المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إمام المسجد الحرام في خطبة الجمعة:



شمعة الحب
19-03-2006, 01:22 AM
إمام المسجد الحرام في خطبة الجمعة:
لولا لطف الله ثم تدخل ولي الأمر لحدث مالا تحمد عقباه في سوق الأسهم
مكة المكرمة – واس: - - 18/02/1427هـ
أكد الدكتور عبد الرحمن السديس إمام وخطيب المسجد الحرام أن من صور الفساد الخطيرة والمستشرية في كثير من المجتمعات، ما ينال اقتصاد الأمة من المعاملات الربوية المحرمة والماحقة للبركة والجالبة لسخط الله، مستشهداً بالسعي المادي الذي يتابعه المراقبون لكثير من صالات تداول الأسهم العالمية وأسواق البورصة الدولية، وما آل إليه كثير منها من أزمات خانقة، إلا نذر وعبر لمن يعتبر، وقال "ولولا لطف الله ثم ما وجه به ولي الأمر - وفقه الله - لحصل مالا تحمد عقباه، غير أن الغيورين يتطلعون إلى أسلمة هذه الأسهم والأوراق المالية والتزامها في تعاملاتها بالضوابط الشرعية".
وأضاف الدكتور السديس في خطبة الجمعة أمس أن من بين سلسلة الفساد ما تعمد إليه الفئة الضالة المارقة من إيقاظ الفتن في أفكار حالمة ومناهج هائمة تعمد إلى سفك الدم الحرام والعثو في الأرض والإجرام، وآخرها محاولة تفجير مكتسبات هذه الديار وتدمير منشآتها وقدراتها، التي هي رمز قوتها وعظم سطوتها المتينة ورهبتها بين العالمين، و"هل هذه الديار إلا متارس لصد نكبات المسلمين، هذه الفئة سلكت مسالك الإجرام فجفت قلوبهم من الرحمة وصدأت بالجحود والنكران، فعادت كل نهضة وشنأت كل رقي وعمران وتقدم.. (إن الله لايصلح عمل المفسدين)".
وقال الدكتور السديس إن من يمر وينزلق في طغيان التدمير الذي حرمه الله أشد تحريم وتوعد آتيه بالعذاب الأليم وشن المعارك والحروب وإضرام النيران والخطوب وقتل الأبرياء والعزل، بغية إذلالها وطمس حضارتها واستنزاف خيراتها وثرواتها في عصر تتعالى فيه دعاوى الإصلاح والسلام وصرخات التعايش والوئام ومحاربة الإرهاب، وهذه الشعارات البراقة والرقراقة توقد نارها الصهيونية العالمية رائدة الإرهاب الدولي بلا منازع، ولاسيما في أرض فلسطين والأقصى، وكذلك الإفساد وما يدور في بلاد الرافدين من صنوف الفساد والتنكيل والحصار والتقتيل، وما وصلت إليه من التطاول على بيوت الله والإضرار بالمساجد ودور العبادة وانتهاك حرماتها وترويع الساجدين الآمنين، متسائلاً عن أي حضارة إنسانية وإعمارية يزعمون أنهم منها؟
وبين أنه لن تقوم حضارة إنسانية ونهضة عمرانية وسعادة بشرية وأمن ورفاهية والفساد يسود كثيرا من الأرجاء، والعالم يكتوي بالشعارات المفلسة بالضحى والدياجي، داعيا أهل الإعلام والدعاة والصلحاء إلى الالتفاف والتوارد على ميثاق شرف واحد، وأن يصلحوا ما اختل وفسد من المجتمع وتقويم ما انسلب من العزة والهيبة والكرامة، وأن يرتقوا بالأفكار، وأن يجددوا ما فاتهم من وحدتهم، وأن يهبوا لميادين الصلاح والإصلاح بأفعال سديدة وصالحة وغانمة.
وحذر الدكتور السديس من القنوات الفضائية الماجنة، التي وصفها بـ"الإعلام الفاسد"، معتبراً إياها معول الهدم الذي وضع بين شريحة من الشباب لإفساده وتدميره، من خلال هذه القنوات التي مزقت الفضيلة، وعصفت بأركان المجتمعات بما تبثه من مرائق الرذيلة ومنكرات الأخلاق والبهتان.
وبين الدكتور السديس أن مما تدمع له الأعين ذلكم الكيد السافر الذي يطرح عبر صفحات الإعلام بأقلام فئة ضل عن السداد فهمها، لا تفتأ تضطهد الشريعة الغراء وتغمز الخيرين والصلحاء ورجال الحسبة والمؤسسات الدعوية، ولم يعلم هؤلاء أنهم بذلك يشرخون المناهج ويتطاولون على الجمع الملتف حسبما قال.
وأشار الدكتور السديس إلى أنه في هذا العصر كثرت ضروب الفساد وعمت، وإن أعظم فساد في الأرض بعد أن أصلحها الله بإنزال الكتب وإرسال الرسل هو الإشراك بالله عز وجل، ومن أجحد في أسماء الله وصفاته، وحرَّف آياته وكلماته فقد عثى وأفسد، ويلتحق بذلك حسب رأيه من أحدث في خلق الله عز وجل وابتدع، مؤكدا أن من لوثات الفساد الذي ينذر بعظيم الخطر ويتستر به الألداء بكيد وبطر، هو الغزو الفكري العام والثقافي والأخلاقي السام الذي أدلى بتيارات الانحراف، فأفسد كثيرا من الناس، ولاسيما من الشباب والفتيات، ولوث أفكارهم وشاب عقائدهم وسلخهم عنها وعن قيمهم الاجتماعية، وواراهم عن أصولهم الدينية والأخلاقية، وأسلمهم إلى عواصم الحيرة والتميع والذوبان والانهزامية، مشيرا إلى أن العدو الماكر يتخذ أرقى وأحدث التقنيات والمخترعات لإفساد وتدمير هؤلاء الشباب من الجنسين، وقال "إن من ضروب الفساد ما لوث صفاء البيئة وجمال الطبيعة، وذلك بنشر المواد الكيماوية المدمرة والتجارب النووية الفتاكة والنفايات الغازية السامة، وما يعمد إليه العالم من سباق التسلح وأسلحة الدمار الشامل، التي تنجم عنها الإبادة والأمراض والأوبئة الفتاكة وتفسد البيئة وتلوثها".
واختتم إمام وخطيب المسجد الحرام خطبته قائلا إن من الخداع الماتك وطول الفساد الهاتك التباكي على حقوق المرأة وقضاياها وإنسانيتها، معتبراً إياه زيفا مكشوفا ومكرا مألوفا، يرمي به الأعداء إلى تأليب المرأة المسلمة على إسلامها وقيمها ومثلها وتمردها على حجابها في قرصنة فكرية وثقافية وسمسرة عولمية وأخلاقية، تخرق سفينة المجتمعات الإسلامية لتصبح أداة طيعة في براثن العولمة والتغريب، ودمية صائغة في مطامع اللذات، مشيراً إلى أنه يشارك هؤلاء في ذلك جُهال من بني جلدتنا ومن يتكلمون بلغتنا، ممن أغروا العدو بنا وقد غشيت أبصارهم التبعية المهينة.
وفي المدينة المنورة أوضح الشيخ صلاح البدير إمام وخطيب المسجد النبوي للمسلمين أن الرغبة في تنمية رأس المال ومبادلة السلع بما هو أنفس منها هو الدافع للمبادلات التجارية، والمحرك للمعاملات الاقتصادية، والحافز على حركة تقليب الأموال وتصريفها وتحمل أخطار تنميتها واستثمارها، معتبراً الغاية العظمى لكل التجار وأهل الاستثمار سلامة رأس المال وتحصيل العوائد الاستثمارية والإيرادات الربحية.
وأكد الشيخ البدير في خطبة الجمعة أمس أن التجارة والضرب في الأرض لقصد ابتغاء الفضل وطلب النماء جائز لا حرج فيه، ولكن الشارع الحكيم جعل للربح المتحصل عن الاتجار والاستثمار ضوابط يجب مراعاتها، ليكون ربحا مباحا ونماء حلالا يتحقق به النمو الأمثل والعدالة بين الناس وتراعى فيه المصالح العامة والخاصة.
وقال إن من تلك الضوابط أولا ألا تكون التجارة في بيع المحرمات أو وسائلها، كالأموال المستثمرة في القنوات الإباحية وما في حكمها، والأموال المستثمرة في بيع المجلات المشتملة على صور النساء المتبرجات والدعوة إلى الفاحشة ومقدماتها، والأموال المستثمرة في بيع آلات اللهو والطرب وأشرطة الغناء وأفلام المجون والفجور، والأموال المستثمرة في بيع المخدرات والمسكرات والخمور والدخان ونحوها.
وأضاف أن الضابط الثاني ألا يكون الربح ناشئا عن الربا أو الحيل الربوية، فكل زيادة تحصلت عن طريق الربا فهي حرام، أما الضابط الثالث ألا يكون الربح ناشئا عن الغبن الفاحش مع التغرير بذكر أوصاف غير حقيقية لقصد استثارة رغبة الطرف الآخر في إبرام العقد أو بكتمان العيب، وهو نوع من الخيانة والإجحاف والغش والخديعة، ويدخل في ذلك النجش وهو الزيادة في ثمن السلعة ممن لا يريد شراءها، لقصد رفع السعر ونفع البائع، إما لقرابة أو لفائدة ترتجى أو لقصد إضرار المشتري، مشيرا إلى أنه من التغرير والخديعة استغلال أحد المتعاقدين بعدم خبرة الطرف الآخر ليستجره إلى عقود غبن فاحش جشعا وطمعا وحيلة ومكرا.
وقال إن الضابط الرابع ألا يكون الربح ناشئا عن الغرر، وهو ما انطوى عن العاقد أمره وخفي عليه عاقبته، وهو قائم على المخاطرة والجهالة، فيبذل ماله مخاطراً رجاء الحصول على مال مجهول قد يغنم وقد يغرم، وحاصله بيع المعدوم والمعجوز عنه والمجهول المطلق في ذاته أو جنسه أو صفاته وهو بيع محرم، مشيرا إلى أن من صوره عمليات اليانصيب وبيع ما في ذمم الناس كالمماطلين والمعسرين والجوائز الخفية التي توضع في بعض السلع بقصد استنزاف ثروات الناس وبيعها عليهم بأغلى من ثمنها المعتاد، وحملهم على الاستكثار من السلع بلا حاجة إليها رجاء الظفر بتلك الجوائز.
وأشار إلى أن الضابط الخامس هو ألا يكون الربح ناشئا عن احتكار السلع وادخارها المفضي إلى أضرار الناس والتضييق عليهم بالغلاء ورفع الأسعار. وبين أن الشارع أعطى المتعاقدين الحرية في تحديد السعر والتراضي عليه بينهما ونهى عن جبر الناس على بيع السلع بسعر معين بلا زيادة أو نقصان، إلا أن يقع ظلم على الناس وتضييق عليهم لا يمكن دفعه عنهم وصيانة حقوقهم وحفظ أموالهم إلا بالتسعير، فيتعين التسعير في أصح قول العلماء بما لا يكون فيه ظلم ولا إجحاف بأحد المتبايعين رعاية للمصالح العامة المقدمة على المصالح الخاصة.