عبد الرحيم11
14-07-2010, 04:01 PM
قال الشيخ العلاّمة محمَّد الأمين بن محمد المختار الجكني الشِّنقيطي – رحمه الله –
في تفسير قوله تعالى : ( يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ )
تنبيه :
اعلم أنه يجب على كل مسلم في هذا الزمان : أن يتدبر آية الروم هذه تدبراً كثيراً ، ويبين ما دلت عليه لكل من استطاع بيانه له من الناس .
وإيضاح ذلك أن من أعظم فتن آخر الزمان التي ابتلى ضعاف العقول من المسلمين شدة إتقان الإفرنج لأعمال الحياة الدنيا ، ومهارتهم فيها على كثرتها ، واختلاف أنواعها مع عجز المسلمين عن ذلك ، فظنوا أن من قدر على تلك الأعمال أنه على الحق ، وأن من عجز عنها متخلفٌ وليس على الحق ، وهذا جهل فاحش ، وغلط فادح .
وفي هذه الآية الكريمة إيضاح لهذه الفتنة وتخفيف لشأنها أنزله الله في كتابه قبل وقوعها بأزمان كثيرة ، فسبحان الحكيم الخبير ما أعلمه ، وما أعظمه ، وما أحسن تعليمه .
فقد أوضح جل وعلا في هذه الآية الكريمة أن أكثر الناس لا يعلمون ، ويدخل فيهم أصحاب هذه العلوم الدنيوية دخولاً أولياً ، فقد نفى عنهم جل وعلا اسم العلم بمعناه الصحيح الكامل ؛ لأنهم لا يعلمون شيئاً عمن خلقهم ، فأبرزهم من العدم إلى الوجود ، ورزقهم ، وسوف يميتهم ، ثم يحييهم ، ثم يجازيهم على أعمالهم ، ولم يعلموا شيئاً عن مصيرهم الأخير الذي يقيمون فيه إقامة أبدية في عذاب فظيع دائم ، ومن غفل عن جميع هذا فليس معدوداً من جنس من يعلم كما دلت عليه الآيات القرآنية المذكورة ، ثم لما نفى عنهم جل وعلا اسم العلم بمعناه الصحيح الكامل أثبت لهم نوعاً من العلم في غاية الحقارة بالنسبة إلى غيره .
وعاب ذلك النوع المذكور من العلم بعيبين عظيمين :
أحدهما : قلته وضيق مجاله ، لأنه لا يجاوز ظاهراً من الحياة الدنيا ، والعلم المقصور على ظاهر من الحياة الدنيا في غاية الحقارة ، وضيق المجال بالنسبة إلى العلم بخالق السماوات والأرض جل وعلا ، والعلم بأوامره ونواهيه ، وبما يقرّب عبده منه ، وما يبعده منه ، وما يخلد في النعيم الأبدي والعذاب الأبدي من أعمال الخير والشر .
والثاني منهما : هو دناءة هدف ذلك العلم ، وعدم نبل غايته ؛ لأنه لا يتجاوز الحياة الدنيا ، وهي سريعة الانقطاع والزوال . ويكفيك من تحقير هذا العلم الدنيوي أن أجود أوجه الإعراب في قوله : ( يَعْلَمُونَ ظَاهِراً ) أنه بدل من قوله قبله لا يعلمون ، فهذا العلم كلا علم لحقارته .
قال الزمخشري في الكشاف ، وقوله : يعلمون بدل من قوله : لا يعلمون ، وفي هذا الإبدال من النكتة أنه أبدله منه وجعله بحيث يقوم مقامه ، ويسد مسده ؛ ليعلمك أنه لا فرق بين عدم العلم الذي هو الجهل ، وبين وجود العلم الذي لا يتجاوز الدنيا .اهـ
( أضواء البيان ) 6 /527-529
في تفسير قوله تعالى : ( يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ )
تنبيه :
اعلم أنه يجب على كل مسلم في هذا الزمان : أن يتدبر آية الروم هذه تدبراً كثيراً ، ويبين ما دلت عليه لكل من استطاع بيانه له من الناس .
وإيضاح ذلك أن من أعظم فتن آخر الزمان التي ابتلى ضعاف العقول من المسلمين شدة إتقان الإفرنج لأعمال الحياة الدنيا ، ومهارتهم فيها على كثرتها ، واختلاف أنواعها مع عجز المسلمين عن ذلك ، فظنوا أن من قدر على تلك الأعمال أنه على الحق ، وأن من عجز عنها متخلفٌ وليس على الحق ، وهذا جهل فاحش ، وغلط فادح .
وفي هذه الآية الكريمة إيضاح لهذه الفتنة وتخفيف لشأنها أنزله الله في كتابه قبل وقوعها بأزمان كثيرة ، فسبحان الحكيم الخبير ما أعلمه ، وما أعظمه ، وما أحسن تعليمه .
فقد أوضح جل وعلا في هذه الآية الكريمة أن أكثر الناس لا يعلمون ، ويدخل فيهم أصحاب هذه العلوم الدنيوية دخولاً أولياً ، فقد نفى عنهم جل وعلا اسم العلم بمعناه الصحيح الكامل ؛ لأنهم لا يعلمون شيئاً عمن خلقهم ، فأبرزهم من العدم إلى الوجود ، ورزقهم ، وسوف يميتهم ، ثم يحييهم ، ثم يجازيهم على أعمالهم ، ولم يعلموا شيئاً عن مصيرهم الأخير الذي يقيمون فيه إقامة أبدية في عذاب فظيع دائم ، ومن غفل عن جميع هذا فليس معدوداً من جنس من يعلم كما دلت عليه الآيات القرآنية المذكورة ، ثم لما نفى عنهم جل وعلا اسم العلم بمعناه الصحيح الكامل أثبت لهم نوعاً من العلم في غاية الحقارة بالنسبة إلى غيره .
وعاب ذلك النوع المذكور من العلم بعيبين عظيمين :
أحدهما : قلته وضيق مجاله ، لأنه لا يجاوز ظاهراً من الحياة الدنيا ، والعلم المقصور على ظاهر من الحياة الدنيا في غاية الحقارة ، وضيق المجال بالنسبة إلى العلم بخالق السماوات والأرض جل وعلا ، والعلم بأوامره ونواهيه ، وبما يقرّب عبده منه ، وما يبعده منه ، وما يخلد في النعيم الأبدي والعذاب الأبدي من أعمال الخير والشر .
والثاني منهما : هو دناءة هدف ذلك العلم ، وعدم نبل غايته ؛ لأنه لا يتجاوز الحياة الدنيا ، وهي سريعة الانقطاع والزوال . ويكفيك من تحقير هذا العلم الدنيوي أن أجود أوجه الإعراب في قوله : ( يَعْلَمُونَ ظَاهِراً ) أنه بدل من قوله قبله لا يعلمون ، فهذا العلم كلا علم لحقارته .
قال الزمخشري في الكشاف ، وقوله : يعلمون بدل من قوله : لا يعلمون ، وفي هذا الإبدال من النكتة أنه أبدله منه وجعله بحيث يقوم مقامه ، ويسد مسده ؛ ليعلمك أنه لا فرق بين عدم العلم الذي هو الجهل ، وبين وجود العلم الذي لا يتجاوز الدنيا .اهـ
( أضواء البيان ) 6 /527-529