تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الأردن: زيادة ثالثة لأسعار المحروقات خلال ثمانية أشهر



مغروور قطر
15-03-2006, 05:21 AM
الأردن: زيادة ثالثة لأسعار المحروقات خلال ثمانية أشهر

عمان - الوطن الاقتصادي -يوسف ضمرة


تخطط الحكومة الأردنية لرفع أسعار المحروقات أواخر الشهر الحالي للمرة الثالثة خلال ثمانية أشهر، مع تطبيق آلية جديدة لتعويض المتضررين من خلال نسج شبكة أمان اجتماعي متجددة وصفها مسؤولون بأنها تنقل الدعم الحكومي من السلعة الى المواطن.

وقال مسؤولون ان الحكومة درست آلية جديدة لتعويض الأسر ذوات الدخل المنخفض من خلال تخصيص معونات سنوية متكررة لمواجهة فرق الأسعار.

ويفترض صانع القرار أن تغطي هذه المنح شريحة واسعة من الأسر التي يقل دخل الفرد فيها عن 1000 دينار في السنة، وذلك ضمن معادلة يتناسب فيها حجم الدعم عكسيا مع سقوف الدخل.

وتقدر بعض المصادر نسبة الزيادة التي ستطرأ على أسعار المحروقات بين 18% و22% على مختلف الاصناف الامر الذي يتشابه مع المراحل السابقة في نسبة الزيادة.

وتوصلت مسوحات، بالارتكاز الى دراسة نفقات الأسرة لعام 2003، الى أن عدد الذين يستحقون المساعدة يصل الى ثلاثة ملايين و600 ألف أردني، أي 64 % من عدد سكان المملكة المقدر رسميا بـ 5‚5 مليون نسمة.

وتتفاوت جرعة الدعم السنوي للفرد بحسب دخله من 5‚7 دينار في حدها الأدنى وصولا الى 30 دينارا سنويا لمن يصل دخله الى 1000 دينار في العام، مع مراعاة عدد أفراد الأسرة.

وتختلف هذه الآلية عن التعويضات السابقة، اذ كانت الحكومة أعطت خمسين دينارا مقطوعة لكل موظف على جدول رواتبها الذي يضم ربع مليون، بينما ظلّت غالبية ذوي الدخول المتدنية خارج معادلة التعويض.

وتتوقع الحكومة أن يخفض قرار الرفع الدعم المخصص للمحروقات الى 125 مليون دينار نزولا من 419 مليونا في العام المقبل.وسيخصص من 50 مليونا الى 60 مليون دينار من هذا الوفر لتطبيق برنامج المساعدات السنوي.

وتأمل الحكومة في اسناد مختلف الشرائح عن طريق طرح طلبات خاصة بهدف تقديم الدعم من خلال مكاتب البريد المنتشرة في مختلف انحاء المملكة.

وستلجأ الحكومة الى قاعدة بيانات دائرة ضريبة الدخل والمبيعات وكذلك الضمان الاجتماعي للتحقق من صحة المعلومات التي يقدمها طالب الدعم في فئات غير الموظفين في المدني والعسكري.

ومن المرجح ان تتولى دائرة ضريبة الدخل والمبيعات فرز الطلبات بحكم قاعدة البيانات المتطورة التي تملكها عن المكلفين في المملكة.

وتقول الحكومة ان عبء دعم النفط يشكل تشوها يهدد سلامة بناء الموازنة وصنفت المتغيرات المتسارعة فيه بأنها أكبر أعداء استقرار العجز وأحد أهم عوامل عرقلة خطط التنمية.

ومنذ منتصف العام 2005، تستورد المملكة من السوق العالمية كافة استهلاكها اليومي المقدر بمائة ألف برميل يوميا بعد أن أوقفت السعودية والكويت والإمارات منحة ثلاثية كانت أطلقتها بعد توقف امدادات النفط العراقية بأسعار تفضيلية لدى الاطاحة بنظام الحكم العراقي السابق قبل ثلاث سنوات.

واخترق السعر العالمي حاجز 60 دولارا للبرميل، وبالتالي قد تصل فاتورة النفط الى بليون دولار، مما يفاقم العجز في الموازنة بسبب التقديرات الحكومية.

ووصف مسؤولون حكوميون قرار رفع الدعم عن مشتقات النفط بأنه «شر لا بد منه» لانقاذ موازنة الدولة بعد أن اخترق حجم الدعم سقف المليون و150 ألف دينار يوميا.

وتبرر الحكومة استراتيجية تحرير أسعار المحروقات التي بدأتها قبل سنتين بالقول «ان الدعم كان يذهب لصالح مستهلكي المنتجات النفطية من أغنياء وفقراء، ومواطنين ووافدين على حد سواء دون وصول الدعم الى مستحقيه».

غير أن مطلعين على ملف النفط، يعتقدون بأن هذا القرار جاء استجابة «لاملاءات صندوق النقد الدولي» التي ساهمت في تعجيل القرار.على أن الحكومة تنفي هذه الفرضية وتصر على «ان التخلص من هذا الدعم يوفر للحكومة اموالا يمكن استخدامها للتصدي للمشاكل الصعبة التي تواجهها وخاصة الفقر والبطالة».

وفي معرض رده على مناقشات النواب خلال جلسة المصادقة على الموازنة، قال نائب رئيس الوزراء وزير المالية زياد فريز انه «يمكن استغلال الوفر الناجم عن تخفيف الدعم في اقامة مشاريع استثمارية وبنى تحتية تساعد على تشغيل القوى العاطلة عن العمل وتحسين الاحوال المعيشية للمواطنين وخاصة في التجمعات الفقيرة».

وبلغ عجز موازنة العام الماضي 8‚476 مليون دينار مع احتساب المساعدات الخارجية أي 3‚5 % من الناتج المحلي الاجمالي المقدر بـ 9‚8بليون دينار مقابل 222 مليون دينار عجز الموازنة في العام 2004 أي 7‚2 % من الناتج المحلي الاجمالي.

وبدون احتساب المساعدات الخارجية، كان يمكن لعجز العام 2005 أن يقفز الى 1‚977 مليون دينار أي 9‚10% من الناتج المحلي الاجمالي مقابل 3‚1033 مليون دينار أي 7‚12% عام 2004.

وبلغة الأرقام يزيد العجز المسجل 8‚206 مليون دينار عما هو مستهدف في قانون الموازنة العامة أو بنقطتين مئويتين كنسبة من الناتج المحلي الاجمالي.

يذكر ان الولايات المتحدة قدمت للأردن نصف بليون دولار اضافية عام 2003 لتعويض الخزينة عن الاضرار التي تكبدتها من جراء الحرب على العراق، الذي كان شريك المملكة التجاري الأول ومزودها الوحيد بالنفط طيلة العقد الماضي.

وينتقد بعض المحللين التوجهات الحكومية الحالية اذ يتهمونها بتناسي مسألة تسعير النفط عندما كان يأتي من العراق بأسعار تفضيلية.

من جهته قال مقرر اللجنة المالية والاقتصادية في مجلس النواب الاردني محمد أرسلان «ان الحكومة غضت النظر عن زيادة رواتب القطاع العام لأن نصف القوى العاملة في المملكة موجودة في القطاع الخاص، الامر الذي يعزز من صحة التوجه الحكومي لتعويض المواطنين المتضررين من رفع أسعار المحروقات».

واعتبر أرسلان أن الحل الذي اتخذته الحكومة لتعويض المتضررين على المدى الطويل لا يكون ناجعا في ظل تآكل الرواتب وتراجع القدرة الشرائية، داعيا الى البحث عن سبل أخرى لوقاية المواطنين.

وقال رئيس غرفة صناعة الزرقاء الدكتور محمد التل «اننا نشهد ارتفاعا ملحوظا في كلف الانتاج الصناعي نتيجة الارتفاع غير المسبوق لسعر برميل النفط مما ادى الى اضعاف القدرات التنافسية للمنتجات الصناعية في الاسواق المحلية والاقليمية الدولية».

ودعا التل الى تكثيف الجهود الوطنية لترشيد استهلاك الطاقة والاسراع في ادخال مصادر جديدة للطاقة مثل الغاز الطبيعي.

واعتبر أن تحويل المنشآت الصناعية من الاعتماد على زيت الوقود الثقيل او السولار الى الغاز الطبيعي يتطلب تعديلات فنية وكلف تشغيل اضافية.

وناشد التل الحكومة التريث قبل رفع أسعار المشتقات النفطية معتبرا أن التدابير المرافقة له ستكون بمثابة «مخدر» ولا تساهم في مواجهة الاثار السلبية الطويلة المدى التي ستترتب على جميع قطاعات الاقتصاد الوطني.

وزاد ان استمرار مسلسل زيادة اسعار المشتقات النفطية على المستوى المحلي سيجبر اغلب الصناعات الاردنية على التوقف عن العمل وتسريح عمالها مما سيرفع نسبة البطالة ويضيف أعباء جديدة على الحكومة في مكافحة جيوب الفقر.

الا أن الخبير الاقتصادي الدكتور هاني الخليلي رأى في ميكانيكية تعويض المواطنين المقترحة جهدا اضافيا وكلفة عالية، وتوقع أن تواجه الحكومة تعقيدات في تنفيذ آلية التعويض.