شمعة الحب
26-03-2006, 10:17 AM
كذب المحللون ولو صدقوا
صالح الشهوان - 26/02/1427هـ
منذ قرابة عامين سطع في حياتنا نجوم جدد لم يكونوا معروفين ولا مألوفين من عامة الناس الذين خبروا نجوم الكرة والرياضة, نجوم الفن والثقافة نجوم الإعلام والأبراج والأزياء, بزغوا فجأة من فضاء تجارة الأسهم, احتلوا شاشات التلفزة والإنترنت والصحف وحتى محطات الـ FM. وصار الناس يعرفونهم بالمحللين الماليين.
تعلقت أنظار الناس بأنظارهم, بحركاتهم وسكناتهم, أرهفت الأسماع لكلماتهم, احتبست لمقولاتهم الأنفاس, وتنافست على كسب ودهم الشركات والفضائيات وحتى الزمالات والصداقات والمعارف. أحدثوا بين القوم هرجا ومرجا, صار لهم أنصار ومناوئون, تحزَّب بعض لهذا وبعض لذاك وظلت الولاءات تتغير حسب الإطلالة والمقالة أو السهرة والجلسات.
المحللون أنفسهم فقدوا الاتزان, خامر بعضهم شعور بأنهم قادمون من كواكب أخرى, خيل لبعضهم أنهم يأتون بما لم يخطر على بال إنس ولا جان, كيف لا، والقوم يهرعون إليهم آناء الليل وأطراف النهار, يعيدون عليهم السؤال ويستمطرون منهم غيث الأمل عسى أن تكون الاستشارة من النوع القادر على جلب الحظ وغالي الأثمان.
مع ذلك فهم, لا ذنب لهم, ولا تثريب عليهم إن هم جدفوا في تخرصات أو اجتهدوا. فقد حاصرناهم على حين غرة, ألقينا إليهم أعنة تصريف مقاديرنا فيما يخص أموالنا, اعتبرناهم أوصياء عنا رغما عنهم, حملناهم مسؤولية أرباحنا وخسائرنا. صفقنا لهم وهللنا, بسنا لحاهم وشواربهم, دعونا لهم أحر الدعوات حين انتفخت محافظنا لكنا سرعان ما انقلبنا في اتجاه معاكس فصببنا جام غضبنا وسخطنا عليهم, ولم يتردد البعض بقذفهم بالكلمات الناشزة.
ما حدث ويحدث لنجوم المحللين الماليين كان قد حدث لغيرهم من النجوم, فالجماهير التي صفقت طويلا وتخشبت أرجلها واقفة على المدرجات وبحت أصواتها هتافا للاعب هي نفسها التي لم يتورع بعضها عن كيل الشتائم له. لكن نجومية المحللين الماليين اختلفت بكون عمرها ما زال في أول عهده, فقد دفعوا إلى أدوار فوق طاقتهم فأربكتهم, خصوصا وقد كانوا يعملون في مكاتبهم بعيدا عن سلطة الجمهور يقدمون تحليلاتهم ومشوراتهم للشركات أو الجهات التي تطلب خدماتهم, أما أن تتهافت عليهم الأضواء على حين غرة, ويطلب إليهم حمل صخرة "سيزيف" بإيقاع يومي سريع, على مدى زمن قصير فهذا ما لا سابق له!!
لذا .. لا غرابة أن تتناقض مواقفنا منهم, نمنحهم البطولة التي سرعان ما نسلبها ونحيلهم إلى شماعات نعلق عليهم أخطاءنا وخطايانا, وإلا فإن الصادقين منهم لم يمارسوا شعوذة أو كهانة ولا تنجيما فقد كانوا يصدرون عن إخلاص في قراءاتهم وتحليلاتهم وتوقعاتهم.
أما الانتهازيون وغير المتخصصين الذين لا يملكون أدوات التحليل ولا الدراية بها فليس بوسعهم الضحك على كل الناس كل الوقت.. هؤلاء يمكن أن تقول عنهم "كذب المحللون ولو صدقوا" لأن صدقهم ابن الصدفة, ولم يكن قبسا من شمس الضمير والعلم والخبرة كما هو لدى المخلصين!!
صالح الشهوان - 26/02/1427هـ
منذ قرابة عامين سطع في حياتنا نجوم جدد لم يكونوا معروفين ولا مألوفين من عامة الناس الذين خبروا نجوم الكرة والرياضة, نجوم الفن والثقافة نجوم الإعلام والأبراج والأزياء, بزغوا فجأة من فضاء تجارة الأسهم, احتلوا شاشات التلفزة والإنترنت والصحف وحتى محطات الـ FM. وصار الناس يعرفونهم بالمحللين الماليين.
تعلقت أنظار الناس بأنظارهم, بحركاتهم وسكناتهم, أرهفت الأسماع لكلماتهم, احتبست لمقولاتهم الأنفاس, وتنافست على كسب ودهم الشركات والفضائيات وحتى الزمالات والصداقات والمعارف. أحدثوا بين القوم هرجا ومرجا, صار لهم أنصار ومناوئون, تحزَّب بعض لهذا وبعض لذاك وظلت الولاءات تتغير حسب الإطلالة والمقالة أو السهرة والجلسات.
المحللون أنفسهم فقدوا الاتزان, خامر بعضهم شعور بأنهم قادمون من كواكب أخرى, خيل لبعضهم أنهم يأتون بما لم يخطر على بال إنس ولا جان, كيف لا، والقوم يهرعون إليهم آناء الليل وأطراف النهار, يعيدون عليهم السؤال ويستمطرون منهم غيث الأمل عسى أن تكون الاستشارة من النوع القادر على جلب الحظ وغالي الأثمان.
مع ذلك فهم, لا ذنب لهم, ولا تثريب عليهم إن هم جدفوا في تخرصات أو اجتهدوا. فقد حاصرناهم على حين غرة, ألقينا إليهم أعنة تصريف مقاديرنا فيما يخص أموالنا, اعتبرناهم أوصياء عنا رغما عنهم, حملناهم مسؤولية أرباحنا وخسائرنا. صفقنا لهم وهللنا, بسنا لحاهم وشواربهم, دعونا لهم أحر الدعوات حين انتفخت محافظنا لكنا سرعان ما انقلبنا في اتجاه معاكس فصببنا جام غضبنا وسخطنا عليهم, ولم يتردد البعض بقذفهم بالكلمات الناشزة.
ما حدث ويحدث لنجوم المحللين الماليين كان قد حدث لغيرهم من النجوم, فالجماهير التي صفقت طويلا وتخشبت أرجلها واقفة على المدرجات وبحت أصواتها هتافا للاعب هي نفسها التي لم يتورع بعضها عن كيل الشتائم له. لكن نجومية المحللين الماليين اختلفت بكون عمرها ما زال في أول عهده, فقد دفعوا إلى أدوار فوق طاقتهم فأربكتهم, خصوصا وقد كانوا يعملون في مكاتبهم بعيدا عن سلطة الجمهور يقدمون تحليلاتهم ومشوراتهم للشركات أو الجهات التي تطلب خدماتهم, أما أن تتهافت عليهم الأضواء على حين غرة, ويطلب إليهم حمل صخرة "سيزيف" بإيقاع يومي سريع, على مدى زمن قصير فهذا ما لا سابق له!!
لذا .. لا غرابة أن تتناقض مواقفنا منهم, نمنحهم البطولة التي سرعان ما نسلبها ونحيلهم إلى شماعات نعلق عليهم أخطاءنا وخطايانا, وإلا فإن الصادقين منهم لم يمارسوا شعوذة أو كهانة ولا تنجيما فقد كانوا يصدرون عن إخلاص في قراءاتهم وتحليلاتهم وتوقعاتهم.
أما الانتهازيون وغير المتخصصين الذين لا يملكون أدوات التحليل ولا الدراية بها فليس بوسعهم الضحك على كل الناس كل الوقت.. هؤلاء يمكن أن تقول عنهم "كذب المحللون ولو صدقوا" لأن صدقهم ابن الصدفة, ولم يكن قبسا من شمس الضمير والعلم والخبرة كما هو لدى المخلصين!!