زايدي
14-07-2010, 01:39 PM
لا أعلم سببا يجعل جريدة العرب والمحسوبة على الإسلاميين وتنتمي إلى فكر الأخوان بالتحديد القيام بترك المجال لأمثال هذا الكاتب التهجم على علماء الإسلام بمثل هذه المقالات المحشوة بكلمات مثل : (المهازل الكبرى و مهزلة الفتوى..)
في الوقت الذي يمنع فيه العلماء هناك من توضيح وجهات نظرهم
وللعلم أنها ليست المرة الأولى
إخوان الشيطان!
2010-07-14
هل كل كلمة تخرج من فم الشيخ عبدالرحمن البراك، أستاذ العقيدة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض سابقاً، فتوى دينية أم رأي شخصي؟
الحقيقة أن «القدسية» التي نجح الخطاب الديني في السعودية، على مدى عقود، في منحها لرموزه جعلت المجتمع السعودي، وخارجه أحياناً، يتعامل مع كل رأي يقوله رجل مثل البراك كما لو أنه «فتوى» دينية مقدسة لا يجوز نقاشها, ناهيك عن رفضها.
لم يكتف الشيخ عبدالرحمن البراك قبل أيام بالقول بعدم جواز كشف المرأة شعرها ورقبتها أمام بنات جنسها في الحفلات والأعراس باعتباره هذا الفعل مدخلاً من «مداخل الشيطان», بل زاد على ذلك بوصف الصحافيين الذين يرفضون كلامه بأنهم «جنود الشيطان»! انظر لهذه الإقصائية المتجذرة في وعي أحد أبرز نجوم الخطاب الديني في منطقتنا, إذ يضعك أمام خيارين فقط: إما أن تقبل بكلامه «المقدس» أو أن تكون من «جنود الشيطان». وتلك هي ثنائية «الجنة والنار» التي أصَّل لها الخطاب الديني الإسلامي حديثاً, فإما أن تكون مع «فتوى» البراك فتكون مع أهل الجنة, وإما أن ترفضها فينتهي بك المطاف مع أهل النار! ولولا أن الشيخ البراك يُشهد له بالزهد والاستقلالية في الرأي -مع اختلافنا الأكيد مع أغلب آرائه- لقلت إن فتواه الأخيرة ليست سوى «مؤامرة» ذكية لمزيد من التشويه والأذى!
لم نكد نتجاوز الجدل العقيم حول فتوى عبدالمحسن العبيكان بجواز إرضاع الكبير (من الخدم والسائقين) حتى يأتينا البراك بفتوى حرمة كشف المرأة لشعرها ورقبتها أمام بنات جنسها! وإذا كان البراك وأمثاله يسرحون ويمرحون -على راحتهم- في إصدار فتاوى دينية متخلفة وجاهلة, ولا أحد يحاسبهم أو يوقفهم عند حد, فهل لمثلي أن يقول رأيه في مثل رأي البراك الأخير؟ وإن كان البراك يتمتع بحرية التعبير ويقول ما يشاء من فتاوى وآراء, فهل لي أيضاً أن أقول رأيي بنفس «الحماية» التي يجدها البراك؟
البراك يصف الصحافيين الذين يرفضون رأيه بأنهم «جنود الشيطان». أنا -والحمد لله على هذه الأنا- أقول إن كشف المرأة لشعرها أمام بنات جنسها فعل إنساني طبيعي, ومن حق المرأة -أي امرأة- أن تختار بنفسها كيف تلبس في بيتها وأمام بنات جنسها. ومن يعترض على كلامي السابق، خاصة من أصحاب الفكر الديني المتطرف، فهو من «إخوان الشيطان»! هذا رأيي وأنا حر فيه. ما الذي يجيز للبراك أن يقول رأيه ويحرمني من قول رأيي؟ إذن نحن الآن أمام فريقين: فريق من «جنود الشيطان» وفريق آخر من «إخوان الشيطان» فمن بقي إذن؟. المجتمع -كما نعرف- يتشكل من تيارات فكرية متنوعة, والشيخ المتطرف في فكره مثله مثل صاحب الرأي المخالف، هما من نتاج ثقافة مشتركة ومجتمع واحد. تلك حقيقة, وهنا حقيقة أخرى مفادها نهاية عصر احتكار «الحقيقة» وإقصاء الرأي الآخر.
فأن تمنع الكاتب (أي كاتب) -تعسفاً وظلماً- من الكتابة في صحافة بلاده فأمامه ألف منبر آخر للكتابة وإبداء الرأي والتواصل مع من يهمه رأيه, هذه حقيقة جديدة يبدو أن البراك ومن يحميه لا يدركونها بعد. انتهى عملياً عهد احتكار الرأي وفرض الفكر الواحد. من هنا -فيما يبدو- ضاق الشيخ البراك ورفاقه من حملة النقد الشديدة التي تواجه بها فتاواهم المتخلفة في الداخل وفي الخارج. لم يعد بالإمكان قمع الصوت الذي يناقش أو يجادل تلك الآراء أو الفتاوى, لكن هل يعي الشيخ وأمثاله, في عصر انتهت فيه أحادية الرأي, حجم الأذى والتشويه التي تتركه آراؤهم (فتاواهم) الغبية على الإسلام والمسلمين؟ هل يدركون أن الإسلام اليوم أصبح «أضحوكة» في الإعلام الدولي بفعل البراك وأمثاله؟ وهل يعون أن كثيرين من المسلمين الشباب, خاصة في الغرب, بدؤوا -بفعل الحرج الذي تسببه لهم الآراء التي يقول بها أمثال البراك والعبيكان- يخجلون, وربما يتبرؤون, من انتمائهم الديني؟
كم يخجلني كمسلم، أن يحتفل العالم كله بمنجز إنساني ضخم مثل كأس العالم في الوقت الذي ننشغل فيه هنا بأفكار متطرفة تدعو للعنف والتكفير, أو آراء فقهية متخلفة تحرم على المرأة كشف شعرها أمام بنات جنسها في الأعراس ومناسبات الفرح. وكم يخجلني كمسلم، أن يحتفي العالم المتحضر كل يوم بمنجز علمي وطبي جديد في الوقت الذي يشغلني فيه الشيخ البراك وأخوه العبيكان بمثل فتاوى إرضاع الكبير, وحرمة كشف المرأة شعرها أمام بنات جنسها. وكم يؤسفني أيضاً أن تمنع أصوات وطنية إصلاحية مهمة في بلادي من الكتابة في صحافة بلادها, فلا تناصرها أي من مؤسسات النفاق تلك, التي تسمى «هيئة الصحافيين» أو «حقوق الإنسان»، وفي الوقت نفسه تنشغل الساحة كلها بما يقوله «مشايخ» الجهل والإقصاء!.
فعلاً, إنه عصر «المهازل الكبرى». وإن لم تنته مهزلة «الفتوى» في بلداننا فلا نستبعد أن يأتي اليوم الذي يخجل فيه الشاب المسلم من دينه ومن ثقافته وأهله... وأرض الله واسعة.
• كاتب ومستشار إعلامي
hattlan@post.harvard.edu
hattlan@post.harvard.edu
في الوقت الذي يمنع فيه العلماء هناك من توضيح وجهات نظرهم
وللعلم أنها ليست المرة الأولى
إخوان الشيطان!
2010-07-14
هل كل كلمة تخرج من فم الشيخ عبدالرحمن البراك، أستاذ العقيدة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض سابقاً، فتوى دينية أم رأي شخصي؟
الحقيقة أن «القدسية» التي نجح الخطاب الديني في السعودية، على مدى عقود، في منحها لرموزه جعلت المجتمع السعودي، وخارجه أحياناً، يتعامل مع كل رأي يقوله رجل مثل البراك كما لو أنه «فتوى» دينية مقدسة لا يجوز نقاشها, ناهيك عن رفضها.
لم يكتف الشيخ عبدالرحمن البراك قبل أيام بالقول بعدم جواز كشف المرأة شعرها ورقبتها أمام بنات جنسها في الحفلات والأعراس باعتباره هذا الفعل مدخلاً من «مداخل الشيطان», بل زاد على ذلك بوصف الصحافيين الذين يرفضون كلامه بأنهم «جنود الشيطان»! انظر لهذه الإقصائية المتجذرة في وعي أحد أبرز نجوم الخطاب الديني في منطقتنا, إذ يضعك أمام خيارين فقط: إما أن تقبل بكلامه «المقدس» أو أن تكون من «جنود الشيطان». وتلك هي ثنائية «الجنة والنار» التي أصَّل لها الخطاب الديني الإسلامي حديثاً, فإما أن تكون مع «فتوى» البراك فتكون مع أهل الجنة, وإما أن ترفضها فينتهي بك المطاف مع أهل النار! ولولا أن الشيخ البراك يُشهد له بالزهد والاستقلالية في الرأي -مع اختلافنا الأكيد مع أغلب آرائه- لقلت إن فتواه الأخيرة ليست سوى «مؤامرة» ذكية لمزيد من التشويه والأذى!
لم نكد نتجاوز الجدل العقيم حول فتوى عبدالمحسن العبيكان بجواز إرضاع الكبير (من الخدم والسائقين) حتى يأتينا البراك بفتوى حرمة كشف المرأة لشعرها ورقبتها أمام بنات جنسها! وإذا كان البراك وأمثاله يسرحون ويمرحون -على راحتهم- في إصدار فتاوى دينية متخلفة وجاهلة, ولا أحد يحاسبهم أو يوقفهم عند حد, فهل لمثلي أن يقول رأيه في مثل رأي البراك الأخير؟ وإن كان البراك يتمتع بحرية التعبير ويقول ما يشاء من فتاوى وآراء, فهل لي أيضاً أن أقول رأيي بنفس «الحماية» التي يجدها البراك؟
البراك يصف الصحافيين الذين يرفضون رأيه بأنهم «جنود الشيطان». أنا -والحمد لله على هذه الأنا- أقول إن كشف المرأة لشعرها أمام بنات جنسها فعل إنساني طبيعي, ومن حق المرأة -أي امرأة- أن تختار بنفسها كيف تلبس في بيتها وأمام بنات جنسها. ومن يعترض على كلامي السابق، خاصة من أصحاب الفكر الديني المتطرف، فهو من «إخوان الشيطان»! هذا رأيي وأنا حر فيه. ما الذي يجيز للبراك أن يقول رأيه ويحرمني من قول رأيي؟ إذن نحن الآن أمام فريقين: فريق من «جنود الشيطان» وفريق آخر من «إخوان الشيطان» فمن بقي إذن؟. المجتمع -كما نعرف- يتشكل من تيارات فكرية متنوعة, والشيخ المتطرف في فكره مثله مثل صاحب الرأي المخالف، هما من نتاج ثقافة مشتركة ومجتمع واحد. تلك حقيقة, وهنا حقيقة أخرى مفادها نهاية عصر احتكار «الحقيقة» وإقصاء الرأي الآخر.
فأن تمنع الكاتب (أي كاتب) -تعسفاً وظلماً- من الكتابة في صحافة بلاده فأمامه ألف منبر آخر للكتابة وإبداء الرأي والتواصل مع من يهمه رأيه, هذه حقيقة جديدة يبدو أن البراك ومن يحميه لا يدركونها بعد. انتهى عملياً عهد احتكار الرأي وفرض الفكر الواحد. من هنا -فيما يبدو- ضاق الشيخ البراك ورفاقه من حملة النقد الشديدة التي تواجه بها فتاواهم المتخلفة في الداخل وفي الخارج. لم يعد بالإمكان قمع الصوت الذي يناقش أو يجادل تلك الآراء أو الفتاوى, لكن هل يعي الشيخ وأمثاله, في عصر انتهت فيه أحادية الرأي, حجم الأذى والتشويه التي تتركه آراؤهم (فتاواهم) الغبية على الإسلام والمسلمين؟ هل يدركون أن الإسلام اليوم أصبح «أضحوكة» في الإعلام الدولي بفعل البراك وأمثاله؟ وهل يعون أن كثيرين من المسلمين الشباب, خاصة في الغرب, بدؤوا -بفعل الحرج الذي تسببه لهم الآراء التي يقول بها أمثال البراك والعبيكان- يخجلون, وربما يتبرؤون, من انتمائهم الديني؟
كم يخجلني كمسلم، أن يحتفل العالم كله بمنجز إنساني ضخم مثل كأس العالم في الوقت الذي ننشغل فيه هنا بأفكار متطرفة تدعو للعنف والتكفير, أو آراء فقهية متخلفة تحرم على المرأة كشف شعرها أمام بنات جنسها في الأعراس ومناسبات الفرح. وكم يخجلني كمسلم، أن يحتفي العالم المتحضر كل يوم بمنجز علمي وطبي جديد في الوقت الذي يشغلني فيه الشيخ البراك وأخوه العبيكان بمثل فتاوى إرضاع الكبير, وحرمة كشف المرأة شعرها أمام بنات جنسها. وكم يؤسفني أيضاً أن تمنع أصوات وطنية إصلاحية مهمة في بلادي من الكتابة في صحافة بلادها, فلا تناصرها أي من مؤسسات النفاق تلك, التي تسمى «هيئة الصحافيين» أو «حقوق الإنسان»، وفي الوقت نفسه تنشغل الساحة كلها بما يقوله «مشايخ» الجهل والإقصاء!.
فعلاً, إنه عصر «المهازل الكبرى». وإن لم تنته مهزلة «الفتوى» في بلداننا فلا نستبعد أن يأتي اليوم الذي يخجل فيه الشاب المسلم من دينه ومن ثقافته وأهله... وأرض الله واسعة.
• كاتب ومستشار إعلامي
hattlan@post.harvard.edu
hattlan@post.harvard.edu