amroo
12-07-2010, 05:56 PM
هولندي لا يرى في «بول» غير أنه حيوان
مواطنون يصنفون توقعات الأخطبوط في خانة الدعابة وعالم دين يحرمها
2010-07-12
الدوحة - العرب - عمر عبد اللطيف
يضحك الهولندي موريس وأصدقاؤه، مستهزئين بتوقعات الأخطبوط الألماني «بول»، التي ستكون كاذبة هذه المرة، لأن منتخب بلادهم سيكتسح «الماتادور» الإسباني، رغم توقعات الأخطبوط- البريطاني الأصل- بفوز المنتخب الإسباني في المباراة النهائية.
موريس غير مقتنع بتوقعات «بول»، والسبب كما يوضح في حديثه لـ «العرب»، هو أن توقعات الأخطبوط قد تكون كاذبة، لأن الأخطبوط، كان قد توقع منذ أربعة أعوام نفس الأشياء، وتبين أنه أخطأ، وهذا دليل على أن الحيوانات تخطئ، مشيرا إلى أن أحد العلماء البيولوجيين كتب مقالا على موقع الـ «بي. بي. سي»، ذكر فيه أن الأخطبوط ينجذب نحو الألوان، ولذلك اختار الصندوق، الذي وضع فيه العلم الألماني قبيل المباراة بين ألمانيا والأورغواي.
موريس أصلا لا يؤمن بهذه الأشياء، كما بقية الناس في هولندا، فهم يعتبرونها مادة تستوحى منها القصص للتندر والفكاهة، قائلا بلهجة حازمة: «سنبين لكم أنه حيوان لا يمكن أن يعلم الغيب، ولا يمكن أن يعرف نتيجة المباراة النهائية، لأننا على يقين أن منتخب بلادنا سيفوز».
«بول» نجم في وسائل الإعلام
واشتهر الأخطبوط بول الذي يبلغ من العمر عامين ونصف، خلال مباريات كأس العالم في جنوب إفريقيا، خاصة بعد أن نجحت معظم توقعاته لمباريات ألمانيا ومنتخبات أخرى، لدرجة أن برامج تلفزيونية ألمانية وإسبانية وهولندية، قطعت برامجها، لتبث على الهواء مباشرة توقعات الأخطبوط للمباراة النهائية، التي توقع فيها فوز إسبانيا على هولندا.
وتتم اختيارات «بول»، من خلال إنزال صندوقين شفافين، في حوض مياه زجاجي، يعيش فيه الأخطبوط في حديقة «سي لايف» للأحياء المائية في أوبرهاوزن الألمانية، حيث يوضع طعام «بول» داخل الصندوقين، وفي داخل كل منهما أيضا علم الفريقين المتنافسين.
ويعرف عن الألمان عدم إيمانهم بالخرافة، إلا أن توقعات «بول»، جعلت البعض يؤمنون بامتلاكه بعض القدرات الخارقة، لكن بعد خسارة ألمانيا أمام إسبانيا، توعد الألمان بشوي الأخطبوط وأكله، كعقاب له على تنبئه الخاطئ، كما وصلت إدارة الحديقة العديد من الرسائل الإلكترونية، التي تهدده بالقتل، إلا أن السلطات شدد الإجراءات الأمنية لحمايته، مع أن الأخطبوط لا يعمر سوى 3 أعوام.
حتى أن رئيس الوزراء الإسباني، ذكر في تصريحات صحافية أنه قلق بشأن سلامة الأخطبوط، قائلا بسخرية: «سأرسل فريقاً لحمايته».
إلى الشارع العربي
الهوس بتوقعات بول، انتقل إلى الشارع العربي، ليصبح بطلا حاضرا في برامج الفضائيات وأعمدة الصحف، الأمر الذي اعتبره سعيد السبيعي، يدخل في باب الدعابة والأخبار الطريفة، موضحا أن اهتمام الصحافة به، يأتي على اعتباره مادة خفيفة، يرغب كل صحافي بنشرها لتجذب القراء، و»الناس تحب الشيء الجديد والطريف».
لكن السبيعي، الذي علم لتوه بالأخطبوط، يرى أن الناس لا تتعاطى مع الخبر بشكل جدي ولا تؤمن بهذه الأشياء، على اعتبار أن الإنسان، يتوقع النتائج بناء على مستوى المنتخبات، فمثلا «لم أتوقع أن تفوز إسبانيا رغم أنها بطل أوروبا».
لم يتوقف الأمر على الأخطبوط؛ إذ إن التمساح «هاري» الذي يزن 700 كغ، ويعيش في إحدى الحدائق الأسترالية، أيد توقعات «بول»، باختياره دجاجة تدلت من تحت علم إسباني، بدل من تلك المتدلية من علم هولندا.
إلا أن ببغاء سنغافورة -وهو من مواليد الهند- وله تاريخ سابق في التكهنات، حيث كان يستخدم في توقعات أرقام اليانصيب، خالف توقعات «بول»، وتوقع فوز هولندا على إسبانيا.
لكن يبقى الأخطبوط، الأكثر دقة بين هذه الحيوانات، ما هو السر إذن؟ وهل هناك تفسير لهذا الأمر؟ نعم، فقد تكون هنالك «قدرة إلهية» وراء الأخطبوط، هذا ما قاله المصري محمد إبراهيم، فهو يرى أن توقعات الأخطبوط صدقت في معظم مباريات كأس العالم، والسبب أن «دي حاجات من عند ربنا» كما يعتقد.
أشياء تتنافى مع العقل
شغف الناس بالأخطبوط «بول» ومتابعتهم لأخباره، يفسره اختصاصي علم الاجتماع الدكتور عبد الناصر صالح محمد، بأن البشر، وعلى مدى التاريخ، يتعلقون بأشياء تتنافى مع العقل دائما، فأحيانا تصادف منطقا غير مقبول مثل «بول»، وإذا أجريت مقارنة بين المحللين الرياضيين في الجزيرة، التي صرفت مبالغ ضخمة على تغطيتها، وبين بول، «لن نجد أن الأخطبوط أحسن حالا منهم»، هل هو يملك المعرفة والعقل والخبرة، كما يملك المحللون، «لا يملك، ومع ذلك لم يستطيعوا أن يتنبؤوا بمن سيفوز في توقعاتهم لنتائج المباريات».
دعابة لا أكثر ولا أقل
ويصنف الاختصاصي: «توقعات «بول» في باب الصدفة والدعابة والتنوع الثقافي، وإذا تعاطت معها وسائل الإعلام هكذا في نطاقها كدعابة «فلا بأس»، لأن البشر يحبون الدعابة ويتعلقون بأي شيء، إنها مجرد فكرة نبعت من شخص معين، ربما أخذت منه جزءا من الثانية، ولكن «هل يعقل أن تسير عليها حياة الناس، يجب أن لا تؤثر على عقولهم، فذلك استخفاف بالعقل البشري».
حدث العاقل بما لا يعقل فإن صدق فلا عقل له
ما السبب في شغف الناس بهذا الأخطبوط؟ يوضح الدكتور عبد الناصر أن العالم قرية صغيرة، والخبر ينتشر بسرعة، والكل يتشارك في الفكرة، كما أن «سذاجة العقل البشري وعملية الإيماء والإيحاء لفكرة معينة، ساعدت في انتشار الموضوع»، فالإعلام يوصل بين البشر، وعندما يرمي بفكرة ما، يمكن أن ينقاد الناس إليها، منوها بأن وقع هذا الأمر، على المجتمعات الغربية أكثر من غيرها، لأن «الحرية الشخصية تتيح للناس اعتقاد ما يريدون».
إلا أن العتب ليس على هؤلاء الناس، كما يشير صالح، بل على «المتخصصين والعلميين الذين يجب أن لا ينساقوا وراء هذه الأشياء، لماذا يرتكن البعض للأخطبوط.. وكل العملية هي قطعة طعام تنزل له ويختار بالصدفة»، مضيفا: لو طبقنا اختيار بول عشرات المرات، لوجدنا أن الفكرة خاوية ومدعاة للسخرية، ولكن «هذه هي طبيعة البشر، يقال عنها دعابة ولكنها لا تتماشى مع العقل»، هذا كإطار يفسر الظاهرة.
ومن الناحية الدينية، يقول صالح: «بحكم أنني شخص مسلم، أقول إنه لا يعلم الغيب إلا الله»، أما التوقعات، فتكون استنادا على اعتبارات علمية وحيثيات ووقائع، ومن يقول إن الأخطبوط يعرف، وهو حيوان لا عقل له ولا خبرة ولا يتكلم، هنا «إن صدقته، فكأنك تؤمن بشخص يعلم الغيب»، وهذا ممكن أن يدخل الإنسان في «دائرة الشك»، كما أن تصديقه «إجحاف» بحق أصحاب العلم والمعرفة والخبرة، و»المحللين في الجزيرة الرياضية».
كذب المنجمون ولو صدقوا
أحمد التميمي، انزعج عندما صدقت تنبؤات الأخطبوط لمباراة ألمانيا مع إسبانيا، فهو يشجع الفريق الألماني، الذي خسر مقابل إسبانيا، لكن ذلك لا يعني أنه يؤمن بهذه الأشياء، لأنها «ضربة حظ» كما يقول.
أما الشيخ أحمد آل بوعينين، له تفسير آخر، عندما يوضح لـ «العرب» أن تكهنات الأخطبوط، التي تحققت جميعها حتى الآن، تفتح أبوابا كثيرة أمام الناس لتصديقه، ولكن «كذب المنجمون ولو صدقوا»، لأن هذه أمور غيبية لا أحد يعرف عنها شيئا، من الممكن أن تتوقع فوز المنتخب الإسباني مثلا، فهو فريق مميز ومنظم واحتمال فوزه كذا...، يمكن أن يتوقع الإنسان بهذه الطريقة، ولكن أن تتم التنبؤات من خلال الأخطبوط فهذا غير جائز، «حتى إنني أخشى أن يباع الأخطبوط بمزاد علني بملايين الدولارات».
ويصف آل بوعينين هذا الأمر بـ «التفاهات»، التي لا يجوز تصديقها، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوما»، وفي حديث آخر يقول: «من أتى كاهنا أو عرافا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد»، وينطبق هذا الحكم على كل من يتكهن عن طريق الفنجان أو الكف أو السحرة، لأن الأحاديث واضحة بالنهي عن الذهاب إلى الكهان أو العرافين، وتؤكد أن من يأتي عرافا، لا تقبل له صلاة أربعين يوما، وفي حال صدق العراف فقد كفر بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم.
إذن الأمر «خطير»، كما يقول آل بوعينين، لأن كثيرا من الناس «يأخذون بموضوع الكهانة»، وكلها أشياء باطلة ومحرمة ينهي عنها الإسلام.
الإعلام روج للأخطبوط كمادة دسمة
ويفسر آل بوعينين اهتمام وسائل الإعلام، التي روجت لتوقعات الأخطبوط، بأن الإعلام «ليس لديه شيء مهم»، وروج لهذه الأمور كمادة دسمة، بدل أن يوضح خطورتها على الناس، مشيرا إلى أن «تحقيق صحيفة العرب»، حول هذا الموضوع، خطوة إيجابية تبين السلبيات والمخاطر، لمن يؤمن بهذه الأمور، لأن «الأخطبوط بات حديث المجالس، لدرجة أنه أصبح المحلل والمتوقع الرسمي لبطولة كأس العالم».
مواطنون يصنفون توقعات الأخطبوط في خانة الدعابة وعالم دين يحرمها
2010-07-12
الدوحة - العرب - عمر عبد اللطيف
يضحك الهولندي موريس وأصدقاؤه، مستهزئين بتوقعات الأخطبوط الألماني «بول»، التي ستكون كاذبة هذه المرة، لأن منتخب بلادهم سيكتسح «الماتادور» الإسباني، رغم توقعات الأخطبوط- البريطاني الأصل- بفوز المنتخب الإسباني في المباراة النهائية.
موريس غير مقتنع بتوقعات «بول»، والسبب كما يوضح في حديثه لـ «العرب»، هو أن توقعات الأخطبوط قد تكون كاذبة، لأن الأخطبوط، كان قد توقع منذ أربعة أعوام نفس الأشياء، وتبين أنه أخطأ، وهذا دليل على أن الحيوانات تخطئ، مشيرا إلى أن أحد العلماء البيولوجيين كتب مقالا على موقع الـ «بي. بي. سي»، ذكر فيه أن الأخطبوط ينجذب نحو الألوان، ولذلك اختار الصندوق، الذي وضع فيه العلم الألماني قبيل المباراة بين ألمانيا والأورغواي.
موريس أصلا لا يؤمن بهذه الأشياء، كما بقية الناس في هولندا، فهم يعتبرونها مادة تستوحى منها القصص للتندر والفكاهة، قائلا بلهجة حازمة: «سنبين لكم أنه حيوان لا يمكن أن يعلم الغيب، ولا يمكن أن يعرف نتيجة المباراة النهائية، لأننا على يقين أن منتخب بلادنا سيفوز».
«بول» نجم في وسائل الإعلام
واشتهر الأخطبوط بول الذي يبلغ من العمر عامين ونصف، خلال مباريات كأس العالم في جنوب إفريقيا، خاصة بعد أن نجحت معظم توقعاته لمباريات ألمانيا ومنتخبات أخرى، لدرجة أن برامج تلفزيونية ألمانية وإسبانية وهولندية، قطعت برامجها، لتبث على الهواء مباشرة توقعات الأخطبوط للمباراة النهائية، التي توقع فيها فوز إسبانيا على هولندا.
وتتم اختيارات «بول»، من خلال إنزال صندوقين شفافين، في حوض مياه زجاجي، يعيش فيه الأخطبوط في حديقة «سي لايف» للأحياء المائية في أوبرهاوزن الألمانية، حيث يوضع طعام «بول» داخل الصندوقين، وفي داخل كل منهما أيضا علم الفريقين المتنافسين.
ويعرف عن الألمان عدم إيمانهم بالخرافة، إلا أن توقعات «بول»، جعلت البعض يؤمنون بامتلاكه بعض القدرات الخارقة، لكن بعد خسارة ألمانيا أمام إسبانيا، توعد الألمان بشوي الأخطبوط وأكله، كعقاب له على تنبئه الخاطئ، كما وصلت إدارة الحديقة العديد من الرسائل الإلكترونية، التي تهدده بالقتل، إلا أن السلطات شدد الإجراءات الأمنية لحمايته، مع أن الأخطبوط لا يعمر سوى 3 أعوام.
حتى أن رئيس الوزراء الإسباني، ذكر في تصريحات صحافية أنه قلق بشأن سلامة الأخطبوط، قائلا بسخرية: «سأرسل فريقاً لحمايته».
إلى الشارع العربي
الهوس بتوقعات بول، انتقل إلى الشارع العربي، ليصبح بطلا حاضرا في برامج الفضائيات وأعمدة الصحف، الأمر الذي اعتبره سعيد السبيعي، يدخل في باب الدعابة والأخبار الطريفة، موضحا أن اهتمام الصحافة به، يأتي على اعتباره مادة خفيفة، يرغب كل صحافي بنشرها لتجذب القراء، و»الناس تحب الشيء الجديد والطريف».
لكن السبيعي، الذي علم لتوه بالأخطبوط، يرى أن الناس لا تتعاطى مع الخبر بشكل جدي ولا تؤمن بهذه الأشياء، على اعتبار أن الإنسان، يتوقع النتائج بناء على مستوى المنتخبات، فمثلا «لم أتوقع أن تفوز إسبانيا رغم أنها بطل أوروبا».
لم يتوقف الأمر على الأخطبوط؛ إذ إن التمساح «هاري» الذي يزن 700 كغ، ويعيش في إحدى الحدائق الأسترالية، أيد توقعات «بول»، باختياره دجاجة تدلت من تحت علم إسباني، بدل من تلك المتدلية من علم هولندا.
إلا أن ببغاء سنغافورة -وهو من مواليد الهند- وله تاريخ سابق في التكهنات، حيث كان يستخدم في توقعات أرقام اليانصيب، خالف توقعات «بول»، وتوقع فوز هولندا على إسبانيا.
لكن يبقى الأخطبوط، الأكثر دقة بين هذه الحيوانات، ما هو السر إذن؟ وهل هناك تفسير لهذا الأمر؟ نعم، فقد تكون هنالك «قدرة إلهية» وراء الأخطبوط، هذا ما قاله المصري محمد إبراهيم، فهو يرى أن توقعات الأخطبوط صدقت في معظم مباريات كأس العالم، والسبب أن «دي حاجات من عند ربنا» كما يعتقد.
أشياء تتنافى مع العقل
شغف الناس بالأخطبوط «بول» ومتابعتهم لأخباره، يفسره اختصاصي علم الاجتماع الدكتور عبد الناصر صالح محمد، بأن البشر، وعلى مدى التاريخ، يتعلقون بأشياء تتنافى مع العقل دائما، فأحيانا تصادف منطقا غير مقبول مثل «بول»، وإذا أجريت مقارنة بين المحللين الرياضيين في الجزيرة، التي صرفت مبالغ ضخمة على تغطيتها، وبين بول، «لن نجد أن الأخطبوط أحسن حالا منهم»، هل هو يملك المعرفة والعقل والخبرة، كما يملك المحللون، «لا يملك، ومع ذلك لم يستطيعوا أن يتنبؤوا بمن سيفوز في توقعاتهم لنتائج المباريات».
دعابة لا أكثر ولا أقل
ويصنف الاختصاصي: «توقعات «بول» في باب الصدفة والدعابة والتنوع الثقافي، وإذا تعاطت معها وسائل الإعلام هكذا في نطاقها كدعابة «فلا بأس»، لأن البشر يحبون الدعابة ويتعلقون بأي شيء، إنها مجرد فكرة نبعت من شخص معين، ربما أخذت منه جزءا من الثانية، ولكن «هل يعقل أن تسير عليها حياة الناس، يجب أن لا تؤثر على عقولهم، فذلك استخفاف بالعقل البشري».
حدث العاقل بما لا يعقل فإن صدق فلا عقل له
ما السبب في شغف الناس بهذا الأخطبوط؟ يوضح الدكتور عبد الناصر أن العالم قرية صغيرة، والخبر ينتشر بسرعة، والكل يتشارك في الفكرة، كما أن «سذاجة العقل البشري وعملية الإيماء والإيحاء لفكرة معينة، ساعدت في انتشار الموضوع»، فالإعلام يوصل بين البشر، وعندما يرمي بفكرة ما، يمكن أن ينقاد الناس إليها، منوها بأن وقع هذا الأمر، على المجتمعات الغربية أكثر من غيرها، لأن «الحرية الشخصية تتيح للناس اعتقاد ما يريدون».
إلا أن العتب ليس على هؤلاء الناس، كما يشير صالح، بل على «المتخصصين والعلميين الذين يجب أن لا ينساقوا وراء هذه الأشياء، لماذا يرتكن البعض للأخطبوط.. وكل العملية هي قطعة طعام تنزل له ويختار بالصدفة»، مضيفا: لو طبقنا اختيار بول عشرات المرات، لوجدنا أن الفكرة خاوية ومدعاة للسخرية، ولكن «هذه هي طبيعة البشر، يقال عنها دعابة ولكنها لا تتماشى مع العقل»، هذا كإطار يفسر الظاهرة.
ومن الناحية الدينية، يقول صالح: «بحكم أنني شخص مسلم، أقول إنه لا يعلم الغيب إلا الله»، أما التوقعات، فتكون استنادا على اعتبارات علمية وحيثيات ووقائع، ومن يقول إن الأخطبوط يعرف، وهو حيوان لا عقل له ولا خبرة ولا يتكلم، هنا «إن صدقته، فكأنك تؤمن بشخص يعلم الغيب»، وهذا ممكن أن يدخل الإنسان في «دائرة الشك»، كما أن تصديقه «إجحاف» بحق أصحاب العلم والمعرفة والخبرة، و»المحللين في الجزيرة الرياضية».
كذب المنجمون ولو صدقوا
أحمد التميمي، انزعج عندما صدقت تنبؤات الأخطبوط لمباراة ألمانيا مع إسبانيا، فهو يشجع الفريق الألماني، الذي خسر مقابل إسبانيا، لكن ذلك لا يعني أنه يؤمن بهذه الأشياء، لأنها «ضربة حظ» كما يقول.
أما الشيخ أحمد آل بوعينين، له تفسير آخر، عندما يوضح لـ «العرب» أن تكهنات الأخطبوط، التي تحققت جميعها حتى الآن، تفتح أبوابا كثيرة أمام الناس لتصديقه، ولكن «كذب المنجمون ولو صدقوا»، لأن هذه أمور غيبية لا أحد يعرف عنها شيئا، من الممكن أن تتوقع فوز المنتخب الإسباني مثلا، فهو فريق مميز ومنظم واحتمال فوزه كذا...، يمكن أن يتوقع الإنسان بهذه الطريقة، ولكن أن تتم التنبؤات من خلال الأخطبوط فهذا غير جائز، «حتى إنني أخشى أن يباع الأخطبوط بمزاد علني بملايين الدولارات».
ويصف آل بوعينين هذا الأمر بـ «التفاهات»، التي لا يجوز تصديقها، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوما»، وفي حديث آخر يقول: «من أتى كاهنا أو عرافا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد»، وينطبق هذا الحكم على كل من يتكهن عن طريق الفنجان أو الكف أو السحرة، لأن الأحاديث واضحة بالنهي عن الذهاب إلى الكهان أو العرافين، وتؤكد أن من يأتي عرافا، لا تقبل له صلاة أربعين يوما، وفي حال صدق العراف فقد كفر بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم.
إذن الأمر «خطير»، كما يقول آل بوعينين، لأن كثيرا من الناس «يأخذون بموضوع الكهانة»، وكلها أشياء باطلة ومحرمة ينهي عنها الإسلام.
الإعلام روج للأخطبوط كمادة دسمة
ويفسر آل بوعينين اهتمام وسائل الإعلام، التي روجت لتوقعات الأخطبوط، بأن الإعلام «ليس لديه شيء مهم»، وروج لهذه الأمور كمادة دسمة، بدل أن يوضح خطورتها على الناس، مشيرا إلى أن «تحقيق صحيفة العرب»، حول هذا الموضوع، خطوة إيجابية تبين السلبيات والمخاطر، لمن يؤمن بهذه الأمور، لأن «الأخطبوط بات حديث المجالس، لدرجة أنه أصبح المحلل والمتوقع الرسمي لبطولة كأس العالم».