إينشتاين
19-07-2010, 12:04 PM
الإتحاد الإماراتية
تركي الدخيل
سأقص عليكم القصة!
بالأمس، حدثني أحد المنتمين إلى طيران "الاتحاد"، أن رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، الذي زار الإمارات الجمعة الماضية، وصل على متن إحدى طائرات "الاتحاد"، هو والوفد المرافق له. وفيما يبدو أن هذه المعلومة طبيعية، فـ"طيران الاتحاد"، يحقق تميزاً عاماً بعد عام، يجعله في مصاف شركات الطيران الأولى عالمياً، إلا أن المفارقة أن رئيس الوزراء البريطاني، الذي يعتبر ثاني أصغر رئيس وزراء في تاريخ بريطانيا، لم يقدم راكباً مقعداً في الدرجة الأولى، بل كان هو ووفده في مقاعد درجة رجال الأعمال.
عندها عرض الإماراتيون، وهم أهل كرم وضيافة، على رئيس الوزراء البريطاني، أن يحصل على مقاعد في مقصورة الدرجة الأولى، رفض بلطف، مؤكداً أن بلاده التي تمر بأزمةاقتصادية، تقتضي ربط الأحزمة، تستدعي أن يكون هو القدوة في تخفيض النفقات، وكيفيكون قدوة إذا كان مقعده في الدرجة الأولى؟!
إذا أردتم أن تعرفوا شيئاً من لغة المقارنات بالأرقام، فاعلموا غفر الله لي ولكم، أن بريطانيا، التي فرح كثير من بني جلدتنا بما اعتبروه هزة لاقتصادها، قد بلغإجمالي ناتجها القومي خلال السنوات القليلة الماضية ما يزيد على مجموع الناتج القومي لجميع دول العالم العربي مجتمعة!
هل يقبل الوزراء ووكلاء الوزارات، بل ربما مدراء الإدارات في العالم العربي أن ينتقل أحدهم بين دولتين وهو يجلس في مقاعد درجة رجال الأعمال؟!
لا أريد أن أقلل من قيمة تصرف رئيس الوزراء البريطاني الشاب، لكني أؤكد على أن ثقافة المجتمع، هي التي تجبر الناس على التزام التصرفات الإيجابية، علماً بأن وزير الدفاع البريطاني ورئيس أركانه سافرا عبر الإمارات إلى جهتين مختلفتين على مقاعد رجال الأعمال.
إن لغة المحاسبة التي يمضيها المجتمع، بأفراده، وبمؤسساته بما فيها مؤسسات المجتمع المدني، بصحافته وإعلامه، هي التي تجبر الفرد على الالتزام بما يرى المجتمع صوابه.
أزيدكم من الشعر بيتاً، هذه رئيسة فنلندا في زيارتها إلى دولة عربية سكنت في غرفة، وحينما عرضوا عليها جناحاً كبيراً رفضت مفضلة غرفتها الصغيرة.
ويذكر أن رئيس سويسرا بلغ من تواضعه أنه كان يركب في الدرجة الثانية من القطار! وحينما سئل لماذا تركب في الدرجة الثانية؟ أجاب: لأنه لا توجد درجة ثالثة!.
إن البحث عن القيمة من خلال المظاهر مشكلة قد تكون عميقة ومتأصلة، وكفاحها في الإيمان والثقة بالذات. الكثير من المجتمعات غرقت في الاستهلاك واللجوء إلىالمظاهر لتحقيق الثقة المفقودة. وربما كان التواضع أكبر الدلائل على ثقة الإنسان بنفسه، حينما لا يعود مشغولاً بمجاراة الآخرين على مظاهرهم الكثيرة.
الكثير من الناس يمتلكون دخلاً يمكن أن يكون كافياً لولا أن سطوة المظاهر أرهقت كاهلهم؛ لهذا يبقون أسرى للمجاراة والمنافسات الصغيرة الهامشية. ولنا في قصص أولئك المسؤولين الكبار عبرةً ... وأيّ عبرة!
هل نعتبر من تلك المواقف الفطرية الجذّابة؟
تعليقي على الموضوع:
لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21)
تركي الدخيل
سأقص عليكم القصة!
بالأمس، حدثني أحد المنتمين إلى طيران "الاتحاد"، أن رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، الذي زار الإمارات الجمعة الماضية، وصل على متن إحدى طائرات "الاتحاد"، هو والوفد المرافق له. وفيما يبدو أن هذه المعلومة طبيعية، فـ"طيران الاتحاد"، يحقق تميزاً عاماً بعد عام، يجعله في مصاف شركات الطيران الأولى عالمياً، إلا أن المفارقة أن رئيس الوزراء البريطاني، الذي يعتبر ثاني أصغر رئيس وزراء في تاريخ بريطانيا، لم يقدم راكباً مقعداً في الدرجة الأولى، بل كان هو ووفده في مقاعد درجة رجال الأعمال.
عندها عرض الإماراتيون، وهم أهل كرم وضيافة، على رئيس الوزراء البريطاني، أن يحصل على مقاعد في مقصورة الدرجة الأولى، رفض بلطف، مؤكداً أن بلاده التي تمر بأزمةاقتصادية، تقتضي ربط الأحزمة، تستدعي أن يكون هو القدوة في تخفيض النفقات، وكيفيكون قدوة إذا كان مقعده في الدرجة الأولى؟!
إذا أردتم أن تعرفوا شيئاً من لغة المقارنات بالأرقام، فاعلموا غفر الله لي ولكم، أن بريطانيا، التي فرح كثير من بني جلدتنا بما اعتبروه هزة لاقتصادها، قد بلغإجمالي ناتجها القومي خلال السنوات القليلة الماضية ما يزيد على مجموع الناتج القومي لجميع دول العالم العربي مجتمعة!
هل يقبل الوزراء ووكلاء الوزارات، بل ربما مدراء الإدارات في العالم العربي أن ينتقل أحدهم بين دولتين وهو يجلس في مقاعد درجة رجال الأعمال؟!
لا أريد أن أقلل من قيمة تصرف رئيس الوزراء البريطاني الشاب، لكني أؤكد على أن ثقافة المجتمع، هي التي تجبر الناس على التزام التصرفات الإيجابية، علماً بأن وزير الدفاع البريطاني ورئيس أركانه سافرا عبر الإمارات إلى جهتين مختلفتين على مقاعد رجال الأعمال.
إن لغة المحاسبة التي يمضيها المجتمع، بأفراده، وبمؤسساته بما فيها مؤسسات المجتمع المدني، بصحافته وإعلامه، هي التي تجبر الفرد على الالتزام بما يرى المجتمع صوابه.
أزيدكم من الشعر بيتاً، هذه رئيسة فنلندا في زيارتها إلى دولة عربية سكنت في غرفة، وحينما عرضوا عليها جناحاً كبيراً رفضت مفضلة غرفتها الصغيرة.
ويذكر أن رئيس سويسرا بلغ من تواضعه أنه كان يركب في الدرجة الثانية من القطار! وحينما سئل لماذا تركب في الدرجة الثانية؟ أجاب: لأنه لا توجد درجة ثالثة!.
إن البحث عن القيمة من خلال المظاهر مشكلة قد تكون عميقة ومتأصلة، وكفاحها في الإيمان والثقة بالذات. الكثير من المجتمعات غرقت في الاستهلاك واللجوء إلىالمظاهر لتحقيق الثقة المفقودة. وربما كان التواضع أكبر الدلائل على ثقة الإنسان بنفسه، حينما لا يعود مشغولاً بمجاراة الآخرين على مظاهرهم الكثيرة.
الكثير من الناس يمتلكون دخلاً يمكن أن يكون كافياً لولا أن سطوة المظاهر أرهقت كاهلهم؛ لهذا يبقون أسرى للمجاراة والمنافسات الصغيرة الهامشية. ولنا في قصص أولئك المسؤولين الكبار عبرةً ... وأيّ عبرة!
هل نعتبر من تلك المواقف الفطرية الجذّابة؟
تعليقي على الموضوع:
لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21)