تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : انهيار سوق الأسهم ينذر بنشوء أزمة اقتصادية تهدد مصالح المواطنين



مغروور قطر
27-03-2006, 06:14 AM
انهيار سوق الأسهم ينذر بنشوء أزمة اقتصادية تهدد مصالح المواطنين




تقرير - بادي البدراني:
فقد المستثمرون في سوق الأسهم السعودية الأمل في النجاة من النكسة التي ضربت السوق منذ نحو شهر، حيث لا يلوح في الأفق أية بوادر حول إمكانية عودة الانتعاش مجددا لأكبر سوق في المنطقة خاصة في ظل الأوضاع التي تمر بها السوق حالياً والمتمثلة في فقدان ثقة المستثمرين وانعدام السيولة النقدية وغياب الشفافية في هذا الوقت بالتحديد.
وكبدت «نكسة سوق الأسهم» صغار المستثمرين خسائر باهظة تقدر بالمليارات هي جملة القروض التي اقترضوها من البنوك للاستثمار في الأسهم، أو قيمة مساكن وممتلكات خاصة بهم ابتاعوها لدخول السوق بعد أن أغرتهم الارتفاعات غير المبررة، والتي قفزت بقيمة العديد من أسهم الشركات إلى أكثر من ثلاثة أضعاف سعرها في فترة وجيزة.

وقال متعاملون يائسون من داخل صالات التداول أن قضية الانهيار أصبحت قضية عامة تنذر بنشوء أزمة اقتصادية تهدد مصالح المجتمع ومدخرات المواطنين، الأمر الذي يستدعي قيام الجهات العليا بتفسير مايحدث بعيداً عن التسطيح الذي لا يفسر الاختلال داخل السوق، وإعلان أسماء وأهداف الذين يضعون أوامر البيع بالحد الأدنى بتلك الكثافة عند بدء التداولات.وقال أحد المتعاملين:أدت الخسائر المتفاقمة إلى إصابة المجتمع بحالات نفسية واكتئاب شديدين، بجانب هذيان جراء هذه الأزمة التي أفقدتهم مدخراتهم وأموالهم، كما أن الأيام الماضية شهدت انهيارات عصبية وصدمات قوية ستترك أثاراً سيئة على المدى الطويل. مع تفاقم الأزمة واستمرارها، تباينت الآراء واختلفت التصورات لتفسير ما يحدث أو من يتحمل التبعات الجهة المشرعة أم المستثمر نفسه، فهناك من يحمل صغار المستثمرين المسؤولية كاملة عن الحالة التي وصلوا اليها من خسائر وأمراض نفسية وعصبية وحالة عدم الرضى، باعتبار أنهم اتبعوا مسلكاً خطيراً واعتمدوا على كتابات بعض الأقلام التي دأبت على نشر تحليلاتها وتصوراتها واستشفافها لمستقبل بعض الشركات ولسوق الأسهم، وكذلك ركضهم خلف التوصيات التي تبثها منتديات الانترنت المسمومة.

وهناك من يرى ان حداثة الاسس والضوابط التي تصدرها الجهة المشرعة وعدم وجود المسوحات التي تحدد الأوعية الاستثمارية التي من شأنها أن تستوعب السيولة المتنامية في البلاد، بجانب الممارسات غير القانونية والتجاوزات من قبل كبار المستثمرين في السوق المالية مع الغياب الكامل للشفافية وتزايد المضاربات العشوائية، كل هذه العوامل ساهمت - حسب هذا الرأي - ولا تزال في الانعكاسات السلبية على اوضاع سوق الاسهم المحلية.

ومع هذا وذاك، فإن غالبية صغار المستثمرين تعلموا الدرس جيداً وأفاقوا بعد سبات عميق وأيقنوا أن شراءهم لأسهم الشركات الخاسرة كان قراراً في غير محله، ما دعاهم إلى بيع هذه الأسهم بخسارة كبيرة بقصد التعويض في أسهم الشركات القيادية التي تقول الجهة المشرعة أنها الملاذ الآمن لجميع المستثمرين..لكنهم تورطوا مرة أخرى بنصيحة شركات العوائد التي شهدت هي الأخرى تراجعات بالنسب الدنيا.

وأكد محمد الدبيس أن حالات اليأس والانهيار التي وصل إليها المتعاملون تتطلب سرعة التحرك نحو إيجاد حلول سريعة للهزة العنيفة والمؤلمة والغير مبررة التي ضربت السوق، والتي من شأنها أن تترك آثارا سلبية واضحة على مختلف القطاعات الاقتصادية، مبيناً أن استمرار الأزمة سيؤدي دون أدنى شك إلى ارتفاع حجم المديونية لدى البنوك المحلية التي توسعت خلال الفترة الأخيرة في منح تسهيلات وقروض مالية كبيرة لشريحة من عملائها لغرض الاستثمار في سوق الأسهم، حيث وجدت هذه البنوك نفسها بأنها في وضع غير مريح بسبب انهيار الأسهم الأمر الذي يستدعي اجبار هذه الشريحة المدينة لهذه البنوك ببيع الأسهم بغض النظر عن وضع المدين نفسه كون ان المصلحة الخاصة هنا تغلب على المصلحة العامة.وأضاف: هناك شريحة اقترضت اموالا بقصد شراء منزل أو سيارة أو الانفاق على مصاريف زواج، غير انها حولت هذا القرض إلى الاسهم، ما يعني أن عجز هؤلاء المدينون عن سداد ديونهم سيجعل البنوك تتجه نحو جدولة هذه الديون، لافتاً إلى أنه بافتراض وقوع هذا الانعكاس السلبي فإن البنوك ستعاني من مشكلة المديونية على المدى الطويل، كما ان من الانعكاسات الغير محمودة على اقتصادنا جراء أزمة سوق الأسهم، الركود الذي سيضرب القطاع العقاري بسبب زيادة العرض مع محدودية الطلب والناجمة عن قيام بعض المضاربين وصغار المستثمرين المدينين للبنوك المحلية إلى عرض ممتلكاتهم العقارية للبيع لسداد الالتزامات المترتبة عليهم وتحسين مراكزهم المالية, وعدم التورط في مشاكل قانونية.وأوضح متعامل آخر أن نزيف الأسهم سيؤدي إلى ازدياد عدد العاطلين عن العمل في وقت تسعى فيه الحكومة إلى القضاء على البطالة، نتيجة ان عدداً لا يستهان به من المستثمرين معتمد أساسا على مدخولاته من الاسهم، ما يعني ان خروجه خاسراً منكسرا يعني انضمامه الى صفوف العاطلين، هذا بالتزامن مع قيام العديد من الشركات والمؤسسات التجارية الى تسريح الكثير من موظفيها بقصد تقليص النفقات، كما ستترفع اعداد القضايا المالية وعمليات الاعسار، وستمتلئ المحاكم واقسام الشرط بقضايا سببها خسارة المال الذي سُلب من مالكيه امام اعينهم وفي وضح النهار.

ويتفق المتعاملون على أن المحاولات التي قامت بها الجهات العليا والقرارات التي اصدرتها مثل تجزئة الاسهم ودخول المقيمين، لم تشفع في معالجة الازمة، ولم تنجح الشركات نفسها التي كثفت إعلاناتها عقب النزول في الحد من التراجع المميت للأسعار أو تخفيف آثار وانعكاسات الأزمة على الاقتصاد الوطني. ويرى مستثمرون أن الوقت العصيب الذي يمر فيه سوق الأسهم السعودية يستدعي القيام بتحركات واسعة النطاق لتدارك الكارثة ومنع حدوث أضرار باقتصادنا المقبل على ازدهار وانتعاش كبير، وأنه لتحقيق ذلك يجب أن تكون هناك خطوات عملية وعميقة تعيد للسوق ثقته، فما الذي يمنع القيام بتأسيس صندوق استثماري بقيمة مالية كبيرة يحددها أهل الاختصاص من أجل شراء المعروض من الأسهم؛ حتى تصل الأسعار إلى مستوياتها العادلة.

وتساءل المستثمرون الذين ارتسمت على وجوههم خيبة الأمل، أن ما دام أن السوق يحتاج إلى سيولة عالية لإعادة ثقة المستثمرين فيه، فهل توجد موانع شرعية أو قانونية تمنع اتخاذ خطوة نحو تأسيس محفظة استثمارية في الأسهم سواء من الشركات المساهمة نفسها أو بشكل مشترك بين البنوك التجارية وتُدار من قِبَل لجنة محددة وموثوق بها، مشيرين إلى أن دراسة أسباب افتقاد السوق لشركات صانعة ومحافظ استثمارية تقود سوق الاسهم أوقات الطفرة والركود، ؛أمر يستحق الاهتمام، ذلك أن الشركات الصانعة للسوق تلعب دورًا محوريًّا في قيادة السوق بمختلف أوضاعه؛ حيث تقوم بتشجيع المستثمرين في فترات ركود السوق على الشراء، على اعتبار أن مثل هذه الفترات من أفضل أوقات شراء الأسهم، كما أنها تعمل على تهدئة السوق في حالة الارتفاع غير المبرر، كما أن دراسة ومعرفة أسباب الأزمات الاقتصادية التي أصابت دول اقتصادية كبرى تشكل خطوة أساسية ونحن نسجل انفتاحاً أكبر للاستثمارات العالمية مع انضمامنا لمنظمة التجارة، فالأزمة التي أصابت الاقتصاد البرازيلي بسبب الممارسات الخاطئة وكذلك الأزمة الآسيوية، تستحقان أن ننظر فيها ونتعلم منها ونحدد أسبابها وآثارها السلبية، والاطلاع على الإجراءات والخطوات التي اتخذتها هذه الدول للخلاص من آثار تلك الأزمات.