المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أزمة مالية…ثم خطط تحفيز…ثم خطط تقشف…ثم ماذا؟



الوعب
30-06-2010, 07:38 PM
بواسطة ناصر بن غيث بتاريخ 30 يونيو 2010

أتت الأزمة الإقصادية الأخيرة بما لم تأت به أي من الأزمات المالية أو الإقتصادية السابقة من خسائر وبطالة وديون الأمر الذي دفع الدول فقيرها قبل غنيها إلى إستنفار كل طاقاتها وإمكانياتها وإنفاق ما تملك وما لا تملك في خطط إنقاذ وتحفيز في محاولات يائسة في درء نتاج الأزمة المدمرة والتي تهدد ليس كياناتها الإقتصادية فحسب بل حتى كيانها وإستقارارها السياسي, وقد أفلح الكثير من الدول في تقليل حدة الأزمة وإيقاف التدهور في الوضع الإقتصادي ومسلسل الخسائر والإفلاسات ونزيف الوظائف إلى حدما لكن هذا كله لم يأتي دون ثمن بل كانت له تكلفة إقتصادية وربما تكون له تلكفة سياسية باهظة, فبعد مرور ما يقرب من العامين على الأزمة وبعد أن إستنفذت أغلب الدول كل ما تملك من موارد مالية في حربها على الإزمة وبعد ظهور “فجر كاذب” يشير إلى بوادر تعافي أو على الأقل تراجع وقع الأزمة على إقتصاداتها بدات الأزمة تأخذ منحى اَخر أكثر خطورة بوصولها إلى خط الدفاع الأخير وهو الميزانيات الحكومية وبدأت الحكومات في الإحساس أكثر بوقع الأزمة التي كان يعتقد الكثير أنها لن تستمر طويلاً ولن تصل إلى ما وصلت إلية بفضل ما تم إنفاقه من أموال من قبل الحكومات المختلفة, لكنها –أي الأزمة- كذبت هذه التوقعات وأخذت في الأستفحال أكثر ربما –حسب البعض-بسبب ما تم من إنفاقه من أموال بمعنى أن خطط التحفيز ساهمت في إستفحال الأزمة عوض عن علاجها , المتابع لأخبار الأزمة الإقتصادية يجد الاَتي إن هناك دورة بدأت بأزمة مالية وستنتهي بأزمة مالية ربما أكبر, أي أن كل ما قامت الدول والحكومات لم يكن له تأثير سوى أنه أعاد الأوضاع إلى المربع الأول والدورة هي كالتالي:

(1) إهتزاز النظام المصرفي بإفلاس بعض النبوك (2) ثم إنهيار أسواق المال (3) ثم خطط بتريليونات الدولارات لإنقاذ النظام المالي والمصرفي (4) ثم إنتقال الأزمة من القطاع المالي إلى القطاع الإنتاجي (5) ثم خطط أخرى لتحفيز الإستهلاك ودعم القطاع الإنتاجي تم تمويلها –في المجمل- عن طريق الإقتراض (6) ثم أزمة عجوزات في الموازنات وديون سيادية كبيرة في أوروبا (7) ثم خطط لإنقاذ الدول المتعثرة (8) ثم خطط تقشف صارمة لخفض العجوزات والديون الحكومية لا تقوم على سحب أموال الإنقاذ فحسب بل تقليص الإنفاق الحكومي الإستثماري والإجتماعي برفع الدعم الحكومي عن السلع والخدمات الأساسية من ناحية ورفع معدلات الضرائب من ناحية أخرى ما قد يؤدي في المحصلة إلى تراجع الأداء الإقتصادي المتراجع أصلاً وربما دخول الإقتصاد ككل في مرحلة ركود قد تكون أطول وأعمق , لكن ما هي الخيارات الأخرى المتاحة للحكومات –أن وجدت- غير القيام بما قامت به من أجراءات؟

في إعتقادي أن الخيارات المتاحة أمام الحكومات كانت محدودة جداً وذلك مرده إلى عدة أسباب:

أولاً:حقيقة قوامها أن إنقاذ القطاع المالي كان ضرورياً ولا مناص منه بسبب أهمية هذا القطاع الذي يشكل رئة الإقتصاد وقلبه ودورته الدموية هذا من ناحية, ومن ناحية أخرى بسبب تضخم القطاع المالي والمصرفي حيث وصل حجمه على مستوى العالم وفي الكثير من الدول خاصة في الغرب إلى أضعاف حجم الإقتصاد الحقيقي أو الإنتاجي سواءاً من حيث عدد العاملين أو من حيث حجم الإموال المستثمرة وذلك مرده في المقام الإول إلى تراجع الكفاءة والتنافسية الإنتاجية للكثير من الصناعات في الغرب بالإضافة إلى تحول الكثير من الإستثمارات من القطاعات الإنتاجية ذات العائد المنخفض إلى القطاع المالي ذو العائد المرتفع والسريع, كل ذلك أدى إلى –كما أسلفنا- إلى تضخم حجم القطاع المالي في الكثير من الدول الكبرى وتحوله من قطاع داعم ومساند للقطاع الإنتاجي إلى قطاع رائد تعتمد عليه إقتصادات الكثير من الدول عليه بشكل كبير سواءاً لتحقيق النمو ومن ثم رفع عوائد الضرائب أو خلق الوظائف الأمر الذي وضع الحكومات مع إندلاع الإزمة المالية أمام خيارين صعبين الأول ترك الإزمة تفعل فعلها والذي كان عبارة عن عملية تصحيحية حتمية والثاني التدخل من خلال السياسات المالية والنقدية وإقرار خطط مكلفة للإنقاذ والتحفيز عن طريق زيادة المعروض النقدي والإنفاق الحكومي الذي عادة ما يتم تمويله من خلال الإقتراض بالرغم من أن أغلب الحكومات تعاني من مستويات دين حكومي مرتفعة أصلاً, وبالرغم من أن كلا الخيارين تحفهما مخاطر إقتصادية كبيرة وكلفة عالية إلا أن الخيار الأول تحفه مخاطر سياسية وإجتماعية كذلك حيث أن ترك الشركات والبنوك تنهار بما تمثله من أهمية كبرى للإقتصاد سيؤدي إلى إنهيار الإقتصاد ككل كما يمكن أن يؤدي إرتفاع معدلات البطالة إلى الكثير من المشكلات السياسية والإجتماعية ليس إقلها الإضرابات السياسية وإرتفاع مستوى الجريمة بسبب الفقر والبطالة ما سيهدد الكيان السياسي لهذه الدول وليس الكيان الإقتصادي فحسب

ثانياً: حقيقة قوامها أن الخيار الاَخر لإنقاذ القطاع المالي عن طريق زيادة الإنفاق الحكومي هو إتخاذ إتباع سياسات تجارية لحماية القطاعات المحلية والخفاظ على الوظائف لإبقاء على معدلات البطالة منخفضة وهو خيار رغم سهولته بسبب الدعم الشعبي التي غالباً ما تحظى به السياسات التجارية الحمائية إلا أن التاريخ يقول أن تنائجها ستكون كارثية على جميع القطاعات وفي جميع الدول وهذا هو الدرس المؤلم والمكلف التي تعلمته الدول من أزمة الكساد العظيم وهو أن السياسات التجارية الحمائية –خاصة في ظل الأزمات الإقتصادية- غالباً ما يكون لها نتائج عكسية في تعميق الأزمات الإقتصادية عوضاً عن علاجها, وقد قامت به بعض الدول بإتباع سياسات تجارية حمائية في مع بداية الأزمة لكنها ما لبثت أن تراجعت عنها مخافة أن يرد شركائها التجاريين بالمثل وأن يؤدي ذلك إندلاع حرب تجارية عالمية مدمرة المنتصر فيها مهزوم قد تحول الأزمة الحالية إلى كساد حقيقي قد لا يخرج منه العالم إلا بإندلاع حرب عالمية حقيقية ثالثة تكون الحربين العالميتين الأولى والثانية مقارنه بها مجرد حروب محدودة من حيث الدمار الذي ستخلفه والإرواح التي ستزهقها

لذا إعتقد أن الإزمة الحالية قد وضعت الدول والحكومات في مأزق حقيقي فهي أن تحركت عمقت الإزمة وإن لم تتحرك عمقت الأزمة كذلك وينطبق عليها المثل القائل “مَلْعونٌ إنْ فَعلتَ ومَلْعونٌ إنْ َلمْ تَفْعَلْ” وهي بذلك تكون –أي الأزمة- أبعد ما يكون الأمر عن الإنحسار وأن على الجميع إنتظار الأسوأ , وهذا الأسوأ يمكن أن يأخذ منحيين:

الأول- إذا ما تم وقف إجراءات التحفيز- سيكون في صورة كساد عميق وطويل يمتد لسنوات تتنج عنه موجة فقر غير مسبوقة وفي أماكن ودعت الفقر منذ قرون.

والثاني -إذا ما تم الإستمرار في إقتراض الإموال لتمويل خطط التحفيز- سيكون في صورة موجة تضخم كبيرة تأكل الأخضر واليابس قد تؤدي إلى إنهيار عملات تعتبر ملاذات اَمنة للإستثمارات الحكومية والخاصة والذي سيؤدي إلى خسائر فادحة للكثير من صناديق التحول والإستثمار السيادية والخاصة هذا بالإضافة إلى إمكانية خروج القروض الحكومية عن السيطرة وإفلاس الكثير من الدول ما قد يؤدي إلى نفس النتيجة التي قد يؤدي إليها الكساد وهي موجة فقر عارمة وغير معهودة في الغرب قبل الشرق

البدع
30-06-2010, 08:11 PM
مقالة أكثر من روعة

اصاب في كل كلمة كتبها

هاب الريح
30-06-2010, 10:31 PM
مقالة أكثر من روعة

اصاب في كل كلمة كتبها

ماهي الروعة التي أكتشفتها أخي البدع في هذا المقال ؟ لم نكتشفها أو لا نعرف عنها ؟
وماذا أصاب ؟

هاب الريح
30-06-2010, 11:06 PM
موضوع هام جدآ وكبير كتبة الكاتب بصيغة أنشائية بأثر رجعي خالي من التحليل و الآرقام والبيانات المالية والنسب المئوية علمآ أن هذا الموضوع مكهل بالأرقام .