المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : في دراسة للدكتورة كلثم الغانم (الهوية الثقافية العربية..هل مهددة بالضياع في المنطقة؟)



مقطع حق
31-05-2010, 07:21 AM
أضعه لكم لأهميته...بحث ممتاز ويلامس الواقع وينبه لواقع ومستقبل الهويه الثقافيه العربيه في الخليج العربي!!

في دراسة للدكتورة كلثم الغانم خصت بها لـ «العرب»
الهوية الثقافية العربية.. هل مهددة بالضياع في المنطقة؟

2010-05-31
الدوحة - العرب
أعدت الدكتورة كلثم علي الغانم الباحثة القطرية الأستاذ المشارك في قسم العلوم الاجتماعية بجامعة قطر دراسة قيمة بعنوان «الهوية الثقافية العربية.. هل مهددة بالضياع في المنطقة؟»، خصت بها «العرب» وتناولت خلالها العديد من النقاط التي يمكن أن تصبح مرجعاً في هذا المجال المهم، وتالياً تفاصيل الدراسة:


إن التغير في التركيبة السكانية سيُصبح سمة دائمة يتصف بها هذا العصر، وستتداخل الثقافات والعادات لتفرز نموذجاً وليد الزمان والمكان اللذين تعيشهما الجموع السكانية المتنوعة، فتتراكم عبر الأيام وتتداخل السلالات وتحدث تحولات اجتماعية في السلوك والأعراف، تبدأ ظاهرياً ثم تنتقل تأثيراتها على الثقافة (كاظم الشبيب 2005).
هذه رؤية لما ستؤول إليه المجتمعات حسب مقتضيات العولمة التي قد تسرع في مناطق وقد تبطؤ في مناطق أخرى، لكنها ستؤثر في المدى البعيد على الخصوصيات الثقافية، وتحولها إلى شكل أو نمط عام تختفي فيه الحدود والهويات الثقافية المتمايزة، لتحل محلها هوية ثقافية كونية، يقل فيها تأثير الأنساق الثقافية المحلية على الأفراد، ويتراجع دور الموروث الشعبي في تشكيل الأبعاد الفكرية والقيمية والسلوكية للأفراد.
ومن جهة أخرى هناك من يعارض تأثر الثقافات بوصفها نتاجا لحركة تطور المجتمعات الصناعية وما أفرزته من ظواهر مثل: التكنولوجيا – الاستهلاك الوفير- سرعة انتقال المعلومات – الشركات متعددة الجنسية – تدخل وهيمنة القوى الكبرى، والاقتباس والتشكل الثقافي عملية مستمرة بين المجتمعات. ومن وجهة نظر فريد هاليداي (2002) فإن هناك سلسلة من التشكيلات الثقافية تعدت الحدود الاجتماعية والحضارية للدول والشعوب، وهي ظاهرة ثقافية، ولا تقتصر على وقتنا المعاصر أو حسب التفسير الأشهر بوصفها نتاجا للعولمة بكافة مظاهرها، أمر قد حدث منذ القدم، مع ذلك فإن ما يحافظ على الهويات الثقافية هو كون عملية الاقتباس انتقائية لتحقيق أهداف معينة اقتصادية واجتماعية وسياسية وأحيانا أخلاقية.
وإذا ما تأملنا واقع مجتمعات الخليج العربية واتجاهات التغير السكاني، فإن هذه النبوءة يمكن أن تتحقق بأسرع مما هو متوقع؛ وذلك لأسباب عدة، منها:
- سرعة معدلات النمو السكاني الناتج عن الهجرة الوافدة
– نمط الهجرة الوافدة وخصائصها الثقافية
– سياسات الانفتاح الاقتصادي والثقافي
– نموذج التنمية المتبع
لقد فرضت حالة التطور الخاصة بالمنطقة بنية سكانية شاذة إلى حد كبير(نوزاد الهيتي 2007). كانت بمثابة مصاحبات لنمط التنمية الاقتصادية في المنطقة، حيث تدفقت موجات من الهجرة الوافدة منذ عدة عقود أدت في نهاية المطاف إلى أن أصبح المواطنون أقليات في أوطانهم.
وبسبب التفرد الذي يميز المنطقة في مجال التكوينات السكانية والتحولات الاجتماعية المرتبطة بها التي أنتجت ظواهر ثقافية غيرت من المظهر الثقافي العام للمنطقة تدريجيا وما يرتبط به من تكوينات ومظاهر اجتماعية وحتى سياسية أضحى التنوع الثقافي أمرا حتميا. وإلى جانب الهجرة هناك الآثار المترتبة على عوامل التغير الاقتصادي والاجتماعي مثل انتشار ثقافة الاستهلاك، ومظاهر التحول الثقافي التي ارتبطت بقضايا التحديث ومتطلبات الانفتاح على عوالم ثقافية جديدة، ومقتضيات تطوير التعليم وأهمية تعلم اللغة الإنجليزية بوصفها أداة للوصول للمعرفة الحديثة ودلالة على الحداثة وتقبل الجديد، هذا بالإضافة إلى مظاهر العولمة الثقافية المرتبطة بالتطورات في وسائل الاتصال الحديثة وما يرتبط بها من تدفقات قيمية وسلوكية سهلة الامتصاص خصوصا بالنسبة للأجيال الجديدة.

¶ التنوع الثقافي الذي فرضته الهجرة الوافدة
إن التنوع السكاني يفرض بالضرورة التنوع الثقافي. فكيف يمكن لمجتمعات الخليج ببنيتها السكانية الهشة الصمود كنمط ثقافي ميز شعوب هذه المنطقة لمئات السنين أمام تعدد البنى الثقافية الحالي الذي أفرزه تعدد الهويات الثقافية للوافدين إلى المنطقة. وما مدى قدرة هذه المجتمعات على الصمود كبنية سكانية أمام التحولات السكانية المصاحبة للطفرة السكانية سواء في الحجم أو في سرعة النمو أو بتعدد مصادر السكان وخصائصهم العمرية والاجتماعية، وكبنية اجتماعية ثقافية أمام التنوع الثقافي الذي فرضته خصوصية الهجرة الوافدة إلى المجتمعات الخليجية.
ومما يزيد من حجم المشكلة الضغوط التي نتجت عن نموذج التنمية في المنطقة ومقتضيات العولمة الاقتصادية التي أصبحت الهجرة الدولية من أهم ملامحها بعد فتح الحدود التجارية وتشجيع الاستثمارات البينية، هذا إلى جانب العولمة الثقافية التي تسعى إلى إزالة الحواجز ونشر ثقافة كونية تندمج فيها كل الثقافات من ناحية، وإلى نشر قيم معينة تعلي من حقوق الإنسان وقبول الآخر والمرونة الثقافية والتكيف مع العناصر الثقافية المتباينة من ناحية أخرى.
وهو الأمر الذي يفترض توفر اتجاهات مرنة وموجبة تجاه عمليات التغيير وقبول مصاحبات الهجرة الدولية. فالمطلوب من الثقافة الوطنية حاليا أن تستجيب لهذه المتغيرات ولمقتضيات العولمة وقبول الخصائص الثقافية الجديدة. فإذا قبلنا هذه المحددات التي تؤطر لعلاقة مرنة أو حتى متصارعة، فهل تفكك العنصر الثقافي المحلي هو النتيجة الحتمية؟
ومن ناحية أخرى؛ هل جلبت الهجرة الوافدة معها الحداثة بمفهومها القيمي والتنظيمي؟ في الحقيقة إن الهجرة الوافدة بخصائصها (غالبية من العمال غير المهرة كورية) قد تلعب دورا معاكسا بتكريس التعريف الحالي للذات الخليجية كذوات جمعيّة ضمن أطر فئوية – عشائرية.
وتطرح قضية كيف يقيم الإنسان الخليجي ذاته هل هو ابن العصر الحديث بتداعياته القيمية والسيكولوجية العقلانية والموضوعية أم بتداعياته التنظيمية والمؤسساتية فقط، فيقوم بعزل الذات عن الواقع، الأمر الذي يفرز مسارات متعارضة بين الوجدان والواقع ويتخذان اتجاهات متباينة في التطور، فمثلا لا يزال المجتمع يناقش مدى استقلالية المرأة في القرار، والمشكلة أن هذه النقاشات غير مرصودة في العلن، ولكنها تظهر من خلال الأحداث اليومية التي يعايشها الفرد، وهنا يلاحظ أن مرجعية العديد من القيم تحتاج إلى مراجعة وإلى تأكيد أهميتها بالنسبة للفرد والمجتمع.
¶ الهوية الثقافية بين مؤثرات التحديث
ومسألة التنوع الثقافي
في ظل التغيرات والتداخلات بين ما هو وطني وأجنبي في العمل والتملك والعناصر الثقافية، واختلاف مستويات الوعي الاجتماعي والإرادة بالتغيير بين النخب الوطنية خلال العقود الماضية، يثار تساؤل حول مدى قدرة مجتمعات الخليج على الاحتفاظ بهويتها الثقافية، وهل هي الآن تمر بمرحلة انتقالية تمهد لهوية أو مجموعة هويات ثقافية أكثر تجانسا رغم تنوعها، من خلال الاندماج الذي سينتج عن تلاحم الوطني والوافد؛ بسبب السياسات الاقتصادية للعقد الأول من الألفية الجديدة.
حقيقة يبدو أن الوطني يتراجع مقابل الوافد سواء على المستوى المؤسسي أو الثقافي.
وهذا الواقع يفرض طرح إشكالية الهوية وعلاقتها بالمواطنة والتعدد الثقافي الذي فرضته الهجرة الوافدة، ويستدعي تحليل العلاقة بين الهوية والمواطنة ومشكلات الهوية في المنطقة وعلاقتها بقضايا المواطنة والتعدد الثقافي.
ويعد البحث في تعريف الهوية مهمة معقدة لتداخل عناصر عديدة في تشكيلها، وإذا كان إجماع الباحثين حول فكرة أنه لا وجود لشعب دون هوية، فإنهم اختلفوا في الشكل الذي يحدد الهوية.
وفي هذا السياق انتقد أحد الباحثين، ما أسماه بالشكل الميتافيزيقي الذي يحدد هوية الأمم والشعوب، ويقدم شخصيتها في إطار تصورات أستاتية أو نماذج مثالية، دون النظر إليها كمجموعات حية تتميز باحتمالات تكشف عن ذاتها في عملية تحققها، ويطرح مقابل ذلك مقاربة سوسيولوجية ترى أن الهوية تتغذى بالتاريخ وتشكل استجابة مرنة تتحول مع تحول الأوضاع الاجتماعية والتاريخية، فتمتحّ منها، دون أن تشكل ردّا طبيعيا، وبذلك فهي هوية نسبية تتغير مع حركة التاريخ وانعطافاته (إبراهيم القادري 2008).
واتفق علماء الاجتماع على أن الهوية مستمدة من الثقافة، فالإنسان يكتسب هويته من المجتمع، ومن خلال القواعد التي تربط الشخص بغيره على أساس المصلحة الذاتية، وبذلك أصبح ينظر إلى الهوية على أنها أحد المفاهيم المهمة التي يمكن أن تفسر التغيرات الاجتماعية والثقافية حسبما تشير كاثرين وودورد في كتابها Identity and Difference والتي اعتبرت أن الهوية عبارة عن التداخل بين المواقف الذاتية والاجتماعية والثقافية، فالهوية هي التي تعطينا فكرة عن من نكون ومن نحن وكيف نتصل بالآخرين في العالم الذي نعيش فيه؟ فالهوية هي المرشد الذي يرشدنا لكيفية التفاعل مع الآخرين الذين يشبهوننا أو من هم ينتمون لنفس الثقافة، والآخرين المختلفين عنا أو الذين ينتمون لثقافة أخرى. كما أن الهوية في الوقت الذي تعبر فيه عن ذواتنا فهي مكتسبة وترتبط مع العالم ووسائل الإعلام والصور المحيطة بنا، وتساعد في تشكيل الهويات الفردية والجمعية، وتشكل النظام الفكري للجماعة الذي يزودنا بإجابات على أسئلة مهمة: من أنا؟ ماذا يمكن أن أكون؟ ماذا أريد أن أكون (1997Kathryn Woodward). ويحلل منصف المرزوقي الدور الذي تلعبه الهوية في حياة المجتمعات والأفراد فيقول: بما أن لكل آخر هوية، فإن كل من هم مثلي سيتعرفون عليّ كمشابه لهم وسيعترفون بي واحدا منهم. إن مثل هذا التعرف والاعتراف المتبادل بين الشخص ومجموعته، عبر الاشتراك في نفس الهوية، قضية بالغة الخطورة. فالرهان الأساسي ليس التميّز الذي فرضته ظروف العيش المشترك ولا حتى التمايز والتفاضل في العلاقة بالمجموعات البشرية الأخرى، وإنما تبادل الحماية داخل المجموعة لدرء الخطر الحقيقي أو الوهمي الذي يمثله الآخر.

¶ اللغة والهوية
مما يسهم في زيادة قدرة الفرد والجماعات الاجتماعية على تقبل الآخر والاندماج الاجتماعي مع مقتضيات الهويات الثقافية الأخرى، قابلية الثقافة للتغير.
فحسب وجهة نظر أنتوني جيدنز(1991) فإن الهوية تنتمي إلى المؤسسات الاجتماعية التي تقوم من خلال اللغة بنقل المعاني العامة التي تتضمن (التقاليد، والمؤسسات، والمعايير الأخلاقية وآداب السلوك، والتوقعات الأخرى التي توجه أنماط الفعل).
ورغم أن هذه الهياكل تبدو أنها مستقرة، لكنها مع ذلك قابلة للتغيير، كنتيجة لأنماط الفعل التلقائية أو الغير المتعمدة، خصوصا في الفترات التي يبدأ الأفراد فيها بتجاهل رموز الثقافة، أو يقومون بتعديلها أو استبدالها أو إعادة إنتاجها بطريقة مختلفة.
ويستخدم الأفراد عادة هذه القواعد أثناء التفاعل مع الآخرين، ورغم أن إرادة الفرد تكون محدودة في اختيار الفعل؛ بسبب تأثير عوامل التنشئة والظروف والتجارب التي دخل بها، إلا أن هذه الموجهات ليست كاملة الإلزام للفرد، فالفرد لديه القدرة على أن يتخذ مواقف قد تكون مغايرة لما نشأ عليه (Giddens 1991). وهنا يريد جيدنز أن يوضح أن مواقف الفرد قد تتغير؛ مما يتيح المجال لتغير الأفكار والقيم وأنماط السلوك.
وفي ضوء هذا التحليل فإن الهوية قضية نسبية قد تتغير؛ نتيجة عدة عوامل، لعل أهمها خيارات الفعل الفردي تجاه المواقف الجديدة، وبما أن المصلحة الفردية عنصر أساسي في الحفاظ على الهوية، فمتى عجزت المؤسسات الاجتماعية عن توفير الحماية نجد أن حالة التغير الثقافي تكون ملزمة وتصبح الهوية الثقافية محل جدل.

¶ نسبية الثقافة
إن الثقافة هي من تصنع أفكارنا وتحدد مواقفنا وتشكل هوياتنا. وإذا كان التاريخ يحمل في طياته علامات التغير والتحول والتبدل فإن الهوية من هذا المنظور موضوع نسبي يتعدل ويتغير، ويتطور بتغير الأوضاع الاجتماعية.
فالهوية -أية هوية- غير قابله للإدراك إلا بوصفها حصيلة تراكم متجدد. فما لا يكون في زمن جزءاً من مكونات الهوية، قد يصبح كذلك في زمن لاحق. وما كان من مكوناتها أو من محدداتها في زمن قد يندثر مفعوله فلا يعود في جملة ما تتحدد به هوية الشيء (عبد الإله بالقزيز 2009).
إن المرونة والنسبية -حسب وجهة نظر محمد عابد الجابري(2002)- مرتبطة بكون الثقافة التي هي مصدر الهوية، نتاج تاريخي يحمل عبر الزمن تصورات وآراء ومعتقدات وطرائق في التفكير وأساليب في الاستدلال لا تخلو من الخصوصية، وهي من يؤطر للإنسان طريقة التفكير من خلال منظومة مرجعية تتمثل في الموروث الثقافي والمحيط الاجتماعي والنظرة إلى المستقبل والعالم والكون والإنسان.

¶ التغير مقابل الخصوصية
يرى إبراهيم القادري أن تغير الهويات ينبغي أن يخضع لقانون التوازن بين الثوابت المميزة للهوية والعناصر القابلة للتحول، وإلا كانت الهوية عرضة للخطر والتدمير، فالهوية تتضمن مكونات ثابتة وأخرى قابلة للتغيير.
ويعتبر الدين واللغة من الثوابت الراسخة، بينما تكون المكونات الأخرى من عادات وقيم وطرق تفكير قابلة للتغيير في الشكل الإيجابي الذي تحدده حركية المجتمع وتفاعله بمحيطه الخارجي.
وإذا كان القول بثبات اللغة كمعطى أساسي يحيل على الهوية، فإن ذلك لا يعني تخشيبها وتقديسها، والحيلولة دون تطوير بنيتها لإنتاج أفكار جديدة وتوليد مصطلحات لغوية ذات قيمة. (إبراهيم القادري، 2008).

(( يتبع ))

مقطع حق
31-05-2010, 07:23 AM
(تكملة البحث)


¶ الهجرة والهوية وقبول الآخر
هناك مقولات تطرح مبدأ قبول الآخر أو الثقافات الأخرى. وتعد ثقافة اكتشاف الآخر مقولة مرتبطة بالقضايا التي تسعى العولمة الثقافية إلى نشرها وتدعو الفرد والشعوب للتخلص من التعصب الثقافي الذي يحجب عنه رؤية الآخر والاتحاد معه؛ لتحقيق أهداف وتطلعات إنسانية مشتركة (سالم ساري، 2002).
وفي هذا الإطار وبالنظر إلى حالة دول الخليج العربية فإن التنوع السكاني في ظل طفرات اقتصادية متسارعة قد عجل بالفعل من اتساع نطاق تأثيرات العولمة بكافة أشكالها، وفرض على السكان المحليين التنافس الحاد مع قوى بشرية مختلفة ومتنوعة المهارات والقيم والثقافات مع ذلك؛ لأن هناك نوعا من التسامح الإجباري الاختياري بين السكان المواطنين والوافدين فرضته مقتضيات التطور الاقتصادي.
وفي الحقيقة بما أن الوافدين فئات جديدة لا ترتبط تاريخيا ولا ثقافيا بالمكان، فإنهم بالتالي ليسوا جزأ من الهوية التي ميزت المنطقة منذ آلاف السنين، وبالتالي يفتقدون عنصر الهوية الوطنية. وإذا كان ذلك يتم التغلب عليه في دول تشهد معدلات هجرة عالية مثل دول أوروبا الغربية والولايات المتحدة وكندا وأستراليا، فذلك لأنها تملك مؤسسات قوية قادرة بآلياتها المختلفة على دمج المهاجرين الجدد في النسق الثقافي الذي يتولى تعزيز الهوية والولاء لدى المهاجرين الجدد في تلك المجتمعات. في حين أن النسق الثقافي الخليجي غير قادر حتى الآن على غرس مفهوم المواطنة مقابل مفهوم القبيلة، وبالتالي فإن قدرته على دمج الوافد ضمن النسق الثقافي برموزه الوطنية ستكون محدودة، مما يزيد من احتمالية ضياع الهوية الثقافية المحلية.
ورغم أهمية الاندماج الاجتماعي بين جميع الشرائح السكانية فإن هذا التنوع الثقافي الشديد للمشهد السكاني، وقف حائلا أمام التداخل بين الثقافات؛ حتى بين الوافدين أنفسهم. وأصبح جليا أن المجتمعات الخليجية إنما هي عبارة عن جزر ثقافية مختلفة الأطر والأنماط وأشكال الحياة.
هذا التناقض العجيب لم يولد صراعات حقيقية حتى الآن في ظل مجتمعات أصبحت تغلب المصالح المادية على التعصب لرموزها الثقافية، ولكنها مؤهلة لذلك مستقبلا ما لم يتم توضيح وتحديد الأطر الثقافية لشعوب المنطقة بوصفها النمط الغالب، مثل تغليب دور اللغة العربية كلغة للتواصل في الأعمال والتعليم ووسائل الإعلام والأنشطة التجارية والثقافية.
ويلاحظ أن دول المنطقة -وفي ضوء تأكيدها لسياسات اقتصادية منفتحة- تتبع سياسة إعلامية ترحب بالتنوع الثقافي، وفي الوقت نفسه بدأ صناع القرار يدركون مخاطر التنوع السكاني وسياسات الانفتاح بعد أن تضاءلت الكتل السكانية الوطنية لأقل من ثلث وحتى ربع السكان في الدول الخليجية، وظهر اهتمام بالبحث عن مخاطر التنوع الثقافي وقضايا الاندماج الاجتماعي بين المواطنين والوافدين، ففي إمارة دبي التي تشهد نموا سريعا في عدد الوافدين الذين يشكلون الأغلبية الساحقة للسكان، أجريت دراسة اجتماعية عام 2008 شملت 2561 أسرة في دبي، منها 714 أسرة مواطنة من خلال عينة بحث صُممت لتمثل سكان إمارة دبي، بمناطقها الحضرية والريفية؛ لرصد درجة التوافق والانسجام بين المواطنين والمقيمين، ورغم أن النتائج كشفت عن اتجاه إيجابي في هذا المجال، إلا أن هناك حاجة ملحة لإجراء المزيد من البحوث الدقيقة حول مثل هذا الموضوع الذي سوف يساعد على تقديم مؤشرات دقيقة وموضوعية عن درجة التوافق والانسجام الاجتماعي بين الشرائح السكانية ودرجة تأثرها بالتنوع الثقافي.
وهذا التوجه البحثي يشير إلى نوع من تغير الاتجاه في النظر إلى مشكلة تواجد الوافدين بصورة كبيرة في المجتمعات الخليجية، بعد أن كان التركيز على النتائج السلبية لهذا التواجد مثل، تأثير الخدم والمربيات على الأسرة وعلى الأطفال، وتأثر اللغة العربية، وانتشار الانحرافات السلوكية (مطر أحمد،1984، سلطانة اليوسف 1991، ماجد صالح الديحاني 2000، عبد الرؤوف الجرداوي1990، محمد السويدي 1995). بدأ اتجاه جديد يظهر يركز على تقبل فكرة التنوع الثقافي مع الحفاظ على الهوية الثقافية الوطنية بوصفها الثقافة العامة المهيمنة.

¶ هل الهوية العربية لشعوب المنطقة
مهددة بالفعل؟
من الواضح أن دول المنطقة تمر بمرحلة تطور اقتصادي اجتماعي سريعة الوتيرة، والأدلة على ذلك عديدة من حيث تبني سياسات اقتصادية منفتحة ومرنة، تسعى لخلق بدائل اقتصادية تخرج هذه المجتمعات من معضلة مصدر الدخل الوحيد، فكان اللجوء لمشاريع تنموية طموحة جدا، وغير مخطط لها تطلبت فتح المجال لتدفقات موارد بشرية غير محلية، فكانت ظاهرة الهجرة الوافدة بنمطها الفريد إلى المنطقة، فكانت عاملا تاريخيا أسهم في تغير المشهد السكاني والاجتماعي وزاد من قدرة هذه المجتمعات على تأكيد قدراتها الاقتصادية، الأمر الذي فرض هذه النتائج: - نمو سكاني سريع - خلل سكاني -تنوع إثني - تنوع ثقافي - تعدد اللغات - تعدد الديانات -تغير اقتصادي
إن هذا يحدث بعد أن ظلت المنطقة تتمتع لفترات طويلة بأسس التماثل الثقافي، حيث جعلتها -وحتى عهد قريب- بمثابة بحيرة ثقافية، فإذا كانت معظم المجتمعات العربية تمثل تنوعات سكانية إثنية ودينية ومذهبية وثقافية وقبلية ولغوية (مثل الجزائر ومصر والسودان والعراق)، فإن مجتمعات الخليج العربية تاريخيا كانت أقل المناطق العربية تنوعا في هذا الإطار، فمعظم السكان ينتمون لأصول عرقية واحدة (قبائل مهاجرة من شبه جزيرة العرب) تتشابه عاداتهم وتقاليدهم وأزياؤهم ولهجاتهم مع اختلافات طفيفة ترتبط بمناطق السكنى (درجة القرب أو البعد من السواحل).
كما أن الهجرة وانتقال السكان في نفس الإقليم كانت رافدا سكانيا وثقافيا؛ بسبب تشابه الظروف الاجتماعية والثقافية والسياسية. وحتى بداية عصر التحديث (خمسينيات القرن العشرين) ظلت هذه الهجرات مستمرة، ثم توطن جزء كبير منها، فنجد أن هناك قبائل تتوزع على كافة دول الخليج العربية، وتقوم بينها علاقات مصاهرة. وكانت لتجربة عمان ودولة الإمارات في اتباع سياسة لجذب السكان المحليين الذين هاجروا إلى مناطق قريبة وإعادتهم للبلاد في بداية السبعينيات وفي منح الجنسية لجاليات عديدة (يمنية –فارسية) (Paul Dresch. 2006). وكذلك البحرين والكويت مؤخرا (سعودية- عراقية) دور في زيادة عدد السكان ولم تظهر أية مشكلات مرتبطة بالهوية الثقافية؛ نتيجة التشابه والتماثل الثقافي بين سكان هذه المنطقة. ولكن هل هذه الخاصية مهددة بالضياع؛ لكي تحل محلها مجتمعات متعددة الهويات؟.
في العصر الحالي نجد أن الهجرة الوافدة من مصادر وجنسيات متنوعة قد فرضت على الدول الخليجية تنوعا في اللغات؛ نتيجة التعدد في الهويات الثقافية، وقياسا على نسبة السكان الخليجيين، مقارنة بالوافدين الذين ينتمون إلى جنسيات غير عربية، ويتحدثون بلغات مختلفة، سنجد أن المتحدثين باللغة العربية في المنطقة أصبحوا أقل من المتحدثين باللغة غير العربية، خصوصا في قطر ودولة الإمارات التي يتوقع أن المتحدثين باللغة العربية قد لا يصلون إلى ثلث السكان. وبعد أن تعالت الأصوات بالخوف على اللغة العربية أصدرت دولة الإمارات ودولة قطر قوانين تفرض التعامل باللغة العربية في التعاملات الرسمية على الأقل. في الحقيقة إن مخاطر العولمة الثقافية والمظاهر المترتبة على التنوع السكاني الثقافي لم يتم وضعها ضمن قائمة التحديات الأساسية ولم تتم مواجهتها بجدية. وفي الوقت الذي تفرض فيه الدول التي تشهد معدلات هجرة وافدة عالية مثل الولايات المتحدة – كندا – فرنسا – سويسرا – ألمانيا – بريطانيا – لغة البلاد الرسمية كلغة للتخاطب في التعليم ومؤسسات العمل ووسائل الإعلام، نجد أن دول الخليج لا تتمكن من تأكيد الهوية اللغوية، فالتعليم يتجه للتعليم باللغة الإنجليزية والفرنسية، هذا إلى جانب لغات الجاليات الأخرى، واتجهت العديد من مؤسسات العمل وخصوصا القطاع الخاص والمؤسسات المالية والصناعية والتجارية قد ألغت التعامل باللغة العربية وتبنت اللغة الإنجليزية. كما أن التعدد الثقافي أدى إلى تعدد ديني، فبعد أن كان الإسلام هو الديانة الوحيدة تقريبا في المنطقة ولمدة 1400 سنة، فإن الوضع الحالي وبعد هذا المتصل الثقافي بين المنطقة ومناطق أخرى في العالم أصبح الدين الإسلامي هو دين الأقلية في دولتين على الأقل.

¶ هل التنوع السكاني عامل سلبي يؤثر على الهوية أم أن هناك عوامل أخرى أكثر تأثيرا على الهوية؟
في الحقيقة إن تأثيرات التنوع السكاني ليست أكثر أهمية من تأثيرات وسائل الإعلام، خصوصا الفضائيات والبرامج الهابطة التي تبث عناصر ثقافية تهدد الأجيال الجديدة بالضياع. ومن الواضح أن الحكومات في الوقت الذي تقدم فيه الدعم لفضائيات رصينة، نجد أنها تسمح بتأسيس فضائيات وقنوات تكرس التفكير الخرافي وتغرس السلوكيات الهابطة وتسطح الفكر وتغذي الغرائز. إن ما نشهده الآن من تدن في الفنون والمنتجات الثقافية واتجاهها إلى الربحية أكثر من تبني الإبداع عامل يهدد الهوية أكثر من الجنسيات الوافدة.
من ناحية أخرى فإن تنامي النمط الاستهلاكي الذي ترتب عليه إفراط في الإنفاق على الوسائل الترفيهية والمظاهر الشكلية، وإغراق الأسواق بمنتجات العولمة من السلع الاستهلاكية، هو بالفعل أحد العناصر التي تهدد بعض رموز الهوية المهمة بالاختفاء مثل الأزياء الوطنية، والأنماط الغذائية. وأسفرت التغيرات الاجتماعية عن اختفاء أساليب الحياة التكافلية والحميمية؛ نتيجة تنامي الفردية وتفكك علاقات الجيرة وما يرتبط بها من نظام راسخ من العلاقات الاجتماعية المتماسكة، وأسفر كل ذلك عن مزيد من العزلة الاجتماعية، وعن التباعد بين الجماعات الاجتماعية، ولم تعد الجماعات المرجعية تقوم بدورها السابق في تثبيت الهوية الثقافية.
كما تعد التغيرات التي يمر بها التعليم، واتجاهه نحو التغريب من أهم العوامل التي تهدد الهوية الثقافية بالضياع، إذ إنها تعزل الأجيال عن لغتها الأم، لغة الدين والمعتقد، لغة التاريخ والموروث. وهذه قضية خطيرة، خصوصا وأن التوجه العام هو نحو التعليم الأجنبي، فماذا نحن فاعلون أمام هذا الحراك الثقافي الذي يتسم بفصل الأجيال عن جذورها الثقافية. ومن ناحية أخرى يلاحظ أن التغيرات الثقافية لم تؤد إلى نشر قيم وسلوكيات فعالة، وتعد من عناصر النهضة، فمثلا لا تزال قيم المشاركة غير واضحة في السلوك المجتمعي، وقيم العمل والإنجاز غير ممثله في سلوك الشباب.
كل العناصر السابقة تمثل عوامل تهدد الهوية، ولذلك يجب الاهتمام بقضية الهوية بوصفها قضية مركبة وتتداخل بها عدة عناصر. وبالنسبة لنموذج مجتمعات الخليج فإن هناك مجموعة من القضايا الأساسية يجب التفكير فيها ومناقشتها في العلن وهي:

¶ قضية الاعتماد على العمالة الوافدة هل هي أمر غير قابل للتغيير خلال العقود القادمة؟
إن هذه القضية رغم خطورتها فإنها لا تناقش بجدية، ولا تعطى حجم الاهتمام المطلوب، ومن الواضح أن النية في إصلاح الخلل في التركيبة السكانية بتقنين الهجرة الوافدة أو التفكير في سبل حقيقية لرفع درجة المشاركة الاقتصادية للمواطنين ولإحلال العمالة المواطنة، أمر غير ملائم مع سياسة التطوير العقارية بمشروعاتها الإسكانية الضخمة التي ستكون غير ذات جدوى إذا تم رفض ومحاربة مبدأ التنوع السكاني والثقافي وتقنين الهجرة الوافدة. هذه تناقضات يجب تأملها ومناقشتها.

¶ هل نحتاج إلى تغيير رؤيتنا للموضوع؟
وهل التنوع السكاني والثقافي ظاهرة يمكن الاستفادة منها من هذا المنطلق؟
في الحقيقة لا بد من التفكير في كيفية تفعيل سبل التلاقي الحضاري بين الهويات الثقافية التي فرضها التنوع السكاني ومقتضيات العولمة، إذ إن عواقب العزلة أكثر ضررا من عواقب الاندماج، وإذا كان هناك خوف على الهوية فيجب بناء أسس للتفاعل الإيجابي بين الثقافة الوطنية والثقافات الأخرى، من خلال دعم مشروعات نشر اللغة العربية وتكثيف دورها في التخاطب والتواصل والتعلم، وتعزيز مكانتها بوصفها تمثل الجذر الحضاري ولغة الدين والشريعة السمحة، وتعزيز الولاء والانتماء للهوية الثقافية الوطنية لدى المواطنين، خصوصا الأطفال والشباب، وخلق جيل يفخر ويثق في موروثه الثقافي، ويحافظ عليه، وفي الوقت نفسه تقل وينظر باحترام للثقافات الأخرى.

المراجع والمصادر:
❍ إبراهيم القادري.2008. حول مفهوم الهوية ومكوناتها الأساسية، مدونات المكتوب.
http://histoire.maktoobblog.com/
❍ فريد هاليداي، الكونية الجذرية لا العولمة المترددة، لندن: دار الساقي، 2002، ص 1186-190.
❍ سالم ساري. 2002. ثقافة المجتمع العربي الجديد: رهان القيمة الاجتماعية المضافة، كتاب: ندوة المجتمع المدني وإشكاليات التحول الديمقراطي في المجتمع العربي، الدوحة: جامعة قطر، مركز الوثائق والدراسات الإنسانية 2002، ص 130.
❍ كاظم الشبيب.2008. إلفة التنوع السكاني. موقع شبكة راصد الإخبارية:
http://www.rasid.com/artc.php?id=4369
❍ عبد الإله بالقزيز.2009. مفهوم الهوية في بُعد نسبي وتاريخي. الموقع الآتي:
http://www.arabs48.com/display.x?cid=7&sid=25&id=62217
❍ محمد عابد الجابري.2003. تكوين العقل العربي. بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، ط8، ص13.
❍ نوزاد الهيتي 2007. الواقع السكاني ومتطلبات التنمية في دول مجلس التعاون الخليجي. الكويت: مجلة العلوم الإنسانية، العدد34، السنة الخامسة.
❍ Anthony Giddens.1991. Modernity and self identity: self and society in the late modern age. Stanford University Press.
❍ Kathryn Woodward. 1997. Identity and Difference، Culture ، Media and Identities، Open University series، London، Sage publication.
❍ Paul Dresch. 2006. «The Place of Strangers in Gulf Society.» In Globalization and the Gulf، ed. John Fox، Nada Mourtada-Sabbah، and Mohammed al-Mutawa. London: Routledge.

هاب ريح
31-05-2010, 12:36 PM
(تكملة البحث)


¶ الهجرة والهوية وقبول الآخر


في حين أن النسق الثقافي الخليجي غير قادر حتى الآن على غرس مفهوم المواطنة مقابل مفهوم القبيلة، وبالتالي فإن قدرته على دمج الوافد ضمن النسق الثقافي برموزه الوطنية ستكون محدودة، مما يزيد من احتمالية ضياع الهوية الثقافية المحلية

.
ورغم أهمية الاندماج الاجتماعي بين جميع الشرائح السكانية فإن هذا التنوع الثقافي الشديد للمشهد السكاني، وقف حائلا أمام التداخل بين الثقافات؛ حتى بين الوافدين أنفسهم. وأصبح جليا أن المجتمعات الخليجية إنما هي عبارة عن جزر ثقافية مختلفة الأطر والأنماط وأشكال الحياة.
هذا التناقض العجيب لم يولد صراعات حقيقية حتى الآن في ظل مجتمعات أصبحت تغلب المصالح المادية على التعصب لرموزها الثقافية، ولكنها مؤهلة لذلك مستقبلا ما لم يتم توضيح وتحديد الأطر الثقافية لشعوب المنطقة بوصفها النمط الغالب، مثل تغليب دور اللغة العربية كلغة للتواصل في الأعمال والتعليم ووسائل الإعلام والأنشطة التجارية والثقافية.
ويلاحظ أن دول المنطقة -وفي ضوء تأكيدها لسياسات اقتصادية منفتحة- تتبع سياسة إعلامية ترحب بالتنوع الثقافي، وفي الوقت نفسه بدأ صناع القرار يدركون مخاطر التنوع السكاني وسياسات الانفتاح بعد أن تضاءلت الكتل السكانية الوطنية لأقل من ثلث وحتى ربع السكان في الدول الخليجية،




¶ هل الهوية العربية لشعوب المنطقة
مهددة بالفعل؟


من الواضح أن دول المنطقة تمر بمرحلة تطور اقتصادي اجتماعي سريعة الوتيرة، والأدلة على ذلك عديدة من حيث تبني سياسات اقتصادية منفتحة ومرنة، تسعى لخلق بدائل اقتصادية تخرج هذه المجتمعات من معضلة مصدر الدخل الوحيد، فكان اللجوء لمشاريع تنموية طموحة جدا، وغير مخطط لها تطلبت فتح المجال لتدفقات موارد بشرية غير محلية، فكانت ظاهرة الهجرة الوافدة بنمطها الفريد إلى المنطقة، فكانت عاملا تاريخيا أسهم في تغير المشهد السكاني والاجتماعي وزاد من قدرة هذه المجتمعات على تأكيد قدراتها الاقتصادية، الأمر الذي فرض هذه النتائج: - نمو سكاني سريع - خلل سكاني -تنوع إثني - تنوع ثقافي - تعدد اللغات - تعدد الديانات -تغير اقتصادي إن هذا يحدث بعد أن ظلت المنطقة تتمتع لفترات طويلة بأسس التماثل الثقافي، حيث جعلتها -وحتى عهد قريب- بمثابة بحيرة ثقافية، فإذا كانت معظم المجتمعات العربية تمثل تنوعات سكانية إثنية ودينية ومذهبية وثقافية وقبلية ولغوية (مثل الجزائر ومصر والسودان والعراق)، فإن مجتمعات الخليج العربية تاريخيا كانت أقل المناطق العربية تنوعا في هذا الإطار، فمعظم السكان ينتمون لأصول عرقية واحدة (قبائل مهاجرة من شبه جزيرة العرب) تتشابه عاداتهم وتقاليدهم وأزياؤهم ولهجاتهم مع اختلافات طفيفة ترتبط بمناطق السكنى (درجة القرب أو البعد من السواحل).كما أن الهجرة وانتقال السكان في نفس الإقليم كانت رافدا سكانيا وثقافيا؛ بسبب تشابه الظروف الاجتماعية والثقافية والسياسية. وحتى بداية عصر التحديث (خمسينيات القرن العشرين) ظلت هذه الهجرات مستمرة، ثم توطن جزء كبير منها، فنجد أن هناك قبائل تتوزع على كافة دول الخليج العربية، وتقوم بينها علاقات مصاهرة. وكانت لتجربة عمان ودولة الإمارات في اتباع سياسة لجذب السكان المحليين الذين هاجروا إلى مناطق قريبة وإعادتهم للبلاد في بداية السبعينيات وفي منح الجنسية لجاليات عديدة (يمنية –فارسية) (paul dresch. 2006). وكذلك البحرين والكويت مؤخرا (سعودية- عراقية) دور في زيادة عدد السكان ولم تظهر أية مشكلات مرتبطة بالهوية الثقافية؛ نتيجة التشابه والتماثل الثقافي بين سكان هذه المنطقة. ولكن هل هذه الخاصية مهددة بالضياع؛ لكي تحل محلها مجتمعات متعددة الهويات؟.
في العصر الحالي نجد أن الهجرة الوافدة من مصادر وجنسيات متنوعة قد فرضت على الدول الخليجية تنوعا في اللغات؛ نتيجة التعدد في الهويات الثقافية، وقياسا على نسبة السكان الخليجيين، مقارنة بالوافدين الذين ينتمون إلى جنسيات غير عربية، ويتحدثون بلغات مختلفة، سنجد أن المتحدثين باللغة العربية في المنطقة أصبحوا أقل من المتحدثين باللغة غير العربية، خصوصا في قطر ودولة الإمارات التي يتوقع أن المتحدثين باللغة العربية قد لا يصلون إلى ثلث السكان. وبعد أن تعالت الأصوات بالخوف على اللغة العربية أصدرت دولة الإمارات ودولة قطر قوانين تفرض التعامل باللغة العربية في التعاملات الرسمية على الأقل. في الحقيقة إن مخاطر العولمة الثقافية والمظاهر المترتبة على التنوع السكاني الثقافي لم يتم وضعها ضمن قائمة التحديات الأساسية ولم تتم مواجهتها بجدية. وفي الوقت الذي تفرض فيه الدول التي تشهد معدلات هجرة وافدة عالية مثل الولايات المتحدة – كندا – فرنسا – سويسرا – ألمانيا – بريطانيا – لغة البلاد الرسمية كلغة للتخاطب في التعليم ومؤسسات العمل ووسائل الإعلام، نجد أن دول الخليج لا تتمكن من تأكيد الهوية اللغوية، فالتعليم يتجه للتعليم باللغة الإنجليزية والفرنسية، هذا إلى جانب لغات الجاليات الأخرى، واتجهت العديد من مؤسسات العمل وخصوصا القطاع الخاص والمؤسسات المالية والصناعية والتجارية قد ألغت التعامل باللغة العربية وتبنت اللغة الإنجليزية. كما أن التعدد الثقافي أدى إلى تعدد ديني، فبعد أن كان الإسلام هو الديانة الوحيدة تقريبا في المنطقة ولمدة 1400 سنة، فإن الوضع الحالي وبعد هذا المتصل الثقافي بين المنطقة ومناطق أخرى في العالم أصبح الدين الإسلامي هو دين الأقلية في دولتين على الأقل.


فإن هناك مجموعة من القضايا الأساسية يجب التفكير فيها ومناقشتها في العلن وهي:

¶ قضية الاعتماد على العمالة الوافدة هل هي أمر غير قابل للتغيير خلال العقود القادمة؟
إن هذه القضية رغم خطورتها فإنها لا تناقش بجدية، ولا تعطى حجم الاهتمام المطلوب، ومن الواضح أن النية في إصلاح الخلل في التركيبة السكانية بتقنين الهجرة الوافدة أو التفكير في سبل حقيقية لرفع درجة المشاركة الاقتصادية للمواطنين ولإحلال العمالة المواطنة، أمر غير ملائم مع سياسة التطوير العقارية بمشروعاتها الإسكانية الضخمة التي ستكون غير ذات جدوى إذا تم رفض ومحاربة مبدأ التنوع السكاني والثقافي وتقنين الهجرة الوافدة. هذه تناقضات يجب تأملها ومناقشتها.

¶ هل نحتاج إلى تغيير رؤيتنا للموضوع؟
وهل التنوع السكاني والثقافي ظاهرة يمكن الاستفادة منها من هذا المنطلق؟
في الحقيقة لا بد من التفكير في كيفية تفعيل سبل التلاقي الحضاري بين الهويات الثقافية التي فرضها التنوع السكاني ومقتضيات العولمة، إذ إن عواقب العزلة أكثر ضررا من عواقب الاندماج، وإذا كان هناك خوف على الهوية فيجب بناء أسس للتفاعل الإيجابي بين الثقافة الوطنية والثقافات الأخرى، من خلال دعم مشروعات نشر اللغة العربية وتكثيف دورها في التخاطب والتواصل والتعلم، وتعزيز مكانتها بوصفها تمثل الجذر الحضاري ولغة الدين والشريعة السمحة، وتعزيز الولاء والانتماء للهوية الثقافية الوطنية لدى المواطنين، خصوصا الأطفال والشباب، وخلق جيل يفخر ويثق في موروثه الثقافي، ويحافظ عليه، وفي الوقت نفسه تقل وينظر باحترام للثقافات الأخرى.

❍ paul dresch. 2006. «the place of strangers in gulf society.» in globalization and the gulf، ed. John fox، nada mourtada-sabbah، and mohammed al-mutawa. London: Routledge.




زين اننا صرنا نسمع الصوت الاخر

طيب ان الصحف تنشر ابحاثا ودراسات كهذه الدراسة

فيه تقدم :)

مقطع حق
01-06-2010, 07:25 AM
زين اننا صرنا نسمع الصوت الاخر

طيب ان الصحف تنشر ابحاثا ودراسات كهذه الدراسة

فيه تقدم :)



؟؟؟!!!

moonبنتnight
01-06-2010, 07:45 AM
هوية العربية 00 تغيرات فعلاً 00
مفهوم الاستعمار موجود بدول الخليج 00

في الحقيقة إن مخاطر العولمة الثقافية والمظاهر المترتبة على التنوع السكاني الثقافي لم يتم وضعها ضمن قائمة التحديات الأساسية ولم تتم مواجهتها بجدية. وفي الوقت الذي تفرض فيه الدول التي تشهد معدلات هجرة وافدة عالية مثل الولايات المتحدة – كندا – فرنسا – سويسرا – ألمانيا – بريطانيا – لغة البلاد الرسمية كلغة للتخاطب في التعليم ومؤسسات العمل ووسائل الإعلام، نجد أن دول الخليج لا تتمكن من تأكيد الهوية اللغوية، فالتعليم يتجه للتعليم باللغة الإنجليزية والفرنسية، هذا إلى جانب لغات الجاليات الأخرى، واتجهت العديد من مؤسسات العمل وخصوصا القطاع الخاص والمؤسسات المالية والصناعية والتجارية قد ألغت التعامل باللغة العربية وتبنت اللغة الإنجليزية. كما أن التعدد الثقافي أدى إلى تعدد ديني، فبعد أن كان الإسلام هو الديانة الوحيدة تقريبا في المنطقة ولمدة 1400 سنة، فإن الوضع الحالي وبعد هذا المتصل الثقافي بين المنطقة ومناطق أخرى في العالم أصبح الدين الإسلامي هو دين الأقلية في دولتين على الأقل

آخر الكلام 00
قال الرسول صلى الله عليه وسلم " سوف ياتي زمن علي أمتي الماسك علي دينه كماسك علي حجر من جمر "

مقطع حق
01-06-2010, 08:24 AM
آخر الكلام 00
قال الرسول صلى الله عليه وسلم " سوف ياتي زمن علي أمتي الماسك علي دينه كماسك علي حجر من جمر "

صدقت يا moonبنتnight