المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قمة إدارة الشأن الاقتصادي الأوروبي



مغروور قطر
16-06-2010, 03:08 PM
قمة إدارة الشأن الاقتصادي الأوروبي
واس 16/06/2010
يواجه زعماء الاتحاد الأوروبي مجددا خلال قمتم نصف السنوية غدا في بروكسل إشكالية التوفيق بين متطلبات التحكم في مختلف جوانب أزمة موازنات الديون السيادية للدول الأعضاء من جهة وسبل توجيه مؤشرات طمأنة للمتعاملين والفعاليات الاقتصادية بشان حفز النمو دخل الفضاء الاقتصادي الأوروبي من جهة أخرى.

وتعصف الأزمة المالية حاليا بغالبية الدول المنتمية وغير المنتمية لمنطقة اليورو وتلقي بثقلها بشكل خطير على أداء غالبية الحكومات الأوروبية الأمر الذي دفعها نحو اتخاذ إجراءات غير مسبوقة واعتماد آليات صارمة للتحكم في العجز العام واحجام المديونية.

وفي نفس التوقيت تواجه الدول الأوروبية بسبب هذه الإجراءات مخاطر الانكماش المستدام وهو ما يعمل المسئولون الأوروبيون على تجاوزه وتجنب أن تضل منطقة اليورو متخلفة في أدائها عن مختلف المجالات الاقتصادية العالمية مثل الولايات المتحدة واليابان او الناشئة مثل الصين والهند والبرازيل.

وعشية انعقاد القمة الأوروبية وفي مؤشر على وجود إرادة لتجاوز الخلافات بين الدول الأعضاء وخاصة بين ألمانيا وفرنسا توصلت برلين وباريس إلى اتفاق يمثل حلا وسطا بين اكبر قوتين داخل منطقة اليورو يقضي باعتماد موقف ألمانيا بشان آليات التنسيق والتحرك الضرورية التي يجب أن تتخذ على مستوى الاتحاد الأوروبي كتكتل 27 دولة ولكن نزولا عند رغبة باريس يمكن التركيز في بعض الحالات على منطقة اليورو فقط 16 دولة عند التطرق لجوانب من التنسيق النقدي.

وتم التوصل الى هذه الصفقة الاثنين الماضي في برلين خلال لقاء جمع المستشارة الألمانية انجيلا ميركل والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي.

ولكن الاتفاق الذي سيطرح للبحث خلال قمة بروكسل نهار الخميس والمتعلق بمستقبل إدارة الشؤون النقدية الأوروبية قد لا يصمد عمليا بسبب وجود فوارق كبيرة في أداء الدول الأعضاء حاليا وبسبب تنامي المتاعب على صعيد إدارة موازنات وديون عدد كبير من الدول.

ولا ترغب ألمانيا بشكل واضح ربط تحركاتها عضويا بما يجري داخل منطقة اليورو تجنبا لان يتم تحميلها نفقات الدول المتسيبة والمقصرة .. فيما كانت باريس تركز وعلى العكس حتى الآن على ضرورة الاستمرار في التعامل بشمل جماعي داخل منطقة اليورو أي تحميل برلين جزءا من متاعب الدول الأخرى .. واقترحت فرنسا اعتماد منهج مشترك لحكومة اقتصادية أوروبية على مستوى منطقة اليورو وهو ما رفضته برلين بشكل مستمر.

ولكن المسألة الرئيسة المتمثلة في كيفية إدارة أي دعم مباشر مستقبلا للدول المتسيبة داخل منطقة اليورو لم يتم حلها حتى ألان وتتمسك برلين بخط صارم في هذا الشأن.

كما ان تمكين المفوضية الأوروبية من التحكم في توجيه الموازنات العامة للدول الأعضاء يضل محل خلافات جوهرية ولا توجد آفاق لاعتماده لكونه يطال مسائل سيادية هذه المرة.

كما ان ألمانيا تضل مهتمة بشكل تام باستقلالية المصرف المركزي الأوروبي وبمعايير الاندماج النقدي المتبعة حتى الان ولا تعترف بأهمية الحد من التفاوت في الأداء الاقتصادي للدول كتبرير أو تفسير لبعض من عوارض الأزمة.

وتقول ألمانيا إن إرساء آلية لإدارة الأزمة وفق تصور فرنسا والمفوضية الأوروبية لن يتجاوز كونه إرساء إدارة مكلفة بمجرد مراقبة إرهاصات الأزمة وليس العمل للخروج منها.

ولكن إلى جانب هذه الإشكاليات الجوهرية الخاصة التي لاتزال تؤثر على أداء منطقة اليورو فإن الإجراءات الاقتصادية الصارمة المعلنة في اليونان وإسبانيا والبرتغال وألمانيا وفرنسا وايطاليا لم تتسبب حتى الآن في عودة الثقة في إدارة منطقة اليورو.

ولكن على العكس فإنها باتت تطرح عدة تساؤلات حول صحة الخيارات الاقتصادية وإذا ما كانت ضرورية او سابقة لأوانها أي إنها لم تتزامن مع عودة ولو متواضعة لوتيرة النمو.

وفي آخر تطور للمواجهة الداخلية الأوروبية عشية قمة بروكسل طالب النواب الأوروبيون رسميا بتمكين المفوضية الأوروبية من صلاحيات جديدة لإدارة الأزمة المالية والاقتصادية الحالية.

إلا ان تمسك برلين بنصوص الاتفاقيات الأوروبية سيحول دون ذلك حسب غالبية المحللين الأوروبيين الذين يعتقدون ان ألمانيا التي سنت إجراءات تقشفية يناهز في حجمها الثمانين مليار يورو ستواصل تركيزها على خفض العجز العام في الدول الأعضاء وهو ما قد لا تعتمده غالبية الدول الأخرى التي تخشى من تراجع الاستهلاك لكونها لا تمتلك أدوات هيكلية صلبة للرد على ذلك مثل ألمانيا التي يعتمد اقتصادها على الصادرات.

ويتوقع أن تتوصل القمة الأوروبية إلى حل مؤقت نهار الخميس بشأن ما يطلق عليه الدبلوماسيون في بروكسل بالإدارة الأوروبية لتنسيق السياسات الوطنية.

وتعد قمة غد الخميس على قدر كبير من الأهمية لأنها ستمنح المراقبين والمتعاملين في أوروبا وخارجها مؤشرات حول طبيعة الرد الفعلي الأوروبي على الأزمة وقدرة التكتل على بلورة خطط تحرك مشتركة في هذه المرحلة وتجاوز الحسابات الوطنية.