المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الذهب والاستقرار النقدي العالمي



المقاول 1
14-08-2010, 11:46 PM
,03/08/2010





لا شك في أن تقلب الأسواق المالية والنقدية يشير إلى أن الأزمة المالية العالمية لم تنته بعد . ضخت الدول الغربية السنة الماضية الكثير من الأموال لإنقاذ الاقتصادات من الركود والبطالة، ونجحت إلى حد ما . انتهت هذه المحاولات، فتجد الدول نفسها اليوم إمام خيارين أما العودة إلى الضخ من جديد وما يتبعه من تفاقم متزايد وخطير في عجز الموازنات وتراكم الدين العام أو ترك الاقتصاد يعالج نفسه عبر نشاطات القطاع الخاص وأرباح الشركات التي تظهر أكثر فأكثر إيجابية . لا يمكن للقطاع العام أن يحل مكان القطاع الخاص في الاستثمارات لمدة طويلة، بل يسد الفراغ عند الضرورة . استمرار الإنفاق العام المتزايد يؤدي حكماً مع الوقت إلى التضخم والفوائد المرتفعة والى رفع سعر صرف النقد مما يؤثر سلباً في الصادرات وبالتالي في ميزان المدفوعات . هنالك استحالة من ناحية رفع الضرائب لتخفيف العجز لأن أوضاع المستهلكين والشركات ليست على ما يرام . أما عودة القطاع الخاص إلى الاستثمار، فتتطلب إحساسه مجدداً بالثقة بالنسبة للأسواق والمؤسسات العامة . فمشكلات الفساد من “مادوف” و”ستانفورد” وغيرهما ما زالت تطن في أذن المواطن، ولا يرى حلولاً كاملة لها بعد منعاً للتكرار .



أما التقلبات النقدية، فما زالت كبيرة وتشير إلى أن العملات كلها ضعيفة بحيث تسقط تباعاً تجاه بعضها بعضاً . لا يمكن التكلم اليوم عن نقد مسيطر كما كان الحال بالنسبة لليرة الاسترلينية حتى بداية القرن الماضي وللدولار منذ الحرب العالمية الأولى وحتى التسعينات . أما “الين”، فيعاني من ضعف الاقتصاد الياباني الذي أضاع عقداً كاملاً في التسعينات، وما زال يعاني من ضعف في هيكليته يمكن أن يعيده إلى الوراء في أي لحظة . يبقى النقد الصيني “اليوان” الذي لا شك سيقوى مع الوقت بعد تحريره الجزئي بدءاً من الشهر السادس من هذه السنة، إلا أنه ما زال بعيداً عن الموقع المطلوب له وهو احتياطي نقدي دولي بامتياز .



أما تقلبات الأسواق المالية عبر مؤشراتها الأساسية مثل “داو جونز”، فتشير إلى أن المستثمرين ما زالوا فاقدي الثقة بها وبالسياسات المتبعة حتى اليوم . فالتقلبات اليومية الحادة تعبر عن تردد المستثمرين في الدخول إلى السوق بشكل دائم أو أقله لفترة طويلة الأمد . هنالك أمل كبير في أن تؤدي سياسات الرئيس أوباما وخاصة قانون الإصلاح المالي الذي وقعه منذ أيام إلى بداية عملية إنقاذ حقيقية للأسواق .



من أهم بنود هذا القانون هو تأسيس وكالة ضمن المصرف المركزي تهدف إلى حماية حقوق المستهلك المالية من جشع المؤسسات المصرفية . فالفوائد على بطاقات الائتمان مثلاً استمرت مرتفعة لسنوات طويلة بحيث استغلت المواطن المستهلك وأوقعته في فخ الدين الكبير الذي ما زال يعاني منه . من واجب هذه الوكالة التأكد من احترام المؤسسات المالية والمصرفية لحقوق ومصالح المقترض بحيث تخف عمليات الغش والفساد والجشع .



من بنود القانون الأخرى وضع حد بالنسبة للقيمة التي يمكن للمصارف استثمارها في الأسواق من أموالها الخاصة، والتي كانت أحد أسباب ضعفها وبالتالي إفلاسها، كما يسهل القانون عمليات إفلاس المصارف المتعثرة الكبيرة، ويمنع إنقاذها عبر الأموال العامة إلا في حالات قصوى . لا شك في أن العبرة تكمن في التنفيذ، إلا أن ما يظهر من رغبة في الإصلاح يطمئن إلى حد بعيد .



يعاني الاقتصاد الدولي كثيراً، فلا يمكن أن ننسى مروره في فترات خطيرة ما زالت تؤثر في سلامته ومقومات نهوضه وهي:



أولاً: تدفقات رؤوس الأموال القصيرة الأجل عبر الحدود والتي تسبب التقلبات الاقتصادية الكبرى . تعدى حجم هذه الأموال حجم التجارة الدولية وأصبح بالتالي مصدر قلق للاقتصاد وللدول الفقيرة . للحد من المضاربة لا بد من التفكير مجدداً بوضع “ضريبة توبين” على الأموال القصيرة الأجل بحيث تستعمل هذه الضريبة لتمويل تنمية الدول الفقيرة المتضررة من المضاربات الدولية .



ثانياً: مر قسم كبير من الدول الناشئة بدءاً من التسعينات في أزمات نقدية كبيرة لم تعالج مصادرها كلياً بعد . تعتمد هذه الدول منذ انتهاء الأزمة على سعر الصرف الحر الذي له فوائد كبيرة، إلا أن المشكلة تكمن في أن ديون هذه الدول ما زالت بالعملات الأجنبية بينما تحرر إيراداتها بالنقد الوطني، مما يخلق معضلة سوء توازن مالي مقلق . كما لم تعالج هذه الدول بعد مصادر الفساد وسلامة المؤسسات المالية والمصرفية لديها . لذا من الممكن في أي ساعة أن تعود هذه الدول مجدداً إلى أزماتها السابقة، وإن يكن بطرق مختلفة أو أوجه جديدة .



ثالثاً: اختراع اليورو الذي بدأ عملياً في سنة 1999 على الرغم من أنه أصبح متداولاً فقط في سنة 2002 . ظن الجميع أن النقد الأوروبي الموحد سينافس حقيقة الدولار، ويصبح نقداً قوياً بما في الكلمة من معنى . ألغي العديد من النقد الوطني الأوروبي لفسح المجال أمام النقد الموحد، وهذا جيد جداً . كانت بداية اليورو ممتازة حتى آخر السنة الماضية، حيث ظهرت معالم الضعف التي تعود إلى هيكلية التركيبة الأوروبية الهشة . لا يمكن بناء اقتصاد موحد قوي من دون مؤسسات مشتركة قوية ومن دون سياسة مالية مشتركة . عدم تحقيق هذه الشروط كان مصدر ضعف للوحدة النقدية الأوروبية التي لا يمكن وصفها حتى اليوم بالفضلى تبعاً للاقتصادي “روبرت مونديل” . ضعف الهيكلية الأوروبية يعني حكماً ضعف النقد الأوروبي في الأسواق العالمية . ومن الممكن أن يتعافى اليورو تدريجياً وأن يستعيد بعض الثقة التي فقدها إذا حسمت الوحدة النقدية أمرها وطبقت الإصلاحات الضرورية المطلوبة .



في ظل هذه الأوضاع الدولية المتعثرة، ما زالت ثقة المستثمر متقلبة وتوقعاته لم تعد بعد إلى الإيجابية . لذا لا بد له من التوجه إلى أصول قديمة جديدة كالذهب . هكذا فعل وارتفع الطلب على المعدن الأصفر، فارتفعت أسعاره في النصف الأول من هذه السنة بنسبة 20% إذا قيّم باليورو وب 9% إذا قيّم بالدولار . أما بالأسعار الحقيقية، فأصبح سعر الذهب الأعلى منذ 30 سنة، لكنه لم يصل بعد إلى نصف المستوى الأعلى له تاريخياً ما يعني أننا لم نصل بعد إلى السقف الذي يحدث خوفا على مصير الاقتصاد العالمي . ما هي التوقعات بشأن سعر الذهب؟



أولاً: من ناحية الطلب، يرتفع لأن الاستثمارات الأخرى ليست أربح وبالتالي يعتمد المستثمر على ارتفاع سعره، إذ لا يعطي الذهب أرباحاً ولا فوائد . خلال 3 أشهر الأولى من ،2010 اشترت الهند حوالي 5،193 طن من الذهب مقارنة ب 7،139 للصين و7،40 للولايات المتحدة . تملك الأخيرة من الذهب اليوم ما يعادل فقط 85،1% من ناتجها مقارنة ب 20% في سنة 1940 و7% في سنة 1980 مما يعني أن فرص الشراء ما زالت قوية من دون أن تصل بالضرورة إلى حدود الماضي . فالذهب ما زال المادة الأولية الوحيدة التي تجمعها المصارف المركزية كاحتياطي وتقارب النقد في القيمة المعنوية، من دون أن تصل إلى درجة النقد المتداول . فالذهب دخل مجدداً في محفظة المستثمر للحماية وربما أيضاً لتحقيق أرباح في المستقبل . هنالك من يشتريه كمجوهرات خصوصاً في آسيا أي في الهند والصين تحديداً . تحسن الأوضاع في هاتين الدولتين يؤدي أيضاً إلى ارتفاع الطلب على المعدن الأصفر . أما السياسة النقدية المتبعة دولياً والمرتكزة على الفوائد المتدنية، فهي تحمل ضمنها بذور تضخم مستقبلي يدفع المستثمر اليوم إلى اللجوء إلى الذهب .



ثانياً: من ناحية العرض، الإنتاج الجديد محدود جداً . أما بيع الموجود فهو حاصل لأن المواطن يرغب في الاستفادة من أسعاره المرتفعة لتحسين وضعه المعيشي . أما المصارف المركزية، فباعت الكثير لكنها توقفت منذ فترة مع ارتفاع سعره . وحده صندوق النقد الدولي يبيع اليوم، علماً أن المصارف المركزية الآسيوية تشتري . وفي المحصلة، يمكن القول إن الطريق ما زال مسهلاً ارتفاعاً لسعر الذهب في الأوضاع العالمية الحالية .



* كاتب لبناني

جريده الخليج http://www.alkhaleej.ae/portal/477e31f7-5be6-4221-9bb1-171f18fe3651.aspx

abdulla999
15-08-2010, 02:00 AM
شكرا على المجهود

nail_24
15-08-2010, 04:13 AM
بالتوفيق

المقاول 1
18-08-2010, 11:56 PM
شكرا على المجهود



بالتوفيق


الله يوفقكم وشاكر مروركم

البدع
19-08-2010, 10:58 AM
مقالة جميلة

وعندي نصيحة واحدة ... وهي تقبل الصواب والخطأ

لاتبيع الذهب الا اذا رايت الناس في قناة الجزيرة يذبحون بعضهم البعض من اجل الذهب

والله اعلم