المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : صورة من بيع التورق المنظم



Abdulla Ahmed
21-03-2006, 05:39 AM
[ ضوابط بيع التورق؟
قبل أن نبين ضوابط هذا النوع من البيوع من الضروري بيان معناه وذلك لأن هذا النوع من البيوع لم يسمه بهذا الاسم أعني (التورق) إلا فقهاء الحنابلة أما غيرهم فقد جعلوه في المسائل المتعلقة ببيع العينة وأدرجوه فيها، ولم يفرده باسماً خاصاً إلا الحنابلة كما ذكرنا.
فنقول بيع التورق في اصطلاح الفقهاء هو: أن يشتري سلعة نسيئة (أي بأجل)
ثم يبيعها نقداً – لغير البائع- بأقل مما اشتراها به ليحصل بذلك على النقد.
أما حكم هذه المسألة فقد اختلف فيها الفقهاء، فجمهور أهل العلم على أنها جائزة، وعللوا ذلك بأن المشتري للسلعة يكون غرضه منها إما عينها، وإما عوضها وكلاهما غرض صحيح، وعللوا أيضا بأنه نوع من البيوع التي لم يظهر فيها قصد الربا وصورته، ولهذا أفتت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية بجوازه (3) وهذا هو الصحيح.
أما القول الثاني فهو القول بتحريمه ( التورق) وهو رواية عن الإمام أحمد، واختارها شيخ الإسلام ابن تيمية، وكذا ابن القيم، وانتصر لها بقوة وعللوا ذلك بأن الغرض منها هو أخذ دراهم بدراهم ودخول السلعة بينها للتحليل وتحليل المحرم بالمسائل التي لا يرتفع بها حصول المفسدة لا يغني شيئاً لقوله صلى الله عليه وسلم "وإنما لكل امرئ ما نوى" (4).
الصحيح القول بجواز هذا النوع من البيوع نظراً لحاجة الناس وقلة من يقرضهم.
أما عن الضوابط الشرعية لمسألة التورق فقد ذكر بعض أهل العلم شروطاً لجوازها، منها:
(1) كون المشتري محتاجاً للدراهم فإن لم يكن محتاجاً لها فلا يجوز.
(2) أن لا يتمكن المحتاج من الحصول على المال بطرق أخرى مباحة غير هذه الطريقة كالقرض، أو السلم مثلاً، فإن كان يمكنه الحصول على حاجته بدون التورق لم يجز له ذلك.
(3) أن لا يشتمل العقد على ما يشبه صورة الربا كأن يقول له بعتك هذه السلعة العشرة أحد عشر، فهذا كأنه دراهم بدراهم فلا يصح.
أما الطريقة الصحيح في ذلك أن يقول له بعتك إياها بكذا وكذا إلى سنة مثلا.
(4) أن لا يبيعها المشتري إلا بعد قبضها وحيازتها لنهي النبي صلى الله عليه وسلم حيث نهى عن بيع السلع قبل أن يحوزها التجار إلى رحالهم (5).
(5) أن لا يبيعها المشتري على من اشتراها منه بأقل مما اشتراها منه بأي حال من الأحوال لأن هذا هو بيع العينة الذي جاءت نصوص الشريعة بتحريمه.
فهذه جملة من الضوابط التي ذكرها بعض أهل العلم لجواز بيع التورق.
وقد رجح شيخنا الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله- جواز هذا النوع من البيوع وقد سألته عام 1400هـ أثناء بحثي لهذه المسألة في رسالة الدكتوراه- البنوك الإسلامية بين النظرية والتطبيق- فقال ياولدي إذا أحسن من يوسع على الناس النية، ولم يأخذ ربحاً كثيراً فهو مأجور إن شاء الله. أما شيخنا الشيخ محمد العثيمين فقد تشدد فيها ومنعها إلا بضوابطها الشرعية.
المسألة الرابعة:
صفة البيع السائدة:
أن يذهب شخص إلى أحد محلات بيع الجملة فيشتري كمية من الصابون بمبلغ (500) ريال مثلاً ويحجزها في زاوية من زوايا المحل، ثم يأخذ فاتورة بها، ثم يأتي شخص آخر ويشتري منه كمية الصابون بمبلغ (800) ريال مثلاً مؤجلة أو على أقساط شهرية. ثم يذهب بالفاتورة إلى محل الجملة ويبيعها عليهم أو على غيرهم.
فما حكم هذه الصورة من البيع؟
الجواب:
قبل أن نبين حكم هذه الصورة من البيوع نذكر هنا باختصار الشروط المعتبرة شرعا في البيع ليكون صحيحاً ومن خلالها يمكن للسائل معرفة حكم هذه الصورة المذكورة.
فنقول أولاً من شروط البيع:
1. كون البيع عن تراض بين الطرفين؛ لقوله تعالى:"إلا أن تكون تجارة عن تراض" (6) ولقوله صلى الله عليه وسلم "إنما البيع عن تراض" (7).
فمتى أكره الإنسان على بيع شيء فإن البيع لا يكون صحيحاً إلا أن يكون الإكراه بحق، فالبيع يكون صحيحاً كمن كان مديناً وطالبه الغرماء بالسداد وعنده سلع فهنا يجبره القاضي على البيع لسداد دين الغرماء .
2. كون العاقدين يجوز تصرفهما وهما ممن اجتمعت فيه ثلاثة شروط:
(1) كونه حراً فلا يجوز بيع المملوك إلا بإذن سيده.
(2) كونه بالغاً فيخرج منه من دون البلوغ وهم قسمان:
الأول: من هو دون التمييز، فهذا لا يصح بيعه بإجماع أهل العلم
الثاني : من هو مميز، ولكنه دون البلوغ، وهذا محل خلاف بين أهل العلم
(3) كونه رشيداً :
فلا يصح بيع من لا يحسن التصرف كالسفيه مثلاً، وهو من به خفة في عقله فلا يصح بيعه ولوكان كبيراً لقوله تعالى: "ولا تؤتوا السفهاء أموالكم" (8)
3. كون المبيع منتفعاً به كالدراهم، والثياب، والحيوانات، والمشروبات، وغيرها مما يباح نفعه مطلقاً من غير حاجة.
أما ماليس فيه نفع كالحية، والفأرة وغير ذلك مما ليس فيه نفع فلا يجوز بيعه.
4. كون المبيع مملوكاً للبائع، أو مأذوناً له فيه من جهة مالكه، لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تبع ما ليس عندك" (9).
5. كون المعقود عليه مقدوراً على تسليمه، فلا يجوز بيع العبد الآبق، والجمل الشارد، ولا الفرس العاثر (10) ولا يجوز بيع الطيور في السماء كالحمام، والصقور، ولو ألفت الرجوع لأنه لا يقدر على تسليمها.
واشترط هذا الشرط لأن قبض المبيع واستيلاء العاقد عليه هو المقصود من البيع حتى يتمكن المشتري من الانتفاع به والاستيلاء عليه، فإذا عدم هذا الشرط عدم الغرض المقصود وحصل أيضاً به الغرر الذي جاءت السنة بالنهي عنه. فقد روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم "نهى عن بيع الحصاة وعن بيع الغرر" (11).
6. كون المبيع والثمن معلوماً للمتعاقدين؛
فالمعلومية في المبيع تكون بأحد أمرين:
1. رؤية المبيع كله أو بعضه.
2. ذكر صفة المبيع.
أما معلومية الثمن كأن يكون الثمن معلوماً قدره وصفته للطرفين وهل هو حال أو مؤجل.
7. من الشروط كون المبيع مقبوضاً للمشتري؛
فمتى قبض المشتري سلعة من البائع واستوفاها صح البيع، أما التصرف في البيع قبل القبض فإنه لا يجوز.
والقبض يختلف باختلاف المبيعات فكل شيء يكون قبضه بحسبه. فقبض ما يؤكل كالطعام مثلاً، أو الدواب، وكذا السيارات، وغير ذلك مما يتم بالنقل، يكون قبضه بنقله من مكانه الذي بيع فيه، وما يكال ويوزن ويعد يكون قبضه بوزنه، وعده، وكيله، بالإضافة إلى نقله على الصحيح من أقوال أهل العلم، وإلا فالمذهب أعني مذهب الحنابلة يرون أنه يكتفى بكيله ووزنه وعده، لكن الصحيح ما ذكرناه من اشتراط النقل وذلك لعدة أمور:
(1) لأن النزاع قد يقع بين البائع والمشتري.
(2) لعموم حديث زيد بن ثابت، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم "نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم" (12) ولفظ السلع هنا عام يشمل جميع المبيعات.
(3) القياس على الأحاديث التي وردت في الكيل والوزن ويلحق بها مالم ينص عليه ولا يختص بها.
(4) أن العلة في نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع السلع حيث تبتاع هو إزالة الضرر عن البائع والمشتري، فبقاؤها في محل البائع يعرضها إلى بيعها مرة أخرى فقد يشتريها منه من يأتي بثمن أكثر فهنا يحصل الضرر على المشتري الأول. أما ضررها على البائع فقد يتأخر المشتري وتتعرض السلعة للتلف وبالتالي يطالب البائع برد قيمتها أو يفوت بيعها على البائع فيحصل الضرر، لذا جاءت الشريعة بإلزام المشتري بنقل المبيع من مكانه حتى لا يحصل الضرر.
أما الأشياء التي لا تنقل كالأراضي، والعقارات، ونحوها، فيكون قبضها بتخليتها وإيقاف المشتري عليها ويقال له هذه أرضك أو بيتك.
أما البيوت فيكون القبض بتخلية البيت وإعطائه المفاتيح.
والخلاصة هنا في هذا الشرط أنه لا يجوز التصرف في المبيع ولا بيعه قبل قبضه على الصورة التي ذكرناها فمتى باعه قبل قبضه فالبيع باطل.
ومن هنا نقول للسائل يمكنك أن تعرف الإجابة على سؤالك حول هذه المسألة المذكورة، فنقول بأن هذه الصورة المذكورة التي سألت عنها غير جائزة، لأن نقلها من ناحية البائع إلى ناحية أخرى في محل البيع لا يعتبر قبضاً تاماً.
المسألة الخامسة:
هل هذا الحكم ينطبق على غير الصابون كالإسمنت، والحديد، ومواد البناء، وبطاقات سوى، والشاي، وغير ذلك؟
الجواب :
نعم جميع الشروط السابقة في البيع أي التي ذكرناها هي شروط في كل مبيع لابد من توافرها فمتى تخلف بعضها صار البيع غير صحيح.
المسألة السادسة :
حكم هذه الصورة من البيع؟
الجواب:
قد تمت الإجابة على هذه المسألة في المسألة الرابعة فلتراجع
المسألة السابعة:
ما الصفة الصحيحة لهذا البيع ليكون جائزاً ؟
الجواب:
لكي يكون البيع صحيحاً فإنه يشترط فيه أن يستوفي جميع شروط البيع التي ذكرناها آنفاً، أما عن الصفة التي ذكرتموها عن بيع الصابون فهي وإن اشتملت على أكثر شروط البيع غير أنها تخلف عنها شرط القبض الذي يتناول إخراجها عن محل البائع فلا بد أن تنتقل من المحل لكي تكون صفة هذا البيع صحيحة.
المسألة الثامنة:
ما حكم البيوع على الأقساط؟
الجواب:
البيع بالتقسيط لا حرج فيه لعموم قوله تعالى: "وأحل الله البيع وحرم الربا" (13) وقد باع أصحاب بريرة -رضي الله عنها- بريرة نفسها كاتبوها على أقساط، في كل عام أوقية (وهي أربعون درهماً) باعوها على تسعة أقساط (14) في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم ينكر ذلك عليهم.
لكن يشترط في هذا البيع أن تكون الأقساط معروفة والآجال معلومة، فمثلاً إذا اشترى شخص سيارة قيمتها (100،000) مائة ألف ريال على أقساط فلا بد أن تكون هذه الأقساط معروفة كأن تكون (10،000) عشرة آلاف ريال كل سنة مثلاً أو كل خمسة أشهر على حسب ما يتفقان عليه.
دليل ذلك قوله تعالى:"يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه" (15) ولقوله صلى الله عليه وسلم "من أسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم" (16)
وخلاصة الإجابة على هذه المسألة أن البيع بالتقسيط جائز إذا كانت الأقساط معروفة والآجال معلومة.
لكن هناك مسألة وهي هل الزيادة في القيمة مقابل الأجل جائزة؟
الجواب:
بعض أهل العلم قال بأن الزيادة مقابل الأجل غير جائزة؛ لأنها داخلة في البيع المنهي عنه، وهو: بيعتان في بيعة. وقال آخرون بل الزيادة لا مانع منها في مقابل الأجل وقد ثبت عن النبي – صلى الله عليه وسلم - ما يدل على ذلك حيث أمر عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن يجهز جيشاً فكان يشتري البعير بالبعيرين إلى أجل (17)وهذا هو الصحيح وبه قال شيخنا ابن باز وأكثر أهل العلم.
المسألة التاسعة:
هل يجوز أن يشتري رجل الصابون مثلاً ثم يحجزه في زاوية من زوايا المحل التجاري الذي اشتراه منه؟
الجواب:
لقد جاء نصوص السنة بالنهي عن البيع ما لم يقبض وقد ذكرنا أصول القبض وطريقته الشرعية وسنذكر هنا طرفاً من الأدلة التي تدل على اشتراط القبض والنقل ليكون السائل على بينة من الأمر. فمن ذلك:
1. ما رواه أحمد وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لحكيم بن حزام: "لا تبع ما ليس عندك" (18) أي لا تبع ما لا تملكه، وغير القابض للسلعة هو في الحقيقة غير مالك لها.
2. ما رواه البخاري ومسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من اشترى طعاماً فلا يبعه حتى يستوفيه" (19) ولذا بوب مسلم على هذا الحديث باباً فقال باب بطلان بيع مالم يقبض وذكر الحديث.
3. ما رواه مسلم أيضاً عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "كنا نشتري الطعام جزافاً فبعث إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم من ينهانا أن نبيعه حتى ننقله إلى رحالنا" (20)
4. ما رواه أبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلم "نهى أن تباع السلع حيث تبتاع، حتى يحوزها التجار إلى رحالهم" (21)
وبهذه الأحاديث وغيرها مما جاء في معناها يتضح لنا أنه لا يجوز بيع سلعة ما لم يملكها المشتري ويحوزها إلى ملكه ، ويتضح لنا أيضاً أن ما يفعله البعض من بيع ما لم يقبضه أو يشتري السلعة ثم يبيعها في محل البائع قبل أن يقبضها القبض الشرعي أن هذا أمر لا يجوز لما فيه من مخالفة أمر الرسول صلى الله عليه وسلم ولما فيه من التلاعب بالمعاملات ولما يترتب على ذلك من الفساد والشرور، نعوذ بالله من موجبات غضبه وأليم عقابه.
أما هل يكون مالكاً بهذه الصورة التي ذكرها السائل؟
نقول بأنه لا يكون مالكاً له حتى ينقله من المحل الذي بيع فيه، وإلا لم يصح البيع إن باعه في نفس المحل.

Abdulla Ahmed
21-03-2006, 06:05 AM
موضوع مهم جداً

آتمنى جميع الاعضاء يتطلعوا عليه

Bo-Abdulaziz
21-03-2006, 08:01 AM
الله يجزيك خير