المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الانفتاح الاقتصادي القطري يغري الوافدين الغربيين



عليان قطر
06-09-2010, 04:33 PM
الانفتاح الاقتصادي القطري يغري الوافدين الغربيين

بلغ عدد المنشآت الصناعية القائمة والمسجلة في قطر 800 منشأة صناعية، برأسمال 50 مليار ريال (13.7 مليار دولار)، وبقيمة إنتاج سنوي تصل إلى 15 مليار ريال (4.1 مليار دولار)، كما بلغ عدد العاملين في تلك المصانع 100 ألف موظف وعامل.

ويعيش في قطر ودول مجلس التعاون الخليجي مئات الآلاف من العاملين الوافدين إلى المنطقة منذ عشرات السنين، ومعظمهم لا يرغب في العودة إلى بلاده، لدرجة أن شريحة كبيرة منهم لا تقضي إجازتها السنوية في بلدانها الأصلية، هرباً من اضطرارها إلى دفع مبالغ مالية كبيرة متراكمة كضرائب ورسوم نتيجة التغيب لسنوات طويلة.

وتحتضن قطر اليوم ما يناهز الـ350 ألف أجنبي من غير العرب تقدر نسبتهم إلى إجمالي عدد السكان بنحو 40 بالمئة، فيما يتقاسم القطريون والعرب النسبة المتبقية، لكن النسبة الأكبر من الأجانب هم من العمال الآسيويين التي تشكل الأيدي العاملة الرخيصة، في حين يقدر عدد الأجانب العاملين في المهن والوظائف المتوسطة والراقية حسب تقديرات غير رسمية بنحو 100 ألف أجنبي معظمهم من الجنسيات الغربية.

هذه الأعداد من الأجانب الغربيين بدأت في النمو خلال الأعوام القليلة الماضية بشكل يتواكب مع نمو قطاع الأعمال في قطر، خصوصاً في مجالي النفط والغاز.

كل الوسائل

توني فارني، مهندس بريطاني يعمل في قطاع النفط القطري منذ أكثر من 15 عاماً، لم يفكر في العودة إلى موطنه، كما يقول، لماذا؟ لأنه يعتقد أن جميع وسائل الترفيه والراحة متوافرة له ربما بشكل أفضل مما هي متوافرة هناك في بلده.

وتساءل «لماذا أعود إلى بلدي وأنا أحصل على دخل شهري يفوق ما أحصل عليه في بريطانيا بأضعاف، فضلاً عن أن دخلي هنا لا يخضع لأي ضرائب أو رسوم؟».

فارني واحد من آلاف المواطنين الأجانب الذين يعملون في قطر ويتمسكون ببقائهم، يقول «لقد فعلنا الكثير لهذا البلد، ويجب أن نواصل الإنجازات».

قبل 10 سنوات فقط، لم تكن قطر الدولة الجاذبة للاستثمارات، بل ظل الاقتصاد القطري لسنوات طويلة محدوداً ومنغلقاً على نفسه، وكان النفط رغم إنتاجه المتواضع (300 ألف برميل يومياً) المصدر شبه الوحيد للدخل القومي، ولكن السنوات الـ10 الماضية وحدها شهدت تحولاً كبيراً في السياسات الاقتصادية في البلاد، ودعم ذلك اكتشاف الغاز الطبيعي في حقل الشمال، وتطوير حقول النفط ليرتفع الإنتاج إلى نحو مليون برميل يومياً، واتجهت البلاد إلى الانفتاح الاقتصادي من خلال سن القوانين المحفزة للاستثمار، فانتعشت القطاعات الاقتصادية، وصارت السوق القطرية منافسة على مستوى المنطقة.

انفتاح

وقال فارني إن هذا الانفتاح الاقتصادي أتاح المجال لقيام نوعيات جديدة من الشركات في قطر سواء في قطاع النفط والغاز أو العقارات أو في القطاعات الاقتصادية الأخرى، ما تطلب الاستعانة بخبرات أجنبية، وهو ما يفسر تزايد نمو العمالة الأجنبية في البلاد.

فارني يرفض أي تدخل في عاداته وتقاليده، لكنه يؤكد احترامه لعادات وتقاليد الآخرين، يقول «نحن نحترم المجتمع القطري، وتربطني شخصياً علاقات طيبة مع الكثير من زملائي القطريين»، مستدركاً «مسألة الدين والثقافة لا تسبب أي إشكالية لتعايشنا مع المجتمع بكل فئاته».

أرقام

إلى جانب كل ذلك، بلغ عدد المنشآت الصناعية القائمة والمسجلة في قطر 800 منشأة صناعية، ويبلغ رأس المال المستثمر فيها 50 مليار ريال (13.7 مليار دولار)، بقيمة إنتاج سنوي تصل إلى 15 مليار ريال (4.1 مليار دولار)، وبلغ عدد العاملين في تلك المصانع 100 ألف موظف وعامل، وهذه التطورات رافقها بروز قطاعات مساندة كالقطاع العقاري، الذي شهد نمواً متسارعاً في الأعوام القليلة الماضية، خصوصاً بعد فتح الباب أمام المستثمرين الأجانب للدخول في قطاع العقارات القطري، ومع السماح بحرية تملك الأجانب للوحدات السكنية، فشهدت قطر في العامين الأخيرين إطلاق مشاريع عقارية ضخمة مثل مشروع «مدينة لوسيل» والتي من المتوقع أن تستوعب 200 ألف ساكن، ومشروع «اللؤلؤة قطر» ويستوعب 30 ألف ساكن، وهذه كلها مشاريع أدت إلى استقطاب أعداد كبيرة من العمالة الأجنبية الوافدة.

لا خطورة

وقال علي المير، رجل أعمال قطري، «الأجانب أسهموا بشكل كبير في بناء قطر الحديثة»، مضيفاً «إن إيجابيات الأجانب لا يمكن تعدادها»، وقال «الشركات الأجنبية لعبت دوراً مهماً في تطوير المنطقة الخليجية، فقد قدموا إلى قطر ودول التعاون بخبراتهم، في وقت كنا بأمس الحاجة فيه لمثل هذه الخبرات، خصوصاً مع بداية الطفرة الاقتصادية وتطور المجتمع الخليجي عموماً والقطري بصفة خاصة في السنوات الـ10 الماضية».

وأضاف «نعم استفدنا من خبراتهم ومن التكنولوجيا التي يمتلكونها، الأجانب أسهموا بشكل أساسي في تطور قطاع النفط والغاز الذي يعتبر شريان الحياة بالنسبة إلى دولة قطر، مثلما أسهموا في النهضة الاقتصادية بكامل مجالاتها».

ولا يعتقد المستثمر القطري أحمد سلطان أن تنامي أعداد الأجانب في قطر يشكل أي خطورة على المجتمع، وتساءل «ما الذي يمنع الاحتكاك مع ثقافات الآخرين؟»، مضيفاً «صحيح أن طبيعتنا الدينية والثقافية تحتم علينا الحذر من أي أمور قد تؤثر على عقائدنا، ولكن لا نمانع أن نتحاور ونأخذ الجيد ونترك السيئ».

ورأى سلطان أن حجم الأعمال في قطر مازال يتطلب المزيد من العمالة الأجنبية، مضيفاً «نحن نحتاج إلى خبراتهم والتكنولوجيا التي يمتلكونها لتطوير اقتصادنا، وهم يحتاجون إلى الاستفادة من خيراتنا لتطوير اقتصاداتهم».

وعبر عن اعتقاده بأن الانفتاح لم يأت إلى قطر «برجليه»، بل نحن الذين ذهبنا إليه، مضيفاً «درس أبناؤنا في أوروبا وأمريكا وعادوا بالعلم والثقافة لتطوير مجتمعهم، ولم يأتوا بالسلبيات، بل البعض عاد وهو شديد التمسك بالدين».

وتلعب الشركات الأجنبية دوراً كبيراً على الساحة الاقتصادية في قطر، وتسعى وزارة الطاقة والصناعة القطرية إلى تنمية وتدعيم القطاع الصناعي بما يمكن من تنويع مصادر الدخل القومي، وتشجيع القطاع الخاص على زيادة مساهمته في التنمية الصناعية، وتشجيع وجذب الاستثمارات الأجنبية في مجال الصناعات المحلية.

خبرات وإمكانات

وقال حمد العسيري، الذي يعمل في إحدى شركات القطاع العام، «نحن بحاجة إلى هذه الشركات التي تمتلك الخبرات والإمكانات، فوجود الشركات سيساعد على تنمية الاقتصاد الوطني، كما أن الخبرات الأجنبية تساعد في تطوير كوادرنا الوطنية، ما يجعلنا نعتمد على أنفسنا في المستقبل، وربما نحتاجهم في ذلك الوقت كخبراء ومستشارين فقط».

وأضاف العسيري، «تعدادنا السكاني قليل، ولا نستطيع بمفردنا تلبية متطلبات التنمية، فلا بد من وجود عمالة تساعد في إنجاز المشاريع، هذه العمالة جزء منها عربي والآخر أجنبي»، ويستدرك «وجود جنسيات كثيرة في بلدنا يعكس مسألة التعايش، فالتعايش بين الشعوب ظاهرة إيجابية وحضارية، ونحن هنا نتعايش مع بعضنا».

وتابع «لا نتردد عندما نحتاج إلى إجراء عملية جراحية في السفر إلى الدول الأجنبية، إذاً لماذا لا نقبل بوجود الأجانب في بلدنا؟»، وأضاف «جميع الجاليات الأجنبية في قطر تحترم عاداتنا وتقاليدنا منذ عقود طويلة ومازالت، فهم لم يجرحوا مشاعرنا، بل يوجد تعايش وود وعلاقات جيدة»،

وقال «الكثير من غير المسلمين يحرصون على عدم المجاهرة بالإفطار في نهار رمضان احتراماً لمشاعرنا»، لكنه استطرد «ربما تحصل بعض المخالفات الفردية النادرة، لكنها لا تعبر عن الكل».

وعبر عن اعتقاده أن من أبرز أسباب بقاء الوافدين لسنوات طويلة للعمل في دول الخليج يعود ذلك إلى مستويات الرفاهية العالية التي يعيشونها لدينا، والتي لا يجدونها في بلدانهم، إضافة إلى أنهم يحصلون على خدمات بأقل الأسعار، مقارنة ببلدانهم، فضلاً عن عدم خضوعهم للضرائب والرسوم التي يتكبدونها بنسبة باهظة في بلدانهم.

لن يتأثر

ورأى صلاح عبداللـه، وهو مواطن قطري، أن المجتمع المحلي في قطر لن يتأثر بتزايد عدد الأجانب، لأننا مجتمع متماسك، ولدينا عاداتنا وتقاليدنا، والأهم من ذلك تمسكنا بتعاليمنا، واستطرد «لكن هذا لا يمنع أن يتطور المجتمع إلى الأفضل حضارياً، فالعالم أصبح قرية صغيرة، وقد تصلك العادات السيئة من خلال المحطات الفضائية وأنت جالس في بيتك»، فالأمر- كما يرى- يتوقف على المتلقي.

ويقدر حجم المشاريع التي تعمل «قطر للبترول» وحدها على تنفيذها خلال السنوات الـ5 المقبلة بـ80 مليار دولار، خصوصاً في مشاريع الغاز وتحويل الغاز إلى سوائل ومشاريع الألمنيوم والمصافي، ما يتطلب التعاقد مع المزيد من الشركات الأجنبية الكبرى، وبالتالي النمو الجديد في عدد الأجانب.

http://www.alrroya.com/files/imagecache/Node/rbimages/1282797632239665000.jpg


وشهد الاقتصاد القطري تطوراً كبيراً خلال السنوات الـ10 الماضية، ففي العام 1996 بلغ الناتج المحلي الإجمالي 8 مليارات دولار، في حين تجاوز 100 مليار دولار في العام 2009، ما يعكس الفرق الكبير بين ما كان عليه الاقتصاد الوطني قبل 10 سنوات وحجم الاقتصاد الآن، وما سيكون عليه في السنوات المقبلة.

وقال عبداللـه إن الاقتصاد القطري يسير في الاتجاه الصحيح بفضل الرؤية الواضحة لقيادة البلد، وسياسات الانفتاح التي تشجع الاستثمارات الأجنبية.