عايش زمانه
30-08-2010, 12:21 PM
كل عام وانتم بخير. أعاده الله على الأمة الإسلامية باليُمن والبركات، وعلى المؤمنين بالصحة والمسرة.
أما بعد،
فانه شهر للصيام، لا للإسراف في إلتهام الطعام.
هل من حاجة الى تذكير، بان ثمة غايات فضيلة من الصيام. أولها انه شهر عبادة. فالمؤمن إنما يفعل كل شيء لنفسه، إلا الصيام، فانه يفعله لله. والأجدر بالمؤمن أن يصومه فعلا. بمعنى أن يجعل من عطشه وجوعه تقدمة خالصة لباريه، لا مجرد رياضة يمتنع فيها عن الطعام والشراب ثم بانتهاء الوقت يعود ليندلق في برميل من الطعام فيأكل حتى لكأنه لم يأكل من قبل.
وثانيها، كبح الشهوات، لا الإفراط فيها.
وثالثها، تذكر الجوع. فالإسلام هو الديانة الوحيدة التي تجعل من الجوع واحدا من فرائضها، لتجعل المؤمنين يذكرون معنى الحرمان فيعطفون على بعضهم بعضا، ويستدركون فقراءهم بالعطاء والكرم.
ما يفعله الكثير منا هو انه يصوم، جريا على عادة ومألوف، وليس من اجل أن يكون الصيام مناسبة للتقرب الى الله أو للتفكر في المعاني الروحية العظيمة للحرمان. فيكون الأمر مجرد جوع كغيره من الجوع، وعطش كغيره من العطش، لا معنى فيه، ولا غاية من ورائه، ولا روح.
وبدلا من أن يكون الحرمان درسا لتهذيب الشهوات، فانه ينقلب الى مناسبة للشراهة والإسفاف والإسراف والتبذير. فصائم المظاهر يغلق فمه عن الطعام والشراب، ولكن ما أن يتاح له يفطر، فانه يضع كل معاني العبادة من صيامه جانبا ليعبّ ويسفّ ويسرف.
الصيام واجب نؤديه، ولكنه يفتقر في الكثير من الأحيان الى احترام معاني الفريضة. فالمرء لا يصوم من أجل أن يأكل. وهو لا يحرم نفسه لبضع ساعات في النهار، من اجل أن يغرق بالملذات في ما بعد ذلك.
هذا النوع من الصيام ليس صادقا. ويحسن بالمرء إلا يعذب نفسه فيه. فإذا كان الطعام هو شغله الشاغل لمجرد حرمان بسيط، فمن الأولى بالمرء أن يُفطر، فيكفي نفسه ما لا مبرر له.
المرء يصوم ليعبد الرحمن، في جوعه وعطشه، فيدرك بالقليل الذي قد يفطر فيه، النعمة التي أنعم الله بها عليه.
أما الذين ينعمون على أنفسهم بالملذات، فانهم، إذ أكثروا وأسرفوا، لا يستطيعون أن يروا الكثير في القليل، ولا أن يروا العطاء في الحرمان، ولا رواء الروح في كأس ماء مجرد.
ولكن صائمي انتظار الموائد، ليسوا آخر مشاكلنا مع الصيام.
فثمة "صوم إفتراضي" هو صوم الكسالى والتنابلة الذين يمضون النهار نائمين، ليصحوا على مائدة الفطور، وكأنهم غيروا مواعيد الطعام.
والصاحي فيهم نائم على أي حال. لا يؤدي عمله، لانه صائم، ولا يوفي التزاماته لأنه صائم، وبدلا من أن يحنو ويرفق ويتواضع، فانه يقسو ويتذمر ويتجبر،.. لأنه صائم. وكأنه عندما يصوم، فانه يطلب من الآخرين ان يدفعوا له التعويض. أو حتى لكأنه تكرم عليهم بصيامه، فصار عليهم أن يراعوه، بدلا من أن يراعي الله فيهم.
ونحسب أن الذين يصومون، وينامون جل النهار، إنما يخدعون أنفسهم بصيام مزيف. ولكنهم لا يخدعون الله، وإنما أنفسهم يخدعون. ومن الأفضل لهم ولعباد الله ألا يصوموا.
والله في غنى عن صائم نائم، لا يعرف الله من صيامه إلا أقله قيمة، وأنقصه عبادة، وأسخفه سلوكا.
الصيام بالمقلوب، أو الصيام من اجل التهام الطعام، أو الصيام بالنوم، هو ما يفعله الكثير منا. ونحسب إن الله في غنى عنه. لأنه صيام دجل لا صيام عبادة.
فكم كنا بحاجة الى رجل دين جريء يدعو الناس الى الكف عن صيام لا معنى فيه، ليذكرهم أن الصيام عبادة، لا عملية نصب جماعية ننفذها ضد الباري عز وجل.
صوموا لله، أو لا تصوموا أبدا. وخيركم من كان صادقا مع ربه، صدقه مع نفسه.
فليكن شهرنا الفضيل هذا شهرا لله؛ شهرا للحرمان من اجل تذكر المحرومين.
أما بعد،
فانه شهر للصيام، لا للإسراف في إلتهام الطعام.
هل من حاجة الى تذكير، بان ثمة غايات فضيلة من الصيام. أولها انه شهر عبادة. فالمؤمن إنما يفعل كل شيء لنفسه، إلا الصيام، فانه يفعله لله. والأجدر بالمؤمن أن يصومه فعلا. بمعنى أن يجعل من عطشه وجوعه تقدمة خالصة لباريه، لا مجرد رياضة يمتنع فيها عن الطعام والشراب ثم بانتهاء الوقت يعود ليندلق في برميل من الطعام فيأكل حتى لكأنه لم يأكل من قبل.
وثانيها، كبح الشهوات، لا الإفراط فيها.
وثالثها، تذكر الجوع. فالإسلام هو الديانة الوحيدة التي تجعل من الجوع واحدا من فرائضها، لتجعل المؤمنين يذكرون معنى الحرمان فيعطفون على بعضهم بعضا، ويستدركون فقراءهم بالعطاء والكرم.
ما يفعله الكثير منا هو انه يصوم، جريا على عادة ومألوف، وليس من اجل أن يكون الصيام مناسبة للتقرب الى الله أو للتفكر في المعاني الروحية العظيمة للحرمان. فيكون الأمر مجرد جوع كغيره من الجوع، وعطش كغيره من العطش، لا معنى فيه، ولا غاية من ورائه، ولا روح.
وبدلا من أن يكون الحرمان درسا لتهذيب الشهوات، فانه ينقلب الى مناسبة للشراهة والإسفاف والإسراف والتبذير. فصائم المظاهر يغلق فمه عن الطعام والشراب، ولكن ما أن يتاح له يفطر، فانه يضع كل معاني العبادة من صيامه جانبا ليعبّ ويسفّ ويسرف.
الصيام واجب نؤديه، ولكنه يفتقر في الكثير من الأحيان الى احترام معاني الفريضة. فالمرء لا يصوم من أجل أن يأكل. وهو لا يحرم نفسه لبضع ساعات في النهار، من اجل أن يغرق بالملذات في ما بعد ذلك.
هذا النوع من الصيام ليس صادقا. ويحسن بالمرء إلا يعذب نفسه فيه. فإذا كان الطعام هو شغله الشاغل لمجرد حرمان بسيط، فمن الأولى بالمرء أن يُفطر، فيكفي نفسه ما لا مبرر له.
المرء يصوم ليعبد الرحمن، في جوعه وعطشه، فيدرك بالقليل الذي قد يفطر فيه، النعمة التي أنعم الله بها عليه.
أما الذين ينعمون على أنفسهم بالملذات، فانهم، إذ أكثروا وأسرفوا، لا يستطيعون أن يروا الكثير في القليل، ولا أن يروا العطاء في الحرمان، ولا رواء الروح في كأس ماء مجرد.
ولكن صائمي انتظار الموائد، ليسوا آخر مشاكلنا مع الصيام.
فثمة "صوم إفتراضي" هو صوم الكسالى والتنابلة الذين يمضون النهار نائمين، ليصحوا على مائدة الفطور، وكأنهم غيروا مواعيد الطعام.
والصاحي فيهم نائم على أي حال. لا يؤدي عمله، لانه صائم، ولا يوفي التزاماته لأنه صائم، وبدلا من أن يحنو ويرفق ويتواضع، فانه يقسو ويتذمر ويتجبر،.. لأنه صائم. وكأنه عندما يصوم، فانه يطلب من الآخرين ان يدفعوا له التعويض. أو حتى لكأنه تكرم عليهم بصيامه، فصار عليهم أن يراعوه، بدلا من أن يراعي الله فيهم.
ونحسب أن الذين يصومون، وينامون جل النهار، إنما يخدعون أنفسهم بصيام مزيف. ولكنهم لا يخدعون الله، وإنما أنفسهم يخدعون. ومن الأفضل لهم ولعباد الله ألا يصوموا.
والله في غنى عن صائم نائم، لا يعرف الله من صيامه إلا أقله قيمة، وأنقصه عبادة، وأسخفه سلوكا.
الصيام بالمقلوب، أو الصيام من اجل التهام الطعام، أو الصيام بالنوم، هو ما يفعله الكثير منا. ونحسب إن الله في غنى عنه. لأنه صيام دجل لا صيام عبادة.
فكم كنا بحاجة الى رجل دين جريء يدعو الناس الى الكف عن صيام لا معنى فيه، ليذكرهم أن الصيام عبادة، لا عملية نصب جماعية ننفذها ضد الباري عز وجل.
صوموا لله، أو لا تصوموا أبدا. وخيركم من كان صادقا مع ربه، صدقه مع نفسه.
فليكن شهرنا الفضيل هذا شهرا لله؛ شهرا للحرمان من اجل تذكر المحرومين.