مغروور قطر
31-08-2010, 12:48 PM
البنوك بتوسعها الإقراضي تتحمل مسؤولية الأزمة في الإمارات والخليج
الخليج 31/08/2010
أكد الفريق ضاحي خلفان القائد العام لشرطة دبي أن الأزمة كان لها انعكاسها السلبي على المستوى الأمني حيث زادت القضايا الحقوقية فيما بين الأطراف ذات العلاقات الاستثمارية والتجارية في الدولة . وألقى باللوم فيما تواجه الإمارات ودول مجلس التعاون على البنوك التي كانت تفتح المجال وتوفر السيولة لكل من ادعى أنه مستثمر وكل من أسس شركة . وقال: “أعطت البنوك الكثير لدرجة بات ليس معها فيها سيولة، وحتى اليوم ونحن مازلنا نواجه تبعات الأزمة تقدم البنوك عروضاً مصرفية كبيرة” . وأضاف قائلاً: “لو أن المصارف المركزية في الخليج استطاعت ضبط هذه العمليات لما سمحت للبنوك بالتوسع في الإقراض بهذه الدرجة ولقطاع واحد مثل قطاع العقارات” .
لكن الفريق ضاحي خلفان اتفق مع خبراء اقتصاد ورجال أعمال في ندوة نظمتها صحيفة “الاقتصادية” واستضافها مجلسه قبل 3 أيام على أن هناك بالفعل العديد من المؤشرات الايجابية على بدء تعافي اقتصادات دول الخليج من تبعات الأزمة العالمية، وإن كان هذا التعافي بحسب ما ذهبوا بسيطاً وتدريجياً ويتسم بالبطء . لكن عوامل عدة برأيهم من شأنها أن تدعم هذا التعافي، وتتمثل في احتياطيات دول المنطقة الضخمة من النفط والغاز وفي مستويات السيولة القوية لدى صناديق الاستثمار السيادية الخليجية والتي حافظت على قوتها رغم تأثرها النسبي بتبعات الأزمة العالمية .
تحدث المشاركون عن أسباب تأثر دول الخليج بالأزمة العالمية خلال الندوة التي تمحورت حول سؤال أبرز وهو: هل نجحت دول الخليج في التعافي من آثار الأزمة المالية العالمية؟ وقال الشيخ خالد بن زايد بن صقر آل نهيان رجل الأعمال إن علينا بداية أن نضع الأزمة المالية ضمن إطارها الصحيح كأزمة ذات طابع عالمي . وأضاف موضحاً أنه ليس بوسعنا الحديث عن دول التعاون بشكل منفصل عن النسيج العالمي فنحن مازلنا نعيش الأزمة لأنها متواصلة عالمياً، ولفت إلى أن مشكلة دول المنطقة كمنت في سوء تقديرها لحجم الأزمة الفعلي إذ توقع الجميع في المنطقة أن تكون أزمة عابرة تتركز تبعاتها في أمريكا، أزمة المنطقة بمنأى عنها، لكن اتضح خلال العامين الماضيين أن أحداً لن يكون في مأمن من تبعات الأزمة العالمية حتى الاقتصادات الأسرع نمواً والأكثر تقدماً فحتى الصين شهدت تراجعاً في مستويات النمو من جراء الأزمة .
وقال: “شهدنا خلال الصيف الحالي كذلك احتدام الأزمة في أوروبا وتراجع النمو في الهند التي كانت تصنف مع الصين باعتبارهما الاقتصادات الأسرع نمواً على مستوى العالم مما يعني أن فصول الأزمة مازالت تتواصل ولم يحقق الاقتصاد العالمي التعافي المنشود بعد” .
وتحدث عن الشراكة بين القطاعين العام والخاص والتي تعززت بصورة لافتة خلال السنوات الماضية، وقال إن دول الخليج عبارة عن مجتمعات صغيرة ومترابطة، وأضاف أن دور القطاع الخاص في المنطقة تمثل في العنصر المكمل للقطاع العام الذي تركز دوره في صياغة استراتيجيات النمو .
إلا أنه لفت إلى أن التراجع في النمو خلال الأعوام الماضية أدى إلى تحول نظرة النمو وبدأت كثير من دول الخليج بالتالي في مراجعة خطط النمو ولذلك فعل القطاع الخاص الذي أدرك أن أساليب النمو السابقة خلال الأعوام الخمس السابقة للأزمة لا بد من تغييرها من خلال التحول من التوسعات في قطاعات البناء والبنى التحتية التي دعمتها السيولة الضخمة التي تدفقت في السابق إلى قطاعات أكثر استدامة خاصة بعد أن انقطع تدفق السيولة وبعد أن تم بالفعل الانتهاء من جزء كبير من مشاريع البنى التحتية في الإمارات ودول المنطقة . وقال “لا بد اليوم من إعادة صياغة هذه الخطة إلى صيغ مختلفة يتم التركيز فيها على الخدمات والتشريعات التي نحتاج اليوم إلى تطويرها لتنمية الاقتصاد وتعزيز فرص التعافي والنمو المستدام” .
وأكد أهمية قضايا التشريع قائلاً: “إننا كدول نأتي من مستوى تشريعي بسيط وبالتالي نحتاج لإعادة هيكلة هذه التشريعات لمواكبة الدول المتقدمة” . وقال إن الإمارات دخلت في مسار استحداث التشريعات على خلاف دول أخرى في المنطقة، وأضاف أن الاقتصاد يحتاج إلى مبادرات تماشى مع الفترة الراهنة لمواكبة ما يطرأ من تطورات على ساحة الاقتصاد العالمي .
وعن مدى رضاه من الإنفاق الحكومي وعمليات الضخ التي أنفقتها دول الخليج من أجل تلافي الأزمة، أجاب بأن البرامج التي “نفذتها الحكومة حتى الآن، جزء منها جيد وبعضها قاصر، واليوم حينما نتحدث عن التعافي، فإننا لابد من النظر إلى أربعة مقومات أساسية في دول مجلس التعاون جميعها، فنحن نعتمد على هذه المقومات الأربعة، وأولها البترول، ذلك أن أسعاره هي التي تحدد التعافي، وكلما ارتفع سعر البترول زاد التعافي، والواضح أنه خلال العامين الماضيين، وبعد انهيار أسعار البترول، بدأ بالتعافي وحافظ على مستواه بين 70 و80 دولاراً خلال العام الماضي، وكذلك خلال هذا العام . إذا استمرت أسعار البترول على هذا المستوى أو أفضل من ذلك، فإن إمكانيتها على التعافي ستكون جيدة، وأيضاً إمكانية الحكومة على أن تضع مشروعات جديدة أو استكمال مشاريعها السابقة” .
والمقوم الثاني حسب رأي الشيخ خالد هو السياسة المالية التي ذكر بأنها لا تزال محدودة، وربما يعود السبب في ذلك إلى أن البنوك المركزية متخوفة من حجم هذه الأزمة، ولذلك ردود فعلها إزاء محدودية ضخ السيولة، نظراً لتخوفها من أن الأزمة ستكون أكبر من المتوقع، وهذا قد يتطلب منها ضخ سيولة نقدية إضافية . الآن وضحت الصورة، وأعتقد أن هناك قبولاً أكبر لضخ سيولة أكثر مما كان عليه في السابق لحل هذه الإشكالية .
وتطرق إلى المقوم الثالث الذي ربطه بالسياسة الإنفاقية، فبعض الدول “قامت بمشروعات ضخمة والجزء الآخر تأثر بذلك، وعلى سبيل المثال السعودية منذ بداية هذه الأزمة، أعلنت أن هناك ميزانية إضافية بحدود 400 مليار دولار، ستنفقها في السنوات المقبلة لمعالجة هذه الأزمة . أما الدول الأخرى فقد كان لديها إنفاق ضخم وهي حجمته إثر بروز الأزمة” .
وشدد على أن من الأهمية بمكان معالجة سياسة الإنفاق لمعالجة الأزمة من أجل تلافي هذه الإشكاليات، ولذلك يرى أن “آثارها على الدول مختلفة، بمعنى أن السعودية لم تتأثر كثيراً من هذه الأزمة، بينما حصل تأثر وهو متفاوت بين بعض الدول الخليجية الأخرى، مثل الإمارات وسلطنة عمان وقطر” .
وبالنسبة للمقوم الرابع، فقد ذكر بأن قضايا التشريع مهمة جداً، لأننا “كدول نأتي من مستوى تشريعي بسيط، ونحتاج إلى إعادة هيكلة الكثير من اقتصادياتنا لاستيعاب النمو الاقتصادي الحاصل، وكذلك لمواكبة الدول المتقدمة، ومثلاً دولة الإمارات دخلت في مجموعة من استحداث التشريعات الكثيرة، لكن نرى بعض الدول الأخرى في مجلس التعاون، ما تزال متأخرة في استحداث التشريعات” .
ورأى ضرورة الإقدام على المزيد من المبادرات لتتواءم مع هذه الفترة، مشيراً إلى وجود مبادرات في العامين 2005 و2006 على مستوى دول مجلس التعاون، قائلاً إن “الفريق ضاحي خلفان دعا في أولى الندوات التي أقامها سابقاً، إلى مراجعة الأسعار بعد تضخم الاقتصاد، وكذلك إلى التفكير في مبادرات جديدة لمواكبة الوضع الجديد وخلق فرص تنافسية جديدة” .
وفي رده عن سؤال حول إمكانية توجه الحكومات إلى تنويع الاقتصاد الخليجي في المرحلة المقبلة وتعزيز بيئة العمل في قطاعات مختلفة غير الاستثمارات التقليدية، ذكر الشيخ خالد بأن ذلك يعود للتشريع، بمعنى أن الفرصة فتحت للمستثمرين للاستثمار في القطاع العقاري، والإدبار من جهة أخرى عن بعض القطاعات الأخرى، مشيراً في هذا الصدد إلى أهمية إعادة التوازن وخلق نشاطات مختلفة وبيئة .
وفي إجابته عن تساؤل عن مدى وجود فرص حقيقية للاستثمار في دول الخليج، ذكر الشيخ خالد بأن المستثمر الدولي يبحث عن الفرص في كل مكان، وأنه بين الأعوام 2003 وحتى ،2008 هناك هجمة كبيرة للمستثمرين الأجانب على دول الخليج، لكنها تراجعت في العامين 2008 و،2009 وهناك بوادر للعودة الاستثمارية في العام ،2010 لعدة أسباب، أولها أن الكثير من دول الخليج أعيد تقييمها من ناحية البنى التحتية ومن ناحية الإمكانات المادية الموجودة فيها، والآن هناك نوع خاص من المستثمر للدخول في المنطقة، فبالأمس كان هناك “مستثمر ساخن” أو المستثمر السريع، لكن اليوم نجد المستثمرين الذين يأتون إلى منطقة الخليج يقومون بنشاطات حيوية، وقد لا يقومون بالاستعجال مثل أسلافهم السابقين من المستثمرين السريعين، المستثمرون الجدد برأيه قلائل في الوقت الحالي .
وأوصى بأهمية التفكير بأسلوب واعٍ وإبداعي جديد، يختلف عما كان عليه قبل عامين، وأن على القطاعين الخاص والعام الانتقال من المرحلة السابقة القائمة على التطوير العقاري، إلى التفكير في نشاطات جديدة تتناسب مع الظروف الحالية .
ومن جانبه اعتبر الشيخ طارق بن فيصل القاسمي رئيس مجلس إدارة مجموعة الإمارات للاستثمار، أن “أزمة السيولة في منطقة الخليج مختلفة بشكل كبير عما هي عليه في الغرب، ذلك أن الشركات الخاصة في الغرب لديها نسب عالية من السيولة، وتقوم الحكومات الغربية بالاقتراض لتوفير السيولة من أجل دعم المشاريع لديها، بينما لدينا هو العكس، إذ إن الشركات والمؤسسات الخاصة لديها شح في السيولة، بينما نجد أن الحكومات لديها فائض كبير في الصناديق السيادية، وما ينقص في المنطقة هو كيف يمكن توفير هذه السيولة أو الاحتياطيات الموجودة لدى الصناديق السيادية لتصل إلى القطاعات الصغيرة والمتوسطة، وليس فقط القطاعات الكبيرة، وهذا قد يؤدي بنا إلى الخروج من الأزمة الاقتصادية التي نمر بها في المنطقة حالياً” .
وفي سؤال عن تقصير الحكومات الخليجية في ضخ سيولة أكبر في السوق المالي بدول الخليج من أجل زيادة التعافي، قال الشيخ طارق إن ذلك ليس تقصيراً، وإنما “لم نر فعاليات نحو الوصول إلى قطاع اقتصادي تنموي” .
وضرب مثلاً السعودية التي قامت بمبادرة تقتصر على ضخ مبلغ 400 مليار دولار في مشاريع تنموية، مشيراً إلى أن هذه المبادرة ستتأخر من عامين إلى ثلاثة أعوام، حتى تصل إلى قطاعات صغيرة، ونفس ذلك فعلت الكويت التي ستضخ 100 مليار دولار، لكن إلى أن يتم إقرار الموازنات فإن ذلك يتطلب وقتاً حتى نرى السيولة في أسواقنا .
وفي تساؤل عن المتطلبات التي يمكن توفيرها خلال الفترة المقبلة للإسراع في وتيرة المعالجة الاقتصادية لدول الخليج، أجاب الشيخ طارق بن فيصل القاسمي، بأن المبادرات تكون متوجهة إلى القطاعات الصغيرة والمتوسطة، وذكر بأنه لا توجد مؤشرات حقيقية عن التنمية الاقتصادية والنمو في دول الخليج، لكنه ركز على أهمية تعزيز ثقة المستثمرين في دول الخليج .
وقال “نحن عبارة عن سوق واحد والمستثمر يرى بأننا سوق واحد، وأعتقد من وجهة نظري ضرورة تمويل برامج الإسكان في دول الخليج، وهذه تعود بالفائدة على الجميع، ومثلاً حينما يتم ضخ 500 مليار درهم في الاقتصاد، فهي تعود بالفائدة على المواطن الخليجي، فضلاً عن أنها تشكل دعماً للشركات المتوسطة والصغيرة في بناء المنازل” .
وعن موضوع السيولة النقدية أجاب “نلاحظ وجود الاحتياطيات الضخمة لدى دول الخليج في الصناديق السيادية، لكن في نفس الوقت نرى أن الإمارات تدفع على الوديعة 4 إلى 5 .4%، بينما دولة مثل الولايات المتحدة تدفع 5 .0%، مع أننا مرتبطون بالدولار، إذن لماذا ندفع هذه الزيادة؟ هذا يعني أن هناك شحاً في السيولة والبنوك تتنافس عليها، كما يعني أن هناك شحاً في السيولة على مستوى دول الخليح، وهذ السيولة الموجودة في المحافظ السيادية يجب توجيهها في الأسواق المحلية، لكن أين نوظف هذه السيولة طالما أن القطاع العقاري لديه أزمة وقطاع الأسهم لديه أزمة، وبالتالي يجب إيجاد طرق جديدة لتوظيف هذه السيولة في اقتصاداتنا” .
وعن دور القطاع الخاص، نوه الشيخ طارق بأن هذا القطاع لا يحتاج إلى تشجيع من الحكومات وإنما إلى فتح المجالات أمامه في قطاعات مختلفة، مثل الصناعة، ذلك أن الكثير من الاستثمارات أشبعت مثل قطاع الفنادق والعقارات .
وفي موضوع التعافي، أوضح الشيخ طارق بأن هناك شركات تعافت من الأزمة وتعاملت معها بطرق إيجابية، بينما توجد شركات ما تزال تعاني من تداعيات الأزمة، مشيراً إلى نوعين من المستثمر الأجنبي، الأول طويل الأمد والآخر قصير الأمد، فالأول يرى بأن منطقة الخليج تشهداً نمواً ولديها استقرار سياسي واقتصادي واحتياطي نفطي، لكنه على المدى القصير لا يرى بأن هناك فرصاً موجودة الآن في المنطقة، ونرى نوعية جديدة من المستثمرين يأتون إلى المنطقة للاستثمار على مستويات مختلفة .
وأوصى الشيخ طارق بن فيصل القاسمي، بضرورة الشفافية والحوكمة خاصةً في المؤسسات العامة بدول الخليج، لأنها تحافظ على المستثمرين، وأيضاً إيجاد برامج لتوفير السيولة الموجودة في الصناديق السيادية، وتوفير الجزء منها للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، التي تشكل في الواقع 70 إلى 80% من الاقتصادات .
واتفق محمد التويجري رئيس بنك (hsbc) في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، على أن التعافي موجود لكنه ليس كاملاً، وحسب رأيه هناك مؤشرات على التعافي في السنة الأخيرة، موضحاً بأن دول الخليج وضعها أحسن من وضع دولة مثل اليونان أو البرتغال، وذلك مدعوم لدى دول الخليج بأسعار البترول، فضلاً عن الاحتياطيات الكبيرة التي تمتلكها هذه الدول .
وأكد مرةً أخرى بأن التعافي حاصل، لكنه بطيء وجزئي وهناك مؤشرات كثيرة على هذا التعافي، منها عودة الائتمان الذي كان متوقفاً العام الماضي، مشيراً إلى انفتاح البنوك نحو الإقراض لكن بحذر .
والأزمة المالية العالمية برأي التويجري جديدة على العالم، و”هذه أول مرة يمر فيها العالم بمثل هذه الأزمة التي ضربت شرق آسيا والشرق الأوسط وأوروبا وأمريكا، عكس الأزمات التي حصلت عام 1997 وفي الثمانينيات، حيث كانت مختصة في منطقة معينة، وأسبابها معينة ومحدودة نوعاً ما، وبالتالي لا نستطيع القول لماذا تأخرت دولة أو منطقة . دول الخليج ما تزال تعتمد على البترول وهي حديثة العهد في ما يتعلق بالكثير من السياسات الاستئمانية والسياسات الاقتصادية الداخلية، ولامسنا ذلك في إحساس الناس بالأزمة التي بدأت في العام ،2007 وشعورهم بها في العام ،2008 وبالتالي فإن بداية الأزمة تأخرت، وبالتالي فإن التعافي سيتأخر” .
وتطرق إلى القدرة الائتمانية للسندات في أمريكا التي ما تزال اليوم من أفضل الموجود في العالم، وقال “عمق الاستثمار في سندات الخزانة الأمريكية يشمل كافة البنوك المركزية والمحافظ الاستثمارية، وهناك حديث طويل عن تنويع الاستثمارات من جانب الصين وسنغافورة وتايوان وبعض دول الخليج، وهذا الحديث جاء قبل حدوث الأزمة حقيقيةً، وكان التساؤل منصباً حول هل يمكن التوجه إلى اليورو كبديل للدولار، والتوجه إلى الاسترليني أو الين كبديل للدولار؟ الأزمة بحد ذاتها دعت المستثمرين في السندات الأمريكية للتساؤل أكثر، مثلاً التقاعد في أمريكا، يقول الكثير من المحللين إنه في مرحلة من المراحل ستصلها الولايات المتحدة وتقتضي بعدم دفع الالتزامات للمتقاعدين بعد عدد من السنين، وفي نفس الوقت كمية الأموال التي ضخت لحل الأزمة على مراحل، وهذا نوع من الاقتراح، فهل لدى أمريكا القدرة من حيث النمو والضرائب والاقتصاد والتجارة المتداخلة، بأن تدفع الأموال التي اقترضتها لحل الأزمة؟ السؤال الثالث: هل الأرقام الموجودة اليوم تدل على حجم الأزمة، ولا نزال نسمع عن الكثير من المشتقات المالية لدى البنوك والجهات الاستثمارية غير معروف حجمها الحقيقي ومعاملاتها . إذن هناك الكثير من الأسئلة تدور عن القدرة الائتمانية أو قدرة السندات في أمريكا، وهي ما تزال من الأدوات الاستثمارية الأكثر أماناً في العالم مقارنةً بالكثير من دول العالم” .
ورداً على سؤال عن تكامل الدول الخليجية في السنوات المقبلة، في ظل تعافي دول وعدم تعافي أخرى، وما تحتاجه الدول غير المتعافية للتكامل، أوضح محمد التويجري أن الأسواق العالمية تنظر إلى دول الخليج باعتبارها دولة واحدة، والأوروبيون والأمريكيون يفكرون في دول الخليج باعتبارها اقتصاد واحد، من حيث الائتمان والمخاطر، وهذه النفسية موجودة في دول الخليج، لأن خلفيتها الثقافية والاقتصادية واحدة، وهناك الكثير من رؤوس الأموال الخليجية بدأت تفضل الاستثمار بين دول الخليج، فعلى سبيل المثال هناك الكثير من السعوديين والقطريين يبحثون عن الاستثمار في دول خليجية أخرى، وهناك دروس تستفيد منها الناس بسبب هذه التجارب . وأما الخطوات المطلوب اتخاذها من أجل التكامل، فهي تعتمد على الصناعات الرئيسية التي لها علاقة بالبترول والبتروكيماويات، وهي ستعتمد على هذه التجارة أكثر من العقارات وغيرها .
وعن واقع الأزمة والتحليلات حولها، أكد التويجري وجود اهتمام في تشخيص الأزمة خليجياً، لسببين، الأول أنه قبل هذه الأزمة كانت دول الخليج محط انتباه الكثير من المحللين، بحكم النمو وبحكم الاحتياطيات الموجودة، فضلاً عن أنواع الاستثمارات التي قامت بها الاقتصادات الاستثمارية لدول الخليج، ومن الطبيعي أثناء الأزمة وبعدها أن يحدث التحليل، والسبب الثاني أن العالم ما يزال ينظر إلى دول الخليج باعتبارها بيئة استثمارية جيدة، بحكم الاحتياطيات التي تتمتع بها . وأوصى التويجري بضرورة إعادة النظر في أسواق المال في دول الخليج، وفتح مجال أكبر لأدوات جديدة، تشمل سندات وغيرها من الأدوات الأخرى .
واتفق عبد الرحمن آل صالح مدير عام الدائرة المالية في حكومة دبي، مع المتحدثين حول درجة تأثير الأزمة المالية العالمية على دول العالم، بمافي ذلك دول الخليج، وقال في هذا الصدد “الأزمة عالمية ولا أعتقد أن هناك نوع من التقصير أو تأخر في اتخاذ الإجراءات، فمثلاً دولة مثل الولايات المتحدة فشلت في مواجهة الأزمة بالرغم من قوتها الاقتصادية . إذن التدابير جاءت في وقت مناسب، ومن ضمن هذه
.
الخليج 31/08/2010
أكد الفريق ضاحي خلفان القائد العام لشرطة دبي أن الأزمة كان لها انعكاسها السلبي على المستوى الأمني حيث زادت القضايا الحقوقية فيما بين الأطراف ذات العلاقات الاستثمارية والتجارية في الدولة . وألقى باللوم فيما تواجه الإمارات ودول مجلس التعاون على البنوك التي كانت تفتح المجال وتوفر السيولة لكل من ادعى أنه مستثمر وكل من أسس شركة . وقال: “أعطت البنوك الكثير لدرجة بات ليس معها فيها سيولة، وحتى اليوم ونحن مازلنا نواجه تبعات الأزمة تقدم البنوك عروضاً مصرفية كبيرة” . وأضاف قائلاً: “لو أن المصارف المركزية في الخليج استطاعت ضبط هذه العمليات لما سمحت للبنوك بالتوسع في الإقراض بهذه الدرجة ولقطاع واحد مثل قطاع العقارات” .
لكن الفريق ضاحي خلفان اتفق مع خبراء اقتصاد ورجال أعمال في ندوة نظمتها صحيفة “الاقتصادية” واستضافها مجلسه قبل 3 أيام على أن هناك بالفعل العديد من المؤشرات الايجابية على بدء تعافي اقتصادات دول الخليج من تبعات الأزمة العالمية، وإن كان هذا التعافي بحسب ما ذهبوا بسيطاً وتدريجياً ويتسم بالبطء . لكن عوامل عدة برأيهم من شأنها أن تدعم هذا التعافي، وتتمثل في احتياطيات دول المنطقة الضخمة من النفط والغاز وفي مستويات السيولة القوية لدى صناديق الاستثمار السيادية الخليجية والتي حافظت على قوتها رغم تأثرها النسبي بتبعات الأزمة العالمية .
تحدث المشاركون عن أسباب تأثر دول الخليج بالأزمة العالمية خلال الندوة التي تمحورت حول سؤال أبرز وهو: هل نجحت دول الخليج في التعافي من آثار الأزمة المالية العالمية؟ وقال الشيخ خالد بن زايد بن صقر آل نهيان رجل الأعمال إن علينا بداية أن نضع الأزمة المالية ضمن إطارها الصحيح كأزمة ذات طابع عالمي . وأضاف موضحاً أنه ليس بوسعنا الحديث عن دول التعاون بشكل منفصل عن النسيج العالمي فنحن مازلنا نعيش الأزمة لأنها متواصلة عالمياً، ولفت إلى أن مشكلة دول المنطقة كمنت في سوء تقديرها لحجم الأزمة الفعلي إذ توقع الجميع في المنطقة أن تكون أزمة عابرة تتركز تبعاتها في أمريكا، أزمة المنطقة بمنأى عنها، لكن اتضح خلال العامين الماضيين أن أحداً لن يكون في مأمن من تبعات الأزمة العالمية حتى الاقتصادات الأسرع نمواً والأكثر تقدماً فحتى الصين شهدت تراجعاً في مستويات النمو من جراء الأزمة .
وقال: “شهدنا خلال الصيف الحالي كذلك احتدام الأزمة في أوروبا وتراجع النمو في الهند التي كانت تصنف مع الصين باعتبارهما الاقتصادات الأسرع نمواً على مستوى العالم مما يعني أن فصول الأزمة مازالت تتواصل ولم يحقق الاقتصاد العالمي التعافي المنشود بعد” .
وتحدث عن الشراكة بين القطاعين العام والخاص والتي تعززت بصورة لافتة خلال السنوات الماضية، وقال إن دول الخليج عبارة عن مجتمعات صغيرة ومترابطة، وأضاف أن دور القطاع الخاص في المنطقة تمثل في العنصر المكمل للقطاع العام الذي تركز دوره في صياغة استراتيجيات النمو .
إلا أنه لفت إلى أن التراجع في النمو خلال الأعوام الماضية أدى إلى تحول نظرة النمو وبدأت كثير من دول الخليج بالتالي في مراجعة خطط النمو ولذلك فعل القطاع الخاص الذي أدرك أن أساليب النمو السابقة خلال الأعوام الخمس السابقة للأزمة لا بد من تغييرها من خلال التحول من التوسعات في قطاعات البناء والبنى التحتية التي دعمتها السيولة الضخمة التي تدفقت في السابق إلى قطاعات أكثر استدامة خاصة بعد أن انقطع تدفق السيولة وبعد أن تم بالفعل الانتهاء من جزء كبير من مشاريع البنى التحتية في الإمارات ودول المنطقة . وقال “لا بد اليوم من إعادة صياغة هذه الخطة إلى صيغ مختلفة يتم التركيز فيها على الخدمات والتشريعات التي نحتاج اليوم إلى تطويرها لتنمية الاقتصاد وتعزيز فرص التعافي والنمو المستدام” .
وأكد أهمية قضايا التشريع قائلاً: “إننا كدول نأتي من مستوى تشريعي بسيط وبالتالي نحتاج لإعادة هيكلة هذه التشريعات لمواكبة الدول المتقدمة” . وقال إن الإمارات دخلت في مسار استحداث التشريعات على خلاف دول أخرى في المنطقة، وأضاف أن الاقتصاد يحتاج إلى مبادرات تماشى مع الفترة الراهنة لمواكبة ما يطرأ من تطورات على ساحة الاقتصاد العالمي .
وعن مدى رضاه من الإنفاق الحكومي وعمليات الضخ التي أنفقتها دول الخليج من أجل تلافي الأزمة، أجاب بأن البرامج التي “نفذتها الحكومة حتى الآن، جزء منها جيد وبعضها قاصر، واليوم حينما نتحدث عن التعافي، فإننا لابد من النظر إلى أربعة مقومات أساسية في دول مجلس التعاون جميعها، فنحن نعتمد على هذه المقومات الأربعة، وأولها البترول، ذلك أن أسعاره هي التي تحدد التعافي، وكلما ارتفع سعر البترول زاد التعافي، والواضح أنه خلال العامين الماضيين، وبعد انهيار أسعار البترول، بدأ بالتعافي وحافظ على مستواه بين 70 و80 دولاراً خلال العام الماضي، وكذلك خلال هذا العام . إذا استمرت أسعار البترول على هذا المستوى أو أفضل من ذلك، فإن إمكانيتها على التعافي ستكون جيدة، وأيضاً إمكانية الحكومة على أن تضع مشروعات جديدة أو استكمال مشاريعها السابقة” .
والمقوم الثاني حسب رأي الشيخ خالد هو السياسة المالية التي ذكر بأنها لا تزال محدودة، وربما يعود السبب في ذلك إلى أن البنوك المركزية متخوفة من حجم هذه الأزمة، ولذلك ردود فعلها إزاء محدودية ضخ السيولة، نظراً لتخوفها من أن الأزمة ستكون أكبر من المتوقع، وهذا قد يتطلب منها ضخ سيولة نقدية إضافية . الآن وضحت الصورة، وأعتقد أن هناك قبولاً أكبر لضخ سيولة أكثر مما كان عليه في السابق لحل هذه الإشكالية .
وتطرق إلى المقوم الثالث الذي ربطه بالسياسة الإنفاقية، فبعض الدول “قامت بمشروعات ضخمة والجزء الآخر تأثر بذلك، وعلى سبيل المثال السعودية منذ بداية هذه الأزمة، أعلنت أن هناك ميزانية إضافية بحدود 400 مليار دولار، ستنفقها في السنوات المقبلة لمعالجة هذه الأزمة . أما الدول الأخرى فقد كان لديها إنفاق ضخم وهي حجمته إثر بروز الأزمة” .
وشدد على أن من الأهمية بمكان معالجة سياسة الإنفاق لمعالجة الأزمة من أجل تلافي هذه الإشكاليات، ولذلك يرى أن “آثارها على الدول مختلفة، بمعنى أن السعودية لم تتأثر كثيراً من هذه الأزمة، بينما حصل تأثر وهو متفاوت بين بعض الدول الخليجية الأخرى، مثل الإمارات وسلطنة عمان وقطر” .
وبالنسبة للمقوم الرابع، فقد ذكر بأن قضايا التشريع مهمة جداً، لأننا “كدول نأتي من مستوى تشريعي بسيط، ونحتاج إلى إعادة هيكلة الكثير من اقتصادياتنا لاستيعاب النمو الاقتصادي الحاصل، وكذلك لمواكبة الدول المتقدمة، ومثلاً دولة الإمارات دخلت في مجموعة من استحداث التشريعات الكثيرة، لكن نرى بعض الدول الأخرى في مجلس التعاون، ما تزال متأخرة في استحداث التشريعات” .
ورأى ضرورة الإقدام على المزيد من المبادرات لتتواءم مع هذه الفترة، مشيراً إلى وجود مبادرات في العامين 2005 و2006 على مستوى دول مجلس التعاون، قائلاً إن “الفريق ضاحي خلفان دعا في أولى الندوات التي أقامها سابقاً، إلى مراجعة الأسعار بعد تضخم الاقتصاد، وكذلك إلى التفكير في مبادرات جديدة لمواكبة الوضع الجديد وخلق فرص تنافسية جديدة” .
وفي رده عن سؤال حول إمكانية توجه الحكومات إلى تنويع الاقتصاد الخليجي في المرحلة المقبلة وتعزيز بيئة العمل في قطاعات مختلفة غير الاستثمارات التقليدية، ذكر الشيخ خالد بأن ذلك يعود للتشريع، بمعنى أن الفرصة فتحت للمستثمرين للاستثمار في القطاع العقاري، والإدبار من جهة أخرى عن بعض القطاعات الأخرى، مشيراً في هذا الصدد إلى أهمية إعادة التوازن وخلق نشاطات مختلفة وبيئة .
وفي إجابته عن تساؤل عن مدى وجود فرص حقيقية للاستثمار في دول الخليج، ذكر الشيخ خالد بأن المستثمر الدولي يبحث عن الفرص في كل مكان، وأنه بين الأعوام 2003 وحتى ،2008 هناك هجمة كبيرة للمستثمرين الأجانب على دول الخليج، لكنها تراجعت في العامين 2008 و،2009 وهناك بوادر للعودة الاستثمارية في العام ،2010 لعدة أسباب، أولها أن الكثير من دول الخليج أعيد تقييمها من ناحية البنى التحتية ومن ناحية الإمكانات المادية الموجودة فيها، والآن هناك نوع خاص من المستثمر للدخول في المنطقة، فبالأمس كان هناك “مستثمر ساخن” أو المستثمر السريع، لكن اليوم نجد المستثمرين الذين يأتون إلى منطقة الخليج يقومون بنشاطات حيوية، وقد لا يقومون بالاستعجال مثل أسلافهم السابقين من المستثمرين السريعين، المستثمرون الجدد برأيه قلائل في الوقت الحالي .
وأوصى بأهمية التفكير بأسلوب واعٍ وإبداعي جديد، يختلف عما كان عليه قبل عامين، وأن على القطاعين الخاص والعام الانتقال من المرحلة السابقة القائمة على التطوير العقاري، إلى التفكير في نشاطات جديدة تتناسب مع الظروف الحالية .
ومن جانبه اعتبر الشيخ طارق بن فيصل القاسمي رئيس مجلس إدارة مجموعة الإمارات للاستثمار، أن “أزمة السيولة في منطقة الخليج مختلفة بشكل كبير عما هي عليه في الغرب، ذلك أن الشركات الخاصة في الغرب لديها نسب عالية من السيولة، وتقوم الحكومات الغربية بالاقتراض لتوفير السيولة من أجل دعم المشاريع لديها، بينما لدينا هو العكس، إذ إن الشركات والمؤسسات الخاصة لديها شح في السيولة، بينما نجد أن الحكومات لديها فائض كبير في الصناديق السيادية، وما ينقص في المنطقة هو كيف يمكن توفير هذه السيولة أو الاحتياطيات الموجودة لدى الصناديق السيادية لتصل إلى القطاعات الصغيرة والمتوسطة، وليس فقط القطاعات الكبيرة، وهذا قد يؤدي بنا إلى الخروج من الأزمة الاقتصادية التي نمر بها في المنطقة حالياً” .
وفي سؤال عن تقصير الحكومات الخليجية في ضخ سيولة أكبر في السوق المالي بدول الخليج من أجل زيادة التعافي، قال الشيخ طارق إن ذلك ليس تقصيراً، وإنما “لم نر فعاليات نحو الوصول إلى قطاع اقتصادي تنموي” .
وضرب مثلاً السعودية التي قامت بمبادرة تقتصر على ضخ مبلغ 400 مليار دولار في مشاريع تنموية، مشيراً إلى أن هذه المبادرة ستتأخر من عامين إلى ثلاثة أعوام، حتى تصل إلى قطاعات صغيرة، ونفس ذلك فعلت الكويت التي ستضخ 100 مليار دولار، لكن إلى أن يتم إقرار الموازنات فإن ذلك يتطلب وقتاً حتى نرى السيولة في أسواقنا .
وفي تساؤل عن المتطلبات التي يمكن توفيرها خلال الفترة المقبلة للإسراع في وتيرة المعالجة الاقتصادية لدول الخليج، أجاب الشيخ طارق بن فيصل القاسمي، بأن المبادرات تكون متوجهة إلى القطاعات الصغيرة والمتوسطة، وذكر بأنه لا توجد مؤشرات حقيقية عن التنمية الاقتصادية والنمو في دول الخليج، لكنه ركز على أهمية تعزيز ثقة المستثمرين في دول الخليج .
وقال “نحن عبارة عن سوق واحد والمستثمر يرى بأننا سوق واحد، وأعتقد من وجهة نظري ضرورة تمويل برامج الإسكان في دول الخليج، وهذه تعود بالفائدة على الجميع، ومثلاً حينما يتم ضخ 500 مليار درهم في الاقتصاد، فهي تعود بالفائدة على المواطن الخليجي، فضلاً عن أنها تشكل دعماً للشركات المتوسطة والصغيرة في بناء المنازل” .
وعن موضوع السيولة النقدية أجاب “نلاحظ وجود الاحتياطيات الضخمة لدى دول الخليج في الصناديق السيادية، لكن في نفس الوقت نرى أن الإمارات تدفع على الوديعة 4 إلى 5 .4%، بينما دولة مثل الولايات المتحدة تدفع 5 .0%، مع أننا مرتبطون بالدولار، إذن لماذا ندفع هذه الزيادة؟ هذا يعني أن هناك شحاً في السيولة والبنوك تتنافس عليها، كما يعني أن هناك شحاً في السيولة على مستوى دول الخليح، وهذ السيولة الموجودة في المحافظ السيادية يجب توجيهها في الأسواق المحلية، لكن أين نوظف هذه السيولة طالما أن القطاع العقاري لديه أزمة وقطاع الأسهم لديه أزمة، وبالتالي يجب إيجاد طرق جديدة لتوظيف هذه السيولة في اقتصاداتنا” .
وعن دور القطاع الخاص، نوه الشيخ طارق بأن هذا القطاع لا يحتاج إلى تشجيع من الحكومات وإنما إلى فتح المجالات أمامه في قطاعات مختلفة، مثل الصناعة، ذلك أن الكثير من الاستثمارات أشبعت مثل قطاع الفنادق والعقارات .
وفي موضوع التعافي، أوضح الشيخ طارق بأن هناك شركات تعافت من الأزمة وتعاملت معها بطرق إيجابية، بينما توجد شركات ما تزال تعاني من تداعيات الأزمة، مشيراً إلى نوعين من المستثمر الأجنبي، الأول طويل الأمد والآخر قصير الأمد، فالأول يرى بأن منطقة الخليج تشهداً نمواً ولديها استقرار سياسي واقتصادي واحتياطي نفطي، لكنه على المدى القصير لا يرى بأن هناك فرصاً موجودة الآن في المنطقة، ونرى نوعية جديدة من المستثمرين يأتون إلى المنطقة للاستثمار على مستويات مختلفة .
وأوصى الشيخ طارق بن فيصل القاسمي، بضرورة الشفافية والحوكمة خاصةً في المؤسسات العامة بدول الخليج، لأنها تحافظ على المستثمرين، وأيضاً إيجاد برامج لتوفير السيولة الموجودة في الصناديق السيادية، وتوفير الجزء منها للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، التي تشكل في الواقع 70 إلى 80% من الاقتصادات .
واتفق محمد التويجري رئيس بنك (hsbc) في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، على أن التعافي موجود لكنه ليس كاملاً، وحسب رأيه هناك مؤشرات على التعافي في السنة الأخيرة، موضحاً بأن دول الخليج وضعها أحسن من وضع دولة مثل اليونان أو البرتغال، وذلك مدعوم لدى دول الخليج بأسعار البترول، فضلاً عن الاحتياطيات الكبيرة التي تمتلكها هذه الدول .
وأكد مرةً أخرى بأن التعافي حاصل، لكنه بطيء وجزئي وهناك مؤشرات كثيرة على هذا التعافي، منها عودة الائتمان الذي كان متوقفاً العام الماضي، مشيراً إلى انفتاح البنوك نحو الإقراض لكن بحذر .
والأزمة المالية العالمية برأي التويجري جديدة على العالم، و”هذه أول مرة يمر فيها العالم بمثل هذه الأزمة التي ضربت شرق آسيا والشرق الأوسط وأوروبا وأمريكا، عكس الأزمات التي حصلت عام 1997 وفي الثمانينيات، حيث كانت مختصة في منطقة معينة، وأسبابها معينة ومحدودة نوعاً ما، وبالتالي لا نستطيع القول لماذا تأخرت دولة أو منطقة . دول الخليج ما تزال تعتمد على البترول وهي حديثة العهد في ما يتعلق بالكثير من السياسات الاستئمانية والسياسات الاقتصادية الداخلية، ولامسنا ذلك في إحساس الناس بالأزمة التي بدأت في العام ،2007 وشعورهم بها في العام ،2008 وبالتالي فإن بداية الأزمة تأخرت، وبالتالي فإن التعافي سيتأخر” .
وتطرق إلى القدرة الائتمانية للسندات في أمريكا التي ما تزال اليوم من أفضل الموجود في العالم، وقال “عمق الاستثمار في سندات الخزانة الأمريكية يشمل كافة البنوك المركزية والمحافظ الاستثمارية، وهناك حديث طويل عن تنويع الاستثمارات من جانب الصين وسنغافورة وتايوان وبعض دول الخليج، وهذا الحديث جاء قبل حدوث الأزمة حقيقيةً، وكان التساؤل منصباً حول هل يمكن التوجه إلى اليورو كبديل للدولار، والتوجه إلى الاسترليني أو الين كبديل للدولار؟ الأزمة بحد ذاتها دعت المستثمرين في السندات الأمريكية للتساؤل أكثر، مثلاً التقاعد في أمريكا، يقول الكثير من المحللين إنه في مرحلة من المراحل ستصلها الولايات المتحدة وتقتضي بعدم دفع الالتزامات للمتقاعدين بعد عدد من السنين، وفي نفس الوقت كمية الأموال التي ضخت لحل الأزمة على مراحل، وهذا نوع من الاقتراح، فهل لدى أمريكا القدرة من حيث النمو والضرائب والاقتصاد والتجارة المتداخلة، بأن تدفع الأموال التي اقترضتها لحل الأزمة؟ السؤال الثالث: هل الأرقام الموجودة اليوم تدل على حجم الأزمة، ولا نزال نسمع عن الكثير من المشتقات المالية لدى البنوك والجهات الاستثمارية غير معروف حجمها الحقيقي ومعاملاتها . إذن هناك الكثير من الأسئلة تدور عن القدرة الائتمانية أو قدرة السندات في أمريكا، وهي ما تزال من الأدوات الاستثمارية الأكثر أماناً في العالم مقارنةً بالكثير من دول العالم” .
ورداً على سؤال عن تكامل الدول الخليجية في السنوات المقبلة، في ظل تعافي دول وعدم تعافي أخرى، وما تحتاجه الدول غير المتعافية للتكامل، أوضح محمد التويجري أن الأسواق العالمية تنظر إلى دول الخليج باعتبارها دولة واحدة، والأوروبيون والأمريكيون يفكرون في دول الخليج باعتبارها اقتصاد واحد، من حيث الائتمان والمخاطر، وهذه النفسية موجودة في دول الخليج، لأن خلفيتها الثقافية والاقتصادية واحدة، وهناك الكثير من رؤوس الأموال الخليجية بدأت تفضل الاستثمار بين دول الخليج، فعلى سبيل المثال هناك الكثير من السعوديين والقطريين يبحثون عن الاستثمار في دول خليجية أخرى، وهناك دروس تستفيد منها الناس بسبب هذه التجارب . وأما الخطوات المطلوب اتخاذها من أجل التكامل، فهي تعتمد على الصناعات الرئيسية التي لها علاقة بالبترول والبتروكيماويات، وهي ستعتمد على هذه التجارة أكثر من العقارات وغيرها .
وعن واقع الأزمة والتحليلات حولها، أكد التويجري وجود اهتمام في تشخيص الأزمة خليجياً، لسببين، الأول أنه قبل هذه الأزمة كانت دول الخليج محط انتباه الكثير من المحللين، بحكم النمو وبحكم الاحتياطيات الموجودة، فضلاً عن أنواع الاستثمارات التي قامت بها الاقتصادات الاستثمارية لدول الخليج، ومن الطبيعي أثناء الأزمة وبعدها أن يحدث التحليل، والسبب الثاني أن العالم ما يزال ينظر إلى دول الخليج باعتبارها بيئة استثمارية جيدة، بحكم الاحتياطيات التي تتمتع بها . وأوصى التويجري بضرورة إعادة النظر في أسواق المال في دول الخليج، وفتح مجال أكبر لأدوات جديدة، تشمل سندات وغيرها من الأدوات الأخرى .
واتفق عبد الرحمن آل صالح مدير عام الدائرة المالية في حكومة دبي، مع المتحدثين حول درجة تأثير الأزمة المالية العالمية على دول العالم، بمافي ذلك دول الخليج، وقال في هذا الصدد “الأزمة عالمية ولا أعتقد أن هناك نوع من التقصير أو تأخر في اتخاذ الإجراءات، فمثلاً دولة مثل الولايات المتحدة فشلت في مواجهة الأزمة بالرغم من قوتها الاقتصادية . إذن التدابير جاءت في وقت مناسب، ومن ضمن هذه
.