون يريدون تكملة دراساتهم والتضحية بوظيفتهم، كثيرة هي الأسباب الوجيهة التي تمر بالموظفين والموظفات وتعتبر حقا من حقوقهم ولا يعطل غيابهم وانسحابهم أداء المؤسسة ولكن استغناء المؤسسة عن الموظف هو الذي يدمره وقد يدفعه -لا سمح الله- إلى المرض والانهيار أو الأعمال غير المشروعة أو الإدمان أو الحقد والتربص بمن أساء إليه، وتتأثر بالطبع أسرهم بتحول الحال، وبضيق اليد والديون، وبالبيئة الكئيبة فيكثر الطلاق وتشتت الأبناء والانحرافات..الخ. وإذا ازداد عدد هؤلاء فمعناه تحويل مجتمعنا المتسامح لآخر يعج بالموتورين المتألمين الشاعرين بالعزلة والظلم والتجاوز، وبعد ذلك يتساءلون لم تطغى الكراهية والعنف والعدوانية...؟؟
حينئذ فلا يسأل أحد لماذا يشعر الموظف بعدم الرضا..؟؟ فلأنه مهدد في رزقه ووظيفته واستقراره حتى ولو كان حينها على رأس عمله، فهو معرض للانهيار والبؤس والضياع لدى أي نفور واختلاف رأي وعدم توافق مع رؤسائه.
قد ينال الموظف لدينا راتبا مجزيا ولا يدفع الضرائب عليه لكن غيره في الدول الأخرى يملكون راتبا محترما وضمانات تجعلهم يدفعون الضرائب غير آبهين لأنهم يعلمون أن مصالحهم بالنهاية مصانة، ولا ينامون قلقين من المستقبل فلا يجرؤ صاحب عمل عام أو خاص على رفع صوته أو قراره بوجه عامل لديه بغير وجه حق، فهناك قوانين تنظم العلاقة بين الطرفين ومحاكم لديها بنود تستند عليها في أحكامها، وليس عقدا هملا بلا بنود ولا مواد ولا حدود.
فما هي الضمانات للموظف القطري..؟؟
لم نر مادة واحدة تقول إنه يجوز الاستغناء عن الموظف إذا أخل بأمر ما وما هو المعني بالإخلال..؟؟
ما هي المعايير التي على الموظفين ورؤسائهم وضعها بالاعتبار وقد شهدنا بأن درجة ممتاز في تقييم الموظفين يتساوى بها النشيط وشلة المدير وأصدقاؤه، وبذلك لا مصداقية لها حين تمنح بأسلوب الترضية لهذا والمجاملة لذاك، بينما الموظف النشيط المسالم لا أحد يدافع عنه ويحميه، وقد يمنح أقل الدرجات ليكون هناك متسع للشلة والمحسوبين لملء خانة الممتاز والجيد.
ما هي الضوابط التي تضبط أداء المسؤولين أنفسهم، وبذلك تحدد مستوى تعاملهم مع موظفيهم ومدى سلامة تقييماتهم وأحكامهم.؟؟
رأينا قبل التغييرات التي طرأت مؤخرا تحويل موظفين كبار إلى البند المركزي أو كخبراء مما يعني تجميدهم وكانوا رغم حصولهم على رواتبهم الكاملة وكانت أيامها لها قيمة، ينزفون من الداخل لأنهم بلا أداء ولا عمل ولا صلاحيات، فالمال ليس كل شيء، والآن في حال تطبيق بنود هذا العقد فستكون هناك لا كرامة ولا وظائف ولا راتب ولا مال حتى، وسيكونون معرضين للشتات، وتحت رحمة غيرهم وليس القانون .
كما قلنا سابقا هناك نوع من عدم الاتساق بالمعاملة ، فسابقا كان الموظفون مجرد رعايا للدولة يتلقون رواتب بدون إنتاج، كمجرد إعانات اجتماعية وتوزيع للدخل القومي عليهم، ومعاملتهم كالقطيع حسب توازناتهم الاجتماعية وليس كفاءتهم، ويشهد الله أنه ليس ذنبهم فالإنسان السوي لا يكره أن يكون شيئا معترفا به، ولا يحب ان يكون نكرة بعمله حضر أو غاب وهذا ما كان.
المرحلة الثانية كما نراها الآن توظيف بلا ضمانات، وهذا يجعل الموظف غير آمن وعصبي وربما يفسر كل إنذار أو عدم رضا على أنه نية للاستغناء عنه، ويغلي الدم بعروقه وتأخذه العزة ويتسبب بالفعل بطرده..!!
بانتظار آراء القانونيين في هذه العقد وتضامن الموظفين بعدم التوقيع عليه حتى تعديله.
بقلم الكاتبة المخضرمة : مريم آل سعد
mariam.alsaad@gmail.com
المصدر الراية الثلاثاء 25-5-10
http://www.raya.com/site/topics/article.asp?cu_no=2&item_no=534203&version=1&template_id=168&parent_id=167