Breakaway
04-10-2010, 11:34 AM
حتى لا نصبح غوام (Guam)
بقلم: خليفة بن محمد بن خالد الربان
نشر المقال في مجلة مدارس الفرقان
في أحد الأيام تحطمت طائرة يابانية في إحدى جزر المحيط الهادئ,وفي اطار تأثري وإهتمامي بالحادث لفت نظري قول حاكم الجزيرة ذو السحنة الشرق أسيوية باللغة الإنجليزية, مع لكنة هجينة شبه أمريكية, أن جزيرتهم جزء من الولايات المتحدة, فاستغربت لذلك, وذهبت أبحث عن تلك الجزيرة في الأطلس, وبعد عناء وجدتها في أسيا قرب الفلبين على بعد تسعة ألاف كيلومتر تقريباً من أقرب بر رئيسي للولايات المتحدة, فقلت في نفسي: كيف إستولت أمريكا على هذه الجزيرة؟ ولماذا لم يقاوم سكانها هذا الإحتلال, أو يرفعوا أصواتهم بالتنديد والمطالبة بالإستقلال شأنهم شأن بني الإنسان الذين جبلهم المولى الكريم على حب الحرية وإعلاء شأن الكرامة الإنسانية؟
بحثت عن الأسباب فوجدت أن غوام جزيرة صغيرة في وسط المحيط الهادئ ذات كثافة سكانية قليلة ليس لهم ثقافة, ولا حضارة, ولا تاريخ, ولا إنتماء, لذا عندما تبنتهم الولايات المتحدة كان ذلك بمثابة الفضل والمنة فلا عجب.
إن كل دولة في العالم تسعى جاهدة لصياغة أفرادها صياغة موحدة في حدودها الدنيا, بحيث تحافظ على ثقافتها, وإنتمائها, وسلمها الإجتماعي, وهذا ما يميز الشعوب والإمم بعضها من بعض, وتستخدم لتحقيق ذلك ثلاث مسارات رئيسية هي: التعليم, والإعلام, والقانون, وحيث أن مجالنا هنا هو التعليم فمن المنطقي أن نسأل أنفسنا: هل منظومتنا التعليمية تبلغنا مبتغانا في الحفاظ على ثوابتنا وهويتنا أم لا؟
إذا أردنا الجواب على هذا السؤال, فما علينا إلا أن ننظر للخطوط العريضة لهذا المسار, وسنجد أن المنهج الموحد الذي صدرعن وزارة التربية وتعليم القطرية قد إستبدل بمعايير مصاغه بمحتوى ذي ثقافات متباينة: أمريكية, وبريطانية, وهولندية, وإسكتلندية, الى أخره. وهذه المعايير تغطي فقط أربع مواد: هي اللغة الإنجليزية, والعلوم, والرياضيات, واللغة العربية, فإذا علمنا أن ثلاث مواد من هذه تستخدم اللغة الإنجليزية في تدريسها أي على فرض التساوي بينها في الكم فهي تمثل 75% من المادة العلمية, فإذا أضيف الى ذلك التدريس في الجامعات بالغة الإنجليزية, واشتراط إتقانها للقبول في سوق العمل, وتحول معظم المُكاتبات في المؤسسات الحكومية, و الشركات الى اللغة الإنجليزية, والهجمة الثقافية الغربية غير المسبوقة على أمتنا, فلن تكون هناك فرصه للغتنا لتنافس اللغة الغالبة المستعارة.
وحيث إن اللغة هي وعاء الثقافة, وكل إناء بما فيه ينضح, فكلها سُنيات لنخسر لغتنا, وبالتالي ثقافتنا, وحيث أن المعايير لا تحوي دينا, ولا تاريخا, ولا جغرافيا, فما الذي نتوقعة من مخرجات التعليم في مستقبلنا؟
عندما إحتل الإنجليز مصر, أتو بالمبشر (زويمر) ليضع المنهج التعليمي في تلك الفترة, فسأل حكومته: ماذا تريدون من المنهج؟ وكيف تريدون صياغة الأفراد؟ فقالوا له: نريد موظفين كتبة لحكومة الإنتداب.
وأعتقد أن معهد (راند) واضع خطة التعليم الحديثة, قد وضع الخطة التعليمية لإخراج موظفين للشركات متعددة الجنسيات, والتي في معظمها أمريكية فهو في النهاية معهد أمريكي قد صيغ أفرادة لخدمة مصالح بلدهم وأمتهم .
و من المؤكد أن الإستمرار في هذا الإتجاه, سوف يخرج لنا جيلا ليس له إنتماء لإمته العظيمة, ولا لتاريخة التليد, ولا للغته, لغة كتاب رب العالمين, ولغة دولة الإسلام الشامخة التي حكمت الأرض لألف عام.
علينا أن نستشعر الخطر ونتدارك الخطأ ولا نفرط في أغلى ما نملك, ألا وهو جيلنا القادم.
ولن نصبح غوام.
-----------------------------------------------------------------------------------
الدول الأخرى تقدمت و تطورت بدون حتى أن تلتفت للغة الإنجليزية و في نفس الوقت حافظوا على لغتهم و تراثهم بل جعلوا لغتهم هي الأساس في كل شيء. هل الحاصل الآن هو تهجين لنا؟
بقلم: خليفة بن محمد بن خالد الربان
نشر المقال في مجلة مدارس الفرقان
في أحد الأيام تحطمت طائرة يابانية في إحدى جزر المحيط الهادئ,وفي اطار تأثري وإهتمامي بالحادث لفت نظري قول حاكم الجزيرة ذو السحنة الشرق أسيوية باللغة الإنجليزية, مع لكنة هجينة شبه أمريكية, أن جزيرتهم جزء من الولايات المتحدة, فاستغربت لذلك, وذهبت أبحث عن تلك الجزيرة في الأطلس, وبعد عناء وجدتها في أسيا قرب الفلبين على بعد تسعة ألاف كيلومتر تقريباً من أقرب بر رئيسي للولايات المتحدة, فقلت في نفسي: كيف إستولت أمريكا على هذه الجزيرة؟ ولماذا لم يقاوم سكانها هذا الإحتلال, أو يرفعوا أصواتهم بالتنديد والمطالبة بالإستقلال شأنهم شأن بني الإنسان الذين جبلهم المولى الكريم على حب الحرية وإعلاء شأن الكرامة الإنسانية؟
بحثت عن الأسباب فوجدت أن غوام جزيرة صغيرة في وسط المحيط الهادئ ذات كثافة سكانية قليلة ليس لهم ثقافة, ولا حضارة, ولا تاريخ, ولا إنتماء, لذا عندما تبنتهم الولايات المتحدة كان ذلك بمثابة الفضل والمنة فلا عجب.
إن كل دولة في العالم تسعى جاهدة لصياغة أفرادها صياغة موحدة في حدودها الدنيا, بحيث تحافظ على ثقافتها, وإنتمائها, وسلمها الإجتماعي, وهذا ما يميز الشعوب والإمم بعضها من بعض, وتستخدم لتحقيق ذلك ثلاث مسارات رئيسية هي: التعليم, والإعلام, والقانون, وحيث أن مجالنا هنا هو التعليم فمن المنطقي أن نسأل أنفسنا: هل منظومتنا التعليمية تبلغنا مبتغانا في الحفاظ على ثوابتنا وهويتنا أم لا؟
إذا أردنا الجواب على هذا السؤال, فما علينا إلا أن ننظر للخطوط العريضة لهذا المسار, وسنجد أن المنهج الموحد الذي صدرعن وزارة التربية وتعليم القطرية قد إستبدل بمعايير مصاغه بمحتوى ذي ثقافات متباينة: أمريكية, وبريطانية, وهولندية, وإسكتلندية, الى أخره. وهذه المعايير تغطي فقط أربع مواد: هي اللغة الإنجليزية, والعلوم, والرياضيات, واللغة العربية, فإذا علمنا أن ثلاث مواد من هذه تستخدم اللغة الإنجليزية في تدريسها أي على فرض التساوي بينها في الكم فهي تمثل 75% من المادة العلمية, فإذا أضيف الى ذلك التدريس في الجامعات بالغة الإنجليزية, واشتراط إتقانها للقبول في سوق العمل, وتحول معظم المُكاتبات في المؤسسات الحكومية, و الشركات الى اللغة الإنجليزية, والهجمة الثقافية الغربية غير المسبوقة على أمتنا, فلن تكون هناك فرصه للغتنا لتنافس اللغة الغالبة المستعارة.
وحيث إن اللغة هي وعاء الثقافة, وكل إناء بما فيه ينضح, فكلها سُنيات لنخسر لغتنا, وبالتالي ثقافتنا, وحيث أن المعايير لا تحوي دينا, ولا تاريخا, ولا جغرافيا, فما الذي نتوقعة من مخرجات التعليم في مستقبلنا؟
عندما إحتل الإنجليز مصر, أتو بالمبشر (زويمر) ليضع المنهج التعليمي في تلك الفترة, فسأل حكومته: ماذا تريدون من المنهج؟ وكيف تريدون صياغة الأفراد؟ فقالوا له: نريد موظفين كتبة لحكومة الإنتداب.
وأعتقد أن معهد (راند) واضع خطة التعليم الحديثة, قد وضع الخطة التعليمية لإخراج موظفين للشركات متعددة الجنسيات, والتي في معظمها أمريكية فهو في النهاية معهد أمريكي قد صيغ أفرادة لخدمة مصالح بلدهم وأمتهم .
و من المؤكد أن الإستمرار في هذا الإتجاه, سوف يخرج لنا جيلا ليس له إنتماء لإمته العظيمة, ولا لتاريخة التليد, ولا للغته, لغة كتاب رب العالمين, ولغة دولة الإسلام الشامخة التي حكمت الأرض لألف عام.
علينا أن نستشعر الخطر ونتدارك الخطأ ولا نفرط في أغلى ما نملك, ألا وهو جيلنا القادم.
ولن نصبح غوام.
-----------------------------------------------------------------------------------
الدول الأخرى تقدمت و تطورت بدون حتى أن تلتفت للغة الإنجليزية و في نفس الوقت حافظوا على لغتهم و تراثهم بل جعلوا لغتهم هي الأساس في كل شيء. هل الحاصل الآن هو تهجين لنا؟